احذروا عند تحضيرها.. طرق لعمل القهوة تؤثر على القلب

لتحضيرها بشكلٍ صحي يُعزَز صحة القلب.. ركَزي على القهوة المفلترة

جمانة الصباغ

منذ صغري، وأنا أرى والدتي وأخواتي، وحتى والدي (الذي كان يعشق تناولها حتى عند الأرق ليلًا)، يقومون بغلي القهوة في ركوةٍ نحاسيةٍ خاصة، حتى تفوح تلك الرائحة وتعمَ أرجاء المنزل.

وكبرتُ على حب تحضير القهوة بذلك الشكل دون غيره؛ إلى أن سافرتُ إلى الإمارات، وبدأتُ بتذوق أنواعٍ مختلفة من القهوة كالسريعة التحضير واللاتيه والكابتشينو وغيرها. وما زالت تسحرني تلك الماكينات الضخمة التي تقوم بإعداد القهوة كما نحب، وأتساؤل دومًا عما إذا كان بمقدوري تحضيرها بنفس الطريقة في المنزل.

لكن ليست إمكانية الخروج بذات النتيجة كما ماكينات القهوة في المطاعم والمقاهي ممكنة، المشكلة الوحيدة؛ بل هناك أيضًا طريقة التحضير الصحيحة، والتي يلفت إليها المختصون. فتحضير القهوة بشكلٍ غير صحيح، يمكن أن يؤدي إلى أضرارٍ على صحة الجسم، وتحديدًا صحة القلب؛ بحسب ما كشفت دراسةٌ جديدة نستعلم عنها في السطور التالية..

تحضير القهوة الخاطئ يمكن أن يرفع الكوليسترول ويؤذي القلب

القهوة المفلترة هي أفضل الطرق للحصول على فنجان قهوة صحي ولذيذ
القهوة المفلترة هي أفضل الطرق للحصول على فنجان قهوة صحي ولذيذ

هذا ما خلصت إليه دراسةٌ جديدة، محذرةً من مغبة "التحضير الخاطئ" للقهوة على صحة قلوبنا.

كلنا يعلم أن القهوة، في حال تناولها باعتدال، يمكن أن تعود علينا بمنافع عدة، خاصةً على صحة القلب. إذ يمكن لشرب كوبين إلى ثلاثة أكواب، بحسب الدكتور بيتر كيستلر، أن يُحسَن من صحة القلب ويحمي من الأمراض المرتبطة به. وهذه الأكواب مرتبطةٌ بشكلٍ خاص بتراجع خطر الإصابة بأمراض القلب أو قصور القلب أو اضطراب ضربات القلب بنسبة تتراوح بين 10% و15% أو الوفاة المبكرة لأي سبب، وفقًا لثلاث ملخصات بحثية.

القهوة ليست مجرد مشروبٍ يومي يمنحكِ النشاط، بل إن لها فوائد صحية متعددة للقلب عند تناولها باعتدال. فالقهوة:

1.     غنية بمضادات الأكسدة: مثل البوليفينول، وهي مضادات أكسدة تساعد في تقليل الالتهابات وحماية خلايا الجسم من التلف. وتلعب دورًا هامًا في تعزيز صحة الشرايين والوقاية من تصلبها.

2.     تحسين الدورة الدموية: إذ يساهم شرب القهوة في تحسين تدفق الدم داخل الشرايين، مما يُعزَز من كفاءة عمل القلب. ويساعد الكافيين الموجود في القهوة على تنشيط الأوعية الدموية وتحسين تدفق الأكسجين إلى الأعضاء الحيوية.

3.     خفض خطر الإصابة بالأمراض القلبية: وفقًا لدراسات عدة، فإن تناول القهوة باعتدال يمكن أن يُقلَل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بفضل تأثيرها الإيجابي على تقليل الكوليسترول الضار وتحسين الكوليسترول الجيد في الجسم.

4.     تنظيم ضغط الدم: بالرغم من أن الكافيين قد يزيد ضغط الدم مؤقتًا، إلا أن دراساتٍ عديدة أثبتت أن تناول القهوة بشكلٍ منتظم ومعتدل، يمكن أن يساعد في تحسين استجابة الجسم لضغط الدم على المدى الطويل.

5.     تعزيز النشاط البدني: تُعدَ القهوة مشروبًا مثاليًا لتعزيز النشاط البدني، مما يساهم في تحسين صحة القلب. ويُعزَز النشاط البدني المنتظم، مدعومًا بفنجانٍ من القهوة الصحية، من كفاءة الدورة الدموية ويحافظ على صحة القلب.

كل هذه الفوائد وغيرها على الصحة ككل، تجعلنا نتساؤل: كيف تتحول تلك الفوائد إلى أضرار؟ أو بمعنى أدق، متى تتحول إلى مضار؟

والجواب في طريقة التحضير، التي في حال كانت سيئة، يمكن أن تؤثر بشكلٍ كبير على مستويات مركبات الديتربين الطبيعية التي ترفع الكوليسترول؛ وبالتالي قد تحمل آثارٍ سلبية على صحة القلب، وفقًا لما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Nutrition,  Metabolism & Cardiovascular Diseases وأورده موقع "العربية.نت".

تحضير القهوة ومُركبات الديتربين الطبيعية

ارتفاع مستويات مركبات الديتربين الطبيعية  في القهوة قد يُشكَل خطرًا على صحة القلب
ارتفاع مستويات مركبات الديتربين الطبيعية  في القهوة قد يُشكَل خطرًا على صحة القلب

لتبيان هذه العلاقة، قام باحثون من جامعة أوبسالا في السويد، بإجراء بحوث حول كيفية تأثير طريقة تحضير القهوة على مستويات مركبات الديتربين الطبيعية التي ترفع مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة، والمعروف أيضًا بإسم LDL أو الكوليسترول "الضار"؛ الأمر الذي يمكن أن ينعكس بدوره على صحة القلب والأوعية الدموية.

وبحسب ديفيد إيغمان، الباحث في وحدة التغذية السريرية والتمثيل الغذائي بالجامعة والباحث الرئيسي في الدراسة: "تمت دراسة أربع عشرة آلة قهوة، ولوحظ أن مستويات مركبات الديتربين أعلى بكثير في قهوة هذه الآلات مقارنةً بآلات صنع القهوة التقليدية التي تعمل بالتنقيط."

وكانت أبحاثٌ سابقة، أظهرت أن القهوة المغلية - القهوة التركية، على سبيل المثال - تحتوي على مستوياتٍ عالية من أسوأ هذه الديتربينات، وهما الكافستول والكاهويول، والتي عُرفت خصائصها في رفع كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة منذ التسعينيات. وكان معروفًا أن ورق الترشيح يزيل هذه الديتربينات المزعجة من القهوة المغلية.

وما بيَنته إحدى الدراسات الحديثة، أكدَ هذه العلاقة؛ إذ خلصت دراسة نرويجية أُعدت في العام 2020 واستمرت لحوالي 20 عامًا، إلى أن القهوة غير المفلترة، وبالمقارنة مع القهوة المفلترة، تزيد من خطر الإصابة بارتفاع الوفيات جراء أمراض القلب والأوعية الدموية. وهو ما دفع بالسلطات إلى تطبيق توصيات التغذية الاسكندنافية في عام 2023، والتي أوصت بالقهوة المفلترة كخيارٍ أكثر أمان فيما يخص صحة القلب وتعزيزها.

بالعودة إلى السويد، والدراسة الجارية على ومُركبات الديتربين الطبيعية؛ فقد ركَز الباحثون  من جامعة أوبسالا على تحديد تركيزات الديتربينات في عينات من القهوة المُحضّرة آليًا من الأماكن العامة السويدية. كذلك عملوا على استقدام أنواعٍ إضافية شائعة من القهوة المُحضّرة منزليًا للمقارنة، مثل القهوة المُحضّرة بالتنقيط والقهوة الفرنسية/الكافيتير والقهوة المغلية. وعمدوا إلى ترشيح القهوة المغلية نفسها من خلال جوربٍ من طبقتين من البوليستر والأكريليك، وهو ما يُنصح به كبديلٍ لفلتر القهوة الورقي.

بعدها، تمَ جمع أربع عينات من الإسبريسو من ثلاث كافيتريات وآلة قهوة واحدة في مكان عمل مختبر؛ ثم قياس مستويات الكافستول والكاهويول فيها جميعًا. وقد خلص الباحثون إلى النتائج الآتية:

القهوة مفيدة للقلب شرط تحضيرها بطريقةٍ صحيحة
القهوة مفيدة للقلب شرط تحضيرها بطريقةٍ صحيحة

1.     القهوة المفلترة بالورق

احتوت القهوة المحضَرة من آلات التخمير على تركيزات ديتيربين أعلى من القهوة المفلترة بالورق، إنما بكمية أقل من القهوة المغلية. فيما بلغ متوسط الكافستول في قهوة آلة التخمير 175.7 ملغم/لتر ومتوسط الكافستول 141.8 ملغم/لتر.

أما بالنسبة للآلات ذات النموذج السائل، فقد شهد الباحثون عينة شاذة واحدة بتركيزاتٍ عالية بشكل غير عادي من الكافستول والكاهويول (344.2 ملغم/لتر و288.2 ملغم/لتر، على التوالي). وعند حذف تلك القيمة الشاذة، جاء المتوسط 5.9 ملغم/لتر من الكافيستول و4.8 ملغم/لتر من الكاهويل، على قدم المساواة مع المتغيرات المفلترة بالورق.

2.     القهوة المغلية

أدى ترشيح القهوة المغلية بتركيز كافستول قدره 939.2 ملغم/لتر، ومن خلال الجورب، إلى خفض الكافستول بصورةٍ كبيرة إلى 28.0 ملغم/لتر. فيما احتوت متغيرات القهوة الأخرى على تركيزاتٍ متوسطة من الكافستول - بين 68.7 ملغم/لتر و91.2 ملغم/لتر - باستثناء عينات الإسبريسو، التي احتوت على مستويات كافستول تصل إلى 2446.7 ملغم/لتر.

فيما سلف، يمكن الإيجاز بأن القهوة المفلترة هي الأفضل لصحة القلب؛ وبالتالي يمكنكِ اللجوء إلى هذه الطريقة لتحضير أشهى فنجان قهوة يعود عليكِ بالمنفعة الصحية بجانب لذة التذوق.

يشير الخبراء في باشا كوفي، وهي شركة متخصصة في حبات قهوة ارابيكا النقية 100٪، إلى إمكانية فلترة القهوة باستخدام المرشح المعدني الذي يُعدَ خيارًا رائعًا لأي شخص يحب فن تقنية الصب، ولكنه يعمل أيضًا من أجل أن يكون أكثر وعياً من حيث الاستدامة.

إليكِ كيفية استخدام الفلتر المعدني لصنع قهوةٍ فاخرة لا مثيل لها:

احذروا عند تحضيرها.. طرق لعمل القهوة تؤثر على القلب-رئيسية واولى
احذروا عند تحضيرها.. طرق لعمل القهوة تؤثر على القلب

الخطوة 1: اغلي ما لا يقل عن 400 مل من الماء (~ 95 درجة مئوية).

الخطوة 2: قومي بطحن حبوب القهوة للحصول على طحن متوسط النعومة، وأنعم وأملس قليلاً من ملح الطعام.

الخطوة 3: ضعي الفلتر فوق الكوب أو الإبريق.

الخطوة 4: قومي بتدفئة الفلتر عن طريق سكب الماء الساخن من خلاله والسماح له بالتجفيف في كوبكِ قبل سكب الماء الزائد.

الخطوة 5: أضيفي البن المطحون (نوصي 12 جرامًا لكل كوب) إلى سلة الفلتر واضغطي عليها برفق لتسوية القهوة.

الخطوة 6: ابدأي بسكب الماء ببطء على القهوة، بدءًا من المركز، وحرَكيه بشكلٍ حلزوني ثابت نحو الحافة الخارجية.

الخطوة 7: بمجرد أن تتشبع كل القهوة بشكلٍ صحيح ويتسرب الماء من خلالها، كرَري هذه الخطوة مرتين إضافيتين، أو حتى تحصلي على 180 مل من القهوة.

الخطوة 8: قومي بإزالة الفلتر من الكوب أو الإبريق، ثم أزيلي القهوة واشطفيه جيدًا.

الخطوة 9: استمتعي بفنجان قهوة مفلتر وصحي رائع.