الانفصال عن شريك الحياة بين الدراما والنضج .. فماذا تختارين
الانفصال عن شريك الحياة لا يعني نهاية الحياة غاليتي، فمهما كانت الأسباب يجب العلم بأن هناك أموراً قد تحدث لنا وعلينا أن نتقبلها كما هي لأننا لا نعلم الغيبيات فهي بعيدة عنا تماماً، ولا نعلم كيف سيعوضنا الله عز وجل عن مرارة الألم، وقسوة الصدمة. وما يهم طريقة التعامل مع الانفصال عن شريك الحياة، إذ يوجد طريقين لا ثالث لهما، فإما دراما أو نضج، وشتان بين كل منهما، لأن الدراما تعني توقف الحياة عند هذا الحدث "الانفصال" والبكاء على الأطلال، والتفكير في الأمر ملياً ورفض تصديقه، واسترجاع كل الذكريات الأليمة الموجعة، أما النضج فهو يعني تفهم الأمر، وأخذ هدنة بسيطة للتفريج عن النفس والحزن لبعض الوقت ثم استجماع القوى والوقوف على أرض صلبة من جديد، والتفكير في الحاضر والعمل من أجل المستقبل.
الدراما لن تفيد بعد الانفصال عن شريك الحياة
الانفصال عن شريك الحياة قد يحدث بالاتفاق بين الشريكين، وقد يحدث من جانب طرف واحد، والحقيقة أن لكل منهما مأساته، ولكن الأخير تكون مأساته أكبر، ومعاناته أكبر، لأنه يتعرض لصدمة كبيرة جداً، وخصوصاً عندما تكون مصحوبة بعنصر المفاجأة أو بعد مكر وخداع طويل الأجل، وعلى الرغم من قسوة التجربة إلا أن ذلك لا يعني أن يكون الرد على الانفصال هو الاستسلام للحزن والكآبة إلى أن تتحول الحياة لدراما قاتلة قادرة على كتم الأنفاس وأسر النفس في عالم الأحزان، ففي حالات عدة تجدين غاليتي مأساة مجسدة لحالات انفصال يسيطر الحزن والكآبة على أصحابها لفترة طويلة، والحقيقة أن أصحاب هذه الحالات قد أختاروا الدراما ليعيشوا فيها ما تبقى من حياتهم خاسرين أنفسهم وحياتهم وأغلى ما تبقى لهم.
النضج بعد الانفصال عن شريك الحياة
وفي حالات أخرى تجدين قلوباً تألمت وحزنت وعقولاً أرهقت بسب الانفصال عن شريك الحياة، ولكن الفرق بينها وبين غيرها ممن تعرضوا للانفصال أنهم لم يستسلموا أبداً، ولم يقبلوا أن يعيشوا بمسلسل درامي لا نهاية لحلقاته، لأن أبطال هذه الحالات يملكون إرادةً قوية وتحدياً كبيراً، وعقولاً مستنيرة تستطيع أن تميز بين الخطأ والصواب، ونفوساً أبية لا ترضى بالهوان والذل، وترفض أن يسيطر عليها الانهيار، والنتيجة قلوب متعافية مع الوقت، وعقول ناضجة تعاملت مع حدث الانفصال بنضج تام، وقررت بدء الحياة من جديد، والتمتع بها وبمن يستحق أن يكون طرفاً فيها، فماذا عنكِ غاليتي وماذا تختارين؟
سلبيات الاستسلام للدراما
غاليتي يجب عليك الخروج من الأزمة سريعاً، وعدم الاستسلام لحالة الدراما القاسية التي يعيش فيها كل من عانى من مرارة انفصال شريك الحياة عنه، وذلك لوقاية نفسك من تأثيرات الحزن العميق الذي من الممكن أن يقتلك، ومن غيره من التأثيرات مثل: لتعرض لنوبات نفسية قاسية منها الكآبة النفسية ثم الإصابة بالاكتئاب، والتعرض لهزات عنيفة يترتب عليها فقدان الثقة في النفس، بالإضافة إلى عشوائية التفكير، والتعرض لحالة مستمرة من التشويش على العقل، وتشتت الفكر، وفقدان الإيمان بكل الأمور الجيدة في الحياة، وفقدان الثقة في الآخرين أيضاً، الأمر الذي يجعل استمرار الحياة بهذه الطريقة أمراً مستحيلاً.
ولا تقف تأثيرات الاستسلام للدراما والحزن بعد الانفصال عن شريك الحياة عند هذا الحد، ولكنها تمتد لتكون سبباً في دخولك في دائرة مغلقة بحيث تلاحقك الأزمات الصحية من كل جانب، لتتمكن منكِ الأمراض، وتتدهور حالتك الصحية، فهل تستحقين فعل ذلك بنفسك وقلبكِ وعقلكِ؟
الحقيقة أن هذا السؤال تحديداً يجب أن يجب أن تجيبين عليه بوضوح؟ لأنه يجب أن تكوني محبة لنفسك بدرجة كافية تجعلك ترفعين شعار"لا للدراما" وشعار "أهلا بالتغيير"، لأنه سيكون تغيير للأفضل، وذلك من خلال إعلان العصيان على الحزن والكآبة، والاهتمام بنفسك وحب ذاتك أكثر من أي شيء آخر، ووضع أهدافاً جديدة للانشغال بتحقيقها، ومواجهة الأمر بنضج وتعقل وحكمة، وهذا هو النضح الذي يرافق مأساة الانفصال عزبزتي.
إيجابيات التفكير بنضج بعد الانفصال
والنضج بعد الانفصال عن شريك الحياة لا يعني أنه لن بنتابك الحزن بعد الانفصال، لأنه من الطبيعي أن تنتابك مشاعر الحزن، وخصوصاً إذا كنـتِ محبة بحق لشريك حياتك، ولكن حزنك سيكون حزناً مؤقتاً سيقل مع مرور الوقت، حزن لم يمنعك أبداً من التفكير في نفسك، وفي مستقبلك، وفي أحبائك المحيطين بك، وكل من يتمنى أن يكون بخير، حزناً لم يجعلك تتقمصين دور الضحية لكسب عطف الآخرين، لأنكِ عزمتِ على المضي قُدماً في الحياة رافضةً النظر إلى الخلف، والرجوع إلى الوراء، وخسارة نفسك، خصوصاً وأن الخسارة هذه المرة هي خسارة فادحة لا يمكن تعويضها أبداً.
التعافي السريع بعد الانفصال
بداية أعلم أن الأمر قاسياً ومؤلماً ولكن ضياع النفس أقسى ألماً، لذا يجب عليكِ التفكير في حمايتها من المشاعر التي تسيطر عليها بعد الانفصال عن شريك الحياة، ولتحقيق التعافي السريع بعد الانفصال يجب الالتزام بتطبيق ما يلي:
- يجب عدم التفكير في أسباب الانفصال عن الشريك.
- تجنب جلد الذات بعد الانفصال.
- التوقف عن الحديث عن تفاصيل الانفصال.
- تقبل الأمر مهما كان موجعاً لأن ذلك يحفظ الكرامة ويزيد الشريك قوة في مواجهة المشاعر السلبية التي يشعر بها بعد الانفصال.
- وضع أهداف جديدة والانشغال بالعمل عليها.
- التفكير في الأمر بإيجابية.
- تجنب الاستسلام لمشاعر الحزن ومساعدة النفس على الخروج من الأزمة سريعاً.
- الارتقاء بالذات وتحقيق النجاح لأنه أفضل رد على حدث الانفصال.
- التعامل مع التجربة كأنها درس من الحياة يجب تفهم الدروس المستفادة منه.
- التسامح لأنه يحقق السلام النفسي، مهما كان كم الظلم الواقع على الشريك يجب أن يكون بداخله سماح وغفران للشريك الذي أساء إليه من أجله هو بالدرجة الأولى.
وأخيراً، يجب أن تمر حياتك بحلوها ومرها بعد الانفصال عن شريك الحياة غاليتي، ويجب أن لا تقف عنده، فكم من حزن طال الروح واعتقدنا أنه سيدوم، ولكنه تلاشى بعد ذلك، وكم من قلوب باتت تئن من الألم الذي توغل في النفس بعمق، ولكنها سرعان ما لملمت جراحها من جديد، ووقف أصحابها شامخين الرأس، وعادوا لممارسة الحياة من جديد بقلوب راضية وعقول شاكرة لما قسمه الله تعالى لها، وهذا هو النضج، لأن الرضا والقناعة أول مراتب النضج والحكمة، وهي أمور تعجل بتحقيق السلام النفسي لصاحبها وهي مرحلة التعافي من صدمة الانفصال عن شريك الحياة.