مزج العاطفة بالعقل أهم ما يميزه .. علامات الحب الناضج

يحقق الحب الناضج الشعور بالأمان والاستقرار باعتباره الحب الحقيقي الذي يجسد كل معاني الحب الذي يعيش للأبد إذ لا يمكن أن تُختزل معانيه السامية في متعة زائلة يشعر بها الطرفين، لأنه أكبر وأعمق من ذلك. واستناد إلى هذا النوع من الحب الذي يقوم على المزج بين العاطفة والعقل تزيد معدلات نجاحه لأنه يتزين بمعاني أخرى لها أن تحقق أنواع عديدة من المتعة معنوية وحسية أيضًا وليس فقط تلك المقرونة بالعلاقة الخاصة بين الشريكين.

وفي هذا الصدد تحديدًا، راق لي كثيرًا رأي الدكتور مصطفى محمود عن الحب الناضج والحب الحقيقي عندما أشار أن الحب المرتبط بالمتعة فقط لا يعيش ولا ينجح لأن اكتمان معاني الحب والتعمق فيها وفهم وإدراك حقيقتها هو الأصل في زيادة ترابط الشريكين كما أنه يعد عونًا لهم على الاستمتاع بمتع الحياة معًا بما فيها تلك المتعة التي تخص المشاعر والأحاسيس التي يشعر بها طرفيه. ولكن ما يهم أن لا تكون هي الأصل في العلاقة لأن الاعتماد عليها وحدها لن يحقق استمرارية ونجاح علاقة الحب بين الشريكين.

ما هو الحب الناضج؟

يُستدل على معنى الحب الناضج من الدكتور مصطفى محمود رحمه الله تعالى على أنه علاقة آمنة ومستقرة بالدرجة الأولى وحميمة أيضًا ولكن مع الأخذ في الاعتبار مقومات أساسية تحقق النضج في المشاعر والأفعال والأقوال، ومن أبرز هذه المقومات، المودة والرحمة التي أخبرنا بها العالي المتعالي عز وجل في كتابه العزيز في قوله تعالى "وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً"، وكذلك تقبل العيوب، والتفاهم، والاحترام المتبادل والتقدير للآخر، والتسامح، والاتصال العاطفي والسماح باظهار بعض الضعف في العلاقة والأنس ببعضهما البعض ليتحقق معنى السكن. كما توجد مقومات أخرى للحب الناضج ألا وهي الحفاظ على استقلالية الشخصية، فالحب لا يعني تسلط أحدهما على الآخر، وحرمانه من التمتع باستقلالية شخصيته لأن لكل من الطرفين شخصية مستقلة يجب احترام كيانها ليعيش الحب للأبد لأن التعدي على حرية الشريك باسم الحب لا يشير إلا إلى نقص ما قد يكون سببًا في كثير من الصراعات المتلاحقة خلال مسيرة العلاقة، وهو ما يجب أن يتفهمه كل من ينبض قلبه بالحب، لأن الحب مسؤولية أولًا وأخيرًا.

هل وجدتم الحب الناضج؟

من الطبيعي أن تكون الإجابة على سؤالي هذا بنعم أو لا، ولكن ليحدث ذلك، وليكون من السهل عليكم جميعًا الإجابة عليه دون تردد أو حيرة سأخبركم في ما يلي بأهم علامات الحب الناضج التي وإن وجدت في علاقتكم بأحبائكم دل ذلك على الحب الحقيقي الذي يحيا للأبد مهما تعثرت الحياة خلال مسيرة العلاقة.

علامات تدل على الحب الناضج

الحب غير المشروط

من أهم العلامات التي تؤكد الحب الناضج التمتع بحب غير مشروط على سبيل المثال، حب الزوج لزوجته في كل حالتها دون سخرية أو قيد، وحب الزوجة للزوج بالنظر إلى صفاته الجيدة، وعدم الوقوف عند أمور أقل أهمية وليست جوهرية مثل الشكل أو المظهر لأن الأصل في الحب هو الارتياح للطرف الآخر وقبوله بكل ما يبدو هو عليه. وذلك يكفل التعامل معه بطريقة فيها مودة واحترام.

فقد تكون المرأة محبة لزوجها بشكل لافت على الرغم من وجود عيوب عديدة تعتريه، وقد يكون الزوج متقبلًا لكثير من عيوب زوجته فقط لأنهما وجدا الحب الناضج الذي يسمح لهما بتقبل العيوب والتجاوز عن صغائر الأمور في سبيل الاستمتاع بالراحة والأمان مع بعضهما البعض.

وجود راسخ للثقة

ترتبط الثقة بالأمان فمتى انعدمت انعدم معها الشعور بالأمان والاطمئنان، وانعدمت راحة البال لانشغال العقل بظنون لا حصر لها. إن الثقة المتبادلة بين الشريكين من أقوى علامات الحب الناضج وأحد أهم مقومات الترابط العميق بين الشريكين وغير ذلك لا يمت للحب بصلة.

فهم الاحتياجات والمشاعر

الحب الناضج يقوم على أساس فهم الاحتياجات والمشاعر، ويحقق راحة نفسية عميقة لطرفيه لأن كل منهما يستطيع التعمق بمشاعره داخل الآخر لفهمها وتلبيتها. والمشاعر هنا تعني كل المشاعر الإنسانية التي قد يشعر بها الإنسان في مواقف مختلفة.

تعاطف لا محدود

هل يمكن أن يكون الحب ناضجًا بدون تعاطف قوي بين الشريكين؟، بالطبع لا، لأن التعاطف أحد أهم علامات الحب الناضج التي تميزه عن غيره من أنواع الحب الدخيلة على عالم المشاعر. فما أجمل أن يتعاطف كل من الطرفين مع بعضهما البعض خلال مسيرة العلاقة أثناء الحديث، وخلال المواقف الحياتية المختلفة التي يمرون فيها، وخصوصًا تلك التي تحتاج إلى دعم ومساندة.  

التغلب على الأزمات

التغلب على الأزمات علامة من علامات الحب الناضج، لأنه يسهل من قدرة الشريكين على طرح حلول للأزمة القائمة، والتفكير في بدائل في حال لم تثمر جهودهما في حل الأزمة. الشريكان في الحب الناضج يكملان بعضهما البعض ويحاربان كل العقبات التي تعترض مسيرتهم وهم سعداء لأنهما يرون حبهما أكبر منها، ومن الطبيعي أن يكون النصر حليفًا لهما لأنهما وباختصار شديد يفهمون المعنى الحقيقي للحب، ويحبون بعضهما حبًا ناضجًا.

لا وجود للتوقعات

إن رفع سقف التوقعات تجاه الشريك ينتج عنه خيبات وصدمات لا حصر لها. صدمات ترهق القلب، وتجهد العقل وتؤثر في العلاقة بشكل سلبي وخطير. لذلك ومن علامات الحب الناضج بل ومن أهم ما يميزه أنه لا توجد توقعات من قبل الشريكين. هما يتركان أنفسهما لمسيرة الحياة ويتفاعلان مع المواقف الحياتية المختلفة بحكمة وبحسب استطاعة كل منهما.

الاتحاد أساس العلاقة بينهما

الاتحاد قوة ولا يغلب على شيء إلا زانه وأيده وحقق نصره، ولذلك نجد شركاء الحب الناضح يتحدون مع بعضهم البعض، يضعون الأهداف، ويضعون الخطط التي ترمي إلى تحقيقها، ويعتمدون لحظة البدء في تحقيق أهدافهم المشتركة. وهذا الأمر يجعل شراكتهما ناجحة ومسيرتهما مستمرة.

والآن وبعدما ما تقدم ما هو الفرق بين الحب الناضج والحب غير الناضج؟

مع الأخذ في الاعتبار كل ما سبق أعلاه عن الحب الناضج، فإن الحب غير الناضج يتميز بما يلي: