قد يكون سببًا في الفراق أحيانًا .. هوس التعلق العاطفي بشريك الحياة وكيفية التغلب عليه
التعلق العاطفي هو حالة نفسية تظهر بوضوح عندما يشعر شريك الحياة بارتباط قوي وعميق بشريكه، ويظهر جليًا في تصرفاته معه، وفي اعتماده عليه لتلبية احتياجاته العاطفية، وعلى الرغم من إيجابياته ودوره في تعزيز العلاقات ومنحها عمقاً كبيرًا ومعنى أكثر قيمة إلا أن له سلبيات خطيرة عندما يصبح هوسًا يجب معالجته. تُرى ما هي العلامات التي تدل على هوس التعلق؟، وكيف يمكن علاجه؟
علامات تدل على هوس التعلق العاطفي
على الرغم من أن التعلق العاطفي يبدأ بمشاعر حب سامية تزيد مع مرور الوقت، وعلى الرغم من صدق هذه المشاعر إلا أن تحولها إلى هوس يصبح عبئًا ثقيلًا على الشريك المتعلق به، وعلى علاقته بشريك حياته. ولذلك من الحكمة أن نتفهم إيجابيات الاعتدال في المشاعر والحب، وتكمن أهمية عمل توازن بينهم الحفاظ على العلاقة بين الشريكين لكي لا تنقلب الأمور رأسًا على عقب، ولكي لا تصبح حياتهما معًا سجنًا لأحدهما أو لكليهما.
من أجل ذلك سأخبركم بحسب خبراء العلاقات الزوجية وخبراء علم النفس بأهم العلامات التي تدل على هوس التعلق العاطفي بشريك الحياة وهي:
- عدم منح شريك الحياة مساحة أو وقتًا بمفرده، حتى بعد طلبه ذلك صراحة.
- الاتصال أو إرسال رسائل نصية إلى شريك الحياة دون توقف عند غيابه أو تواجده في العمل أو أي مكان أخر.
- الذعر حال لم يرد شريك الحياة على الرسائل النصية المرسلة إليه أو عند الاتصال به.
- مراقبة سلوك شريك الحياة على وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مزعجة.
- انعدام الثقة بالنفس وخصوصًا عند التفكير في كون زملاء العمل أو أصدقاء شريك الحياة يمثلون تهديدًا ما على العلاقة.
- الغيرة الزائدة عند الحد.
- القلق المفرط عليه والخوف من الفقد.
- التفكير الدائم في شريك الحياة.
كيف يمكن التغلب على هوس التعلق العاطفي؟
لكي لا يمل شريك الحياة من هوس التعلق به، وانقاذًا للعلاقة التي قامت على الحب والمشاعر السامية من الفتور والفشل، يجب على الشريك الذي يعاني من التعلق العاطفي الشديد بشريكه البدء باتخاذ الخطوات الفعالة التالية:
التحدث إلى الشريك بصراحة
بمجرد الشعور بانزعاج شريك الحياة من شدة التعلق به، وبمجرد التأكد من علامات هوس التعلق العاطفي، يجب إقامة حوار بناء وهادف معه، واعتماد المصارحة والمكاشفة كنهجًا أساسيًا في الحوار، بمعنى أن يتم البوح بأسرار التعلق بالشريك، وسبب التصرفات التي تدل عليه مع طلب الدعم والمساعدة منه والصبر عليه كخطوة أولى للتغلب على هوس التعلق.
الانشغال بأمور أخرى غير الشريك
للتغلب على هوس التعلق العاطفي بشريك الحياة، يجب أن يتفهم الشريك المتعلق ضرورة عدم جعل شريكه محورًا لحياته، إضافة إلى ضرورة الانشغال بأمور أخرى كتحقيق أهداف شخصية تحقق النجاح في اثبات الهوية وتطوير الذات وتعزيز الثقة بالنفس، وبمعنى آخر يجب على الشريك المتعلق أن ينطلق في اتجاهات أخرى غير الذي أدمن الانطلاق نحوها. وتوجد أمثلة لاتجاهات عديدة يمكن للشريك المتعلق أن يسلكها مثل الاشتراك في نشاطات اجتماعية، أومقابلة الأصدقاء وتكوين شبكة علاقات اجتماعية ناجحة، أو الاشتراك في أعمال خيرية نبيلة تحقق الشعور بالسعادة والرضا، ويمكن أن يكون اكتشاف المواهب والانشغال بتنميتها أحد هذه الاتجاهات الإيجابية التي ستساعد الشريك في التخلص من هوس التعلق العاطفي.
احترام المساحة الخاصة بالشريك
إن الحب لا يعني تخطي الحدود والمساحة الخاصة بين الشريكين، ولا يصح أن يبرر التعلق العاطفي اقتحام خصوصية الشريك، وعدم منحه الوقت الكافي لنفسه. فالحب يعني أن يكون هناك فهمًا لمتطلبات الشريك حين يحتاج إلى خلوة مع نفسه أو إجراء مكالمة مع الأصدقاء أو مواعدتهم.
اكتشاف الذات
يعد الانشغال باكتشاف الذات، وامتلاك هواية أو شغف محفزًا جيدًا للشريك المتعلق على الشعور بالفرحة والبهجة، كما أنه وسيلة فعالة في علاج هوس التعلق العاطفي، لأن الشريك ينشغل بشغفه عن نفسه، ومن ثم يبدأ في التقليل من التركيز مع شريكه وملاحقته بسبب تعلقه به. والحقيقة أن لذلك صدى كبير جدًا في خلق شخصية جديدة للشريك المتعلق حيث اكتشاف الذات، وفهمها، وتقويمها، والبدء بأخذ خطوات فعالة نحو الاهتمام بها وبتطويرها.
إدارة مشاعر الغيرة المرضية والسيطرة عليها
يجب البدء بالتعود على السيطرة على مشاعر الغيرة المرضية التي تدفع الشريك المتعلق إلى التعلق أكثر بشريك حياته، كما يجب تعزيز الثقة في ما بينهما، ومحاربة أي أفكار سلبية تتعلق بمشاعر الخوف من هجران الشريك، إضافة إلى تعزيز الثقة بالنفس ليتحقق الشعور بالرضا والسلام النفسي الداخلي.
هل الحرمان العاطفي سبب من أسباب هوس التعلق؟
نعم، بحسب خبراء علم النفس، يعد الحرمان العاطفي أحد أهم أسباب هوس التعلق بالشريك، ولذلك يحتاج إلى آلية معينة للتعامل معه والتخلص من هوس التعلق. ويحدث الحرمان العاطفي نتيجة الشعور بعدم تلقي الدعم العاطفي أو الحب من المقربين. وقد يكون السبب فيه المرور بظروف حياتية معينة، أو علاقة عاطفية قاسية بطلها الحرمان، أو مشاكل عصيبة أثرت بشكل كبير على الصحة النفسية للشريك، وسبب شعوره بانعدام الأمان، والخوف من فقدان الأحبة.
وختامًاً، يجب أن يعلم شريك الحياة أن شريكه الذي يعاني من هوس التعلق العاطفي بحاجة إلى دعمه ومساندته، والصبر عليه، وهذه هي الخطوة الأولى في العلاج، كما يجب عليه أن يُشبع احتياجاته العاطفية، وأن يحرص على تعزيز ثقته به، وثقته بنفسه أيضًا، إضافة إلى البحث في أسباب تعلقه الشديد به للتغلب عليها وعلاج المشكلة من جذورها.