
الصمت العقابي بين الزوجين سلاح صامت يهدد سلامة العلاقة بينهما .. كيف يمكن التغلب عليه
الصمت بالعقاب هو أحد أسوأ أشكال الابتزاز العاطفي التي يستخدمها بعض الأزواج في الحياة الزوجية معتقدين أنهم بذلك سيحفظون هيبتهم في العلاقة، وهو في الحقيقة يهدم الكثير من المعاني الجميلة والقيم النبيلة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالزواج ذلك الرباط المقدس القائم على المودة والرحمة لا العنف أو الإساءة، فشتان بين الصمت الهادف البناء والصمت العقابي الذي يمارسه البعض بعنف معنوي بالغ الأثر. فما هو الفرق بينهما؟، وما هي الآثار المترتبة على الصمت بالعقاب؟، وكيف يمكن التعامل معه حفاظًا على العلاقة بين الزوجين لحمايتها من نهاية مأساوية مؤكدة؟

ما هو الفرق بين الصمت والصمت العقابي؟
الصمت من ذهب، وبكثرة الصمت تكون الهيبة، الصمت باب من أبواب الحكمة، الصمت وقاية من جرح النفوس، وتحصين ضد كسر الخواطر. هذا هو الصمت الهادف البناء الذي امتدحه النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وأوصانا به، وهو ذاته من أخبرنا عنه الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وهو ما كتب عنه كثير من فلاسفة العرب، وفلاسفة الغرب باعتباره طريقة لكسب المحبة والحفاظ على الود، وحماية للعلاقات من النهايات المأساوية التي قد لا يمكن منع حدوثها مهما بُذل من جهود.
أما الصمت العقابي هو نوع صريح من أنواع التلاعب العاطفي الذي يستخدمه أحد الزوجين للسيطرة على الآخر أو للتعبير عن الغضب بطريقة غير مباشرة. ويعرف بالصمت بالعقاب، ويتم بالامتناع عن التواصل، ورفض الاستجابة لحديث الطرف الآخر، الأمر الذي يخلق حالة عنيفة من التوتر النفسي داخل إطار الحياة الزوجية.
ويتجلى الفرق واضحًا بين الصمت والصمت العقابي، فالأول بناء وهادف، وصحي وله تأثيرات إيجابية عديدة، ومنافع كثيرة ينتفع بها أطرافه والمحيطين بهم، والثاني صمت سام وغير صحي، ووسيلة متعمدة للإساءة.
إقرأ أيضًا:علامات الابتزاز العاطفي عند الاطفال واهم النصائح للتوقف عنها
ما هي أسباب الصمت العقابي بين الزوجين؟
تقول "داليا شيحة" خبيرة علاقات زوجية وأسرية بأن الصمت العقابي أحد السلوكيات المرفوضة التي يستخدمها بعض الأزواج بقصد العقاب أو التوجيه والإرشاد، وله أسباب عديدة أبرزها ما يلي:
- الرغبة في إحكام السيطرة على الطرف الآخر بحثًا عن القوة والهيبة وتحقيقًا للهيمنة الكاملة داخل إطار الحياة الزوجية.
- الهروب من المواجهة وفرض الرأي في نفس الوقت.
- البعض يستخدم الصمت العقابي كوسيلة للتعبير عن الغضب، والشعور بالاستياء جراء فعل أو حدث ما.
- أحيانا يحدث الصمت بالعقاب كرد فعل على الشعور بالإحباط، وعندما يشعر الشريك بأنه غير مفهوم أو أن مشاعره لا تُحترم.
- يحدث الصمت العقابي في بعض الزيجات بسبب قلة مهارات التواصل، وعدم معرفة كيفية التعبير عن المشاعر بوضوح وصراحة.

ما هو تأثير الصمت العقابي على الحياة الزوجية؟
إن للصمت العقابي تأثيرات سلبية عديدة تساهم بشكل مباشر في تدهور العلاقة الزوجية إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، ومن أشد هذه التأثيرات خطورة على الحياة الزوجية ككل بحسب "داليا شيحة" المستشارة الزوجية والأسرية ما يلي:
- انعدام الشعور بالأمان إذ يؤدي الصمت العقابي إلى غياب الثقة أحد أهم مقومات الحياة الزوجية الناجحة.
- زيادة التوترات في العلاقة الزوجية، لأن الصمت العقابي يهدم ولا يبني، ويزيد من حدة المشاكل الزوجية بدلاً من حلها.
- التعجيل بحدوث التباعد العاطفي بين الزوجين، ما يؤدي إلى ضعف التواصل، وضياع الحميمية.
- تدهو الصحة النفسية إذ يشعر الطرف الذي يُمارس عليه الصمت بالعزلة والضغط النفسي.
- زيادة احتمالات حدوث الانفصال العاطفي والتعجيل بحدوث الطلاق مع استمرار هذا السلوك وعدم معالجته.
كيف يمكن التعامل مع الصمت العقابي؟
يمكن التعامل مع الصمت العقابي من خال الالتزام بتطبيق الخطوات التالية: وهي:
الاعتراف بالمشكلة
أول خطوة في التعامل مع الصمت العقابي هي إدراك أن هذا السلوك مشكلة حقيقية تحتاج إلى حل. إذ يجب أن يعترف الطرف الممارس لهذا السلوك العنيف بأن تصرفه يؤثر سلبًا على علاقته بشريكه، وعلى حياته الزوجية كل.
فتح باب الحوار والتهيئة لإقامة حوار هادي وبناء
ويمكن ذلك من خلال الالتزام بتطبيق النصائح التالية:
- يجب اختيار الوقت المناسب للحديث عن المشكلة.
- التحدث بصراحة واحترام دون اتهامات.
- التأكيد على أهمية تبادل أطراف الحديث بين الزوجين وعلى تأثيره على علاقة كل منهما.
- الهدوء والانصات وتجنب المقاطعة.
- استخدام لغة الجسد الإيجابية للتعبير عن التفهم والاهتمام.
التعبير عن المشاعر بوضوح وارتياحية
ويتحقق ذلك من خلال:
- تشجيع الطرفين على مشاركة مشاعرهما وأفكارهما بصراحة.
- استخدام لغة بناءة بدلاً من اللوم والانتقاد.
- احياء الثقة من جديد بالافصاح عن مشاعر الخوف والقلق والتخلص منها.
- استخدام لغة الجسد الإيجابية للتعبير عن التفهم والاهتمام.
بذل الجهد لتوطيد العلاقة من جديد
ويتم ذلك من خلال ما يلي:
- المشاركة في ممارسة أنشطة ممتعة.
- إظهار الحب والتقدير بطرق صغيرة مثل الإطراءات والهدايا البسيطة.
إستشارة خبراء العلاقات الزوجية
إذا استمر الصمت العقابي وأصبح يؤثر بشكل كبير على العلاقة، يمكن استشارة مختص في العلاقات الزوجية لانقاذ العلاقة بين الزوجين وحمايتهما من مخاطر الانفصال النفسي أو الانفصال العاطفي الذي قد يؤدي بهما إلى الطلاق الفعلي.
إقرأ أيضًا:"عقوق الأم وابتزاز عاطفي".. أزمة بعد تعليق منى السابر الصادم على صورة حلا الترك

خلاصة القول:
يجب على الزوجين تعلم فن إدارة الغضب بدلاً من اللجوء للصمت العقابي، والبحث عن حلول بديلة لحل مواطن الخلاف بينهما، كما أن التركيز على الإيجابيات وتجاهل السلبيات، وتعزيز مبدأ المشاركة، واعتماد التسامح منهاجًا قويًا في العلاقة يكفلون حماية العلاقة الزوجية من خطر الصمت بالعقاب.