ليست مراهقة متأخرة.. حقيقة الرجل في أزمة منتصف العمر
تعتبر أزمة منتصف العمر من أكثر المراحل تعقيدًا في حياة الرجل، البعض يطلق عليها "مراهقة متأخرة"، والبعض الآخر يعتبرها مرحلة تمرد بالغ على العلاقة العاطفية وأطرافها وكل تفاصيلها. أحيانًا أخرى، يربط البعض بين أزمة منتصف العمر وبين الخيانة الزوجية، إلا أن الحقيقة تختلف تمامًا عن ذلك، إذ تعتبر هذه المرحلة مرحلة التحولات العاطفية والبحث عن الذات. يمكن القول بأن الرجل في هذه المرحلة قد يكون حائرًا وليس خائنًا، ولذلك يجب التأني في الحكم عليه خصوصًا لوكان ملتزمًا في علاقته بأنثاه طوال الوقت. ما هي حقيقة أزمة منتصف العمر عند الرجل؟، وما هي علامات دخوله في الأزمة؟، وكيف يمكن دعمه في هذه المرحلة؟
ما هي حقيقة أزمة منتصف العمر عند الرجل؟
تقول "أميرة داوود" أخصائية علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية، ماجيستير صحة نفسية جامعة استانفورد الامريكية، ترتبط أزمة منتصف العمر عند الرجل بعوامل نفسية وبييئة واجتماعية يجب الانتباه إليها. وهي مرحلة يبحث فيها الرجل عن التغيير الذي من الطبيعي جدًا أن يحدث من خلال علاقات جديدة أو توجهات جديدة أو تصرفات جديدة لها أن تعكس كل التغيرات التي تطرأ عليه.
يمر الرجل في هذه المرحلة الأهم على الإطلاق بالعديد من التحولات العاطفية العميقة التي تتيح له إعادة تقييم نفسه وحياته. في هذه الفترة، يواجه الرجل نفسه بطرح تساؤلات عديدة منها ما يدور حول هويته، ومنها ما يتعلق باختياراته، ومنها ما يخص تحديده لأهدافه المستقبلية، بهدف الاستمتاع من جديد بحياته. لذلك، يمكن القول بأن حقيقة أزمة منتصف العمر عند الرجل هي مرحلة التحولات العاطفية واكتشاف الذات، وليست مرحلة الهروب من الواقع.
الرجل في أزمة منتصف العمر حائر أم خائن؟
الرجل في أزمة منتصف العمر ليس بالضرورة أن يكون خائنًا، ففي أحيان كثيرة يكون حائرًا ومضطربًا من الداخل. إن الأزمة ليست مرتبطة دائمًا بالرغبة في الهروب من المسؤوليات بالدخول في علاقات عاطفية جديدة، بل هي مرحلة يعيد فيها الرجل تقييم نفسه وحياته واختياراته، في محاولة للتغلب على شعوره بعدم الرضا عن نفسه وبخاصة مع التقدم في العمر.
وسبب حيرة الرجل هنا، التردد بشأن أشكال التغيير المتاحة أمامه، وبطرق إعادة اكتشاف ذاته من جديد. ولذلك من السهل أن يصبح الرجل فريسة سهلة للقلق العاطفي والإصابة بالاكتئاب.
ما هي علامات أزمة منتصف العمر عند الرجل من منظور نفسي؟
تشير د. أميرة إلى نقطة هامة وهي أن حقيقة أزمة منتصف العمر عند الرجل تتمركز حول التأمل بعمق في الذات، والتساؤل عن الهوية، والرغبة الملحة في عمل تغييرات سريعة، بسبب الحنين إلى الماضي، والشعور بالعجز بشأن انجازات الماضي وذلك نتيجة للتقدم في العمر. وبسبب ذلك تظهر بعض العلامات والإشارات الحمراء التي يجب الانتباه إليها لتقديم الدعم النفسي اللازم للرجل في هذه المرحلة.
ومن علامات أزمة منتصف العمر عند الرجل الجسدية والعاطفية والسلوكية والنفسية ما يلي:
- تقلبات في الوزن سواء بالزيادة أو النقصان.
- بعض التغيير الواضحة في عادات العناية الشخصية كطريقة اهتمامه بالمظهر وما يرتديه. وقد يصبح الرجل مهووسًا بأناقته وإطلالته، في بعض الأحيان قد يحدث العكس ويهمل الرجل في مظهره لدخوله في حالة كآبة نفسية.
- التقلبات المزاجية، ورد الفعل السريع الذي يفوق الحدث في أغلب المواقف.
- الشعور بالحزن والكآبة أو الدخول في حالة اكتئاب.
- قلة الحافز.
- اتخاذ قرارات غير موزونة فيها تهور مثل تغيير المهنة أو الانتقال للعيش في بلد آخر.
- المعاناة من اضطرابات النوم.
- العزلة الاجتماعية والانسحاب من العائلة والأصدقاء.
ماذا يحتاج الرجل من المرأة في أزمة منتصف العمر؟
يحتاج الرجل دعم المرأة وفهمها لتحديات هذه المرحلة شديدة الحساسية التي تعصف بفكره ومشاعره، وتسبب له الشعور بالقلق والضياع. ويمكن للمرأة دعم الرجل في أزمة منتصف العمر ومساعدته على عمل التغييرات التي تحقق له استقراره العاطفي، والفكري ليتحقق التوازن وليسلك الاتجاه السليم دون تخريب.
الرجل في أزمة منتصف العمر يحتاج إلى شريكة تقدم له الدعم النفسي، والدعم العاطفي، وتمنحه الثقة في نفسه وتساعده على عبور هذه المرحلة بتعزيز ثقته في نفسه من جديد. لذلك وبحسب د.أميرة، يمكن للزوجة دعم الرجل في أزمة منتصف العمر من خلال تطبيق ما يلي:
- التسلح بالصبر لأن الأساس في تحقيق دعم الرجل خلال أزمة منتصف العمر.
- الحفاظ على التواصل المستمر مع الرجل، والحرض على الدخول في أحاديث ممتعة وشيقة معًأ بشرط اختيار الوقت والمكان المناسبين لإجراء المحادثات معه.
- طرح أسئلة عامة كالسؤال عن صحته بوجه عام.
- السماح للرجل بالتعبير عن نفسه وعن ما يشعر به بارتياحية.
- السماح له بالفضفضة للتخلص من المشاعر السلبية، وليحدث ذلك يجب عدم مقاطعة الرجل.
- مدح الرجل والاحتفال معه بأي نجاحات او انجازات مهمة كانت بسيطة.
- تحقيق شعور الرجل بالأمان بدعمه عاطفيًا وتفهم احتياجات والاهتمام به.
- الانصات بدقة.
- اعتماد اللطف والمواساة بعد ارتكاب الأخطاء بدلًا من تقديم النصائح.
- تأكيد الحب والاحترام قولًا وفعلًا.
- احترام الخصوصية وحفظ الأسرار.
- التشجيع على التغيير والتجديد ومساعدته في اغتنام الفرص.
- عمل تغييرات تناسب الفترة التي يمر بها الرجل.
خلاصة القول:
التأمل في الذات، والرغبة في التجديد والشعور بالحيرة يعكسون حقيقة أزمة منتصف العمر عند الرجل، الذي ليس بالضرورة أن يكون خائنًا إذ يمكن في العديد من الحالات تحقيق التوازن المطلوب وتلبية الرغبة في التجديد والخروج من هذه المرحلة بأمان تام دون أي تخريب مع الانتباه لعلامات دخوله في هذه المرحلة الحساسة، وحصوله على الدعم العاطفي اللازم من أنثاه.