حديث خاص وملهم مع النائب الأول للرئيس للتسويق والاتصال في "ماستركارد" بياتريس كورناكيا عن المرأة والنجاح ومبادرات التمكين
برزت المرأة في عالم الأعمال منذ سنوات عديدة حيث تميزت بالإبداع والابتكار والاستقلالية في العديد من المجالات، لكنها بالرغم من نجاحها في عدة قطاعات، إلا أنها مازالت تواجه العراقيل المجتمعية والمعرفية والاقتصادية التي تقف حائلا دون نموها وازدهارها وتقدّمها الوظيفي.
وتقول النائب الأول للرئيس للتسويق والاتصال لمنطقة أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا في "ماستركارد" MasterCard بياتريس كورناكيا Beatrice Cornacchia في حديثها لمجلة "هي" أن المرأة لا تزال تعاني في أجزاء كبيرة من العالم من التمييز وترزح تحت قيود الأعراف الإجتماعية، مما يصعب عليها الحصول على رأس المال أو المهارات أو الموارد التي تحتاج إليها للسير في الطريق نحو القمة، وهذا يفرض عقبة أخرى تتمثل في تعزيز تمثيل المرأة والعثور على مرشدات ملهمات يكنّ قدوة يحتذى بها أمام غيرهن من النساء.
ولمواجهة هذه التحدّيات التي تعيق تمكين النساء في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال في جميع أنحاء المنطقة العربية، تضافرت جهود "ماستركارد" MasterCard الشركة الرائدة في مجال المدفوعات العالمية من أجل النهوض بريادة الأعمال النسائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال تزويدها بالأدوات الرقمية والتدريب المناسب لمساعدتها على تأسيس عملها وتطويره، وخلق فرص التعليم والإرشاد لرائدات الأعمال، والتعاون مع أصحاب العمل لتوفير المزيد من فرص العمل للنساء.
كل التفاصيل من خلال هذا اللقاء الخاص لـ"هي" مع النائب الأول للرئيس للتسويق والاتصال لمنطقة أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا في "ماستركارد" بياتريس كورناكيا Beatrice Cornacchia.
1-ما هي المبادرات التي قادتها "ماستركارد" من أجل تمكين المرأة في مكان العمل؟ وما هي معايير تقييم نجاح هذه المبادرات؟
تتمثل رسالة "ماستركارد" في دعم وبناء اقتصاد رقمي شامل يعود بالنفع على الجميع، وهذا يعني ضرورة الوصول إلى كلّ إنسان، رجلًا كان أم امرأة، في المدن أو في الأرياف. ونسعى لتزويد الأفراد والمجتمعات بالدعم اللازم لتمكينهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم في ظل الاقتصاد الرقمي المتنامي، بما يشمل دعم رائدات الأعمال، وإتاحة الفرصة للفتيات لتعلم مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في سنّ مبكرة، ومواصلة العمل على إتاحة مزيد من الفرص للنساء للخوض في المجال التقني وتحقيق تقدم ملموس فيه، ليستفيد مجال عملنا من هذا التوازن على مستوى القيادات.
نحن حريصون على تزويد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالأدوات الرقمية والموارد والمعلومات والرؤى التي تحتاج إليها للنجاح في العالم الرقمي. بالنسبة للعديد من النساء، تمثل ريادة الأعمال فرصة مهمة لتحقيق الاستقلال المادي والحصول على المرونة التي يحتجن إليها لإدارة مختلف جوانب حياتهن بسلاسة. وعلى الرغم من أن حضور صاحبات الأعمال لا يزال دون المستوى في أجزاء كثيرة من عالمنا، فقد تعهدت "ماستركارد" بضمّ 25 مليون رائدة أعمال من حول العالم إلى الاقتصاد الرقمي بحلول العام 2025. ويعتبر مؤشر "ماستركارد" السنوي لرائدات الأعمال أداة بحثية مهمة لتتبع التقدم الذي تحرزه رائدات الأعمال عبر عدة أسواق، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.
ولتمكين المرأة في المستقبل، قد يكون من المفيد أن نبدأ بتوسيع وتنويع الأدوات المعرفية المتاحة للفتيات قبل أن يصلن لمرحلة اتخاذ القرار حول مكان عملهن. تعاونت "ماستركارد" مع شركة إدارة وتطوير مركز الملك عبد الله المالي تقديم برنامجها الرائد Girls4Tech في المملكة. ويهدف البرنامج لإلهام وإعداد الفتيات بمهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، التي تمكّنهن من تحقيق مكانة قيادية في المستقبل. وقمنا بتطوير منهاج مبني وفق المعايير العالمية في العلوم والرياضيات يعرض تقنيات "ماستركارد" الرائدة في مجال الدفع، بما في ذلك الخوارزميات والتشفير وكشف الاحتيال وتحليل البيانات والتقارب الرقمي، إلى جانب استعراض قوة شبكة علاقات "ماستركارد". وستحصل "ماستركارد" على دعم كل من شركة إدارة وتطوير مركز الملك عبدالله المالي والاتفاق العالمي للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بالشراكة مع مدارس مسك لتمكين الفتيات في المملكة من تعلم المهارات التقنية المهمة بما يمكّنهنّ من تحقيق النجاح في المستقبل. وحتى الآن، استفادت نحو 3.5 مليون طالبة من الأعمار بين 8 و16 سنة في 60 دولة من هذا البرنامج، وتلتزم "ماستركارد" بأن يصل عدد المستفيدات من البرنامج إلى 5 ملايين بحلول العام 2025.
2-ما مدى أهمية الإضاءة على تجارب المرأة في تشجيع وإلهام غيرها من النساء؟
أعتقد بأنه من الضروري مشاركة التجارب وبناء المنصات التي تظهر كيفية مواجهة المرأة للتحديات واغتنامها للفرص من أجل إلهام غيرها من النساء.
وهذا بالضبط ما قمنا به عند إطلاق كتاب "Lasting Legacy - تكريم 25 امرأة مُلهمة احتفالاً بالذكرى السنوية الـ 25 لإطلاق priceless" خلال شهر مارس 2023، الذي يشهد الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ويصادف الذكرى السنوية الـ 25 لإطلاق منصة "priceless" من "ماستركارد"، والتي شكلت على مدار ربع قرن جسراً يربط الناس بشغفهم.
وتمثل هذه الخطوة أحدث مبادرات "ماستركارد" الرامية للاحتفاء بدور المرأة في المجتمع وفتح أبواب الفرص أمامها، ويروي الكتاب قصص نجاح بعض من أهم القيادات النسائية في العالم، ولمحة عن مسيرتهن المهنية الملهمة في مجالات عدة مثل الفنون والرياضة والسياسة والضيافة والخدمات المالية وغيرها. وكان الهدف من إطلاق هذا الكتاب الإضاءة على الدور الريادي لهؤلاء النساء، ليكون مصدر إلهام لقرائه لاتخاذ خطوات مؤثرة في حياتهم ومجتمعاتهم لسد الفجوة بين الجنسين وبناء مستقبل أكثر شمولًا تسوده المساواة في المعاملة والعمل.
يتوفر الكتاب عبر الإنترنت وفي المكتبات والجامعات والمدارس، وعلى منصة BooksArabia.com، ويلقي الضوء على مجموعة متنوعة من النساء الملهمات من بينهن نزهة العلوي، المؤسسة والمؤلفة والمؤثرة الرئيس التنفيذي لمؤسسة "ميشد"؛ وأمبرين موسى، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة سوق المال؛ وليلى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة؛ وعلا دودين، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة “BitOasis” وغيرهن الكثير من السيدات الملهمات.
وكذلك، تتيح نشرات البودكاست وسيلة إضافية لإلهام النساء، وقد أطلقت "ماستركارد" خلال العام 2022 سلسلة بودكاست بعنوان "صوتها" "Her Voice" بهدف سرد قصص نجاح وتميز رائدات الأعمال في المملكة والمنطقة. وتوفر حلقات البودكاست لرائدات الأعمال الناشئات والقائدات وصانعات التغيير نافذة مهمة على الحياة والمسيرة المهنية والإنجازات البارزة لبعض من أهم المؤثرات في المملكة.
3-ما رأيك بمستويات التنوع والمساواة والشمول في شركتك اليوم؟
نحن نؤمن ببناء عالم تكون فيه الفرص متاحة للجميع لينمو ويزدهروا معاً يداً بيد. وقد طبقت "ماستركارد" نهجاً شاملًا في عملية التوظيف لضمان العدل والمساواة من خلال اتباع نهج متوازن في جميع المناصب والالتزام بتطبيق المساواة في الأجور عبر كامل وحدات أعمالها. كما قمنا بتوحيد سياسات إجازات الأمومة والأبوة.
وتؤكد هذه المبادرات على التزامنا الراسخ بالتنويع والشمول، ونعطيها الأولوية على المستوى الداخلي، بين موظفينا، وعلى المستوى الأوسع، بين الناس والمجتمعات التي نخدمها.
ومن المهم للغاية أن نقيس مدى تقدمنا، لنعرف حجم ما حققناه لغاية اليوم، مما يساعدنا في الوصول إلى ما نطمح إليه. في الوقت الراهن، تمثل النساء 39% من إجمالي القوة العاملة العالمية في "ماستركارد"، ويشغلن 24% من عضوية اللجنة الإدارية و33% من الإدارات العليا. نحن ندرك مسؤوليتنا بأن نعكس صورة للعالم بكلّ ما فيه من تنوع ضمن مؤسستنا، ونتمتع بمكانة قوية للعمل على تمكين الفئات المهمشة لتحصل على فرص متكافئة تمكنهم من تغيير حياتهم الشخصية والمهنية للأفضل. وتعمل "ماستركارد" على دعم قياديات اليوم والغد من خلال نادي "30%" والتحالف المالي للنساء وشبكة القيادات النسائية.
ونسعى من خلال ذلك لبناء أماكن عمل – وعالم- يتيح لجميع البشر على اختلافهم فرصاً متساوية لبلوغ شغفهم وتحقيق أقصى إمكاناتهم. وإن جهود التنوع والمساواة والشمول تنصب في صميم التزامنا الأوسع بتمكين الإنسان، والحفاظ على الكوكب ودعم النمو والازدهار.
نحن نسعى لتوفير بيئة شاملة وحاضنة للجميع، بغض النظر عن ثقافاتهم أو خلفياتهم أو قدراتهم. وتعمل مجموعات موارد الأعمال التابعة لشركتنا على تشجيع بناء ثقافة أكثر شمولًا للجميع، ويتم إعداد هذه المجموعات التي يقودها الموظفون على أساس الاهتمامات أو التجارب المشتركة أو الشغف بتحقيق الشمول، وهي مفتوحة أمام الجميع.
4-ما هي أبرز التحديات التي تواجه المرأة اليوم؟
كما ذكرت سابقاً، جزءاً كبيراً من عالمنا لم يُصمم مع أخذ المرأة في الاعتبار، ولذلك فمن الضروري أن نتعامل مع التحديات بصورة استباقية. ففي أجزاء كبيرة من العالم، لا تزال المرأة تعاني من التمييز وترزح تحت قيود الأعراف الاجتماعية، مما يصعب عليها الحصول على رأس المال أو المهارات أو الموارد التي تحتاج إليها للسير في الطريق نحو القمة.
يهمين الرجال على العديد من القطاعات، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا، وهذا يفرض عقبة أخرى تتمثل في تعزيز تمثيل المرأة والعثور على مرشدات ملهمات يكنّ قدوة يحتذى بها أمام غيرهن من النساء. بالإضافة لذلك، فإن الكثير من بيئات وأماكن العمل تفتقر لوجود ممارسات الشمول الملموسة والحقيقية، وهذا ما يمكن أن نلمسه في تفاوت الأجور بين النساء والرجال وإجازات الأمومة وغيرها من الاعتبارات الأُسرية الأخرى. ولا بد من أخذ جميع هذه الأمور في الاعتبار وإيجاد حلول مناسبة لها من أجل توفير خيارات أكثر، وتوفير بيئة مريحة تدعم تقدم المرأة وتطورها.
5-ما المهارات والصفات التي تقدمها المرأة لقطاع التكنولوجيا، والتي غالباً ما يتم التغاضي عنها أو التقليل من أهميتها؟
إن الميزة الأفضل والأهم التي تقدمها المرأة لأي قطاع هي التوازن. وكذلك هناك وجهات النظر الجديدة والأساليب البديلة للتعامل مع التحديات، وطرح نهج جديد لحل المشكلات وتقديم رؤية ثاقبة لتطوير منتج ما أو تقديم خدمة أفضل، وهي أمور ستحظى بلا شك بتقدير العملاء.
حين نقول المرأة، فهذا لا يعني مجموعة واحدة متجانسة، نحن جميعاَ مختلفون، ولكل منّا صفاته الخاصة التي تميزه. ومع أن ذلك لا ينطبق فقط على النساء، تتمتع العديد منهن بالذكاء العاطفي الذي يمكن أن يفتح الباب أمام مزيد من القدرات ويساهم في حل المشكلات وطرح حلول مبتكرة وبناء فريق ناجح.
6-برأيك، ما هي أهم العقبات التي تعيق وصول المرأة إلى مناصب أعلى؟ ما الذي يمكن للشركات القيام به لدعم وصول المرأة في المناصب القيادية؟
أنا بطبيعتي شخص متفائل، ولا أفضل استخدام كلمة "عقبات" أو "عوائق". تاريخياً، كان هناك تحيّز ضد المرأة منعها من شغل مناصب قيادية عليا في الماضي، ولا تزال أجزاء كبيرة من عالمنا غير مجهّزة بطريقة تشجع عمل المرأة.
وهنا تقع على عاتق الشركات الكبيرة والصغيرة مسؤولية بناء مستقبل أكثر عدلًا تتاح فيه فرص متكافئة للجميع. وإن التغيير يتطلب غرس هذه الثقافة في صميم استراتيجيات الشركات.
فعلى سبيل المثال، قامت "ماستركارد"، إلى جانب ممارساتها المتعلقة بالتوظيف، بربط جميع مكافآت الموظفين بنجاح مع أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، بما فيها المساواة ، مما يعني بأن كل موظف في "ماستركارد" هو شريك في مسيرة تعزيز التقدم والنمو والازدهار.
7-ما هي التجارب (أو الأسباب) الشخصية التي تحفزك وتدفعك للاهتمام بتمكين المرأة؟
أعتقد بأن ذلك يعود إلى حد كبير إلى يقيني بأن العالم سيكون أفضل بكثير حين تتاح للرجال والنساء فرصٌ متكافئة لتقديم المقترحات والحلول والعمل عليها. ولذلك فإن التزامي بتمكين المرأة ينبع من رغبتي في الوصول إلى نقطة تقربنا من العمل معاً وجمع آراء وقرارات الرجال والنساء في بوتقة واحدة. وأنا سعيدة لأنني أعمل في شركة تسعى لتحقيق الازدهار بفعل الخير، وبناء عالم يعمّ فيه الخير على الجميع في كل مكان.
8-كيف تعملين على تمكين نفسك وتمكين النساء من حولك؟
تقع على عاتقنا كقادة مسؤولية تمكين الناس، ضمن مؤسساتنا وفي المجتمعات التي نخدمها. أما على الصعيد الشخصي، أعتقد بأن هذا هو الجزء الأفضل من عملي في منصبي الحالي في إدارة أعمال التسويق والاتصالات لدى "ماستركارد" في شرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.
يضم فريقنا أكثر من 50 موظفاً من أصحاب الكفاءة العالية يتوزعون في مختلف أرجاء المنطقة، وأبذل جهدي لضمان حصول كل منهم على فرصة متكافئة للنمو والتقدم. وأسعى لتحسين فرص الإرشاد وتقديم الدعم للجميع، لمساعدتهم على تخطي العقبات وتحقيق أهدافهم المهنية، مع الاحتفاء بإنجازاتهم ومواطن القوة لديهم.
وخارج نطاق "ماستركارد"، أنا فخورة بالعمل الذي ننجزه، على مستوى الشركة وإدارة التسويق والاتصالات. وفي سياق جهودنا الرامية لإطلاق العنان لكامل إمكانات الاقتصاد النسائي، نعمل في "ماستركارد" بشكل استباقي لبناء مستقبل أكثر مساواة وعدلًا لجميع، وتمكين المجتمعات والاحتفاء بالتنوع، ونواصل جهودنا من أجل دعم صوت النساء اللواتي يقدن التغيير.