خاص "هي": رحلة بين التقليد والتقدّم بخطوات امرأة إماراتية
بقلم عليا الخفاجي Alia Al Khafajy – المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "أوكتا"OKTA
أنا "عليا الخفاجي" المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "أوكتا"OKTA التي تدير وتوزّع بشكل حصري علامات تجارية متخصصة في الجمال والعافية النظيفين والمراعيَين للبيئة في أنحاء منطقة الخليج. لُقّبتُ حديثا باسم "امرأة الجمال النظيف"، ويقدّمني آخرون مع وصفي بـ"فارسة التحمّل الإماراتية"، فيما أبقى لبعض الأصدقاء والأقارب صاحبة الشخصية المغامرة والأفكار العشوائية، مثل قرار الذهاب فجأة إلى جبل كليمنجارو (والحمد لله وصلتُ إلى قمّته)، أو قرار الانضمام إلى بعثة بيئية إلى القارة القطبية الجنوبية عام 2014. وفي سياق رسمي أكثر، أتولى أيضا إدارة شركتنا العائلية، متعاملة مع ديناميكيات العمل إلى جانب والدي. ولا أحدّثكم عن أدواري بهدف التباهي ولا التفاخر، بل تعبيرا عن امتناني على الفرصة التي حظيتُ بها، وسمحت لي باحتضان أوجه مختلفة من ذاتي: بصفتي امرأة، وامرأة عربية، وامرأة إماراتية خصوصا.
أعتبر نفسي محظوظة بالانتماء إلى عائلة لم تسمح فقط لبناتها بأن تكون لديهن أصواتهن الخاصة، بل شجّعتهن على ذلك أيضا، ودعمت نموّهن الفردي. وقد قدّمت لنا هذا الدعم الكبير حتى في وقت كانت تميل فيه العادات والمعايير المجتمعية نحو المحافظة. منشئة توازنا دقيقا بين الانفتاح والحفاظ على التقاليد الثقافية، نمّت عائلتي بيئة يمكن للمرأة القوية أن تزدهر فيها، وذلك شهادة على التعايش المنسجم بين الحداثة والتقليد في الأسر الإماراتية.
وأرى نفسي محظوظة أيضا بأن أكون قد ترعرعتُ ونشأتُ في فترة انتقالية كبرى رأينا خلالها الإمارات العربية المتحدة تلعب دورا محوريا في رعاية نمو النساء، ولا سيما من خلال التعليم. يعترف وطننا بقدرات النساء وإمكاناتهن، ويعمل بنشاط وفاعلية على دعم مساعيهن الدراسية، الأمر الذي كان وما زال محرّكا رئيسا لتمكين المرأة الإماراتية من سبر أغوار مجالات متنوعة والمساهمة بشكل هادف في مجتمعها، والذي نرى آثاره اليوم بكل وضوح.
بعد ما اختبرته وشاهدته مباشرة داخل الأسر الإماراتية، يمكنني أن أقول بثقة: إن المرأة الإماراتية ليست أبدا مساهمة غير فعّالة، بل هي رائدة وقائدة؛ وإن إدارتي لشركتنا العائلية جنبا إلى جنب مع والدي خير مثال على ذلك. بدورها، تبنّت الأسر الإماراتية الحاكمة أيضا هذا التحوّل، من خلال تقاسم الأدوار والمراكز والمناصب مع أعضائها القياديات. وقد امتدّ هذا النهج الشامل إلى ما بعد حدود العائلة، ليؤثّر في الحكاية الأوسع لأدوار النساء في الوطن.
من أكثر الأشياء التي أقدّرها وأحتفي بها، ارتباطنا الوثيق بهويتنا الإماراتية. صحيح أن معنى هذه الصلة قد يختلف من فرد إلى آخر، ولكن من الآمن أن نقول إننا وعلى الرغم من التغييرات الهائلة التي شهدناها وعشناها واختبرناها، وعلى الرغم من أننا نعيش اليوم في بوتقة تنصهر فيها ثقافات كثيرة، نبقى مرتبطين بجذورنا وثقافتنا وتقاليدنا. ففي ظل احتضان التقدّم وتشجيع التطوّر، حافظت الإمارات على اتّصالها العميق بجذورها الثقافية. وتسلّط الأضواء على النساء الإماراتيات، ومشاركاتهن ومساهماتهن الجوهرية والضرورية لنمو وطننا وتقدّمه. وهذا التوازن الدقيق بين التقليد والتطوّر هو سمة فريدة للمجتمع الإماراتي، وعامل أساسي في إنشاء بيئة حاضنة لتألّق المرأة في سماء النجاح.
لكوننا مجتمعا عربيا شرق أوسطيا ما زال متمسّكا بقيم مشتركة، نلمس الدور الذي يؤدّيه الدعم المجتمعي المحلّي في السماح لنا، نحن النساء الإماراتيات، بشق دروبنا بعيدا عن الأدوار العائلية والمنزلية. دولة الإمارات العربية المتحدة تدرك أن تمكين المرأة من تحقيق نجاح وازدهار حقيقيين، يتطلب أن يكون لها شيء ينتمي إليها خارج أسرتها ومنزلها. بهذه الرعاية، نتيح للنساء أن يصبحن سفيرات، وعضوات مجالس إدارية، وطبيبات، وأستاذات، وفنانات، ومهندسات، ورائدات أعمال، ومبتكرات، وقائدات في مجالات وصناعات متنوعة، مع الاستمرار في أداء أدوار الأم والأخت والابنة والزوجة. وهو ما يجعلنا قادرات على أن نكون نساء بكل ما يعنيه ذلك، ودون أن نشعر بالحاجة إلى تقليد "الرجل" على غرار ما نراه في ثقافات غربية كثيرة.
نعتزّ باحتضان أرض الإمارات العربية المتحدة لمجتمع مزدهر ومتنامٍ من صاحبات الأعمال، والمديرات التنفيذيات في مكاتب عائلية مرموقة، والمبتكرات، والممثلات الكثيرات في مراكز حكومية عليا. المرأة الإماراتية ليست مقيّدة بتوقعات مجتمعية، بل تلقى تشجيعا مهمّا على السعي خلف تحقيق ما هي شغوفة به، والمساهمة في الاقتصاد الإماراتي، والمشاركة الفعّالة في صياغة مستقبل وطنها.
ختاما، إن رحلتي كرائدة أعمال إماراتية هي شهادة على الذهنية الإماراتية التقدّمية، وعلى الدعم الثابت الذي يأتيني من عائلتي. بصفتي امرأة إماراتية، إن خوض مضمار ريادة الأعمال يعني السير على درب يلتقي عنده التقليد بالتقدّم في رقصة متناغمة تسمح لنا بأن نكون أفرادا متعددي الأوجه يتركون بصماتهم على بنية نجاح وطننا. وفيما أواصل العمل على مشاريعي، أضطلع بذلك وكلّي امتنان على الفرص التي فُتحت لي أبوابها لكوني امرأة إماراتية، مدركة أن مسيرتي هي انعكاس لحكاية نساء الإمارات بوجه عامّ.