في يوم المرأة الإماراتية "هي" تلتقي رائدات متميزات.. فاطمة الكعبي: الأثر الإيجابي لبرامج هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة يدفعني للأمام
باتت المرأة الإماراتية عنوانًا أكيدًا للنجاح والتميز في مختلف المجالات، فتمكين المرأة ليس مجرد شعار في الإمارات العربية المتحدة بل واقع ملموس خطِّط له منذ سنوات بمبادرات عديدة أثمرت نتائج مبهرة في ميادين مختلفة. وللاحتفاء بإنجازات المرأة الإماراتية وإيمانًا بقدراتها الكبيرة يحل 28 أغسطس ليشكل موعدًا ثابتًا للتذكير بهذه الثوابت، وبهذه المناسبة تخصص "هي" لقاءات متميزة مع نخبة من الرائدات الإماراتيات لنضيء عليهنّ وعلى مسيرتهنّ الحافلة بالإنجازات.
نلتقي فاطمة الكعبي، مدير أول برامج ضمن قطاع المشاريع الخاصة والشراكات لدى هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، ومعها نستكشف أبرز محطات رحلتها المهنية وصولًا إلى منصبها في كمدير أول للبرامج في هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، وتصوّرها للأدوار المستقبلية للمرأة الإماراتية في مجالات تنمية الطفولة المبكرة والتعليم وغيرها...
كيف يمكنك اختصار ابرز محطات رحلتك المهنية وكيف وصلت إلى منصبك الحالي كمدير أول برامج ضمن قطاع المشاريع الخاصة والشراكات لدى هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة؟
تتصف مسيرتي المهنية بتنوّع المجالات والقطاعات التي عملت بها، ما أكسبني مهاراتٍ ومعارف واسعة تعزز شعوري بالفخر بالفرص المميّزة التي تتوفر أمام المرأة الإماراتية. الخطوة الأولى في مسيرتي المهنية بدأت في مرحلة الدراسة، حيث حصلت على درجة الماجستير في إدارة المشاريع من الجامعة البريطانية في دبي وشهادة البكالوريوس في الموارد البشرية وإدارة الأعمال من كليات التقنية العليا بدأت مسيرتي المهنية عام 2012 بالعمل مع شركة الاتحاد للطيران، حيث عملت فيها لمدة سبعة أعوام ونصف، وتوليّت في البداية مسؤوليات دعم الأعمال المتعلقة بالموارد البشرية في قسم الموارد البشرية وتطوّرت مسيرتي المهنية في شركة الاتحاد للطيران حتى توليت مسؤوليات إدارة المشاريع. انتقلت بعد ذلك للعمل لدى شركة مبادلة للاستثمار، حيث عملت ضمن قطاع خدمات الأعمال وتوليت مهام إدارة مشاريع التخطيط والفعاليات.
وبعد العمل لهذه المدة الطويلة في شركات ربحية، فضّلت استكشاف فرص العمل في المجالات غير الربحية والعمل ضمن جهات حكومية تسعى لتحقيق الرفاه الاجتماعي في إمارة أبوظبي. بدأت المرحلة الثانية من رحلتي هذه مع الأولمبياد الخاص الإماراتي حيث توليت مهام مدير برامج لمدة عام ونصف. اكتسبت خلال هذه الفترة تجارب مهمة من العمل إلى جانب الرياضيين أصحاب الهمم، وتعرّفت على بعض القصص المؤثرة التي أثبتت لي مدى غنى المجتمع الإماراتي بالمواهب المحلية الملهمة.
في عام 2021، انتقلت إلى هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، حيث أتولى منذ ذلك الحين مهام مدير أول برامج ضمن قطاع المشاريع الخاصة والشراكات. وينطوي عملي في الهيئة بشكلٍ رئيسي على إدارة المشاريع، والتي تتطلب خبراتٍ واسعة في مجال التخطيط الاستراتيجي، والابتكار، والتمكين، والإشراف على فرق البرامج والتنسيق مع مختلف أصحاب العلاقة والشركاء لتحقيق الأهداف المحددة للبرامج، حيث أوظف في منصبي الحالي الخبرات الواسعة التي تمكّنت من بنائها منذ اليوم الأول من مسيرتي المهنية.
تعلّمنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ألا نعترف بالمستحيل، وهي الرؤية التي أرست لها قيادتنا الحكيمة في مختلف المشاريع الطموحة التي حققتها الدولة. ومن هنا فإن منهجية تفكيري المهني لا تعترف بالعقبات، بل بالفرص. بالطبع واجهت مع كل انتقالٍ جديد ومهام إضافية في عملي تحدياتٍ فريدة من نوعها، إلا أني كنت أعتبر هذه التحديات فرصةً للتعلّم واكتساب خبرات جديدة وتطوير مهارات وحلول مبتكرة وتوظيف بعض المعارف النظرية بشكلٍ عملي. ولهذا، فإن الانتقال من قطاع الأعمال للقطاع الحكومي أتاح لي آفاقاً واسعة لتحدي نفسي والبرهنة على الإمكانات اللامحدودة التي نمتلكها. وكامرأة إماراتية، أرى بأننا محظوظات بالدعم الكبير والمتواصل الذي توليه لنا قيادتنا الحكيمة، والتي اعترفت بدورنا وأتاحت لنا الفرص الواسعة لاستكشاف مختلف القطاعات. ونرى اليوم العديد من قصص النجاح الملهمة للمرأة الإماراتية، بدءاً من المجالات الإدارية، وصولاً للرياضة والصناعات الثقيلة وحتى قطاع الطيران والفضاء.
الاستراتيجية الأبرز بالنسبة لي، ونصيحتي لكل امرأة إماراتية طموحة، هي التركيز على الأهداف، وعدم الالتفات للتحديات، لأن التحديات أمر مؤقت، يمكننا تجاوزه عبر التركيز على الهدف والتعلّم منه بدلاً من التوقف عنده.
هل هناك أي برامج أو مبادرات حكومية معينة كان لها دور محوري في نموك المهني؟ وكيف ساهمت البيئة الداعمة في أبوظبي والإمارات العربية المتحدة في تحقيق إنجازاتك؟
عملت خلال مسيرتي على العديد من البرامج والمبادرات المهمة، والتي أسهمت برسم ملامح رحلتي المهنية، وهويتي الشخصية. بالنسبة لي، فإن أبرز هذه المشاريع هو برنامج علامة الجودة لبيئة عمل داعمة للوالدين الذي أتولى إدارته حالياً لدى هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة. وتنبع أهمية هذا البرنامج بالنسبة لي من كونه يمسني شخصياً كموظفة، حيث يهدف البرنامج لتكريم شركات القطاع الخاص وشبه الحكومي والقطاع الثالث التي توفّر بيئات العمل الداعمة للوالدين الموظفين لديها. ولهذا، أشعر كل يوم بأني أؤدي رسالةً في عملي، حيث ألعب دوراً وإن كان بسيطاً في تمكين بيئات عملٍ أفضل للوالدين، ما يؤثر إيجاباً بالتالي على حياة الأطفال.
وقد وصّل تأثير البرنامج حتى الآن لأكثر من 148,000 موظفٍ، بما في ذلك 67,000 والد ووالدة لأكثر من 50,000 طفلٍ (و1500 طفل من أصحاب الهمم). معرفتي بهذا الأثر الإيجابي تدفعني لمواصلة العمل لتشجيع المزيد من المؤسسات على تبني ممارسات العمل الداعمة للوالدين، وتحسين جودة حياة الوالدين العاملين، والأطفال، والمجتمع على نطاقٍ أوسع. كموظفة، أعتقد بأن جميع السيدات الإماراتيات محظوظات ببيئة العمل الداعمة، التي تتيح للمرأة فرصة تحقيق ذاتها، والمساهمة في تطوير المجتمع والوطن باعتبارها عنصراً فاعلاً ومؤثراً. هذه الفرص، لم تكن لتتحقق دون الدعم والإيمان الكبير لقيادة دولتنا بالرؤية التي وضعها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.
ما هي تطلعاتك للمستقبل على المستويين الشخصي والمهني داخل هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة؟
بعد عملي في برنامج علامة الجودة لبيئة العمل الداعمة للوالدين، تطوّرت لدي قناعة راسخة بأن التطور الشخصي والمهني ليسا جانبين متناقضين، بل يكملان بعضهما البعض. وانطلاقاً من هذا الإيمان نشجّع المؤسسات على تبني الممارسات الداعمة للوالدين لترجمة هذه الرؤية. باختصار، الأمهات والآباء الناجحون في المنزل هم أفراد منتجون ومؤثرون في العمل، لأنه من خلال تخلصنا من الشعور بالذنب بالتقصير مع أبنائنا، وعند وصولنا لمرحلة الرضا عن كل ما نقدمه لأسرنا، نستطيع التركيز في العمل وتقديم أفضل ما لدينا.
ولهذا، فإن تطلعاتي المهنية والشخصية متشابهة، ويمكنني اختصارها بـِ "الأثر المستدام" سواءً على حياة أبنائي، أو على حياة الأطفال والوالدين العاملين في إمارة أبوظبي ومختلف إمارات الدولة.
كيف تتصورين الأدوار المستقبلية للمرأة الإماراتية في مجالات تنمية الطفولة المبكرة والتعليم وما هي أهمية هذا المجال في بناء المستقبل؟
يشكل قطاع تنمية الطفولة المبكرة حجر الأساس لبناء مجتمع متماسك وصحي في المستقبل. وتؤكد الأبحاث بأن تطوّر دماغ الطفل يكتمل بنحو 90% خلال السنوات الخمس الأولى من عمره، ما يسلّط الضوء على أهمية تواجد الوالدين بشكلٍ دائم خلال هذه المرحلة التأسيسية. ومن وجهة نظر ثقافية ووطنية، فإن الأم الإماراتية هي الأقدر على نقل موروثنا الثقافي الغني لأجيال المستقبل، لنضمن من خلال ذلك بناء جيلٍ يواكب متطلبات العصر ويتمسك في ذات الوقت بقيمه وثقافته المحلية.
ما هي النصيحة التي تقدمينها للشابات الإماراتيات اللاتي يطمحن إلى الحصول على وظائف مؤثرة في مجال التعليم والتنمية في مرحلة الطفولة المبكرة؟
آمني برسالتك الشخصية، وتأكدي من اتفاقها مع رسالة ورؤية المؤسسة التي تعملين لديها. وفي حال اختيارك العمل في مجال تنمية الطفولة المبكرة أو التعليم، تذكري بأن جوهر عملك هو بناء المستقبل، وتطوير أطفال اليوم ليكونوا قادة الغد.
كيف يمكن للجيل القادم من النساء الإماراتيات الاستفادة من الفرص المتاحة لهن وما هي رسالتك لهنّ؟
نصيحتي للشابات الإماراتيات هي التركيز على الإنجازات وعدم التوقف عند التحديات، بل مواجهتها بشجاعة وإيمان بالقدرة على النجاح، والتركيز على التعلّم منها، لنحوّلها بذلك إلى فرص. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، أجد بأننا محظوظات على مختلف المستويات، سواءً من حيث البيئة التنظيمية الممكّنة للمرأة أو تنوّع القطاعات التي يمكننا خوضها والعمل بها، وصولاً إلى البنية الاجتماعية التي ترى المرأة كعنصر فاعل ومؤثرٍ في المنزل وفي مكان العمل على حدٍ سواء.