الدكتورة شذا عبدالغني صباغ تكتب لـ"هي": الشغف بكل الألوان
"لا ليس المنبه!" أجبتها عن سؤالها، هل تقومين بضبط المنبه للاستيقاظ صباحا؟ إن ما يوقظني في كل يوم وفي كل صباح وقبل أن يرن جرس المنبه، هو الشغف.
فشعور الشغف يتولد من الحب، حبنا لأنفسنا وحياتنا وكل من فيها وما فيها. إن حب الذات هو أساس الاستقرار النفسي الذي يغذي الإبداع، والابتكار، والعزيمة، ويعمل محفزا للعبور من خلال التحديات والمثابرة في وجه الصعوبات. ومن هنا يبدأ هذا الثنائي الديناميكي، الشغف وحب الذات، لحياة مليئة بالإشباع والاكتفاء. فمن قال إن حب الذات أنانية، صادق. فمن دون أن نحب أنفسنا لن نستطيع أن نحب غيرنا، ولا أن نقدم أجمل ما فينا وما لدينا. واذكري مضيفة الطيران عندما تعطي إرشادات السلامة، وتطلب أن تلبسي قناع الأكسجين قبل مساعدة غيرك. فهل للأم أغلى من فلذة كبدها؟ ولكن إن لم تساعد نفسها أولا، فهي لن تستطيع مساعدة طفلها، وبذلك تصبح غير قادرة على العطاء.
الحب هو أحد أعمق المشاعر الإنسانية التي تجعل الحياة مليئة بالألوان والمعاني. وحب الذات ليس غرورا أو أنانية، بل إنه يمنحنا الاستقرار، ويسمح لنا بتقدير قيمتنا وإعطاء الأولوية لرفاهيتنا.
عندما نزرع حب الذات، نبني أساسا قويا من تقدير الذات والثقة. هذه القوة الداخلية تتيح لنا متابعة شغفنا بطريقة جريئة، إذ لم نعد نبحث عن التقدير من الآخرين. بدلا من ذلك، نصبح مشجعين لأنفسنا، ندفع أنفسنا لتحمل المخاطر واحتضان التحديات. عندما نحب أنفسنا، نسمح لأنفسنا باستكشاف شغفنا من دون الخوف من الفشل أو الحكم، حيث نعلم أن قيمتنا لا تتأثر بالنجاح أو الفشل. وشعورنا القوي بالشغف يجعلنا أكثر استعدادا للتطور ولتحدي أنفسنا. ويعزز حب الذات من قدرتنا على تحمل الصعوبات التي قد تواجهنا أثناء رحلتنا نحو التطور، ونصبح أكثر قدرة على مواجهة النكسات والتعلم منها، ومن ثم النمو والتطور بصورة مستمرة.
فهذه التركيبة الثلاثية بين الشغف وحب الذات والتطور تعزز من وجودنا وجودة حياتنا لنعيش حياة مليئة بالإبداع، والسعادة، والإنجازات. لذا، علينا تكريس الجهود لتحقيق شغفنا، وممارسة حب الذات، والاستمرار في التطور لنصبح النسخة الفضلى من أنفسنا في كل يوم، وعندها لا أحد سيحتاج إلى المنبه.
