سحر الاستثنائي مع "شابي نوري" Chabi Nouri الرئيس التنفيذي لدى دار “بياجيه” Piaget
حوار: "مي بدر" Mai Badr
على مدى أكثر من 140 عاما، رسّخت دار "بياجيه" Piaget السويسرية العريقة اسمها بين أرقى صانعي المجوهرات والساعات في العالم، بمهاراتها الحرفية النادرة ورؤيتها الجريئة وتصاميمها المبتكرة. من أبرز أيقونات "بياجيه" ساعة "لايملايت غالا" Limelight Gala المميزة بتقوساتها المتميزة وأجزائها اللامتماثلة، وتقدّم الدار هذا العام تشكيلة جديدة من ساعات "لايملايت غالا" المستوحاة من التصميم الأيقوني العائد إلى العصر الذهبي لمجتمع "بياجيه" الذي جمع مشاهير وفنانين وزبائن وأصدقاء للدار في أبهى الحفلات.
كما تحتفل الدار بمعنى أن نكون نساء اليوم مع حملة "نساء استثنائيات" Extraordinary Women التي تشارك فيها عشر نساء متألقات في مجالاتهن من السينما والفن إلى الموسيقى والتصميم، من بينهن بلقيس فتحي، و"أوليفيا باليرمو" و"جيسيكا تشاستين".
لمعرفة المزيد حول عملية ابتكار ساعات "لايملايت غالا" الجديدة والأحجار والتقنيات المستعملة في تنفيذها، إضافة إلى حملة "نساء استثنائيات"، وتجربة التعاون مع موسم "شتاء طنطورة"، تلتقي "هي" "شابي نوري" Chabi Nouri الرئيسة التنفيذية لدار "بياجيه". "شابي نوري" امرأة استثنائية بحد ذاتها تشع طاقة وحيوية وشغفا متفانيا، وتتحدث إلينا بصراحة وعفوية ملهمتين.
ما كان مصدر الإلهام خلف مجموعة “لايملايت غالا” هذا العام؟
مصدر إلهام "لايملايت غالا" ينبع من إرث "بياجيه"، لأنها ساعة صممناها قبل نحو ستين عاما. تصميمها الجميل يعبّر بروعة عن حرف "بياجيه" المختلفة، فيعكس صناعة الساعات الراقية وصناعة المجوهرات في انصهار منسجم بين الاثنين. توقيع الساعة مميز جدا ومختلف، ويتجلى في تقوساتها وقضبانها اللامتماثلة التي تصلها بالسوار. وتحيط بها ماسات وأحجار جميلة، ثم نتممها بسوار أشبه ببشرة ثانية بفضل ملمسه المريح وليونته، أو بالسوار المحفور يدويا. لعل أكثر ما يعجبني فيها شخصيتها القوية والفريدة التي تجعلها أيقونة حقيقية للأنوثة. "لايملايت غالا" تصريح للنساء المستعدات للتعبير عن شخصياتهن وسحرهن، واللواتي يشكلن مصدر إلهامها. لذلك نرى أيضا في القطع الجديدة تصاميم جريئة جدا تعبّر عن هذه القوة.
فن الذهب والألوان
براعة “بياجيه” في العمل مع الذهب واضحة في الساعة الجديدة المصنوعة من الذهب الأبيض. هلا أخبرتنا عن صعوبة ابتكارها والوقت الذي تطلبه تنفيذها؟
حرفة الذهب جزء مندمج في "بياجيه" منذ الخمسينيات، حين بدأ يتبلور المزيج بين صناعة الساعات الراقية والحرف الزخرفية. هكذا بدأنا بإنتاج الكثير من الأساور المحفورة يدويا، والتي صارت توقيعا للدار. ابتكرنا أكثر من مئة تصميم نقش، وما زلنا ننفذ النقش اليدوي داخل الدار، إذ حافظنا على هذه الحرفة ونقلناها من جيل إلى جيل. كثيرون يملكون اليوم ساعات "غالا" من الماضي بالسوار المحفور ذاته، وهو ما يعكس انتقال هذه الساعة كإرث تاريخي في هذه العائلات. يتطلب تنفيذ السوار الواحد اليوم بين ثماني وعشر ساعات، والحرفي الذي يعمل على سوار معين يرافقه من البداية حتى النهاية، لضمان طريقة الحفر ذاتها، وألا يختلف التصميم المنقوش في السوار الواحد. الرسم الذي نحفره اليوم يحمل اسم "بالاس ديكور"، فكل الأسماء تنبع من "غالا"، وكلها مستوحاة فعليا من مجتمع "بياجيه". فكنا نحتفل وقتها باللحظة الرائعة التي يجتمع فيها أصدقاء الدار، ليتشاركوا آراءهم حول الفن والإبداع والفلسفة ومختلف المواضيع الملهمة. كلمة "غالا" أو احتفال تأتي من قلب مجتمع "بياجيه". وزخرفة "بالاس ديكور" أيضا جزء منه، لأن الساعة كانت ترافق النساء إلى أماكن رائعة الجمال وحصرية جدا في ذلك العصر.
ما أكبر تحدٍّ واجهتموه لدى إدخال الألوان إلى الأحجار المرصعة على التصاميم الجديدة؟
بين التصاميم الجديدة، قطع مجوهرات راقية تتميز بخلطات ألوان مدهشة، كما لدينا ساعة جديدة مميزة بتدرج ألوان الياقوت الأزرق. والتحدي الأكبر والأصعب كان إيجاد الألوان الملائمة التي ستتطابق وتتدرج. تصميم الصفير المتدرج يأتي إما مع حزام جلدي أزرق، وإما مع سوار الذهب الأبيض الذي تحدثنا عنه. كما نفتخر هذا العام بإطلاق تصميمين جديدين مع مينا "أفنتورين" Aventurine المميز جدا والآتي من حرفة تاريخية بدأت في مدينة البندقية. اسم التقنية مستوحى من كلمة "أفنتورا" بالإيطالية أي مغامرة. يعكس هذا المينا الجميل جدا سماء ليلية زرقاء مرصعة بالنجوم المتلألئة. نحن سعداء للغاية بإدخال الألوان إلى مجموعة "غالا" الجديدة بطريقة عاطفية أكثر.
إذا، لماذا اخترتم تحديد إنتاج تصميمي “أفنتورين” في 200 و 300 قطعة فقط؟
لأن مصدر إبداعنا لا ينضب. كما نحب أن يشعر زبائننا الاستثنائيون بأنهم جزء من علامة تمنحهم تفردا. لهذا السبب نؤمن بالنسخ المحدودة الإنتاج. لكننا دائما نأتي بأفكار جديدة، مثل تصميم الذهب الوردي والمالاكيت في العام الماضي الذي لاقى نجاحا هائلا. من الجيد أن نغير وأن نعطي فرصا للأشكال والألوان الأخرى. والمؤكد أننا سنستمر في إطلاق نسخ محدودة مختلفة من هذه الساعات.
هل سنرى المزيد من الترصيع الملون على ساعات "بياجيه" في المستقبل؟
نعم، سنستمر في العمل مع ألوان كثيرة في مشاغلنا. إحدى أكثر القطع روعة في التشكيلة التي نكشف النقاب عنها اليوم، ساعة "لايملايت غالا" موحدة الإطار والسوار، حيث يستمر ممسك الوصل بينهما حول الساعة بالحفاظ على التصميم ذاته. هي قطعة مجوهرات رائعة فريدة، مرصعة بأحجار الصفير بقصة “ماركيز”، ومميزة في الوسط بحجر أوبال أسود أسترالي نادر جدا. هذه القطعة برأيي هي التحفة التي تعبر بشكل مثالي عن روح "غالا".
لماذا اخترتم "ماركيز" للماس والصفير في التصاميم الجديدة؟ ما أهمية هذه القصة لدى الدار؟
تستعمل "بياجيه" قصة "ماركيز" منذ فترة طويلة. فكنا فعليا أول من رصع ساعاته بالكثير من الجواهر، وذلك لأننا في الخمسينيات دمجنا مصانع جنيف التي كانت تعمل على الذهب مع مشاغل ترصيع الأحجار ضمن عمل الدار. وجودهما داخل الدار إلى جانب صناعة الساعات الراقية أثمر عن انصهار رائع بين العالمين. وبذلك، لطالما استعملت "بياجيه" الكثير من الأحجار الكريمة على ساعاتها. ونرى في هذه القطع الجديدة كيف تنجح الدار بالجمع بين الساعات والأحجار بشكل رائع. الماسة المقصوصة على شكل "ماركيز" أكثر إشراقا وتألقا من أي قصة أخرى، لأنها تحرر الضوء من جهتي الحجر وفوقه. ويقال: إن قصة “ماركيز” كانت المفضلة لدى “جوزيفين”، لأنها تمثل بالنسبة إليها ابتسامتها.
كيف ترين تجاوب الشرق الأوسط مع ساعات “لايملايت غالا”؟
في الواقع، حين نبتكر هذه القطع، نفكر كثيرا في زبائننا عموما وزبائننا الشرق أوسطيين خصوصا. تحصد هذه القطع نجاحا واهتماما كبيرين في الشرق الأوسط. وما يميزها أيضا أنها ابتكارات تناسب الإطلالات اليومية، كما تلائم المناسبات المميزة والاحتفالات مثل الأعراس. نرى عائلات كثيرة في الشرق الأوسط تملك ساعات من "بياجيه" انتقلت من جيل إلى جيل، و"غالا" هي الساعة المثالية لذلك، لأنها تحتفل باللحظة. هي قطعة خالدة، فلا نرى اليوم أي علامة لمرور الزمن على ساعات صممت قبل ستين عاما. هنا يكمن جمال هذه القطعة التي تتخطى حدود الزمن.
ساعة "لايملايت غالا هاي جولري بلاك أوبال" التي ذكرتها جريئة وغنية الألوان. هلا أخبرتنا المزيد عن قصة ابتكارها والأوبال الأسود المستعمل في المينا؟
تختلف مقاربات العملية الإبداعية استنادا إلى ما نبتكره، فإما أن نبدأ بموضوع وإما بحجر وإما بمجرد فكرة. لهذا التصميم تحديدا، أردنا بلا شك التعبير عن "غالا"، كما أردنا قطعة موحدة تماما يصعب تحديدها بصفتها ساعة أو قطعة مجوهرات. هناك خط رفيع بين العالمين، وهو سبب تصميمنا هذه التحفة التي تدمج تماما بين ساعة وقطعة مجوهرات. ورغبنا أيضا في ابتكار شيء
غني الألوان، لكن إيجاد الأحجار الملونة صعب. استطعنا أن نجد أحجار الصفير والياقوت، وطبعا الأوبال الأسود الذي لا يمكن تخيله لدى رسم التصميم. فلا نعرف خلال مرحلة التصميم إذا كنا سنجد حجرا كهذا. هذه العناصر تتطلب انتظارا حتى نجد الحجر الذي يتطابق مع الباقي ويلهمنا. عملية الابتكار ليست فقط بين يدي المبتكر أو يدي "بياجيه"، بل هي أيضا بين يدي الطبيعة.
نساء “بياجيه” الاستثنائيات
أخبرينا عن حملة "نساء استثنائيات" Extraordinary Women والهدف منها.
العالم مليء باللحظات الاستثنائية والأشخاص الاستثنائيين. حين نقول "استثنائي"، لا نعني أمورا غير موجودة، بل غير عادية. حاولنا في "بياجيه" قدر الإمكان أن نعمل من أجل تمكين النساء في هذه اللحظة، حيث يدور كل شيء حول مساعدة النساء على التمكّن والتعبير عن أنفسهن. كان مشروعا مهما جدا لنا، وشعرنا بأن كل امرأة ملهمة بطريقة ما، وكل امرأة تملك حسا إبداعيا، وأن لدى كل امرأة جزءا جريئا وجزءا قويا. ولا يمكننا التحدث عن النساء على أنهن امرأة واحدة، فلكل امرأة شخصيتها الخاصة وميزاتها وصفاتها، وكل امرأة استثنائية على طريقتها. ندرك في "بياجيه" أننا كلنا نملك شيئا استثنائيا، وأردنا بهذا المشروع أن نتشاركه مع الآخرين. فبالنسبة إلي، مشاركة الاستثنائي مهما كان، وحتى لو كان علة، يعزز الثقة بالنفس، ويبني أساسا متينا للنمو الذاتي، لأنه المختلف والمميز فيك أنت. وكان من الطبيعي والبديهي أن نجمع المشروع بساعات "لايملايت غالا"، التي تشكل تعبيرا واضحا عن التفرد، لكونها قطعة مختلفة واستثنائية
وغير كلاسيكية بتصميمها اللامتماثل. القوة التي تعبر عنها "لايملايت غالا" هي القوة التي تملكها كل امرأة داخل نفسها في مرحلة ما.
اخترتم عشر نساء من جنسيات وقطاعات مختلفة. ما الذي يجمع بينهن؟
لكل منهن جزء استثنائي خاص. واخترنا نساء الحملة أيضا بسبب العلاقات التي تجمعنا بهن، ولأنهن جزء من مجتمع "بياجيه" الحالي. نقدر في "بياجيه" أصالة العلاقة، وتربطنا بمعظمهن علاقات حقيقية لأسباب مختلفة من شراكات ومشاريع. نعمل مع بلقيس فتحي مثلا منذ سنين، وتعاوننا معها طبيعي جدا ويجري بطريقة سلسة. هي امرأة استثنائية بلا شك، ليس فقط بموهبتها، بل أيضا بمقاربتها في مساعدة التطور عبر دعم قضايا متعددة وبذوقها في تنفيذ الأمور بطرق مختلفة. المشترك بين هؤلاء النساء هو الاختلاف، وكونهن بطريقة ما يغيرن قواعد اللعبة في مجالاتهن.
أنت أول رئيسة تنفيذية لعلامة ضمن مجموعة "ريشمون". ما نصيحتك لإلهام النساء اليافعات، بناء على تجربتك المهنية؟
لطالما دفعني فضولي، ولم أخف يوما من اغتنام الفرص. علينا نحن النساء أن ننتهز الفرص الموجودة، وألا ننتظر من الآخرين إعطاءنا الفرص. على الأقل في المسيرة المهنية، لا يوجد سبب يمنع المرأة من أن تكون مناسبة لأي منصب تماما كالرجل. يجب على النساء الإيمان بأنفسهن، والثقة بأنهن يستطعن الإنجاز. من غير الضروري أن تعرفي 200 % من الأمور للحصول على المنصب. مسموح لنا الفشل وارتكاب الأخطاء كأي شخص آخر. وهي الطريقة الوحيدة للتعلم. علينا الاعتماد على أنفسنا للوصول وتحقيق الأهداف. منذ ثلاث أو أربع سنوات، نلمس التغيير الكبير الذي يحصل، فلا وقت أفضل من الآن لتغتنم النساء الفرصة، وليندفعن إلى الأمام. لذلك إن نصيحتي لك هي عدم الخوف من المطالبة ومن السماح لنفسك بالتقدم خطوة.
لا بد أن نسألك عن تعاون "بياجيه" مع "الهيئة الملكية لمحافظة العلا" لموسم "شتاء طنطورة". كيف كانت التجربة؟
قبل كل شيء، أريد القول: إن رحلتي الأخيرة كانت إلى العلا. وأنا محظوظة جدا بأنني استطعت الذهاب إلى العلا، حيث عشت لحظة مؤثرة، وأخذت ذكريات عزيزة من هذا المكان الذي لم أرَ في حياتي شيئا مثله. يلهمني جدا اليوم التفكير في المنطقة والجمال الموجود فيها والجمال الذي ينتظر الاكتشاف. حالما رأيت العلا، شعرت بفخر كبير لأن "بياجيه" الشريك الرسمي لتجربة "شتاء طنطورة" التي تعبر جيدا عن هوية "بياجيه" ومجتمع "بياجيه"، من الناحية التجريبية، وأيضا من ناحية عنصر الطبيعة. فإذا نظرنا إلى قطع "بياجيه" المستوحاة من الطبيعة وطبيعة العلا، نلاحظ تطابقا كبيرا. أسعدنا اكتشاف هذا المكان، ويجب أن نحرص على أن يكتشفه الجميع، ويشعر الكل بما شعرنا به لدى وصولنا. شعرت بحب تام، وأتشوق إلى العودة في العام المقبل. وحين رأيت مينا "أفنتورين" الذي تحدثنا عنه، ذكرني بليلة أمضيتها في العلا، حيث استمتعت برؤية سماء الصحراء المليئة بالنجوم، والتي رأيت فيها شهبا. العلا مثيرة للاهتمام، لأنها جسر كبير بين التقاليد والتراث والتفكير التقدمي. وهذا الجسر برأيي هو تماما ما يعكس هوية الناس في الشرق الأوسط. أعتقد أن لدى نساء الشرق الأوسط طريقة جميلة بمزج التراث والتقاليد بالتفكير التقدمي المنفتح، وهن رائدات، وأول من يتبنى كل جديد. وكل هذه العوامل تنسجم بشكل طبيعي جدا. أتطلع حقا إلى العودة إلى المنطقة، وأفتقد التجربة التي عشتها فيها. أتمنى أن أزورها قريبا بعد انتهاء الأزمة الراهنة. وأتمنى للجميع تمضية شهر رمضان مبارك وروحاني.