عدنان الكاتب محاور المشاهير يحاور العارضة Cindy Bruna في جلسة تصويرية خاصة مع Chaumet
حوار: عدنان الكاتب Adnan AlKateb
يجتاح اسم "سيندي برونا" Cindy Bruna حاليا خشبات عروض أهم الدور العالمية حول عواصم الموضة، فهذه العارضة الفرنسية الشابة التي انطلقت مسيرتها المهنية في بداية العقد الماضي في باريس، باتت القاسم المشترك في عروض الأزياء لأهم وأرقى الدور الشهيرة، وتألقت على صفحات وأغلفة أهم المجلات العالمية، وشاركت في حملات أشهر علامات الأزياء التجارية وعروضها، وحققت نجاحا كبيرا بسرعة فائقة، وأصبحت وجها معروفا ومحبوبا حول العالم مع آلاف المتابعين على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تسخرها لمناصرة قضايا اجتماعية عزيزة على قلبها، مثل القضاء على العنف الأسري. وقد اخترنا هذه الشابة السمراء الطبيعية الجمال، والإيجابية الطاقة، والمتسلحة بسعادة غامرة نادرا ما نراها لدى زميلاتها العارضات، لتكون نجمة غلافنا لهذا العدد ونجمة التصوير الخاص الذي تألقت فيه بمجوهرات الدار الفرنسية العريقة "شوميه".
أخبرينا عنك. من أنت؟ وكيف بدأت مسيرتك المهنية؟
أنا فرنسية، من جذور كونغولية وإيطالية. والدي إيطالي ووالدتي كونغولية، لكنني ولدت في جنوب فرنسا. ترعرعت كفتاة عادية، وأردت أن أعيش حياة عادية. لم أكن أعرف الكثير عن عالم الموضة أو أن عرض الأزياء مهنة حقيقية، وليس مجرد هواية حين اكتشفتني قبل عشرة أعوام "دومينيك سافري" وأنا في سن الخامسة عشرة وعلى وشك الاحتفال بعيدي السادس عشر. سألتني بكل بساطة إذا أردت الذهاب إلى باريس لأكون عارضة، ونصحتني بدخول هذا المجال أو على الأقل المحاولة. أول عمل لي على الإطلاق كان مع "عز الدين علية" في قاعة عرضه. لم أكن أعرف حتى كيف أسير في حذاء عالي الكعب، فأجبرت نفسي على التعلم بعد التوقيع على هذا العمل. اشتريت كعبا عاليا، وحاولت التمرن على مشيتي لأسير كعارضة الأزياء. هذه كانت تجربتي الأولى في مهنة عرض الأزياء، وحدثت خلال إجازتي إذ كنت حينها لا أزال تلميذة في المدرسة، ووالدتي أرادت أن أنجح في امتحانات فرع الاجتماع والاقتصاد في سن الثامنة عشرة، قبل الانتقال إلى باريس إذا أردت ذلك. هكذا كانت تسمح لي بالذهاب إلى باريس في العطلة، وبالانتقال الفعلي إلى باريس بعد انتهائي من المدرسة. وفور انتقالي إلى العاصمة، بدأت أدخل العالم بشكل حقيقي. أول أسبوع موضة شاركت فيه كان أسبوع الموضة في نيويورك خلال سبتمبر، حيث مشيت حصريا على خشبة "كالفن كلاين". وبعد شهر فقط، وقعت عقدا حصريا مع المصور "ستيفن ميزل" لستة أشهر، فصورت معه حملة دار "برادا" وأول غلاف لي مع مجلة "فوغ إيطاليا" وجلسات تصوير كثيرة. هكذا فتحت لي دار "كالفين كلاين" نافذة كبيرة على عالم الموضة، و"ستيفن ميزل" ساعدني أيضا. وفي نوفمبر من ذلك العام، حصلت على دور في عرض "فيكتوريا سيكرت". جرى كل شيء بسرعة فائقة، وواصلت بعد ذلك تصوير الجلسات والحملات والمشاركة في العروض.
كيف كانت تجربتك حتى الآن في هذه المهنة؟ وماذا تعلمت خلال السنوات الأخيرة؟
مهما حققت من نجاح، فلن أنسى يوما من أنا ومن أريد أن أكون، فأحيانا قد نضيع أنفسنا. ولعل أهم شيء أدركته هو أنه لا معنى لنجاحنا مهما كان كبيرا إذا لم نتشاركه مع الآخرين. في هذه المهنة، نسافر بمفردنا معظم الوقت، وعلى الرغم من أننا نعمل مع أشخاص رائعين، قد لا يكون معنا دائما أشخاص نشاركهم نجاحنا. حتى لو أنني مثلا في فندق خمس نجوم، ما زلت وحدي في غرفتي. أعمل وأسافر وأنا بعيدة أن عائلتي، والأمر صعب أحيانا. لكنني سعيدة بعملي مع فريق رائع منذ سنين، وأشاركه سعادتي وحياتي المهنية.
تعلمت الكثير عن هذه المهنة، بعد لقائي الكثير من الملهمين الرائعين الذين أقدرهم كثيرا، مثل المصممين والمصورين. لم أكن أعرف في الماضي أن العاملين في هذا القطاع موهوبون إلى هذا الحد. ووجودي في هذا القطاع جعلني أدرك أهميته وأرى الطريقة التي يعكس بها العالم والمجتمع، خصوصا مع التنوع الموجود اليوم في المجلات والعروض والحملات التي صارت شاملة أكثر. فنشهد تنوعا أكبر في البشرات والأعراق والجمال. هذا ما أعشقه، أهم شيء هو احتفالنا بالنساء.
هل تجمعك بزميلاتك العارضات علاقات جيدة؟ وهل أحسست بأي غيرة منهن في بدايتك؟
لم أشعر بأي غيرة وقتها. كنت بريئة جدا حين انطلقت في هذه المهنة، إلى درجة أنني لم أكن أرى الجانب السيئ منها. بنيت صداقات رائعة مع عارضات ما زلن صديقاتي بعد ست سنوات. وهذا مهم جدا، فقد نشعر بالوحدة أحيانا خلال السفر خصوصا في مدينة كبيرة مثل نيويورك، ولدي أصدقاء رائعون حقا أشعر بدعمهم، وأستطيع الاعتماد عليهم وطلب المساعدة منهم. على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، يمكنني أن أرى من يتابعني لأنني عارضة، ومن أهمّه كإنسان. فأحاول أن أشارك قدر الإمكان لحظات من حياتي الحقيقية خارج مهنتي، أي عائلتي وهواياتي، مثل ألعاب الفيديو التي أحبها كثيرا.
يبدو كأن هناك طفلة صغيرة في داخلك..
تستوقفني وتبتسم وتجيب: نعم، أريد أن أكون طفلة إلى الأبد. لا أريد أن أكبر. نمارس مهنة جدية أحيانا، لكنني لا أريد أخذها على محمل الجد، ففي النهاية نحن نأخذ الصور ونتسلى ونشارك الناس أزياء رائعة. نشعر بأن بعض من يعمل في عرض الأزياء كئيب أو حزين، وهو ما ينعكس خارجا عبر طاقة سلبية. أرغب أحيانا في أن أنصحهم بالاسترخاء لأننا محظوظون جدا بما نفعله، فما من سبب لأن نكون متوترين أو مذعورين.
معروف عن هذه المهنة إمكانية تأثيرها السلبي في سعادة العارضات. فتمتنع كثيرات عن تناول ما يعجبهن من طعام، وقد يشعرن بالذنب عند تناول الشوكولاته مثلا.
نعم هذا صحيح. لم أواجه هذه المشكلة يوما، لأنني لطالما كنت نحيفة. أعيش بتوازن. أمارس الرياضة، وأتناول كل ما أريده من طعام. أنا محظوظة بذلك وأعرف أنه لا ينطبق على الجميع.
كيف تعتنين بصحتك ورشاقتك؟ هل تتبعين نظاما رياضيا صارما؟
أمارس الكثير من الرياضة وأستمتع بها. وأتعاون مع مدرب شخصي في باريس وفي نيويورك، حيث أحاول التدرب على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع، لأنني لا أتمرن عادة حين أكون بمفردي. وأمارس تمارين اللياقة فأدرب عضلات جسمي فقط، مع بعض الأثقال الخفيفة أحيانا. أكره التمارين الهوائية أو الكارديو فلا أمارسها. تماريني المفضلة هي الاندفاع والقرفصاء وعضلات البطن، وأركز على الساقين ونحتهما. كما أحب البيلاتس كثيرا.
ماذا عن كرة القدم؟ نرى على مواقع التواصل الاجتماعي أن لديك صداقات كثيرة مع بعض أشهر اللاعبين؟
أعشق كرة القدم، وأفتخر كثيرا بأن فرنسا فازت بكأس العالم الأخير. كنت في روسيا للمبارتين الأخيرتين لأدعم منتخبنا الوطني وأراه يفوز. شقيقتي متزوجة من لاعب كرة قدم محترف، وهكذا دخلت إلى هذا العالم، وأصبحت مهتمة به.
بالنسبة إلى التعليم، هل تخططين لمتابعة الدراسة؟
أحيانا أشعر بأنني مشتاقة إلى الدراسة. لكن السفر والتعرف إلى العديد من الأشخاص الأقوياء والمؤثرين والمبدعين والعباقرة جعلاني أكبر وأنمو خارج مقاعد الدراسة. أتعلم اللغة الإنجليزية مثلا بفضل عملي. وتعلمت خلال سبع سنوات من مسيرتي المهنية أكثر بكثير مما قد نكتسبه من الكتب، إلا إذا أردت اختيار تخصص محدد مثل المحاماة، حيث تكون الجامعة ضرورية. أعتقد أنني أستطيع فعل كل ما أريد فعله بعد عرض الأزياء من دون العودة إلى مقاعد الدراسة، لأنني أريد أن أسلك درب الموضة أو الفن.
ما أفضل نصيحة أُسديت إليك؟
هناك نصيحة من والدي أتذكرها دائما، وهي أن أكون لطيفة مع الجميع، من دون التفكير في المنفعة الشخصية، لأنه لا أحد أقل أهمية أو أكثر أهمية مني. كلنا متساوون. لذلك يجب أن نعامل الآخرين بالطريقة التي نحب أن يعاملوننا بها. أكره رؤية أي معاملة سيئة أو تكبر من شخص يرى نفسه أهم من شخص آخر يخدمه مثلا. علمني والدي أن أكون طيبة مع الجميع وأن أعاملهم بطريقة جيدة مهما كانت مهنتهم. كما علمني والدي أن أقرأ أي عقد عمل بذكاء وتركيز، وبالانتباه إلى كل التفاصيل، ثم الاختيار الصحيح. وأنا أنصح قارئة "هي" بأن تكون نفسها بكل بساطة وألا تخسر ذاتها.
لنتحدث عن روتينك اليومي. ما أول ما تقومين به حين تستيقظين؟
إنه أمر سيئ جدا: أنظر إلى هاتفي! أحاول أن أتفادى الأمر قدر الإمكان. ثم أبدأ نهاري بوجبة فطور جيدة، وأسترخي وأتصل بعائلتي. حين أكون في نيويورك، اختلاف التوقيت مثالي، فأتصل بعائلتي عبر "فيس تايم" وأرى ابن شقيقتي، وهذه هي أسعد لحظات صباحي، فأنا قريبة جدا من والدتي وشقيقتي أيضا وابنها. قلب والدتي هو الأطيب. تعلمت منها كل شيء، ولطالما علمتني أن أصلي.
ما الجمال بالنسبة إليك؟
الثقة بالنفس. المرأة الجميلة هي التي تتحلى بثقة كبيرة، ولا أقصد طبعا التكبر أو الغطرسة. الثقة هي كل الجمال. من حبنا لنفسنا، تنبع طاقة تنعكس على مظهرنا الخارجي. أحيانا لا أكون مرتاحة مع نفسي، ويستطيع من يراني أن يشعر بذلك. لكن حين نشعر بالثقة في إطلالة جميلة أو متألقة أو حتى في بيجاما بسيطة، نبدو في أبهى حلة.
ما صفات رجل أحلامك؟
زوجي المستقبلي يجب أن يكون صادقا ومخلصا. وعليه أن يحب العائلة، لأنني قريبة جدا من عائلتي، وأن يكون مضحكا ومرحا لأنني أعشق الضحك.
هل تصغين إلى والديك إذا رفضوا رجلا اخترته، أم تتبعين قلبك؟
أعتقد أن والديّ سيحترمون دائما اختياري ورغبتي، حتى لو لم يحبوا الشخص. وما أرغب فيه هو إيجاد شخص يحبني لمن أنا من الداخل، وليس فقط لأنني عارضة أزياء.
وإذا اشترط عليك أن تتوقفي عن عرض الأزياء، فماذا تفعلين؟
لن أبقى معه، لأن ذلك يعني أن هذا الشخص لا يقبلني تماما كما أنا. وأنا لا أقبل بذلك. من يحبني حقا، يدفعني إلى النجاح وإلى الأفضل. إذا كان من تحبه سعيدا، تكون أنت أيضا سعيدا. يجب ألا يكون الحب مشروطا وألا يقيدك. وعليك أن تكون مع تحب على حقيقتك تماما، وإلا فأنت تكذب على نفسك وعلى شريكك.
أخيرا.. بِمَ تحلمين؟
أحقق حاليا الكثير من أحلامي الآن. وقد وقعت أخيرا عقدا مع "لوريال" وكان إنجازا كبيرا، ومن أكبر أحلامي. وأحلم اليوم بأن أستمر في النجاح وفي فعل الخير، وأن أكون سعيدة مع ذاتي دائما.