مجوهرات راقية في مجموعة مستوحاة من تاريخها العريق.. Boucheron تجدد أسلوب "آرت دكو"
في يناير العام الماضي، أضافت دار "بوشرون" Boucheron تاريخا جديدا إلى جدول إطلاق مجموعات المجوهرات الراقية عندما كشفت عن مجموعة مستوحاة من تراثها، كان موضوعها عقد علامة الاستفهام الذي ابتكره مؤسس الدار عام 1879 . وهكذا ولدت مجموعات "إيستوار دو ستيل" Histoire de Style التي تروي قصصا إبداعية، وتستكشف أنماطا مختلفة وعصرية مستوحاة من أرشيفاتها الغنية. تختلف هذه المجموعات عن تلك التي تكشف عنها الدار خلال أسبوع الهوت كوتور في يوليو من كل عام، كونها تركز على الابتكار لإنتاج مجوهرات شاعرية راقية، بينما تضع "إيستوار دو ستيل" Histoire de Style الأسلوب أساسا للمجموعة. وتمحورت مجموعة هذا العام، التي حملت عنوان "إيستوار دو ستيل، آرت دكو" Histoire de Style, Art Deco ، حول أسلوب آرت دكو، ففسرته الدار بثلاثة وعشرين قطعة مجوهرات راقية عصرية، برز في معظمها قابليتها للتعديل وأسلوبها الذي يناسب المرأة والرجل في آن واحد. وكان ل"هي" لقاء مع "كلير شوازن"، المديرة الإبداعية لدار "بوشرون" Boucheron التي حدثتنا عن الفكرة وراء مجموعات التراث، وكشفت لنا أبعاد تصميم المجموعة الجديدة و"الوصفة" التي اتبعتها في تصميم قطعها الفريدة. فكان لنا الحوار التالي..
ما الفكرة وراء مجموعات التراث؟
عندما بدأت العمل في دار "بوشرون" Boucheron ، منذ نحو عشر سنوات، سعيت للاطلاع على أرشيفات الدار، فقد كان من المهم جدا بالنسبة لي معرفة تاريخ الدار ومشاهدة ما أنتج في الماضي. وسرعان ما توضح لي الكمية والنوعية الهائلة لما يحويه الأرشيف. وبدلا من التركيز على قطع معينة، كان من المهم محاولة فهم فلسفة "فريدريك بوشرون" مؤسس الدار وما كان يهدف إليه في ذلك الوقت. استنتجت أن فلسفة الدار ومؤسسها تدور حول حرية الإبداع، لأنه كان حرا وجريئا فيما قدم، سواء في ابتكار تقنيات جديدة أو استخدام مواد جديدة أدخلها إلى عالم المجوهرات الراقية. أضرب على سبيل المثال مزجه الكريستال الصخري مع الماس، الأمر الذي كان خطوة جريئة، لأن الكريستال الصخري لم يكن حجرا ثمينا. أما من التقنيات، فنذكر مثلا عقد علامة الاستفهام، الذي كان موضوع مجموعة العام الماضي. وقد أراد "فريدريك بوشرون" أن يمنح المرأة الحرية في التزين بقطعه، ولذا وبهذه الفلسفة أحاول إنشاء قطع جديدة مستوحاة من الماضي، لكنها لا تنسخه.
لماذا اخترت أسلوب آرت دكو موضوعا لمجموعة هذا العام؟
قد يكون السبب الأول هو حبنا لهذا الأسلوب الفني، فرغبت أن أقدم رؤية جديدة لفترة آرت دكو. وهو أفضل مثال على الأسلوب القادر على البقاء عبر الزمن، فلو نظرت إلى بعض القطع من الأرشيف لوجدت أنه بإمكانك التزين بها اليوم، فتبدو معاصرة دون إجراء أي تعديل على تصميمها. كما أن هذا الأسلوب مثال جيد لإظهار أنه إذا صمم بشكل جيد، فإنه سيبقى مرغوبا وحديثا لفترة طويلة. وأخيرا اخترناه لأن "لويس بوشرون"، إبن المؤسس، اشتهر بهذا الأسلوب، وقد فاز بجميع الجوائز في "المعرض الدولي للزخرفة والفنون الحديثة" عام 1925 (والذي يعد بداية اشتهار حركة آرت دكو الفنية).
أي عناصر أسلوب أرت دكو تعكس هذه المجموعة؟
عندما استكشفت الأرشيفات، وجدت الكثير من القطع التي تعود إلى تلك الفترة. وفوجئت بأنه لم تكن هناك طريقة وحيدة لتصميم قطع بأسلوب آرت دكو. ولم يكن هدفي في هذه المجموعة أن أقدم عملا يشمل جميع نواحي هذا الأسلوب، بل كان طموحي أن أقدم مجموعة متسقة. ولذلك اخترت القطع التي آثرتها وتلك التي بدت كأنها حديثة اليوم. ثم حاولت تحليل أسباب اختياري تلك القطع دون غيرها، وتوصلت إلى وصفة مكونة من ثلاثة عناصر لتأسيس هذه المجموعة الجديدة. كان أولها عنصر التناقض، فجميع القطع غنية جدا، لكنها أيضا نقية وتصميمها يتميز بالخطوط الحادة. أما العنصر الثاني، فكان الألوان، حيث إن جميع القطع في أساسها تجمع بين اللون الأبيض واللون الأسود، وقد رصع بعضها بالأحجار الكريمة مثل الياقوت والزمرد والصفير. لكنني قررت أن أركز على الزمرد الذي يستحضر حقبة آرت دكو. أما العنصر الأخير، فكان شعورا غريبا بعض الشيء، فإذا نظرت إلى القطع يمكن أن تشعري بأن هناك شيئا أنثويا حقا في التصميم، ولكن فيه أيضا عنصر ذكوري. وهذا أمر غريب، لأن التصميم عادة يبدو إما ذكوريا أو أنثويا، وليس مزيجا من الاثنين معا. ومع هذه العناصر الثلاثة توصلت إلى الوصفة المثالية لتصميم قطع المجموعة الجديدة. وقد استخدمناها في تعديل بعض القطع من الأرشيف، واعتمدناها أيضا لابتكار تصاميم جديدة تماما. ولذا فإن نحو نصف قطع المجموعة مستوحاة من روح الأرشيف، ولكن ليس من قطع فعلية.
تأخذ جميع قطع المجموعة اسمها من عالم الكوتور، وهو مصدر إلهام مهم آخر لدار "بوشرون" Boucheron . هل يعني ذلك أن كل القطع لها صلة أيضا بعالم الأزياء الراقية؟
نعم، بالتأكيد. وفي الواقع عملنا مرتين على هذه المجموعة. فقد صممنا المجموعة أولا، واستخدمنا فكرة خزانة ملابس الرجل، من ربطات العنق وما إلى ذلك. ثم عملنا على أسماء القطع وعبرنا من خلالها عن فكرة "تاريخ أسلوب". وكان من الواضح أن تسمية القطع بأسماء من عالم الكوتور سيعطي المجموعة تماسكا فضلا عن التأثير البصري.
عندما وصفتِ قطع المجموعة تحدثتِ عن نقاء التصميم. حدثينا عن قطعة استلهمتِها مباشرة من الأرشيف، وكيف غيرتِ في تصميمها.
أضرب لك مثلا قطعة "روبان ديامان" Ruban Diamants التي استلهمتها من إسوار صغير من الأرشيف. أحببت الإسوار وتصميمه، لكنني شعرت بأنه لم يكن قويا بما فيه الكفاية. لذلك احتفظنا بالنمط ولم نغيره، وإنما عملنا على تطوير أساليب مختلفة لتعديل القطعة وتحويلها إلى قطع مختلفة. فأنشأنا شريطا طويلا مرصعا بالماس وليس مجرد إسوار ضيق. ثم فكرنا بالأساليب المختلفة التي يمكن من خلالها التزين بهذا الشريط، وهكذا توصلنا إلى فكرة تحويله إلى حزام، أو عصابة شعر أو قلادة ضيقة أو إسوارتين.
ركزتم في المجموعة على عنصر التحول وتعدد الاستعمال، ولفتني خاصة عقد "لافاليير ديامان" Lavallière Diamants ، فهل تحدثينا عنه؟
إن "لافاليير ديامان" Lavallière Diamants هي القطعة المفضلة عندي. إذا تزينت المرأة بها كاملة فستظهر بالغة الأنوثة. ولو نزع عنها الجزء المركزي ليتزين به الرجل لظهر بشكل مميز ورجولي للغاية. لذلك وبفضل القدرة على تحويل القطعة، يمكن أن تضفي القطعة أناقة على الرجل والمرأة في آن واحد. مع العلم بأن تحويلها أمر بالغ البساطة، فيمكن أن يركب الجزء المركزي على آلية البروش، وفي الوقت نفسه تركب حجرة عقيق يماني على العقد لتتزين به المرأة بشكله المختلف.
من اللافت أن هذه المجموعة موجهة للجنسين. هلّ حدثتِنا ل عن هذا التوجه في التصميم، وهل اخترتِه لتعكسي ما يعتبره البعض (إلى جانب التضاد بين الأبيض والأسود وبين البسيط والفاخر) من صميم أسلوب آرت دكو؟
قد يكون هذا التوجه من أكثر نواحي المجموعة إثارة بالنسبة لي، خاصة أنه كان نوعا من الحدس في بداية الأمر. فمع مجموعة "كونتمبليشن" Contemplation في العام الماضي، أغرمت بالصورة التي تزين بها الرجل بقطعة "فليش دو تان" Fleche du Temps ، وأحسست بأن التصميم بدا أقوى، وشعرت بأن القطعة تناسب الجنسين. نحن عادة عندما ننتهي من العمل على التصميم، نستخدم برنامج "فوتو شوب" لتصور كيف ستظهر القطع وأفضل أساليب تنسيقها، وذلك من خلال وضعها على صور نساء. إنما هذه المرة استخدمنا صور رجال أيضا، وتوضح أن قطع المجموعة الجديدة تناسب الجنسين بشكل باهر. وهكذا قررنا تصوير القطع على الجنسين، وقد كانت النتيجة رائعة حقا. واخترنا لها الأزياء العصرية من تصميم "سان لوران" Saint Laurent ، فكانت من الليتكس الأسود اللامع والمطفي، وتصورنا فيها أسلوب آرت دكو العصري الحديث. كما أشير إلى أننا صممنا في السنوات الأخيرة بعض المجوهرات الرفيعة التي تناسب المرأة والرجل في آن معا، مثل مجموعة "كاتر" Quatre ، ومجموعة "جاك دو بوشرون" Jack de Boucheron التي أطلقناها منذ عامين.
نالت دار "بوشرون" Boucheron الجوائز الكبرى في "المعرض الدولي للزخرفة والفنون الحديثة" عام 1925 . هل استلهمتم أيا من قطع المجموعة مباشرة من أحد التصاميم التي عرضت في ذلك المعرض؟
عندما اخترت القطع من الأرشيف، لم أعرف إن كانت أي منها فازت بإحدى الجوائز أو عرضت في المعرض. لكنني اكتشفت فيما بعد أن القطعة التي استوحي منها تصميم عقد "لافاليير ديامان" Lavallière Diamants نالت أحد جوائز "المعرض الدولي للزخرفة والفنون الحديثة" عام 1925 . وقد كانت تلك القطعة مصممة على شكل بروش صغير، وهي ليست بعيدة بتصميمها عما توصلنا إليه في التصميم الجديد.
هل استوحيتم عقد "بلاستيرون إميرود" Plasteron Emeraudes الفخم المرصع بأكثر من ألف قيراط من خرز الزمرد، من قطعة صنعتها الدار لمهراجا باتيالا؟
استوحينا مفهوم القلادة وفكرة الترصيع بخرز الزمرد من ابتكار أنشأناه لمهراجا باتيالا عام 1928 . لكن التصميم ليس مستوحى من الماضي. فقد أعدنا تصميم المشبك بالكامل، كما أن إمكانية تحويل العقد والتزين بالقطعة الخلفية كإسوار هي فكرة جديدة مبتكرة. والعقد مرصع بنحو 1072 قيراطا من خرز الزمرد الزامبي، وكان العثور على هذا الكم من الأحجار بهذه الدرجة الرفيعة من الجودة واللون والنقاء هو التحدي الأكبر في صياغته.
أي قطعة شكلت التحدي الأصعب بالنسبة لكم؟
كان التحدي تقنيا في مجموعة "كونتمبليشن" Contemplation التي قدمناها في يوليو العام الماضي. أما في هذه المجموعة، فكانت التحديات مختلفة، إذ إن صياغتها تعتمد أساسا على الحرف والتقنيات التقليدية التي يتقنها حرفيو الدار الخبراء. وكانت التحديات في اقتراح وابتكار أساليب جديدة نقدم فيها فرصة تعديل القطع للتزين بها بأشكال مختلفة. نحن نصنع القطع القابلة للتحول منذ زمن طويل، وكانت في الماضي تحتاج إلى بعض الأدوات الصغيرة لتعديلها. وأنا متأكدة أن النساء، أو الرجال، وجدوا أن العملية معقدة للغاية. وقد استغرق الحرفيون وقتا طويلا عند العمل على هذه المجموعة لابتكار أساليب تعديل بسيطة للغاية وسهلة الاستعمال. أذكر على سبيل المثال قطعة "روبان ديامان" Ruban Diamants ، التي تحدثنا عنها مسبقا، والتي يمكن أن تتحول إلى عقد ضيق، أو إسوارتين أو حزام أو عصابة رأس بكل سهولة. فلا تحتاج سوى نقرتين على الشريط الماسي لتركيبه على حزام أو على عصابة رأس، ونستخدم فيها آلية تغيير حزام ساعة "روفليه" Reflet نفسها. وما يميز جميع القطع القابلة للتحول هو أنها قوية التصميم في جميع أشكالها.
يدخل الكريستال الصخري في الكثير من إبداعات الدار. فكيف استخدمتوه في إنتاج هذه المجموعة؟
لقد كان الكريستال الصخري اختيارا واضحا للمجموعة التي تعالج أسلوب آرت دكو. وقد استخدمناه بشكل أساسي في قطعتين رئيسيتين، وإنما بأسلوب مختلف في كليهما. أولهما خاتم "شوفاليير" Chevalière الذي رغبت في تصميمه بحجم كبير وجريء. ولو أننا أقدمنا على ترصيعه بالماس فقط لجاءت النتيجة مبالغة وغير أنيقة. فقررنا أن نركب حجر الزمرد على الكريستال الصخري الذي حفرناه بخطوط ناعمة، ورصعنا الخاتم بالماس تحت الكريستال الصخري. فجاءت النتيجة خاتما كبيرا يتمتع بالشفافية. أما القطعة الثانية، فهي عقد "كول إميرود" Col Emeraudes وقد استخدمنا الكريستال الصخري فيه كي يبدو الزمرد وكأنه يطفو عليه، وهو يضفي لمسة من الحداثة والخفة على التصميم. وأعتقد أن هذا العقد هو أكثر قطع المجموعة عصرية وحداثة. واخترنا أن نرصع الزمرد بشكل أفقي، بدلا من الأسلوب العمودي التقليدي. وعملنا على تصميم العقد بأسلوب عصري ليأخذ شكل القبة V. وهذا جزء من حداثة هذا العقد الذي يأخذه من الأرشيف، ويرفعه إلى المستقبل.