قصص ثمينة... تاريخ الخواتم منذ ولادتها حتى يومنا هذا
تعود أصول الخاتم إلى ماضٍ بعيد، وهي متجذرة في المعنى الحرفي والتاريخي "للدائرة". منذ العصور القديمة، وجد الخاتم كشريط معدني رفيع حول الإصبع.بشكلها الدائريّ المميز الذي حمل معاني الأبدية والارتباط العميق بالحياة على الأرض، حملت هذه القطعة قيمًا كثيرة. من طقوس أجدادنا وعاداتهم، وصولًا إلىوظيفته الحديثة كعنصر زيني بحت لدى ماركات الأزياء، إليك التاريخ الكامل للخاتم.
الخاتم عنصر زيني ذو أهمية كبيرة متعددة الأوجه، فهورمزللقوة ودلالة للحب بالإضافة إلى كونه ختمًا وتميمة وغرضًا ثمينًايدل على الثروة والمكانة. تعتمد قيمته الجوهرية على موادهوعلى البراعة الفنية وإبداع التصميم اللذين صاغاه؛ ويجسد الرمزية الجوهرية"للحلقة" وهيشكل هندسي لا يمكن الطرح منه أو الإضافةإليه دون تغيير تناسقه المتماثل. يركز خطه المغلق بدون بداية أو نهاية في جوهره على حس الكمال وفكرة التكرار الأبدي، كما في رمز الأوربوروس، الثعبان الذي يعض ذيله ويرمز إلى الطاقة الكونية المستهلكة والمتجددة إلى اللانهاية بالإضافة إلى الطبيعة الدورية لكل شيء.
معاني الخاتم في العصور التاريخية
كما يعد رمزًاللقوة والسيطرة والمكانة الاجتماعية، ففي العصور التاريخية وضع الملوك والشخصيات الدينية خواتم للتعبير عن نفوذهم. كان الأبطال والمحاربون والفرسان والملوك والغزاة أول من وضع المجوهرات التي كانت في معظم الأحيانمن غنائم الحروبأو مصاغة على أيدي الحدادينلتكريم انتصاراتهم. في كل تراث وثقافة، أساطير وحكايات وروايات مختلفة تدور حول الخاتم؛ ومن أبرزها، القصة التي رواها المؤرخ الروماني "بلينيوس الأكبر" الذي قال إن اختراع خاتم الإصبع متجذر في الأسطورة اليونانية عن بروميثيوس الذي قيّده زيوس في صخرة ليعاقبه لسرقة النار الإلهية، قبل أن يطلق سراحه ويجبره علىوضع خاتم مرصع بقطعة منتلك الصخرة كرمز للعقاب وخضوعه لزيوس.
بدأت السمة الزينية للخواتم تظهر في العصر البرونزي، عندما كانت مجرد دائرة معدنية رفيعة تزين أصابع اليد. وبالفعل أصبحت عملية التصنيع في الحضارة اليونانية الموكيانية على جزيرة كريتأكثر دقة، وصارت الخواتم تعتبر أشياء ثمينة بدلًا من حصرها برمز للقوة. من مصر القديمة، تأتي قطع أثرية متنوعة وآثار خواتم الفراعنة المنقوشة بالصور والرموز. كما هو الحالأيضًا في العالم اليوناني القديم، حيث تم استخدام الخاتم الذ يحمل ختمًا على نطاق واسع من أصحابالمناصب الرسمية لتثبيت توقيعهم الخاص.
أما في الحضارة الرومانية القديمة،فحمل الخاتم صفات الثروة والنبالة أو الوفاء والوحدة، اعتمادًا على اليد والإصبع. فإذا وضععلى إصبع الخاتم في اليد اليسرى، رمز إلى وعد الحبأو الإخلاص الزوجي، أما في غير ذلك الموضعفكان رمزًا للمكانة الاجتماعية أو إكسسوار تزيين فقط. وفي الواقع، كان يُعتقد أن وريد الحب يمر في إصبع الخاتم على اليد اليسرىليصل مباشرة إلى القلب، ومن هنا جاءت القيمة الرومانسية لهذه الجوهرة كدليل على الارتباط العاطفي. في حين شهدت تقاليد العصور الوسطى وعصر النهضة انتشارًا واسعًا للخواتم كرمز للوضع والتأثير الاجتماعيين. وبدأ وقتها تقليدمنح الحكّام خواتم إلى النبلاء كدليل على الولاء بين العاهل ورعاياه.وحتى يومنا هذا، يحتفظ الخاتم بكل المعاني المتعلقة بتاريخه ونشأته. ولا يزال يستخدم كخاتم زواجليشهد على الرابط بين شخصينقطعا وعدًاأبديًا. كما يمكنه أن يكونإكسسوارًا أنيقًانفيسًا أو تعبيرًا عن مكانةاجتماعية أو مؤشرًا على الانتماء إلى مجموعة معينة.
تطور ملحوظ لأشكال الخواتم
أتاح تطور صياغة الذهب مساحة لظهور العديد من المواد والأشكال مختلفة، وهو ما أثمر في أحيان كثيرة أعمالًا فنية حقيقية. ومنذ القرن السابع عشر، ومع ظهور الشركات والعلامات التجارية المتخصصة في صناعة الخواتم،أصبحت هذه المجوهرات تعبيرًا عن إتقان تقني وجمالي، وقطعًا رفيعة القيمة بفضل فرادتها الناتجة عن عمليات البناء الفنية والحلول التقنية المذهلة التي انتقلت تقاليدها عبر الأجيال من حرفيي صياغة الذهب.على سبيل المثال، إن إحدى دور المجوهرات الأكثر شهرة اليومهي"ميليريوديتس ميلر" MellerioDitsMeller، وهي في الواقع من الأقدم في العالم. بدأ عملها في "فرساي" قبل أكثر من 400 عام، ومنذ ذلك الحين اكتسبت الشركة شهرة في جميع أنحاء أوروبا كرمز للجودة العالية والفخامة، كما كانت الملكة الفرنسية "ماري أنطوانيت" من عشاق تصاميمها النفيسة.حتى اليوم، تستمر الخواتم الجميلة والمجوهرات الرائعة الأخرى التي تحمل توقيع "ميليريو ديتس ميلر" في تجسيد دراسة معمقة وراقية للأشكال والخطوط والمواد.
ماركات عالمية اشتهرت بخواتمها
من بين أوائل منتجي الخواتم، تبرز دار "تيفاني أند كو." Tiffany & Co. التي تقدّم منذ العام 1837 تحفًا رائعة، وأطلقت في ربيع 2021 "ذا تشارلز تيفاني سيتينغ" وهي مجموعة خواتم خطوبة للرجال. ولا ننسى دار "بياجيه"Piaget التي أسسها "جورج بياجيه" سنة 1874 في بلدة "لا كوت أو فيه" السويسرية، والتي على الرغم من بداياتها كصانع ساعات فرضت نفسها بين علامات الخواتم الفاخرة المتميزة، وقد زيّنت تصاميمها عبر السنين أصابع مشاهير وشخصيات دولية مرموقة. ومن الأسماء الأيقونية الأخرى في عالم الخواتم الراقية، هي بلا شك دار المجوهرات الفرنسية العريقة "كارتييه"Cartier التي تنتج منذ 1847 قطعًا فخمة تجسد أناقة وإبداعًا استثنائيين. وفي هذه الحكاية الثمينة عن تاريخ الخاتم، مكان خاصللدار الإيطالية "بولغري"Bulgari التي أسسها في روما عام 1884 "سوتيريوسفولغاريس" الآتي من عائلة متمرسة في صياغة الذهب، وأيضًا للدار التي ترمز إلى براعة الصناعة الإيطالية منذ العام 1919 وتشتهر على مستوى العالم بخواتمها الكبيرة الساحرة "بوتشيلاتي"Buccellati، وطبعًا للدار الفرنسية التاريخية "فان كليف أند آربلز"Van Cleef& Arpels .