مجوهرات ديور: رحلة عشرين عامًا بقيادة فيكتوار دو كاستيلان
لو عدنا إلى القرن الثامن عشر، نكتشف من جديد روعة قصر قديم نسج روابط أبدية المتانة بين التاريخ والثقافة والشعر. نتحدث عن قصر فرساي ومجوهرات "ديور" الراقية التي ابتكرتها المصممة فيكتوار دو كاستيلان في توازن بين الحنين إلى الماضي ومرح الباروكية.
من يعرف قصة حياة السيد ديور يدرك مدى إعجاب المصمم الأسطوري بالتاريخ الفرنسي القديم وكيف كان قصر فرساي أحد أهم مصادر الإلهام لمجموعاته الأولى. للاحتفال بالحب الكبير الذي جمع مصمم الأزياء الراقية وقصر فرساي، أتت مصممة مجوهرات ديور الراقية اليوم: فيكتوار دو كاستيلان. بصرف النظر عن التفاعل بين وجهات النظر ومفاهيم الهندسة المعمارية، وجدت المديرة الفنية لمجوهرات ديور الإلهام دائمًا في تفاصيل الفن الزخرفي داخل ذلك المبنى التاريخي. في عام 1999 بدأت فيكتوار دو كاستيلان رحلة مجوهرات "ديور" الراقية؛ وعلى مدى 20 عامًا، تمكنت المديرة الإبداعية من إثبات قدرتها على ترجمة الأبهة والأناقة اللتين لطالما سعى كريستيان ديور نفسه إلى تحقيقهما، بلغة المجوهرات خالدة. إن إبداعات دو كاستيلان قادرة في الواقع على التلاعب بالأشكال والألوان بقدر ما يمكن لفستان من مصمم الأزياء الأيقوني تحديد قوام من ترتديه.
منذ البداية، لم يكن هناك أي تصميم في عالم مجوهرات "ديور" لم تكرسه فيكتوار دو كاستيلان للسيد كريستيان ديور: من حب قصر فرساي الذي جعلته بطل الرواية لثلاث مجموعات متتالية ("ديور أ فرساي"، "ديور أ فرساي - كوتيه جاردين" و"ديور أ فرساي – بييس سوكريت") ومصدر الإلهام للعقد الفخم الذي أعيدت تسميته ب"روا سولاي" والمصنوع من الماس والصفير الأصفر والعقيق، وصولًا إلى الورود الذي زرعها كريستيان ديور بنفسه في حديقة طفولته وقامت دو كاستيلان بتكريمها في إبداعات مثل" روز ديور باغاتيل" و"روز ديور بريه كاتيلان" و"بال دي روز" و"بوا دو روز" و"روز ديه فان". الحوار بين المديرة الإبداعية للمجوهرات والراحل كريستيان ديور يتضح أكثر في مجموعتي "دير ديور" و"شير ديور"، ليكون بمثابة رواية تراسلية مبنية على تبادلات فكرية حول نظريات الشكل والألوان في عالم الأحجار النفيسة. حوار دو كاستيلان المستمر مع العناصر الأسلوبية العزيزة على قلب المصمم الباريسي الراحل يحيي ذكراه ويعيد في الوقت نفسه صياغة أفكاره ليظهر كيف أنها تبقى عابرة للزمن.
عقود دو كاستيلان التي تتميز بدموع الماس تذكرنا بالثريات القديمة في القاعات الكبيرة للقصر، بينما تذكر الأقراط بشرائط الستائر الفخمة في شققه الملكية. الثريات والمرايا وأسلوب الروكوكو والباروكية الفاخرة، كلها عناصر موجودة بديناميكية مستمرة في مجموعة مصممة المجوهرات، وكأن المديرة الإبداعية تدعونا إلى قصر فرساي مرة أخرى، مع عدسة مكبرة تسمح لنا بتقدير تفاصيله التاريخية والثقافية بشكل أفضل. يكشف استخدام الفضة المؤكسدة بدلًا من الذهب والبلاتين (أي المواد التي نربطها في عصرنا بالمجوهرات الفاخرة) عن مقدار هائل من البحث والتجارب باستخدام مواد مختلفة. تنقل الفضة المسوّدة والمغشاة والتي تكاد تحن إلى الماضي بأشكالها المجعّدة والحلزونية، غموض القرن الثامن عشر وسحر فنونه. مستلهمة من مزيج من الثقافة الشعبية والرسوم النباتية وتفاصيل الأزياء الراقية، تجسّد أعمال فيكتوار دو كاستيلان مقاربة مرحة لتصميم المجوهرات، حيث تجتمع الماسات في عُقد، وتُطلى الخنافس باللك، وتزهر الخواتم مثل الورود، وحيث يعاد تصور الكائنات البحرية مع الأوبال والصفير المتعدد الألوان، وتكتسي الأفاعي والضفادع بالياقوت والصفير والزمرد، وتتكلل الجماجم بتيجان ماسية، وتتباهى الورود بأرقى الفساتين.
بعد عشرين عامًا من إطلاق مجوهرات "ديور"، احتفلت الدار الفرنسية في عام 2019 بهذه الذكرى مع مجموعة "جيم ديور"، التي أسرت عيني كل من شاهدها، وكأنها عرض أزياء راقية. "جيم ديور" هي أكبر مجموعة مجوهرات فاخرة في تاريخ دار "ديور"، وتعتبر بالفعل رائعة فيكتوار دو كاستيلان. مع 99 تصميمًا فائق الجمال، إن "جيم ديور" بحسب المديرة الإبداعية هي مجموعة تدمج كل أعمالها وتخلطها، بهدف الإشادة بتاريخ مجوهرات "ديور" ودفعها نحو المستقبل. وقد رافق هذا الإطلاق الجديد عودة إلى المزيد من الأحجار الكريمة العزيزة جدًا على دو كاستيلان، من كلاسيكية الماس والصفير والياقوت والزمرد، إلى سحر الإسبينل والتنزانيت وتورمالين بارايبا والروبيليت والعقيق. أما الأشكال فأشبه بألعاب هندسية عابرة لا تكتسب حجمًا حقيقيًا إلا عندما تلامس البشرة. كشلالات من السكّر المتبلور، تتألق الأقراط والقلادات بألوان متعددة، بينما تلتف الخواتم والأساور حول الأصابع والمعاصم بهندسة تجريدية. وتشكّل خيارًا مثاليًا يتمم فساتين الهوت كوتور التي صممتها ماريا غراتسيا كيوري لدار "ديور"، فتتوازن تصاميم الفساتين الضيقة بأجزائها العليا والمنتفخة بتنانيرها مع القصات المتلألئة غير المنتظمة لمجوهرات المجموعة النفيسة.
إلى جانب المجموعة، أصدرت الدار أيضًا مجلدًا جديدًا للاحتفال بعشرين عامًا من مجوهرات "ديور". في تحية إلى عمل المديرة الإبداعية اللامعة، يحمل الكتاب عنوان "من ألف إلى ياء فيكتوار دو كاستيلان" ويتّخذ صيغة القاموس. كما يحتوي على 300 صورة تعرض مجموعات مجوهرات "ديور"، ورسوم لدو كاستيلان، وملاحظات من أوليفييه غابيه، مدير متحف الفنون الزخرفية في باريس. هو أول كتاب مكرس لموهبة الصائغة دو كاستيلان وإبداعها، ويرشد القارئ إلى اكتشاف مجموعات مجوهرات "ديور" الفاخرة والحرفية والرؤية الجمالية خلف ابتكارها. للقيام بذلك، اعتمد على شاعرية نصوص ميشال هوزيه مؤرخ المجوهرات الذي ينقلنا بكلماته المليئة بالمعرفة إلى عالم الترف والرقي الفرنسيين.