مجموعة المجوهرات الراقية Vu du 26 باريس في عيون "بوشيرون" Boucheron

باريس: سهى حامد Souha Hamed

جمعت دار “بوشيرون” Boucheron في أحدث مجموعاتها للمجوهرات الراقية من أشهر مصممة مجوهرات بريطانية بين الهندسة المعمارية وعالم المجوهرات الراقية، فقدمت مجموعة “فو دو 26” Vu du 26 التي تصور بعض معالم باريس بمنظورها الخاص. تشير في اسم المجموعة إلى عنوان متجرها الرئيسي، حيث تأسست الدار عام 1898 فكانت أول دور المجوهرات تتخذ من ساحة “فاندوم” مقرا لها. هناك التقينا ب “كلير شوازن” Claire Choisne، المديرة الابداعية لدار “بوشيرون” Boucheron ، التي عرفتنا بالمجموعة وحدثتنا عن مصادر إلهامها.

ما هو مصدر الهام المجموعة الجديدة وكيف تأخذ مكانها ضمن أسلوب وتراث الدار؟
بدأنا العمل على هذه المجموعة منذ نحو عامين ونصف العام، خلال وقت انصب فيه اهتمام جميع العاملين في الدار على عملية ترميم مقر الدار الرئيسي الواقع في 26 ساحة “فاندوم”. فأحببت أن أتناول نفس الموضوع في مجموعة المجوهرات الراقية. وكما عدنا الى جذورنا عند ترميم الدار، فقد عدت بالمجموعة أيضا الى جذورنا فجاء عنوانها “فو دو 26” Vu du 26 أي “المشهد كما يبدو من رقم 26” وعكست بأجزائها الثلاثة باريس وساحة “فاندوم” وهذا المبنى. وبما أن النقاش خلال فترة ترميم مقر الدار
تركز على الهندسة المعمارية، فإننا جهدنا أن تجسد قطع المجموعة صورا من التفاصيل المعمارية الباريسية. إلا أن ذلك شكل تحديا إبداعيا لأن الهندسة المعمارية باردة وقاسية في الأساس، وهذه صفات لا نرغب أن نراها في مصاغنا. فسعينا لتصميم قطع تجمع ما بين الأنوثة والحركة وما بين التفاصيل المعمارية الجميلة. وكان من المهم بالنسبة لي أن أتفادى الكليشية "الصيغة المبتذلة" في أي شيء نصنعه، لذلك اخترنا أن نجسد بعض العناصر التي ترينها حول باريس. أضرب لك مثل زينة أوراق نبات الأقتنثة التي تزين بعض الأعمدة في المباني الباريسية القديمة. أبرزناها في قطع مختلفة، منها عقد “كولون داكانث” Colonne d’Acanthe الذي تحول فيه العمود الى شراشيب لؤلؤية ناعمة. أما أوراق الأقتنثة فصيغت من ذهب وماس يتسلق على عنق المرأة.

لاحظنا أن المجموعة تقسم الى ثلاثة فصول. ما هو القصد وراء ذلك؟
أهتم في كل مجموعة أقدمها أن أروي قصة ما، وأن تكون هناك حلقة وصل بين القطع على رغم تباين الأساليب المعتمدة في التصميم. فمنها يشابه أسلوب الآرت دكو ومنها ما يحمل بعض صفات الباروك وبالتالي كان من المهم أن أروي حكاية هذه المجموعة من خلال الفصول الثلاثة. أولها باريس، ثم ساحة فاندوم، وأخيرا رقم 26 وهو عنوان الدار.

هل تختارين لنا قطعتك المفضلة من فصل “باريس” ؟
إنني فخورة جدا بعقد “كولون داكانث” Colonne d’Acanthe الذي سبق ذكره وأيضا فخورة بعقد “فيريير” Verriere الذي استلهمناه من مبنى “غراند باليه” الشهير. أردنا أن نحول القبة الى حديقة شتوية، فوضعنا فيها أوراق أشجار النخيل والحشيش المصنوع من التيتانيوم. أما القبة فصنعت من الزجاج المنفوخ وقد أولينا فيها الاهتمام الى أدق التفاصيل، ومنها مثلا النوافذ الصغيرة جدا. صغنا العقد من الذهب المرصع بالماس، وهو قابل للتحول، فيمكن التزين به مشبوكا بدبوس ماسي يأخذ شكل مبنى “غراند باليه” "أذا نظرت اليه من السماء"، ولطلة تذكر بطراز الآرت دكو يمكن التزين بالعقد دون الدبوس، فيصبح بروشا في تلك الحال.

وما هي قطعتك المفضلة من فصل “ساحة فاندوم”  Place Vendome ؟
اما من فصل ساحة فاندوم، فلا بد من ذكر عقد “بافيه دو كريستال” Pave de Cristal الذي يصور منظر أرضية ساحة فاندوم كما نراها من نافذة المبنى. وأخترت أن أجسد فيه تلك الأرضية عندما تغمرها أشعة الشمس بعد ليل ممطر، فتبدو الأحجار بيضاء اللون. كما أردنا أن نتلاعب بانعكاسات الضوء في هذا العقد من خلال الأحجار التي ترصعه وأنواع قطعها. صنعناه من الذهب الأبيض المصقول، ورصعناه بالكريستال الصخري غير المصقول لينعكس الضوء من خلاله بطريقة خلابة. كما رصفنا بالماس بالقطع الدائري والباغيت. والعقد قابل للتحويل إذ يمكن رفع الماسة الاجاصية المتدلية منه وتركيبها في خاتم.

لاحظنا في أعمالك أنك تعيرين انعكاسات الضوء الاهتمام الكبير عند التصميم. فلماذا؟
اعتقد أن العمل يكون أكثر جمالا اذا كانت انعكاسات الضوء فيه مدروسة. ففي هذا العقد مثلا ترين تدرجا لانعكاسات الضوء، فأول صف فيه مرصوص بالماس المستدير لأنه أكثر لمعانا. أما الصف الثاني فهو مرصوص بالماس بقطع الباغيت لأنه أقل لمعانا. ثم تأتي صفوف الكريستال غير المصقول فينتج عنه نوع من التدرج الضوئي وهو أكثر بهاء مما كان قد نتج عنه ترصيعه بالماس بشكل عشوائي.

ماذا أخذتم من تفاصيل مبنى الدار في فصل  26 في 26V من المجموعة؟
في الفصل الأخير من المجموعة نظرنا الى ما هو مهم في مقر الدار، فاخترنا السلالم لأنها في قلبه تصل بين جميع أقسامه. لكن عندما بدأت عملية التصميم فكرت بالجوهرة التي سترصع هذه القطعة. وأردت لها أن تكون مختلفة وخاصة جدا. فقلت لفريق التصميم أريدنا أن نحلم وأن نطلق العنان لمخيلتنا لنعبر عنها من خلال حجر ثمين نبتكره. وكان ثمرة جهودنا حجر جديد صنعناه ليعكس الرسم المنظوري للسلالم، رصعناه في عقد وخاتم. وهو الأثير عندي، من بين كل قطع المجموعة، لما تطلبت صناعته من تقنية وحرفية، وما شكله انتاجه وتصميمه من تحد لفريق العمل. فهو كأحجية Puzzle ثلاثية الأبعاد مكونة من نحو 13 طبقة متداخلة من العقيق اليماني والكريستال الصخري والكاشيرون. ولأن الطبقات المتعددة يجب أن تتداخل وتركب بين بعضها البعض فإن قصها كان أمرا شاق جدا.

تشتهر الدار بالمجوهرات التي تأخذ شكل بعض الحيوانات الصديقة. فهل كان لها نصيب في هذه المجموعة؟
نعم، تضم هذه المجموعة ثلاثة تصاميم للحيوانات. أولها القط “فلاديمير” Wladimir وهو تخيل لهرّ عاش في مبنى الدار لسنوات طويلة، كان اسمه “فلاديمير”. وكنت قد رأيت ملصقا اعلانيا يظهر فيه هذا القط مزينا بعقد مجوهرات راقية. فأعجبتني الصورة وقدمتها في خاتمين جميلين. علما بأننا سنستخدم هذه الفكرة مرة أخرى في حملاتنا الإعلامية المقبلة. كما تخيلنا للحيوان الثاني في المجموعة، ببغاء يربض على الأذن ويبدو وكأنه يستعد للانطلاق. وقد صغناه من التيانيوم ليكون مريحا وخفيفا على الأذن ورصعناه بالماس والصفير. وأخيرا يظهر الحصان في سوار وخاتم “شوفال دوبرا” Cheval d’Opera المصنوعين من الذهب المرصع بالكواتز الجليدي