مصممة الأزياء السعودية ديمة العجلاني لـ "هي": النجاح بالنسبة لي هو عدم الشعور بالندم على أي قرار أتخذه
ربما تكون الصدفة البحتة قد ساقت الشابة السعودية ديمة العجلاني نحو عالم تصميم الأزياء، وذلك بعد معاناتها في العثور على تصاميم أزياء محافظة وأنيقة؛ إلا أن رؤيتها الواضحة وإصرارها على النجاح جعلاها تؤسس علامة "ديمة العجلاني". تعكس تصاميم ديمة أسلوبها الخاص وشغفها بالأناقة الشرق أوسطية واهتمامها بالتفاصيل الدقيقة. وقد بدأت من خلال علامتها رحلة شائقة مليئة بالتحديات والنجاحات ومحطات الفشل التي لا تتردد بمشاركتها مع أطفالها. تعرفوا معنا إلى ديمة العجلاني عبر هذا اللقاء الممتع على موقع "هي".
حدثينا عن دراستك، وكيف دخلتِ عالم تصميم الأزياء؟
كانت دراستي الجامعية في مجال في علم النفس. ومع ذلك كان اهتمامي دائما بالموضة منذ سن مبكرة عندما اعتدت مشاهدة والدتي وهي تتجهز للخروج والمناسبات. كنت دائما متواجدة في غرفة تبديل الملابس الخاصة بوالدتي محاطة بفساتين جميلة وماكياج وبرائحة عطورها العالقة في ذهني إلى اليوم. يمكنك القول: إن الموضة كانت دائما جزءا مني ومن هويتي التي قررت أن أتتبعها عندما وصلت إلى مرحلة لم أتمكن من العثور على نوع الأزياء التي كنت أبحث عنها في الأسواق المحلية. فقررت في يوم من الأيام تصميم مجموعة قفاطين خاصة بي، لذلك صممتها بنفسي وأنتجتها وبعتها بعد ذلك، ومن هنا كانت أولى خطواتي في عالم التصميم، لأتمكن من فعل ما أحب. وبعد ذلك استنتجت أنه يمكن لهوايتي أن تكون مهنتي مدى الحياة.
كيف أثرت نشأتك في دول بين الشرق والغرب في شخصيتك وحسك الإبداعي؟
أعتقد أن نشأتي في عالمين مختلفين بين الشرق والغرب أدت إلى حد كبير إلى تفتح ذهني واتساع الأفق في تفكيري. بطريقة ما جعلتني أكثر تقديرا لجذوري والحياة التي كنت قد حصلت عليها حتى الآن، وفتحت بابا في ذهني. لقد تبين لي أن الاحتمالات في الحياة ليست محصورة، وليس عليك بالضرورة العمل داخل حدود المجتمع التقليدية للمرأة. لا أرى عيبا في ممارسة هواية كمهنة بدوام كامل طالما أنك تمنحينها كل ما لديك.
هل حصلت على دعم عندما قررت دخول هذا المجال؟
نعم، لقد تلقيت دعما كبيرا من الأصدقاء وعائلتي، وحصلت أيضا على التشجيع من العديد من العملاء خصوصا في الكويت والسعودية، ولا سيما أنهم يحرصون على شراء منتجات محلية، ويدعمون المواهب الإقليمية.
بالنسبة لك.. ما العنصر الذي لا بد من مراعاته عند تصميم الأزياء؟
أعتقد أن العنصر الأهم في عملية التصميم الخاصة بي هو زبائني. من المهم أن تعرفي جمهورك ومن هو الزبون الذي تصممين من أجله حتى تتمكني من تغطية هذه الديموغرافية بمنتج جذاب. مع ذلك، يجب أن أقول: إنني غالبا ما أصمم وآخذ نفسي في عين الاعتبار، فذوقي يطغى على تصاميمي. لا بد أن تكون تصاميمي قطعا أحب أن أرتديها، وتدفعني إلى البحث عن نفسي في عالم الموضة.
ما الجوانب التي تودين تعزيزها أو تأسيسها في عالم الأزياء بالخليج العربي والشرق الأوسط، ليكون أكثر تقدما؟
أعتقد أن الناس في الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون خصوصا بحاجة إلى دعم مصممي الأزياء المحليين بشكل أكبر. لطالما كانت هناك فكرة سائدة في المنطقة بأن المصمم الأجنبي هو الأفضل. وهذه هي الحقيقة، سواء في الموضة أو الأثاث أو الطعام. نحن نعتمد بشدة على الواردات في كل قطاع ونعتقد غالبا أن الأجنبي هو الأفضل. هذه العقلية هي شيء أود تغييره. أنا فخورة بالدقّة والتفاصيل التي أحرص عليها في تصاميمي والتي لا تقل بأي حال من الأحوال عن التصاميم التي تنتجها بيوت الأزياء الأجنبية. الناس في منطقتنا مستعدة لدفع أسعار باهظة للأزياء التي تأتي من الخارج، ولكن ليس للأزياء المصممة محليا، لأنهم يعتبرونها بطريقة ما غير جديرة وهذه حقيقة مؤسفة يعيشها المصممون في منطقتنا. أود حقا أن يتغير هذا، لكي يفتح الناس عقولهم أكثر على المنتجات المحلية من الألبسة الجاهزة.
ما رأيك بتفاعل أقطاب صناعة الأزياء مع جائحة كوفيد-19؟
أثرت جائحة كوفيد - 19 تأثيرا كبيرا في كل الصناعات، بما في ذلك صناعة الأزياء والموضة. رأينا في هذه الفترة كيف حولت بيوت الأزياء منشآتها إلى مصانع للأقنعة الواقية أو صناعة المطهرات اليدوية. ولقد رأينا أيضا أبرز المشاهير والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في الموضة يجمعون الأموال للجمعيات الخيرية وقطاعات الرعاية الصحية. لقد ساندت الموضة إلى حد ما المجتمع في وقت الحاجة. تقديم تبرعات مالية كبيرة من دور مثل LVMH وPrada و& Gabbana Dolce وMoncler وغيرهم هو أمر إنساني من الجميل أن نراه على الواقع، حيث إن كوفيد - 19 سيتسبب في أزمة ضخمة في جميع أنحاء العالم بسبب إلغاء الطلبات وفقدان الوظائف لمن قد يعملون في مجال صناعة الأزياء.
ما دور الأزياء برأيك في المحافظة على ثقافة بلد ما؟ وكيف مزجتِ بين ثقافة السعودية والبحرين عبر تصاميمك؟
أعتقد أن الموضة هي في الأساس تعبير إبداعي للمصمم، فهي مرتبطة إلى حد كبير بثقافة الفرد وخلفيته. غالبا ما نرى التعبير عن هوية المصمم من خلال أفكاره وإبداعاته، وهذا ما أراه في مجموعاتي على ما أعتقد. في مجموعتي من الألبسة الجاهزة، تطغى غالبا التنانير ذات الطول المتوسط أو الطويلة وهو ما تفضله النساء في دول مجلس التعاون الخليجي. وأقوم أحيانا بتضمين شيء محدد في المجموعة كتقدير للمحيط الذي أعيش فيه، كما فعلت في مجموعة رمضان 2020 مع تصميم المروحة المطرزة يدويا والمأخوذة من تصميم لبيت مطر للجواهر، إحدى أقدم العائلات بعالم استخراج وتجارة اللؤلؤ في البحرين، والتي ابتكرت قلادة مع مروحة ذهبية مرصعة باللؤلؤ. تواصلت معهم وبعد موافقتهم، أعدت تصميمها في تطريز في تحية للبحرين التي تتمتع بتاريخ غني باللؤلؤ الطبيعي.
ما التحديات التي واجهتها عندما بدأت رحلتك في عالم تصميم الأزياء؟
أن ترسخ نفسك مصمما محليا ليس بالأمر السهل، حيث إن السوق موجّه نحو إبراز وبيع تصاميم للمصممين الدوليين. غالبا ما نرى مجموعات وتصاميم المصممين العرب في المتاجر متعددة العلامات التجارية أو المتاجر الكبرى، لذلك كان من الصعب الحصول على فرصة لعرض مجموعتي في هذه المتاجر.
كيف تصفين تأثير القرارات الداعمة للمرأة في السعودية والتي شهدها العالم خلال السنوات الماضية؟
أعتقد أن دخول المرأة سوق العمل في المملكة العربية السعودية سيؤثر بشكل كبير في المجتمع والاقتصاد. إن المملكة العربية السعودية تتبنى قدرات نسائها في محاولة لتمكينها من المساهمة في الاقتصاد، وأعتقد أنها ستغير مستقبل البلاد، حيث إن نصف سكانها من النساء. لدى النساء السعوديات إمكانات هائلة غالبا ما نراها، وباستطاعتها ان تصب في المصلحة الاقتصادية للبلاد. لقد حان الوقت للاعتراف بإمكانية المراة السعودية وإعطائها جميع الفرص التي تصب في مصلحتها ومصلحة الوطن.
ما أهم نصيحة يمكن أن تقدميها للمرأة الخليجية فيما يتعلق بالموضة والأزياء؟
النصيحة التي سأقدمها ستكون هي نفسها بغض النظر عن المكان الذي تأتي منه المرأة. أنا أؤمن بالاستثمار في قطع ذات جودة عالية في الموضة، بدلا من الأزياء أو صيحات الموضة السريعة، لأنها قطع ستبقى معك لسنوات. الموضة تتطور وتتغير باستمرار، لذا يجب على المرء أن يكون حذرا عند اختيار القطع التي تناسبه، حيث الأزياء والصيحات تتلاشى بسرعة، ولكن الموضة من ناحية أخرى تدوم لمدى بعيد. الموضة هي تعبير شخصي وهي مستمرة وتبقى معك.
على الصعيد الشخصي.. هل تشاركين لحظات نجاحك مع أطفالك؟
أنا حريصة على مشاركة كل شيء في حياتي مع أطفالي.. من الفشل إلى النجاح. من المهم بالنسبة لهم أن يروا إصرارك في متابعة أحلامك والمثابرة حتى عندما نواجه الفشل، فهي كبوات باستطاعتنا أن نتخطاها ونستمر. أعتقد أنه من الجيد بالنسبة لهم أن يروا ذلك فينا بصفتنا أمهات وآباء، وأن يفهموا أن النجاح لم يتحقق بين عشية وضحاها. إنها رحلة.. رحلة اخترت مشاركتها معهم.
هل غيرت أزمة كورونا من تقييمك للأمور ونظرتك للحياة؟
لقد غيرت أزمة كوفيد - 19 أشياء كثيرة. إنها تجعل خططي ومجموعات التصاميم المستقبلية أكثر صعوبة، حيث لا تزال هناك علامة استفهام حول ما سيبدو عليه العالم عندما نخرج من هذه الجائحة. وكيف سيكون الطلب على الأزياء؟ كيف سيبدو الاقتصاد؟ من المؤكد أنه من الصعب التخطيط للمستقبل في الوقت الحالي، فنحن الآن في وقت شبه مستقر وضبابي بعض الشيء، فلذلك أفضل التركيز على الوقت الحالي والاستمتاع بهذا الوقت غير المحدود لقضائه مع عائلتي. هذه الجائحة منحتنا "رفاهية الوقت"، وأنا أستمتع تماما بالعيش في الوقت الحالي من دون التخطيط للمستقبل باستمرار.
ما وصفة النجاح بنظرك؟
النجاح في رأيي يتوقف على أشياء كثيرة، منها امتلاك رؤية واضحة والالتزام بها، وتحفيز العقلية الإيجابية والمثابرة حتى نتمكن من تقبل مراحل الفشل والنجاح التي تعتبر مهمة بالنسبة للجميع لتحقيق الأهداف المحددة. النجاح بالنسبة لي هو عدم الإحساس بالندم على أي قرار أتخذه.
يمكنكم مشاهدة وتسوق تصاميم ديمة العجلاني عبر موقعها الرسمي deemaajlani.com
كما يمكنكم متابعة أحدث مجموعاتها عبر حسابها الرسمي على انستقرام