رابعة الزيات: أملنا ببعضنا بعضاً وقدمت رسالتي على أكمل وجه!
الإعلامية اللبنانية رابعة الزيات وقع الاختيار عليها لتكون سفيرة حملة "أنا بيروت"، وقد كانت بالفعل الوجه الأمثل لهذه الحملة التي جمعت 125 مليون ليرة لمساعدة المتضررين جراء انفجار مرفأ بيروت. ورغم العمل الإنساني ولكن الزيات فوجئت بهجوم وانتقاد من البعض حول تلك المبادرة الإنسانية، وهذا أمر صادم خصوصا وأن رابعة حملت رسالة العمل بكل شفافية ومصداقية، وهي تتحدث مع "هي" في هذا الحوار.
أولا الحمد على سلامتك. بعد مرور أكثر من أربعة أسابيع على الفاجعة التي أصابت بيروت، كيف ترين لبنان؟
لبنان بلد منكوب، حزين، وشعبه في حداد. لا نزال جميعاً تحت الصدمة ولم نتجاوزها. لا أريد أن أكون متشائمة لكن هذا الواقع قد يطول لفترة من الزمن، ولاسيّما مع كل ما يجري في وطننا الغالي. أشعر بالغضب الشديد، حالي حال الجميع.
في ظل ما تشاهدينه في الفترة الأخيرة، هل هناك أمل؟
لا أزال متمسكة بالأمل على رغم أنّه يتبدد يوماً تلو آخر، لكنني أرفض الاستسلام. لا أخفي عنك أنني أشعر أحياناً بحال من اليأس، فأفكر بالهجرة، حالي حال كثر، لكن إيماني بشعبي يدفعني إلى التمسك بوطني، والاستمرار، والمحاربة من أجل الحفاظ على أرضنا. كذلك أستمد قوتي في الفترة الأخيرة من خلال النزول إلى الشارع والوقوف إلى جانب الناس والمتضررين، فأشاركهم أوجاعهم، وأحاول تقديم المساعدة بشتى الطرق ومن خلال موقعي كإعلامية أيضاً. فالشعور بالعطاء هو الشعور الأمثل لبلسمة جروح بعضنا بعضاً.
يفكر كثر بالهجرة، بعدما كانوا يرفضون الفكرة كليّاً، لكن في حال قرر الجميع البقاء، كيف برأيك يمكن إعطاء الأمل للجيل الشاب، ولاسيّما أنك أم؟
أنا خائفة كثيراً على أولادي، ولاسيّما الأصغران بينهم، كنز ودالي. كنت أتحدث أنا وزوجي زاهي قبل وقوع الانفجار بأسبوع، وحمدنا الله لأن ولدينا كنز ودالي (11 و12 عاماً) لم يعيشا تجربة الدمار أو التفجير. لكن أنظر ما حدث! لا أعرف ماذا أخطط لهما للمستقبل، والحمد لله أنّ ولديّ الأكبرين كريم وعلي سافرا قبل وقوع الانفجار. أملنا ببعضنا بعضاً، وأملي بأخي في الوطن، لكن يحزنني أن البعض لا يشعر بذلك بتاتاً... وكأننا لسنا أبناء وطن واحد.
نزلت إلى الشارع في الفترة الاخيرة وحملت أوجاع الناس مباشرة على الهواء. هي المرة الأولى التي تعيشين فيها تجربة المراسلة. كيف استطعت أن تصمدي أمام هذه المأساة، ولاسيّما أن الوجع كبير وهو لا يحتمل؟
هو فعلاً وجع كبير وهو يقتلنا يوماً بعد يوم، حتى أن ابنتي رافقتني خلال نزولي إلى الشارع، وسألني البعض لم جلبتها معي، لكن عليها أن ترى بعينها ما جرى حتى ترى حجم الدمار، والمآسي التي لا تستطيع الكاميرا أن تنقلها من خلال بعض المشاهد، فهي تختلف بالعين المجردة؛ حتى الهواء الذي تستنشقه، يحمل معه الألم. في الحقيقة، نزولي الى الشارع وتقديم المساعدة يمداني بالقوة.
رغم كل ما حدث لم تستلمي أبدا!
لا أزال صامدة، على رغم أنني تعرضت في الفترة الأخيرة إلى حملة من الانتقادات أحبطتني، وجعلتني أمكث في المنزل ولا أعود إلى الشارع من جديد، لكن الاحباط لديّ لا يتعدى اليومين... وسأستمر في تقديم يد العون ورفع الصوت عالياً!
قبل أن الحديث عن الهجوم الذي شن عليك، حدثينا عن مشاركتك في حملة "أنا بيروت" كسفيرتها، ومن خلاها تم الاستفادة من بيع فستان مميز لمساعدة المتضررين..إلى أي مدى أنت فخورة بما حققته تلك الحملة؟
أشكر بداية المصمم نجا سعادة والفنانة التشكيلية أدريانا الحاج على الفستان الجميل الذي عبّرا من خلاله عن وجعهما وذهب ريع بيعه لترميم المنازل المتضررة. ولا أدري ما سبب هذه الزوبعة التي لحقت إحدى الصور التي جرى تسريبها قبل انطلاق الحملة على "قناة الجديد"، وكأنّ الأمر كان مقصوداً للإساءة إليّ، علماً بأنني ظهرت على شاشة "الجديد" وأوضحت أن الصورة التي أقف فيها وسط الدمار، هي جزء من حملة "أنا بيروت"، لكن استمر البعض في الهجوم عليّ، على رغم من أنّ الفستان بيع في مزاد علني على الهواء بقيمة 125 مليون ليرة لبنانية. وهنا لا بدّ أن أشكر الصحافية إليان الحاج التي كانت المسؤولة الاعلامية عن هذه الحملة، ناهيك أنها كتبت النص الذي ذكرته في الحملة، كما كانت سنداً كبيراً لي في هذه المرحلة. أنا وكل ما شارك في هذه الحملة فخورون جداً بما حققته هذه الحملة... هي رسالة نبيلة وسامية.
بماذا شعرت حين ارتديت الفستان للمرة الاولى؟
هو فستان أبيض اللون وفضفاض، وحين ارتديته شعرت بأنني ممتلئة بالأمل، وبأنه يجب عليّ أن أؤدي هذه الرسالة من صميم قلبي وعلى أكمل وجه.
أطلقت أيضاً حملة "الله كريم". أخبرينا أكثر عن هذه الحملة؟
أطلقت هذه الحملة عام 2016 تزامناً مع حلول شهر رمضان وهي مستمرة إلى يومنا هذا، لكننا نركز اليوم على مساعدة أصحاب المهن الصغيرة الذين فقدوا أماكن عملهم جراء الانفجار.
كيف يستطيع الناس تقديم المساعدة؟
أفضل أن آخذ المتبرع إلى المكان المنشود ليرى بعينه إلى أين ستذهب المساعدة، لكن الحاجة كبيرة اليوم، وبفضل بعض الأصدقاء، نحاول قدر المستطاع تقديم يد العون، كذلك باستطاعة من يرغب في تقديم المساعدة التواصل معي على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. لا أحد ينهض ببيروت إلا أبناءها متحدين.