طالبة الدكتوراه في  الهندسة البيوكميائية فاطمة الملا لـ"هي": اكتشفت لقاح بلازميد الحمض الوراثي بنسبه نقاوة 98%

طالبة الدكتوراه في الهندسة البيوكميائية فاطمة الملا لـ"هي": اكتشفت لقاح بلازميد الحمض الوراثي بنسبه نقاوة 98%

19 ديسمبر 2020

على الرغم من أنها ما زالت في العشرينيات من عمرها، فإن مشوار ها الدراسي العلمي مكلل بالمحطات الناجحة الواحدة تلو الأخرى. حبها لدراسة الجينات وفكرة أن تكون هذه المركبات الصغيرة جدا، والتي لا ترى بالعين المجردة لها الأثر الكبير في حياتنا وتغيير مجراها، غير مجرى حياتها، وجعلها تأخذ منحى آخر. انفردت ابنة الإمارات فاطمة الملا ببحوثها، في تخصص فريد من نوعه في مجال الفيروسات، واكتشفت لقاح "بلازميد الحمض الوراثي" بنسبه نقاوة وصلت 98 في المئة فاقت نسبة 90 في المئة المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية. مجلة "هي" التقتها في لندن لتحدثنا عن مشوارها الدراسي وسبقها العلمي، ورأيها بصفتها باحثة حول أهمية هذا اللقاح لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية.

حوار: سڤانا البدري Savanah Al Badri
تصوير: مارك براون Mark Brown
تميزت أبحاثك بأنها الأولى من نوعها، ومن التخصصات الفريدة في مجال الفيروسات ولقاحات "بلازميد الحمض الوراثي"، حدثينا عن هذا التخصص، خصوصا أنك أول إماراتية تحظى بهذا التخصص.

عالم اللقاحات دخل اليوم فضاء علميا جديدا ورياديا، فعلى عكس اللقاحات الفيروسية، اللقاحات الجينية أكثر كفاءة، كما أنها أسهل وأسرع إنتاجا. إذ إن لقاحات الأمراض الجديدة، كانت تستغرق عقدا من الزمن لإكمالها مثل لقاح الإيبولا الذي استغرق خمسة أعوام على الرغم من الجهود المكثفة. أما التوجه الحديث، كما شهدنا حاليا مع "كوفيد- 19"، فيعتمد على الجينات، إذ تُستخدم تقنيات معينة لتوصيل البلازميدات، وهي جزيئات الـ"الدي إن إيه" DNA التي تحمل المعلومات الجينية الخاصة بالفيروس، إلى الخلايا البشرية، وهو ما يؤدي إلى الاستجابة المناعية.

تعملين أستاذة مساعدة في جامعة ،University College London هل يتعارض ذلك مع بحث الدكتوراه؟ وكيف تنظمين وقتك؟
على العكس تماما، أدرس مواد من تخصصي في الهندسة البيوكيميائية، وأنسق بحوث طلبتي. لتتوافق مع أهداف رسالتي في الدكتوراه، إذ تدعمني بحوث الطلبة، وتجاربهم المخبرية في استخراج بعض البيانات. إضافة إلى أن التدريس يعتبر وسيلة لمراجعة وتثبيت المعلومات، وتطوير النفس باستمرار.
حققت بحوثك إنجازا فريدا من نوعه، وهو نسبة نقاوة اللقاح، التي وصلت إلى 98 في المئة، أي تفوق النسبة المحددة لمنظمة الصحة العالمية التي تصل إلى 90 في المئة، حدثينا عن هذا الإنجاز، وما الفرق بين النسبتين؟
هنالك معايير صارمة من منظمة الصحة العالمية، يجب على كل لقاح أن يتوافق معها لإجازة استخدامه على البشر. النسبة تمثل معدل نقاوة اللقاح، والتي تقاس علميا بما يسمى " Supercoiling percentage "، وتمكنا من تطوير عملية كيميائية لاستخلاص اللقاح بأقل معدل ضرر، وهو ما نتج عنه نسبة نقاوة تفوق ال 90 في المئة.
أي الأمراض تحديدا سيحقق هذا الإنجاز سبقا علميا في علاجها؟
الأمراض بوجه عام، هي نتاج خلل أحد جينات الجسم، وبمعرفة المرض والجين المسؤول عنه، يمكن استبدال الجين المعيب أو إضافة جين جديد إلى البلازميد في محاولة لعلاج المرض أو تحسين قدرة الجسم على محاربته.
أسست جمعية للطلبة الإماراتيين في جامعة UCL في لندن، ما أهداف الجمعية؟ وما دورك بصفتك رئيسة لها؟
هذه المرة الأولى من نوعها التي تؤسَّس فيها جمعية إماراتية في جامعة UCL ، وتشكلت الفكرة في اجتماع مع مجموعة من الطلبة الإماراتيين في الجامعة، وناقشنا إمكانية تأسيس جمعية تمثل دولة الإمارات في المملكة المتحدة، هدفها المساهمة في إبراز قيم المجتمع الإماراتي، والتعريف به في المملكة المتحدة، وحث الطلاب الإماراتيين على المشاركة في مختلف الدورات والفعاليات العلمية والترفيهية، هذا إضافة إلى سعينا في مساعدة الطلبة غير الإماراتيين، ممن يرغبون في تكوين علاقات اجتماعية أو روابط عمل مستقبلية مع مستثمرين أو شركات داخل الدولة.
ما دور حكومة الإمارات في توفير الدعم لمواكبة النهضة العلمية والعلاجية وللطلبة المبتعثين؟
تضافرت جهود الدولة دائما على دعم الشباب لدراسة تخصصات مميزة ونادرة، تؤهلهم لوظائف ومناصب ريادية تتناسب مع توجهات ورؤية حكومة الإمارات المستقبلية، عبر توفير المنح الداخلية والخارجية، إضافة إلى دعم الطلبة ماديا لحضور المؤتمرات العالمية والانتساب إلى عضويات لها تأثير إيجابي فعال. أنا ممتنة لرعاية ودعم حكومة الإمارات لي في مسيرتي التعليمية، فقد حصلت على ثلاث منح دراسية، البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ولولا فضل الله ثم دعم قادتنا وحكامنا لما وصلنا إلى هذه المستويات الريادية التي نتبوؤها اليوم.
تعد الإمارات اليوم ثاني أكبر سوق في الخليج العربي في إنتاج الأدوية، هل تسهم الدراسة في مجال الهندسة البيوكيميائية وقيادة العمليات الصناعية في تعزيز قيمة سوق الدواء بالدولة؟
الناتج المحلي من الأدوية في حاجة مستمرة إلى الاهتمام والتطوير، نحن اليوم نعاصر أزمة عالمية مع وباء كورونا المستجد، حيث توجهت وتكاتفت كل جهود العلماء عالمياً في ابتكار اللقاحات الجينية أو لقاحات "بلازميد الحمض الوراثي"، وهذا يعود إلى بضعة أسباب، منها كونه أقل تكلفة وأسرع إنتاجا. دولة الإمارات كانت سباقة في جميع المجالات والعلوم، لذلك أتطلع بصفتي باحثة إماراتية إلى تعزيز قطاع الصناعات الطبية، لتكون دولتي في مصافِّ الدول المتقدمة في هذا المجال.
هل يعد "لقاح بلازميد الحمض الوراثي"، موضوع بحثك، لقاحا آمنا، وبالإمكان أن يكون من اللقاحات الرائدة التي ستشكل طفرة نوعية في مجال اللقاحات التي لا تترك آثارا سلبية؟
نعم، لأنه على عكس اللقاحات الشائعة، لا يحتوي على مركبات الناقل الفيروسي، ولذا لا يحفز ردة فعل مناعية أو حساسية، مما يجعله أكثر أمنا في استخدامه على البشر.
ما أهم التحديات التي واجهتك باعتبارك طالبة باحثة خلال فترة كوفيد- 19 ؟ وكيف تغلبتِ عليها؟
قبل الأزمة بشهرين تعرضت لحادث نتج عنه كسر في يدي، فكنت في إجازة مرضية لشهرين، وبعد ذلك حدث الإغلاق الناتج عن الوباء. توقف عملي في المختبر لمدة طويلة شكل بعض العوائق والمثبطات لخطط بحثي، وبمتابعة مكثفة من مشرفتي وفريق بحثي استطعت مواصلة أبحاثي عن بُعد، ولله الحمد، أما بالنسبة للسلامة العامة، فقد كنا محاطين بمتابعة الملحقية الثقافية بسفارة الدولة التي ركزت على سلامتنا حتى موعد رجوعنا إلى أرض الوطن.

كنت من الطلبة الذين اختاروا البقاء في المملكة المتحدة خلال فترة العزل التام لأزمة كوفيد - 19 ، وأسهمت في العمل التطوعي في المستشفيات، كيف تصفين التجربة؟
وجودي في لندن أثناء فترة الوباء والإغلاق التام ترك لي الكثير من الوقت، وأحببت استثماره بعمل مفيد. بداية كنت من ضمن الباحثين الذين وقع عليهم الاختيار في الجامعة، للتعاون مع منظمة الصحة العامة التابعة للحكومة البريطانية في لندن على الأبحاث الخاصة بفيروس كورونا. كما تطوعت في أحد مستشفيات لندن مساعدة تمريض، وأنجزت أكثر من مئة ساعة عمل مع مرضى كورونا. تمثل واجبي في مساعدة الفنيين في المختبرات على تحليل البيانات، كما أنني كنت على تواصل مباشر مع المرضى، لتوفير الدعم المعنوي والمشاركة في إعطاء الأدوية والوجبات الغذائية.
ماذا في الأفق من مشاريع تودين تحقيقها؟
أعمل مع شخص متطوع في المجال الإنساني ضمن المخيمات، وهو الزميل عامر سليم من سوريا، وقد أطلقنا مبادرة تحمل اسم "شغف"، ركزت هذه المبادرة على الأطفال (اليتامى والمعاقين) والعائلات التي وضعها تحت الصفر، لننقل من خلالها معاناتهم من تقارير وصور ووثائق وغيرها، نسعى لتقديم العون لهذه الأسر من سلل غذائية ومبالغ مالية ووسائل تدفئة وغيرها.كما نسعى لإنشاء مدراس ضمن هذه المخيمات من أجل الأطفال. "شغف" أصبحت الآن مؤسسة خيرية غير ربحية معنية بمساعدة أطفال المخيمات في سوريا وحول العالم، وأتطلع قدما إلى أن يصل صوت هؤلاء الأطفال إلى من يستطيع مساعدتهم، فالقلوب شواهد لاتنسى يدا مُدت إليها، وأضاءت عتمتها.
هل من كلمة توجهينها للمرأة الإماراتية في يومها الوطني؟
الله يوزع الأرزاق بعدله على عباده، ومن أجمل الأرزاق أنك ولدتِ على أرض وطن يعتز بالمرأة ويدعمها، فاستغلي الفرص، وأثبتي جدارتك لقادة وشعب يفتخرون بك وبإنجازاتك.