حديث مجلة "هي" مع العضو المؤسس رئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة السيدة حبيبة المرعشي
دبي: "سينتيا قطار" Cynthia Kattar
تصوير: عبدالله الرمال Abdallah Al Rammal
تم التصوير في The Green Planet
بمناسبة إطلاق مجلة "هي" ملفا خاصا بالتنمية المستدامة على الصعيد المحلي والعالمي، كان لنا لقاء مع رئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة السيدة حبيبة المرعشي، التي شاركتنا أبرز نشاطات المجموعة التي أُسست منذ 30 عاما، والتي تعمل على الحفاظ على البيئة على الصعيدين العملي والتثقيفي في الإمارات.
تحتفل مجموعة عمل الإمارات للبيئة بمرور 30 عاما على مسيرتها. أخبرينا عن أبرز إنجازات المجموعة منذ تأسيسها حتى يومنا هذا؟
خلال 30 عاما، وهي عمر المجموعة، حققت "الإمارات للبيئة" الكثير من الأهداف التي وضعتها نصب أعينها، وإن كانت النجاحات تقاس بالإنجازات التي تحولت إلى حقائق على أرض الواقع، فإن أكبر إنجازاتنا هو غرس عادة جمع وإعادة تدوير النفايات بين شرائح المجتمع المختلفة التي تفاعلت وتتفاعل مع أنشطتنا، وتحويلها إلى ممارسة حياتية يومية وثقافة مجتمعية، فضلا عن توعية المجتمع الطلابي بأهمية حماية البيئة، وتفعيل دور نحو مليون طالب وطالبة نتواصل معهم سنويا إلى فرسان بيئة، يحملون هموم الطبيعة ويعملون جادين على حمايتها.
لقد تمكنت المجموعة من خلال برامجها لجمع وإعادة تدوير النفايات من جمع أكثر من 23 مليون كغ من الورق وعلب الألمنيوم والزجاج والبلاستيك، و170,000 هاتف محمول وقطعة من أحبار الطابعات، ما وفر 72,625 مترا مكعبا من مساحة مكبات النفايات وأنقذ 444,074 شجرة من القطع، وخفض89,021 طنا متريا مكافئا من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو، ووفر 516,296 مليون وحدة حرارية بريطانية من الطاقة.
نشاطات عديدة تنظمها المجموعة في سبيل الحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة. أخبرينا أكثر عن أبرز هذه النشاطات.
تعمل المجموعة للحفاظ على البيئة عبر محورين عملي وتثقيفي، حيث يتضمن المحور الأول حملات ومبادارت لجمع 6 أنواع من النفايات، وهي الورق وعلب الألمنيوم والزجاج وأحبار الطابعات والهواتف النقالة، فضلا عن مبادرات أخرى كـ"شجرة في المجتمع.. جذور توحدنا"، و"علبتك لشجرتك"، و"التدوير في الحي"، وحملة "جمع علب الألمنيوم"، وحملة "نظفوا الإمارات". وقد رُبطت جميع هذه الحملات والمبادرات بفعالية غرس الأشجار المحلية التي تسمح للفائزين في برامج المجموعة بزرع شجرة بأسمهم خلال حفل المجموعة لزراعة الأشجار التي تنظم في نهاية كل عام تحت شعار "من أجل إماراتنا نزرع".
وإذا كان هذا يمثل جزءا يسيرا من عمل المجموعة، فإنها تولي أيضا أهمية كبرى في تثقيف الطلبة وتوعيتهم بيئيا باعتبارهم الجيل الذي تراهن عليه لضمان استدامة الطبيعة.
وقد خصت الطلبة بمسابقات لزرع حب البيئة في قلوبهم، وترسيخ المفاهيم البيئية في عقولهم، وتحويلهم إلى فرسان يدافعون عنها. منها مسابقة الخطابة البيئية لطلبة المدارس وأخرى لطلبة الكليات والجامعات، ومسابقة الرسم البيئي، فضلا عن ورش عمل الطلبة، وحلقات النقاش التي تسلط الضوء على قضية بيئية، ويصار إلى مناقشتها عبر ضيوف يتحلون بخبرة واسعة في القضايا البيئية.
الوعي حول التنمية المستدامة يزيد ويتطوّر يوما بعد يوم، ولا سيما عند الشباب. برأيك ما أبرز الطرق التي يجب اعتمادها لتعزيز الوعي عند الجيل الجديد حول أهمية التنمية المستدامة والتدوير؟
كما قلت سابقا، إن الشباب هم حماة البيئة، ومن نراهن عليهم لصونها، وإيمانا منا بأن التثقيف والتوعية هما الطريق الأسهل لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، تحرص المجموعة على المشاركة بنشاط في العديد من الفعاليات للتواصل مباشرة مع الشباب واستطلاع آرائهم وتحفيزهم للعب دور فاعل في الحفاظ على بيئة طبيعية مستدامة للأجيال القادمة.
وإيمانا منا بهذا الدور الفعال للشباب ذهبنا إلى الطلبة بمشاريعنا ومبادراتنا لغرس ثقافة التنمية المستدامة في نفوسهم، حيث تمكنا خلال العام الماضي من إقامة شراكة مع 530 مدرسة وإشراك ما يقرب من 150 ألف طالب وطالبة من 5 دول عربية عبر المشاركة الشخصية ومن خلال المنصات الافتراضية في مسابقات الخطابة البيئية والرسم البيئي، وورش عمل الطلبة التي تصب جميعها في خانة تثقيف الشباب بيئيا.
ما أبرز التغيّرات التي تلمسينها يوميا في السلوك البشري والتي تشير إلى زيادة الوعي حول التنمية المستدامة؟
كان لبرامج مجموعة عمل الإمارات للبيئة الأثر الإيجابي الكبير في تغيير ثقافات وعادات وأساليب وسلوكيات أفراد المجتمع الطلابي، وهم أكثر شريحة في المجتمع سيكون لهم دور كبير في المحافظة على البيئة، نظرا لأن المجموعة تعمل على خلق هذه الثقافة لدى الطلبة لتعزيز ثقافة التنمية المستدامة.
نعمل على رفع مستوى الوعي البيئي لدى كل أطياف المجتمع حول مختلف القضايا البيئية المحلية والعالمية، ومساعدة الجهات المهتمة من الهيئات الحكومية والخاصة، بما أمكن على تنفيذ وتطبيق البرامج والمشاريع البيئية، إضافة إلى تشجيع أفراد المجتمع على العمل البيئي الإيجابي، وذلك من خلال المشاركة الفعالة في البرامج والنشاطات والحملات والفعاليات البيئية المختلفة. وكذلك نشر ثقافة إعادة الاستخدام والتدوير بين جميع أفراد المجتمع، وتشجيع ممارستها بين طلبة المدارس ومؤسسات القطاع الخاص، وذلك بهدف تقليل كمية النفايات الناتجة باعتبارها إحدى الوسائل الفعالة لحماية البيئة، وأساسا لرفع مستوى الوعي البيئي بين أفراد المجتمع.
كيف تنظرين إلى مستقبل التنمية المستدامة في الإمارات العربية المتحدة؟
أخذ مفهوم التنمية بعدا آخر، وبات أكثر ارتباطا بقدرة المجتمعات على تنفيذ عملية استدامة مدروسة لرفد أجيال المستقبل بنصيبهم من ثرواتها، وإطالة أمدها إلى أقصى حد، حتى لا يستأثر جيل الحاضر بحقوق الأجيال القادمة، وتلعب الإمارات دورا حيويا في بناء مستقبل مستدام إيمانا منها بأن تقدم المجتمعات ورقيّها يقاس بمدى انخراطها مع الآخرين في الانطلاق نحو المستقبل.
وتملك دولة الإمارات تجرية ثرية ومبادرات كثيرة في مجال التنمية المستدامة، وهو ما جعلها من الدول المتقدمة في هذا الإطار، حيث وضعت الإمارات قرابة 22 مليار دولار للاستثمار في الطاقة النظيفة بالعاصمة أبوظبي، وحققت مكسبا على مستوى العالم عندما استضافت المقر الرئيس للوكالة العالمية للطاقة المتجددة (إيرينا).
كما افتُتح "معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا"، وأُطلقت مبادرة وطنية طويلة المدى لبناء اقتصاد أخضر في الدولة تحت شعار "اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة"، فضلا عن مبادرات أخرى.
برأيك ما أبرز القطاعات في الإمارات التي تأخذ شروط التنمية المستدامة بعين الاعتبار ؟
تمثل أهداف التنمية المستدامة، مجموعة من الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة والتي تعرف أيضا باسم الأجندة العالمية 2030، وهي رؤية ودعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض، وضمان تمتع جميع الشعوب بالسلام والازدهار والرفاهية بحلول عام 2030، وكثيرة هي القطاعات التي تأخذ شروط التنمية المستدامة بعين الاعتبار في الإمارات، خصوصا البيئية والاجتماعية والاقتصادية والشراكات المتداخلة والفاعلة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أهداف التنمية المستدامة مترابطة، وغالبا النجاح في تحقيق هدف بعينه في معالجة موضوع محدد يؤدي إلى تحقيق أهداف أخرى.
وتقتضي أهداف التنمية المستدامة التعاون والعمل مع جميع الشركاء، وبشكل عملي، حتى نتمكن من اتخاذ الخيارات الصحيحة لتحسين الحياة بطريقة مستدامة للأجيال القادمة. وهي توفر مبادئ وغايات واضحة لجميع البلدان لتعتمدها وفقا لأولوياتها وخططها الوطنية مع تسليط الضوء على التحديات البيئية التي يواجهها العالم بأسره.
هل يمكنك أن تخبرينا عن إطلاق مجلس الإمارات للأبنية الخضراء شبكة النساء لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتعزيز مشاركتهن في مجالات الاستدامة؟
أطلق مجلس الإمارات للأبنية الخضراء " شبكة نساء مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" في خطوة طموحة تعزز مشاركة المرأة وريادتها في ميادين الاستدامة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ومع إطلاقها بأسلوب افتراضي، ستشكل "شبكة نساء مجلس الإمارات للأبنية الخضراء" منصة للتواصل والإرشاد ومشاركة المعارف تستفيد منها النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اللاتي يعملن في ميادين الأبنية الخضراء والتنمية المستدامة، والراغبات بالمشاركة في هذا القطاع.
ما أبرز أهداف الشبكة؟
تهدف الشبكة إلى تعزيز تفاعل النساء اللاتي يعملن في مجال الاستدامة، ومدّهن بكل سبل الدعم الممكنة، بما يمهد الطريق لدفع عجلة الإدماج والتنوع وريادة النساء. كما تهدف إلى تنظيم فعاليات التواصل والاجتماعات خلال العام الأول، في حين تعتزم توسيع نطاق نشاطاتها عبر إطلاق برامج الإرشاد والمسابقات الموجهة لصقل مهارات النساء.
ما مشاريع المجموعة المستقبلية؟
ستستمر المجموعة بالعمل قدما لتعزيز ثقافة جمع وإعادة تدوير النفايات في المجتمع، وستعمل على المساهمة بشكل فعال في تعزيز التنمية المستدامة في دولة الإمارات، من خلال جعلها بوتقة بيئية تستقطب كل المهتمين بالمحافظة على البيئة والإدارة السليمة للنفايات من مختلف الأعمار والجنسيات في المجتمع.
وسنعمل على نشر ثقافة خفض إنتاج النفايات، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير بين أفراد المجتمع، وتشجيع تطبيقها، وذلك بهدف تقليل كمية النفايات الناتجة باعتباها إحدى الوسائل الفعالة لحماية البيئة، وأساسا لرفع مستوى الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، فضلا عن تشجيع أفراد المجتمع على العمل البيئي الإيجابي من خلال تقليل استخدام وهدر الموارد الطبيعية، وذلك بالمشاركة الفعالة في البرامج والنشاطات والحملات البيئية المختلفة.
كما ستعمل المجموعة على دعم الجهات المهتمة من الهيئات الحكومية والخاصة بتنفيذ وتطبيق البرامج والمشاريع البيئية، والعمل على رفع مستوى الوعي البيئي لدى أطياف المجتمع حول مختلف القضايا البيئية المحلية والعالمية، والتعاون مع المؤسسات المختلفة في المجتمع لنشر الوعي والعمل البيئي المستدام، وتعزيز روح التطوع بهدف حماية البيئة والمحافظة عليها.