الممثلة السعودية سمية رضا لـ "هي": هويتي هي التي تقودني للعالمية
حوار: "مشاعل الدخيل" Mashael Al Dakheel
تنسيق مظهر: "سابينا ماريني"
تصوير: "لينا مو"
شعر وماكياج: صالون "شاميل" في جدة
تحمل الممثلة السعودية سيرة ذاتية حافلة بالأعمال الفنية والإنجازات التي أسهمت في صناعة مجال السينما والتمثيل في السعودية.. ومن منطلق مفهوم الأصالة والشفافية، تعتمد الممثلة سمية رضا على انتقاء الأدوار الواقعية القريبة إلى المرأة في المجتمعات العربية.
في حوار خاص بـ"هي" تحدثنا الممثلة سمية رضا عن بداياتها في عالم التمثيل، ودخولها عالم الفن والتمثيل بالصدفة، تتحدث سمية أيضا عن دور المرأة العربية وأدوارها المتنوعة في صناعة السينما السعودية وعن آخر أعمالها “قيامة الساحرات” الذي يتألف من 10 أجزاء مبنية على سلسلة روايات خيالية للكاتب السعودي أسامة المسلم، برعاية مدينة نيوم بمؤثراته البصرية الأعلى كلفة في تاريخ الأعمال السعودية.
أولا، من تكون سمية رضا؟
مجرد إنسان، ولست من النوع الذي يجيد الحديث عن نفسه. مواجهة التحديات أمر لا بد منه في أي مجال ومهنة، ما التحديات التي صنعت منك ممثلة وفنانة؟
كل إنسان يواجه الكثير من التحديات في حياته، وكل إنسان يستطيع تطويع تلك التحديات لمصلحته، وروح التمثيل كانت بداخلي، ولكني كنت أرى أن هناك أولويات أخرى لا بد منها، على سبيل المثال لا الحصر، الدراسة والعمل. لذا أنهيت مرحلتي العلمية الأولى والثانية، وعملت خارج نطاق التمثيل فترة زمنية، حتى رغبت في أن أخوض غمار التمثيل عام 2017 من خلال شخصية سارة في مسلسل “بشر”، وصولا إلى مسلسل "رشاش"، حيث أديت دور "عايدة" زوجة "رشاش".
ومن ثم وصلت إلى دور البطولة في فيلم يكسر الصورة النمطية للمرأة السعودية بعنوان "تمزُّق" Rupture إخراج حمزة جمجوم. وقد فاز هذا العمل بجائزة أفضل فيلم سعودي في "مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي". هذا الفيلم شكّل نقطة التحول بالنسبة لي من خلال الدور الذي أديته، فهو حمل في أعماقه المزيد من التحدي لروح الفنان، أعتبر أن هذا الفيلم صقل شخصيتي بشكل أكبر، وأعطاني دافعا كبيرا لقبول المزيد من التحديات في المرحلة المقبلة.
احتفلت المملكة بعالم السينما السعودي المعاصر في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي وسط أجواء عالمية فاخرة بكل ما تحملها الكلمة من معنى وننتظره في دورته الثانية هذه السنة. متى شعرت بالفخر أثناء حضورك هذا الحفل؟
منذ اللحظة الأولى التي كنت أتوجه فيها للسجادة الحمراء يوم الافتتاح، كانت المشاعر مرتبكة بداخلي، وما بين الحلم والواقع وجدتني أسير على السجادة الحمراء وما بين كاميرات الصحفيين وكبار الممثلين العالمين المشاركين في المهرجان. في تلك اللحظة بدأ إحساسي بالفخر، وأنا الآن أستطيع أن أمارس ما أراه مناسبا لي، وجدت كل الاحترام من جميع المسؤولين والعاملين في المهرجان، وهو ما مكنني من أكون حاضرة على سجادته الحمراء بشكل يومي.
تميلين كثيرا لتمثيل أدوار المرأة المتمكنة التي تحافظ على التوازن الحقيقي بين الحكمة والتمرد. حدثينا عن أدوارك البطولية بوجه عام؟ كيف تختارينها؟
لست من الذين يقبلون جميع الأدوار لمجرد التمثيل، إذ إنني أدرس الشخصية وما ستضيفه لي قبل القبول بها. بصفتي فنانة سعودية لي رؤيتي الخاصة فأنا أهتم بجميع الأدوار التي تعزز حضور المرأة السعودية، أحيانا هناك بعض الأدوار الثانوية، ولكنها تكون مهمة وتحمل رسالة واضحة في داخلها، ولكوني أحمل الرسالة الفنية بداخلي أحاول من خلالها مواكبة تطلعات السوق الفني وما يطرحه من مواضيع تهم المشاهد من دون تحديد هويته أو جنسيته. ما أقدمه من عمل فني أجده يمثلني شخصيا، وأنا من أبناء الوطن العربي، وأحمل في داخلي أسئلتي الكونية الخاصة.
ذكرت في أحد لقاءاتك السابقة أن الفنان يحتاج إلى عزلة، كيف تتجدد طاقاتك للعمل والحياة بعد العزلة؟
بالنسبة لي العزلة تخرجني من الضجيج وصخب الحياة الروتينية والاجتماعية، والعزلة تنعش الفنان وتزيد من طاقته الإبداعية لأداء أدواره، وتزيد من تركيزه. إن العزلة التي أتحدث عنها تشمل كذلك اعتزال وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت اليوم تجعل الفنان مسؤولا أمام الجماهير، وكذلك المتابعون، لذا أشعر بأننا بحاجة ما بين مرحلة وأخرى الى الدخول في عزلتنا الخاصة، وإعادة تهيئة النفس من جديد لاستكمال المشوار الإبداعي والفني.
كيف تتقمصين الأدوار والشخصيات التي تمثلينها؟ وكيف تفصلينها عن حياتك الخاصة؟
السؤال يدخل في إطار الكشف عن أسرار النجاح، لذا أعتذر عن الدخول في التفاصيل.
مفهوم النسوية في عالم السينما العربية حاضر بشكل كبير، له قوة تأثير في المرأة في طريقة تعاملها مع الوقائع والأحداث، سواء كان ذلك أمام الشاشة أم خلفها وفي حياتها الخاصة، ما رأيك؟
أصبحت النسوية اليوم حركة عالمية، وبالنسبة لي شخصيا، أنا أؤمن بأننا نحن السيدات أساس وعمود الحضارات، ومن وجهة نظري، فإن المجتمعات العربية ليست هي المجتمعات الغربية، ما يهمني ألا ننسى هويتنا الخاصة، لأنها الهوية المميزة، وهي منبع الفن بالنسبة لي، علما بأن الغرب يحافظ على هويته، وينطلق من خلالها. ولكنني أحترم هويتي التي منحتني المزيد من القوة والتفرد، وأرى أن هويتي هي التي تقودني للعالمية، وليس بالضرورة تقمص شخصيات لا تنتمي لي كي أصل إلى العالمية.
ما الشروط الأساسية لدخول المرأة في عالم السينما؟ أي ماذا اشترطت عليك الحياة لدخول هذا المجال؟
لا تختلف المرأة عن الرجل في اشتراطات دخول السينما، أو عالم التمثيل، حيث إن الشغف والموهبة هي التي تقودنا للعمل الفني، ويأتي بعد ذلك حالة التطوير الشخصي من خلال الثقافة الشخصية ومزيد من التدريب في هذا المجال. فالتمثيل لا يختلف كثيرا عن العلوم الأخرى في الحياة التي تحتاج إلى مزيد من الدراسة والقراءة والممارسة، ويسبق كل ذلك الموهبة والشغف.
كيف تتعاملين مع الشهرة؟
مثلما أتعامل مع مفاتيح الضوء، أفتحها وقت الحاجة، فالشهرة قد توصل البعض إلى مرحلة النظرة الاستعلائية إلى الآخرين. أنا بطبعي أحب الناس، بعد الخوض في غمار الفن وقبله، لذا أشعر بأن الشهرة أكسبتني أصدقاء ومعارف جددا في كل أنحاء العالم، لذا أجدني أبتعد عن حالة الاعتداد النفسي. تمامًا كما أجبت على السؤال الأول الذي طرحته عليّ، أكرر أنا إنسانة وأحب الناس بطبعي.
حدثينا أكثر عن فيلم "تمزق"، ما الدور الذي جعلك أقرب للجمهور؟
قدمت فيلم "تمزقّ" والبطولة إلى جانب الممثل الأميركي "بيلي زين"، هذا الفيلم الذي أصبح علامة نوعية في السينما السعودية، لأنه حمل الكثير من المواصفات العالمية، وتم تصويره خارج السعودية. وتعاملت فيه مع كوادر فنية أجنبية، علما بأن هذا الفيلم يحاكي حالة الإنسان من الداخل، وكيف تنتصر هواجسه ومخاوفه وكيفية النهوض من جديد.
أعتبر فيلم "تمزقّ"، كما سبق أن ذكرت، محطة تغيير بالنسبة لي، وقدمني في بلادي ممثلة سعودية في أفلام عالمية، وهذا ما لمسته في مهرجان "البحر الأحمر السينمائي الدولي" إذ إن الفيلم يحمل المواصفات العالمية في منهجية الإخراج والتصوير.
أُعلن مؤخرا عن مسلسل "قيامة الساحرات"، هل لك أن تشاركينا بعض تفاصيل العمل؟
تحمست كثيرا عندما عرض علي دور البطولة في هذا المسلسل، لأنه جزء من أحلامي التي كنت أسعى لتحقيقها في التمثيل، وهي تجسيد شخصيات بطولية في أفلام أو مسلسلات تحاكي الخيال والفنتازيا في الوقت نفسه. وما حمّسني لهذا العمل أكثر أنها رواية سعودية بقلم محلي، وأن صاحب الرواية لديه العديد من الكتب والمؤلفات المعروفة سابقا التي تتحدث عن تاريخ الجزيرة العربية قبل آلاف السنين. ونجد أن هناك ميزانية ضخمة رصدت لهذا العمل، وأن المخرج يتمتع بخبرة عالمية، كما أن لجميع العاملين في طاقم الإنتاج بصمات في الأعمال التي قدموها للتلفزيون العالمي، وهم اليوم يشرفون على هذا العمل. وأنا فخورة جدا بأنني ضمن هذا العمل المحلي العالمي، وفخورة بأن العمل كان إنتاجه داخل السعودية وبوجود كوادر وطنية.