سيدة الأعمال الإماراتية مريم بن جديم السويدي لـ "هي": أسعى إلى إبراز روعة الفن الإسلامي
عشق سيدة الأعمال الإماراتية مريم بن جديم السويدي للفنون بشكل عام والفن الإسلامي بشكل خاص، دفعها إلى الانتقال من مجال الهندسة المعمارية إلى تأسيس ملتقى الفن الإسلامي في أبوظبي ومؤسسة جديمادس. السويدي تسعى من خلال الملتقى إلى البحث عن قدرات إبداعية متميزة لدى فنانين من الوطن وخارجه قادرة على النهوض بأعمال الفن الإسلامي على وجه الخصوص إلى الواجهة الفنية إقليميا وعالميا. ومعها كان هذا اللقاء.
- متى وكيف بدأ حبّك للفن بالإجمال، وللفنون الإسلامية تحديدا؟
حقيقة ميولي فنية منذ الصغر، أحببت الفنون بشكل عام والفن الإسلامي ربما بشكل خاص، وقد أتى اختياري لدراسة الهندسة المعمارية خيارا وسطا بين تفضيل المجتمع الاختصاصات ذات الطابع العلمي وبين شغفي الخاص بفن العمارة. لكن أعتقد أن نضج الشخصية في مرحلة لاحقة، أَملَت عليّ التوجه إلى ما أرغبه حقا. فلطالما كان اهتمامي الحقيقي هو متابعة الأخبار الفنية ولوحات أعمال الفنانين ومدارس الفن، وكأنها كانت المرحلة الفصل، لأتسلق من بعدها قمة ما أصبو إليه، حيث تخليت عن عملي في مجال الهندسة، وقررت خوض التجربة لتأسيس جديمادس، ومن ثم ملتقى الفن الإسلامي تحديدا.
- لماذا قررت تأسيس جديمادس وملتقى الفن الإسلامي في أبوظبي؟ وما الرسالة التي تودين مشاركتها مع العالم من خلال الملتقى؟
كما ذكرت، فجديمادس وملتقى الفن الإسلامي هما المشروع الفني الذي أعتبره بلورة حقيقية لاختياري المضي في عالم الفن والثقافة، وهما بلورة للمساعي الخاصة بي نحو ما أصبو إلى تحقيقه في عالم الفن. الهدف من ذلك هو البحث عن قدرات إبداعية متميزة لدى فنانين من الوطن وخارجه قادرة على النهوض بأعمال الفن الإسلامي على وجه الخصوص إلى الواجهة الفنية إقليميا وعالميا، وتمتلك من الابتكار، ما يجعلها قادرة على تحقيق رؤية جديمادس التي تسعى إلى حداثة الرؤية في الأعمال وطريقة العرض، وكل ذلك يصب بالتأكيد في مصلحة دعم القطاع الفني والثقافي في العاصمة أبوظبي بشكل خاص والإمارات العربية بشكل عام.
- ما الصعوبات التي واجهتك خلال تأسيسك للملتقى؟
طبعا المشروع هو مشروع حديث، ودائما ما تكون هناك صعوبات في البدايات. الحمدلله مع وجود رؤية واضحة وأهداف جلية وخطة عمل فأنا أعتقد أننا في الطريق الصحيح، لكن إذا ما أردت تحديد حقيقة الصعوبات فهي ربما أكثر ما تكون في العمل على إرساء قواعد متينة لملتقى قادر مستقبليا على جذب عدد كبير من الأعمال الفنية لفنانين نكسب ثقتهم، ويجدون في ملتقانا ما يبحثون عنه حقيقة من تقدير وشهرة، وهذا يحتاج حقا إلى الكثير من العمل والجهد والتعاون مع أطراف جدية ومؤمنة بالمشروع.
ما الدعم الذي حصلت عليه من الحكومة خلال تأسيسك للملتقى؟
حاليا أنا في طور إثبات جدوى مسعاي الفني، وأعتقد وبحسب عملي حاليا في هذا المجال أن هناك اهتماما ملموسا من قبل المواطنين والمقيمين في الدولة اليوم، ونرى ذلك في حجم الإقبال على المعارض الفنية بشكل عام. بالتأكيد أملي كبير بإثبات قدرات المؤسسة والملتقى، ونطمح إلى أن تكون الأرقام أفضل في المستقبل، فبصمات توجهات الدولة نحو التميز بالعمل والإنجاز ومكافأة الإنجاز كثيرة جدا، وهي إذ تعمل على الارتقاء بمستوى المواطن إلى العالمية في الخدمات والاهتمامات، فإنها لا شك داعمة ومشجعة للمواطن الإماراتي على خوض مشاريع تنموية وإبداعية تتماشى مع رؤى التقدم والازدهار بشكل مستمر.
- كيف ترين الفن الإسلامي من وجهة نظر عالمية؟
لا شك أن للفن الإسلامي ثقله العالمي بالتأكيد، ونرى أن مصطلح الفن الإسلامي يصف جميع الفنون التي جرى انتاجها على الأرض التي كان الإسلام فيها مهيمنا، فهو لا يصف فقط الفن أو العمارة الدينية، وإنما ينطبق على جميع أشكال الفن المُنتج في الأرض التي حكم فيها الإسلام، وهذا لا ينطبق على الفن المسيحي أو اليهودي أو البوذي، حيث المصطلح يشير فقط إلى الفن الديني لهذه الأديان، ومن هنا كانت عظمة الفن الإسلامي وانتشاره على رقعة كبيرة من العالم.
طبعا باعتقادي الجلي أن جمع الأعمال الفنية وتوثيقها هو أحد أهم الخطوات لتحديث وإثبات وجود هذا الفن، وهذا ما أسعى إليه بالتحديد، فعلى الفن أن يجاري التطور الإنساني ويتماشى معه، وإلا فسيبقى تقليدا وتراثا ليس إلا. ما أتطلع إليه حقا هو تعزيز فكرة أن الفنون الإسلامية وبجانب كونها موروثا حضاريا وفكريا وجماليا، هي متجددة ومتطورة ويجب أن تحتل مكانتها الحقيقة عند متذوقي الفن في العالم وأن تتصدر مجموعة الفنون الأخرى.
- مع كل ما يحدث في دولة الإمارات عموما وفي مدينة أبوظبي بالتحديد من مناسبات، والآن مع التطور بافتتاح متحف اللوفر، ما رأيك في التطور الحاصل على الصعيد الثقافي وكذلك المشهد الفني في دولة الإمارات؟
بالتأكيد كان الفن إحدى أهم المحطات التي طالها التوسع في دولة الإمارات، تماما كما طال جميع القطاعات الحيوية، والاقتصاد بالمجمل. فكما في جميع الإمارات والعاصمة أبوظبي، انطلق قادة البلاد لإرساء قواعد هذا الاهتمام الخاص والذي بلورته عادات وتقاليد وتراث وجداني أصيل، وذلك من خلال إنشاء مؤسسات محلية معنية بالفن تهدف إلى فرض توجه عام يعمل على إرساء دور الإمارات العربية الراقي والحيوي في توجهاتها الحاضرة والمستقبلية لتكون منارة للفن ووجهة ثقافية بامتياز، والآن مع افتتاح اللوفر، لا يسعني إلا أن أكون فخورة كل الفخر بكل هذه الإنجازات.
- كيف ترين مستقبل الفن الإسلامي إقليميا وعالميا؟
كما ذكرت، فالفن الإسلامي فن متميز تحدث عن جزء منه بيكاسو، فقال: "لقد اجتهدت في الوصول إلى ما قد وصلت إليه في فن الرسم، لأجد أن الخط العربي قد سبقني إليه منذ أمد بعيد". المهم أن نرى اهتماما على قدر أهمية الموضوع إلى جانب الحفاظ على هذا الفن وتحديثه. وأحب أن أضيء هنا على فكرة الملتقى الأساسية، وهي تقديم ما يمكنه أن يعكس الفكر الإسلامي الراقي بشكل جميل ومتميز، وذلك من خلال فنون عريقة قادرة على إعادة إنتاج تمائم الثقافة العربية الإبداعية ضمن رؤية عصرية.
- متى تنوين عقد دورة أخرى لملتقى الفن الإسلامي؟
ستكون هناك دورة أخرى بعناوين مختلفة تلي المقدمة الفنية الثقافية التي تم عقدها في مارس الماضي تحت عنوان "طاقة الحرف" في مارس 2018 بإذن الله. حاليا هناك تحضيرات لمعرض فني بالتعاون مع الملحقية الثقافية الروسية، إلى جانب مشاركات اجتماعية ثقافية أخرى، وجلسات ثقافية موازية ومشاركات أكاديمية ذات صلة.
- ما رسالتك لمتذوقي الفنون في دول مجلس التعاون الخليجي؟
أحب أن أشدد أولا على أهمية السعي للمعرفة والثقافة والعمل على إثرائهما بشتى السبل الممكنة، فهكذا تنجح الشعوب وتستمر. وطبعا، أدعو جميع متذوقي الفن والعامة إلى الاهتمام بحضور النشاطات الثقافية والفنية الهادفة، وذلك لتشجيع أعمال المبدعين من الفنانين المحليين والعرب، إضافة إلى دعمهم الفن وتشجيع أولادهم على فهمه ودراسته لمن يرغب. أيضا أحب أن أرى جهدا إضافيا فيما يخص تطوير الأعمال الفنية أكاديميا في المعاهد والكليات الفنية، وعلى المستوى الأكاديمي العالي واندماجها مع المجتمع، بحيث نرى توجها فنيا ذا بعد ثقافي قادر على صنع خلفية فنية ثقافية متفردة بالمنطقة، ولها خصوصيتها وقدرتها في التأثير.
- أطلقت مجلة "هي" هاشتاغ #تملك_الوقت #maketimeyourown. فكيف تقضين وقت فراغك؟ وماذا يعني الوقت بالنسبة إليك؟
موضوع مهم جدا، خاصة مع كل هذا التطور التكنولوجي واحتلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للحيز الأكبر من وقت يمكن استثمار جزء منه بما فيه خير أكبر لتوازن الإنسان النفسي والعقلي والصحي. فحاجة الإنسان إلى المال والجمال إضافة إلى حاجته إلى الآخرين هي جزء فقط من حاجات أخرى، وعدم استغلال الوقت بالشكل الصحيح سينعكس حتما بشكل سلبي على بقية عناصر توازن الإنسان، وسيؤدي إلى حياة غير متوازنة ضررها أكثر من نفعها.
أحب أن أقضي وقت فراغي بالتأمل واليوغا، وأولي العبادات حيزا مهما لما فيها من خير للروح والنفس، وإن شاء الله أتطلع إلى تحقيق التوازن دائما من خلال ممارسة الرياضة والقراءة والاطلاع.
- ما مشاريعك المستقبلية؟
أسعى حاليا إلى تحقيق رؤيا مشروعي الفني، وهي إبراز روعة الفن الإسلامي المعاصر تحديدا، لأراه يحتل مكانة متفوفة يستطيع من خلالها المساهمة في نشر رسائل فنية عالمية، ومن ثم التأثير في الذوق العالمي لناحية الصورة والمفهوم. أيضا أسعى، ومن خلال أعمال الملتقى، لأن أسهم في ربط العمل الفني بالاحتياجات الاجتماعية والعمل الخيري، وخصوصا فيما يتعلق بتمكين المرأة المستضعفة وكل ما يخص سد حاجات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
لهذه التوجهات، نحن الآن بصدد التحضير لعدد من النشاطات الثقافية والفنية، من ضمنها العمل مع الملحقية الثقافية الروسية لتحضير نشاط فني متميز بإذن الله، وسنوافيكم بالتفاصيل قريبا إن شاء الله.