المحامية السعودية ريما عارف لـ"هي": المحاماة بحد ذاتها مهنة إنسانية راقية
المحامية السعودية ريما عارف، نموذج مميّز في عالم القانون السعودي الحديث.تحمل ريما خبرة في القضايا القانونية التجارية والاقتصادية. تحمل ريما خبرة في القضايا القانونية التجارية الاقتصادية. حيث تحمل ريما شهادة قانون من كلية الحقوق في جامعة ليدز (المملكة المتحدة) وتدرس حالياً عن بعد (عبر الانترنت) Executive LLM ماج ستير القانون التنفيذي. كما التحقت بدورات في حماية حقوق الإنسان من خلال آليات الأمم المتحدة في مركز حقوق الإنسان في جامعة نوتنغهام (المملكة المتحدة). بالإضافة إلى دورات في التحكيم والحلول البديلة لفض المنازعات مع المركز السعودي للتدريب القانوني. وهي عضوة في مجموعة المحاميات في الشرق الأوسط women lawyer group middle east . وتشغل حالياً منصب مدير رئيسي في قانون الشركات، قسم استشارات الضرائب في شركة أرنست آند يونغ.
الرياض: مشاعل الدخيل
تصوير: علي المتروك
بداية، أخبرينا أكثر عن نفسك. من تكون ريما؟
أنا توأم، محامية وأم لطفلين (سلمان ونورة). أقضي معظم وقت فراغي مع أطفالي، وعائلتي وأصدقائي. تختلف اهتماماتي بين القراءة، والعزف على البيانو، والسفر، أو اللعب مع أطفالي، سواء بالمكعبات أو كرة القدم في الحديقة أو تعليم ابني ركوب الدراجة أو حتى قضاء ليلة في المنزل ومشاهدة فيلم عائلي مع أسرتي. أحب دائما أن أتعلم شيئا جديدا، والتغلب على أي خوف بداخلي. أعشق التغيير، ولا أحب الروتين، لذلك دائما أبحث عن شيء جديد لأغير فيه الروتين، وخاصة مع أطفالي.
كيف تخصصتِ في مجال المحاماة؟ هل كان لديك هذا الشغف منذ الصغر؟
بداية حبي لتخصص المحاماة كان حلم الطفولة والحمد لله تحقق. أذكر أنني كنت في الحادية عشرة من عمري عندما شاهدت فيلما مصريا سينمائيا لشخصية جسدتها الفنانة فاتن حمامة وهي محامية، وكانت تدافع في المحاكم وطالما تخيلت نفسي في المستقبل أن أصبح في مكانها يوما ما، وخاصة أنه في وقتها لم تكن مهنة المحاماة متاحة للمرأة في السعودية. تخرجت في المدرسة، وكنت أعرف أنني أريد التخصص في مجال المحاماة، إلا أنه لم يكن متاحا بكثرة وقتها في الجامعات السعودية. ساندني في قراري جدي ووالدي، فقدمت على الكثير من الجامعات في بريطانيا، وكنت أنتظر الردود والقبول بشغف، وبعد أن حصلت على قبولي في جامعة ليدز، كانت هذه بداية تحقيق حلم الطفولة.
ما السبب الرئيس الذي دفعك للدخول في هذا المجال؟
جذبتني ندرة المجال للمرأة السعودية وأنا شخصية أحب التحدي، فشدني ذلك للقبول بالتحدي لأصبح محامية سعودية وأحقق حلمي. المحاماة بحد ذاتها مهنة إنسانية وراقية جدا، ويلجأ إليها الجميع على حد سواء، يترافع فيها المحامي بالقانون، ويتمتع المحامي بشخصية قوية حذرة يرفض أن يكون ضحية في أي وقت.
بالنظر إلى أن الوظائف المهنية للمرأة في عالم القانون والمحاماة محدودة نوعا ما، كيف استطعتِ الخوض في هذا المجال؟
أثناء دراستي في الجامعة التحقت بمكاتب محاماة للتدريب في بريطانيا، واكتسبت الكثير منها، وعند عودتي إلى السعودية قررت أن أتقدم للعمل في شركة أرامكو، لكونها في ذلك الوقت كانت تسعى لتوظيف المرأة في مجالات متعددة.
ما التحديات والعقبات التي واجهتك؟
كنت المرأة الوحيدة في إدارة التحقيقات القانونية، وكان من الصعب على البعض تقبل ذلك، لكني فرضت وجودي، ووضعت بصمتي في كل القضايا التي عملت فيها. تتميز شركة أرامكو السعودية بالتنوع الثقافي في موظفيها، فتعلمت كيف أتعامل مع هذه الثقافات المختلفة بنجاح.
كيف تخصصتِ في قانون الضرائب؟ وما الذي جذبك إلى هذا التخصص تحديدا؟
تخصصت في قانون الضرائب في بداية دراستي في بريطانيا عندما كنت أحدد المواد التي أريد دراستها، فجذبتني مادة قانون الضرائب الدولي، وأثارت اهتمامي لكوني لم أعلم عنها في السعودية من قبل. وعندما التحقت بالهيئة العامة للزكاة والدخل ازداد إعجابي بها، وقررت أن أوظف كل طاقتي في هذا المجال، سواء في القراءة عنه أو اكتساب خبرة الآخرين والحصول على الشهادات الاختصاصية التي ساعدني فيها مديري السابق الأستاذ أنس العقلا، حيث كان دائما يثق بي وبقدراتي ويحفزني على أن أمسك مشاريع كبيرة في هذا المجال. من الجانب الآخر جذبتني ندرة المحامين في هذا التخصص، وكما قلت سابقا أنا أعشق التحدي وتجربة الأشياء الجديدة، ولأن قانون ضريبة القيمة المضافة كان في بدايته وفي قيد تطوير قانون ضريبة الدخل وجباية الزكاة، جذبني أكثر أن أعرف كيفية تطبيقه في السعودية.
بنظرك، ما أهم المواصفات التي يجب أن توجد في المحامي؟ أو المحامية؟
المحامي الناجح من الجنسين هو من يمتلك حب الاستطلاع، ولا يستسلم إلى قناعات غيره، وهو من يمتلك الثقافة القانونية، ويحدد قناعاته وثقافته بالقراءة، المحامي أو المحامية إنسان يمتاز بالإنسانية، فيتعامل مع كل قضية كأنها قضيته.
ما نوع الدعم الذي تلقيتِه على الصعيد المهني والشخصي والاجتماعي والحكومي؟
على الصعيد المهني دعم رؤسائي وتشجيع زملائي وزميلاتي في العمل على إنجاز الكثير. وعلى الصعيد الشخصي، دعم زوجي المتواصل لي، حيث إنه دائما يساند قراراتي، ويدفعني إلى تجربة ما يناسبني، ولم يقف في طريقي أبدا، ثانيا، وجود أبنائي في حياتي، وأتمنى أن يكبروا على إنجازاتي، ليعرفوا أنه لا حد في تحقيق الحلم، ولا اختلاف بين ذكر أو أنثى، وبلا جدال الدعم الذي طالما تلقيته من أهلي جميعا، خاصة من والدتي ووالدي وأختي التوأم. أما على الصعيد الاجتماعي والحكومي، فتقبل المجتمع ونظرته الإيجابية وتأييده لممارسة المرأة مهنة المحاماة، وثقة دولتي وقيادتها بالمرأة السعودية وإعطائها الدعم من بداية الدراسة حتى العودة الى أرض الوطن. كما أن المراسيم الصادرة بالموافقة على كثير من الأنظمة الجديدة تأتي حافزا وتشجيعا لتقديم الأفضل دائما بإذن الله.
ما رأيك بإنجازات المرأة السعودية حاليا، والدعم المتواصل في تطوير مكانتها باعتبارها عنصرا فعالا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا؟
أنا جدا سعيدة وفخورة بإنجازات المرأة السعودية، فلطالما كانت المرأة السعودية ذكية، ومجتهدة في الدراسة والآن أثبتت مكانتها وقدرتها في مجال العمل أيضا، ولا يسعني الانتظار لرؤية إنجازاتها المستقبلية لمساندة مملكتنا لتحقيق رؤيتها.
كيف توفقين بين حياتك الشخصية والعمل؟
في البداية كان من الصعب جدا عليّ الموازنة، فقد كنت دائما أفتخر بإعطائي 100 ٪ من انتباهي للمهمة الموكلة إلي، وخاصة القضايا. عندها أدركت أن تطبيق التفكير نفسه على وقتي في المنزل أو في إجازة، مع منح عائلتي وأصدقائي وهواياتي اهتمامي الكامل، يسمح لي بإعادة الشحن حتى أتمكن من تقديم كل ما لدي أثناء أسبوع العمل.
هل حصلتِ على رخصة قيادة؟ صفي لنا تجربتك، وماذا عنت لك هذه الخطوة؟
نعم، عنت لي هذه الخطوة الكثير، فطالما كنت أتمنى أن أقضي مشاويري بنفسي، وأذهب إلى دوامي، وأوصل ولدي إلى المدرسة بنفسي، وأنا أجلس في مقعد السائق وليس الراكب. وفرحة ابني عندما رآني أقود السيارة للمرة الأولى كانت لا توصف.
صفي لنا مظهرك وأزياءك في الدوام بوجه عام؟
مظهري في الدوام بسيط جدا، فأنا دائما أميل إلى العباءة السوداء، لأنها تعكس الأناقة والاحترافية، ودائما ما تذكرني بمعطف المحاماة الأسود.
ما أهم المواصفات التي تحرصين عليها في مظهرك في العمل؟
بما أن يومي العملي يكون في الفترة الصباحية، فأنا أسعى دائما إلى أن ألتزم بالزي الرسمي، العباءة السوداء وحذاء كعب رسمي مريح للدوام.
إلى من تهدين نجاحاتك؟
أهدي نجاحي إلى عائلتي، وبالأخص جدي اللواء عبدالحميد الفرائضي، فلطالما كان يدفعني ويساندني في قراراتي ويثق بقدراتي دائما، فحبه للتعلم والاستطلاع والإنسانية كان له أثر كبير في حياتي. وإلى أبنائي سلمان ونورة، فأتمنى أن يكبروا دائما على تحقيق أحلامهم مهما كانت صعبة أو مشوقة، فالحلم له طعم آخر عند تحقيقه، وأن أقدم رسالة إليهم عبر نجاحي، لأكون بالفعل مثالا واقعيا وليس كلاما، فبدلا من أن أقول لهم إن بإمكانهم أن يحققوا أحلامهم، أريد أن يروا ذلك بالفعل، فأنا فعلا أعيش حلمي.
رسالة توجهينها لكل امرأة تفكر في مجال المحاماة.
تعلمي كيف أن تلعبي لعبة الشطرنج ضد نفسك في عقلك. على الرغم من أنني لا أقصد هذا بالضرورة حرفيا، إلا أنها ليست فكرة سيئة. وتعرّفي إلى كيفية فصل جزأين من الدماغ عن بعضهما البعض، ثم تنافسي على نفسك. عندما يكون لديك جانب واحد من الحالات، هاجمي من جميع وجهات النظر المتعارضة، والبحث عن نقاط الضعف ونقاط الضغط، ثم يمكنك البدء في الاستعداد لما سيفعله متقاضٍ معارض لك. فكري في وجهات النظر المتعددة، بغض النظر عن مدى صعوبة النضال، ابقي عندما يريد الآخرون منك أن تذهبي، وقفي أمام الصعوبات عندما يريد الآخرون منك الابتعاد، فالطريقة الوحيدة لتغيير المقاعد على الطاولة هو البقاء في الغرفة.