يسري نصر الله لـ"هي": أحمد السبكي مغامر و"بتاع سيما" وهذا رأيي في أعمال محمد رمضان

رغم أنه بدأ مشواره في الإخراج السينمائي، منذ أكثر من 30 عامًا، إلا أن حصيلة أعماله التي تولى إخراجها بنفسه لم تتخطَ الـ11 عملًا سينمائيًا فقط، لكنه استطاع من خلال هذا العدد القليل بالمقارنة بزملائه في نفس المهنة؛ أن يخلق عالمًا فنيًا مميزًا، لا يتذوق جمهوره سوى الفن، الذي يرصد من خلاله عدة مشاكل وأزمات نمر بها في حياتنا، بشكل قد يعتبره البعض جريئًا، لكنه حقيقيًا.

"هي" حاورت المخرج يسري نصر الله الذي فرض نفسه بأفلامه القوية المثيرة للجدل طوال الوقت؛ والذي تحدث عن كواليس بعض أعماله وسبب ترحيبه باختياره رئيسًا للجنة تحكيم مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة الذي أقيمت دورته الـ21 مؤخرًا، بالإضافة إلى حديثه عن تعاونه مع المنتج المصري أحمد السبكي، وإلى نص الحوار:

المخرج يسري نصر الله

ما سبب ترحيبك باختيارك رئيس لجنة تحكيم مسابقتي الأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة في مهرجان الإسماعيلية؟

لقد شاركت من قبل كعضو لجنة تحكيم في عدد من المهرجانات، ولا يوجد شيئًا يعذبك أكثر منجلوسك لتشاهد فيلم طويل ممل، بينما السينما التسجيلية مثيرة، وخلال مشاهدتنا أنا وأعضاء التحكيم الأخرين، أكثر من 30 ساعة أفلام تسجيلية، إلا أنني لم أصاب بالملل ولو للحظة..فالأمر من البداية كان شغفًا بالنسبة لي.

قدمت تجربة وحيدة في السينما التسجيلية وهو فيلم "صبيان وبنات" عام 1995 ولم تكرر التجربة مرة أخرى.. ما السبب؟

في السينما بشكل عام لابد وأن تخطفك فكرة معينة تجعلك تقول هذا الموضوع خاص بي وأريد تقديمه في صورة عمل فني، وهذا لم يحدث لي بعد "صبيان وبنات" في هذا النوع من السينما، كما أن ظروف تصوير الفيلم كانت مختلفة وخاصة جدًا وقتها، كذلك لا أستطيع تقديم فيلم بشخصيات لا أحبها، لكني دائمًا أريد أن أشعر بالشخصيات التي أتحدث عنها، فجزء من اختياراتي لقصص أعمالي هو أن أجد أناس أحبهم ولا أحكم عليهم، أما في فئة التسجيلي فدائمًا أتمنى مقابلة ناس جدد واكتشافهم وفي نقطة معينة أجد نفسي أقول "أنا عايز أصور".

المخرج المصري يسري نصر الله

ما نقطة الانطلاق إذن في أعمال يسري نصر الله؟

دائمًا هناك أفكار كثيرة قبل التنفيذ حتى أصل إلى نقطة الانطلاق، فأنا لست المخرج الذي يقدم عملًا لا يشعر به لمجرد أنني مخرج جيد، فتعرضت كثيرًا لمواقف أنني أبدأ في العمل على فكرة معينة لمدة قد تصل لعام كامل، بحماس شديد لكن فجأة يتوقف الحماس وأبدأ في البحث عن فكرة أخرى، حيث بدأت أكثر من مرة في كتابة سيناريو لكني توقفت بعد ذلك.

هل تقلق من رأي الجمهور عند تقديمك أفكار جدلية في أعمالك؟

لا أخشى رأي الجمهور، فأنا لا أقدم فيلمًا من أجل استفزازهم، بل أقدم أعمالًا تتحدث عن الفترة الزمنية التي أعيش فيها حاليًا، ولا أتنبأ بشيء مثلما يدعي البعض، لكن الأزمة أننا نتحدث مع مشاهد يعيش في الماضي ويخشى الواقع، والعمل الفني بالضرورة لابد أن يكون مختلفًا ومن الطبيعي أن يحدث جدلًا حتى لا يسيطر الملل على الأمر، لكن الجدل ليس هدفًا من الأساس، بينما النقاش هو الهدف الرئيسي.

هل تعرضت أعمالك لأزمات أو حذف مشاهد من قبل الرقابة؟

نعم، ففي فيلم "احكي يا شهرزاد" وجدت الناقد علي أبو شادي رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وقتها يطلب مني أن أحذف أحد مشاهد الفيلم التي اعتبرها قاسية، لكني رفضت وطلبت منه أن يقوم هو بالحذف، فأنا لا أستطيع أن أكون رقيبًا على نفسي، كما تم حذف أحد المشاهد أيضًا في فيلم "باب الشمس".

أما "سرقات صيفية" أول أفلامي فكان كابوسًا، ووقتها رفضت مديرة الرقابة إعطائي تصريح بالتصوير، رغم أنه كان يتحدث عن قصة عائلة في رف تاريخي معين، وبعد 3 شهور أخذت تصريح بتصوير الفيلم وطلبت أن أصور مثلما أريد ثم تقوم الرقابة بالحذف إن إرادت.

المخرج يسري نصر الله

هل القيود التي تواجهها في أعمالك بسبب الرقابة فقط؟

القيود الموجودة في السينما ليست من ناحية الرقابة فقط -التي أستطيع التعامل معها- لكن أيضًا من قبل الجمهور، الذي بات يمارس دور الرقيب والذي لا أستطيع التعامل معه.

في رأيك ما سبب الأزمة التي تواجه السينما المصرية حاليًا؟

وجود عدد محدود من دور العرض تسبب في تدهور الإنتاج، بالإضافة إلى الاهتمام الكبير بالأفلام العالمية على حساب العربية، كما أن سعينا في إنتاج فيلم متوسط التكلفة، بات مخاطرة، فالأفلام المقدمة حاليًا إما أنها بتكلفة إنتاجية عالية أو بتكلفة بسيطة يتم إنتاجها في أسبوعين وتُطرح في مواسم الأعياد وتتصدر الإيرادات وتُنسى، وبالرغم من ذلك فإن المنتجون لم يخسروا ولا مرة معي.

قلت إن فكرة فيلم "الماء والخضرة والوجه الحسن" بدأت لديك منذ سنوات، حدثنا عن ذلك؟

هذا الفيلم كنت أتمنى تقديمه منذ عام 1995 ووقتها سافرت إلى "بلقاس" مع الفنان باسم سمرة قبل مرحلة النجومية، وقابلت عائلته وافتتنت بهم.. وأنا بطبعي أحب الطبخ، ومن هناك بدأت اكتبه مع السيناريست ناصر عبد الرحمن لم تسمح الظروف لإنتاجه، ثم أعدت كتابته وأحمد السبكي الوحيد الذي قبل تنفيذه كما هو.

هل كنت قلقًا من رد فعل البعض حول فكرة تعاونك مع السبكي بسبب الاختلاف الشديد في أعمال كل منكما، وهل كان هناك توافقًا فكريًا بينكما؟

لا لم أخشَ من رد الفعل.. والسبكي ليس سببًا في تدهور السينما مثلما يدعي البعض، فهو الوحيد الذي يغامر في هذا الوسط وهو رجل "بتاع سينما"، لكن لم يكن هناك توافقًا فكريًا بيننا، لكن "الماء والخضرة والوجه الحسن" مناسبًا لي وله، لكن لا يمكن مثلًا كنت أعرض عليه فيلم "جنينة الأسماك".. وأبرز أزمة في السبكي أنه كان "يفاصل" في ضح الأموال.

الماء والخضرة والوجه الحسن

كان من المقرر أن تقدم مسلسلا تلفزيونيا خلال الشهور الماضية..فهل توقف العمل؟

نعم توقف بسبب خوف المنتجيبن من كثرة طلباتي، وأنا لم أنتجه لأنني "مفلس".

قلت في أحد المرات إنك شاهدت فيلمًا لمحمد رمضان ونال إعجابك..فما رأيك فيما يقدمه حاليًا؟

أنا لست متعاليًا على الأفلام المختلفة عني، بل على العكس، أحب مشاهدة الأفلام كلها مثل الجمهور، وعندما دخلت فيلمًا لمحمد رمضان وجدت نفسي سعيدًا، وأسعدني أكثر طريقة تفاعل الجمهور مع الفيلم، وما يقدمه محمد رمضان في أغنياته وأعماله لا ينفي أنه ممثلًا جيدًا، ويجب أن يفعل ما يشاء "براحته"، وأنا لست من أنصار شعارات "إفساد الذوق العام".

قدمت ممثلين كثر وتنبأت لبعضهم بالنجومية.. فهل خذل أحدهم توقعاتك فيما بعد؟

لم يخذلني أحد، لكن العيب أحيانًا يكون في القوالب التي توضع حول الفنان مثلما فعل صناع السينما مثلًا مع حسن حسني ومحمود الجندي ونعيمة الصغير، وأحيانًا البعض يريد تفصيل عملًا فنيًا على حجم فنان بعينه، فيترك كل هؤلاء الفنانين الرائعين من حوله ويقدم فيلمًا لنجم واحد فقط.

إلى أي مدى مسموح للنجوم العاملين معك بالمناقشة والتعديل في أدوارهم؟

إلى أبعد الحدود، لكن في النهاية أنا من يقرر هل سيصلح ذلك أم لا، ومن يعملون معي يعلمون أنهم يستطيعوا تحسين دورهم لكن ليس تحويله إلى ما يناسب وجهة نظرهم، وطالما الممثل سيقدم لي فكرة تخدم العمل فما المشكلة؟ والممثلين من حقهم أن يفاجئوني بأدائهم، كما مسموح لهم الارتجال في البروفات وبعدها أوافق أو أرفض على ما قدموه، لنتفق على الشكل النهائي الذي سنقدمه أمام الكاميرا.