الدكتورة السعودية هبة شطا لـ"هي" : نحن صوت أولادنا ويجب أن نكون المدافعين عن حقوقهم
دبي: سينتيا قطار Cynthia Kattar
عندما ولدت ابنتها سارة في العام 2005 ، لم تكن تعرف الدكتورة السعودية هبة شطا، أنها تلد طفلة مصابة بمرض التوحّد. وبعد بحث معمّق واكتشافها عدم وجود مراكز مؤهلة للعناية بمرضى التوحد في الخليج العربي، بدأت مسيرة نضال حافلة بالنجاحات والتحديات، بدأت بتأسيس مركز طبي يقدم خدمات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في العام 2008 ، ثم مركز تعليم بديل لأطفال المرحلة الابتدائية سنة 2010 ، ليكتمل المشروع مع مركز مهارات التعليمي الذي يقدم دعماً تعليمياً للأطفال والشباب ذوي الاحتياجات الخاصة. وها هي اليوم، وتقديراً لنجاحاتها وإنجازاتها المتعددة، تترشح لجائزة "كارتييه" Cartierلمبادرة النساء لعام 2019 . اكتشفي المزيد في هذا الحوار:
بعد تشخيص مرض ابنتك سارة واكتشاف إصابتها بالتوحّد، أسست سنة 2008 مركزا طبيا يقدم خدمات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ثم مركز تعليم بديل لأطفال المرحلة الابتدائية سنة 2010 ، واكتمل المشروع سنة 2016 مع مركز "مهارات التعليمي" الذي يقدّم اليوم دعما تعليميا للأطفال والشباب ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 25 سنة. كيف تصفين السنوات الإحدى عشرة الأخيرة من حياتك؟
الرحلة كانت مليئة بالتحديات، فحين بدأنا، واجهنا نقصا في الوعي والفهم للتوحد، وعدم وجود معالجين سلوكيين، ولم يكن أحد على علم بعلاج تحليل السلوك التطبيقي ABA وكيفية إجرائه، ولم نجد مدرسة تستقبل الأطفال أو قوانين تدعم حقوقهم. تعلمت أيضا كيف أتغلب على كل عائق مع حلول مبتكرة، وكيف أرى فرصة في كل وضع صعب، وكيف أنظر حيث لا ينظر أحد. أغرمت بالأولاد، وهذا غيّرني، فأدركت أن لدينا الكثير مما يجب فعله، ولا وقت للانتظار، فالأطفال يكبرون ونحن بحاجة إلى مدارس لتعليمهم. هكذا، عملنا وأصبحنا مدافعين عن قضايا الأطفال. وبدأت المدارس باستقبالهم، وتمكّن المزيد من الأطفال من دخول المدارس. التغيير حصل نتيجة التزامنا. مشاهدة الأطفال يكبرون ويذهبون إلى المدرسة وينجحون من صف إلى آخر يجعلنا أنا وفريقي فخورين جدا بإنجازاتنا. أؤمن بإمكاناتهم وقدراتهم، وأتمنى أن نستطيع منحهم الفرص التي يستحقونها ليكونوا مستقلين ومنتجين.
ماذا يعني لك أن تكوني مرشحة لجائزة "كارتييه" لمبادرة النساء لعام 2019 بعد إنجازاتك الرائعة مع "مركز مهارات التعليمي"؟
جائزة مبادرة النساء من "كارتييه" جائزة مرموقة جدا، وستعزز بلا شك الوعي والاهتمام بدعم الأطفال والشباب الذين يعانون من التأخر النمائي والتوحد. أتمنى أن يساعدنا هذا المنبر في إيصال رسالتنا إلى العالم كله.
ما التحديات التي واجهتها خلال تأسيس "مركز مهارات التعليمي"؟
التحديات تكمن في إيجاد الأشخاص الملائمين للعمل مع الأطفال، والحفاظ على جودة خدمة عالية وتوحيدها عبر كل الأشخاص. وذلك يتطلب الكثير من التدريب والتوجيه والتمرين. وقد فتح مركز "مهارات التعليمي" أبوابه في فترة ركود اقتصادي، فكان من المهم أيضا أن نبقي خدماتنا معقولة الأسعار، وأن نضع عروضا خاصة تلائم مختلف الحاجات.
برأيك ما أفضل إنجاز لمركز "مهارات التعليمي" حتى اليوم؟
في مركز "مهارات التعليمي" بنينا خمسة منابر على الإنترنت للدعم الإداري، والسريري، والتواصل، وبرنامج تحليل السلوك التطبيقي، ومراجع ومصادر لدعم الموظفين والمعلمين والعائلات وكل الناس. نفتخر ببرامجنا الفردية الفريدة التي تتبع المعايير الدولية في خدمة الأطفال والشباب الذين يعانون من مشكلات متنوعة وفي دعمهم خلال رحلتهم في التعليم العام وبعده.
ما أكثر ما يدفعك ويحثك؟
رؤية ابنتي تنمو وتتعلم مهارات جديدة كل يوم.
ما أبرز الخدمات التي يقدمها مركز "مهارات التعليمي"؟
نقدّم:
-برامج سلوكية فردية باستعمال تقنيات تحليل السلوك التطبيقي لمساعدة تأهيل الأطفال وإعدادهم للمدارس العامة. كما نقدم الإشراف عن بعد، كي يصبح الآباء معالجين لأولادهم.
-خدمات الدعم المدرسي مع مساعدي التعليم، الإشراف، والتدريس الخصوصي بعد المدرسة.
-برامج الدعم الإعدادي والمهني والاستقلال الوظيفي للشباب، مع برامج منهج ASDAN للمهارات الحياتية، وتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM.
-"أكاديمية مهارات التعليمية" لدعم الط بّال الذين لم يجدوا مكانا في المدارس، لتقديم تعليم بديل باستعمال المنهج البريطاني ومنهج ASDAN للمهارات الحياتية.
-التطوير المهني والتدريب للمعلمين والمهنيين والممارسين الطبيين المتحالفين والأهالي وأولياء الأمور.
- منصة مراجع وموارد لدعم العائلات والمعلمين والمعالجين مع مصادر وتدريب على الإنترنت.
- نادي العائلة Family Club لدعم الأطفال والشباب وآبائهم.
يميل بعض الآباء إلى الخجل من الاعتراف بأن لدى طفلهم مشكلة. ما رسالتك إلى هؤلاء الأهالي؟
نحن صوت أولادنا. يجب أن نكون المدافعين عن حقوقهم، ويجب أن نكون فخورين بهم وأن ندعمهم قدر ما نستطيع. إنهم مختلفون، لكنهن ليسوا أقل.
جزء من استراتيجيتك يرتكز على تعزيز الوعي حول أهمية التشخيص المبكر والتدخل المبكر. ما أبرز أعراض التوحد، وما أفضل سن لتشخيصه؟
من المهم للأمهات الجدد التعرف إلى مراحل النمو الأساسية، فيستطعن ملاحظة أي تأخر لدى ولدهن وطلب الاستشارة الضرورية من طبيب الأطفال أو الطبيب النفسي. التوحد طيف، لذلك فإن أعراضه متنوعة جدا، وتختلف من طفل إلى آخر. الأعراض الأكثر شيوعا هي قلة التواصل بالعين، والتأخر في الكلام، والحركات المتكررة، وترفرف اليدين، وفرط النشاط، وفقدان مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية. يلاحظ الوالدان هذه الأعراض في السنوات الثلاث الأولى؛ وكلما كانت بداية التدخل أبكر، كانت النتائج أفضل وأسرع.
يمكن أن يكون الاعتناء بثلاثة أطفال وإدارة الكثير من الأعمال والمشاريع مرهقا ومستنزفا. كيف تعتنين بصحتك الجسدية والنفسية، وكيف تحافظين على التوازن في حياتك؟
هذه أصعب مهارة على الإطلاق، فكل يوم تتغير أولوياتك. وليس من السهل الحفاظ على التوازن، وفي أحيان كثيرة أنا الأخيرة على القائمة. لكنني محظوظة بفريق عمل قوي أعتمد عليه وأشجعه على اتخاذ القرارات وأدعمه، وهذا يسمح لي بالحصول على بعض الوقت لنفسي ولعائلتي وللعمل. أحضر فعاليات "مجلس سيدات الأعمال" بانتظام، وفعاليات "مجموعة دبي للجودة" التعليمية، فهي تلهمني وتمنحني فرصة التعرف إلى أشخاص من قطاعات أخرى، وتعلم أشياء جديدة منهم، وتطوير أفكار جديدة لابتكار أنظمة تعمل باستقلال عني.
كيف ترين مستقبل التوحد في منطقة الخليج؟
أنا سعيدة برؤية الوعي والمشاركة المجتمعية في السنوات الثلاث