رؤية نقدية ـ "الكنز: الحب والمصير".. تجربة طموحة ضحية سيناريو أفقدها الحيوية!
لا يمكن وصف فيلم "الكنز" بعد اكتماله بطرح الجزء الثاني "الحب والمصير" إلا بالتجربة الطموحة، فهو بشكل ما يحاول المرور على محطات تاريخية فى مصر ويضع ملخص لها من خلال حقب متعددة الربط بينها هو الكنز عنوان الفيلم والذى يعود لملكة مصر القديمة حتشبسوت (هند صبري) والذى ظل محفوظًا تحت حماية العديد من الشخصيات المتعاقبة حتي يكتشفه فى فترة سبعينيات القرن الماضي حسن (أحمد حاتم) مع حبيبته راجيه (سارة عبد الرحمن)، حسب سير الحكاية منذ البداية بثنائيات المحبين، العلم والسلطة ويمثلهما سنموت (هاني عادل) وحتشبسوت، الحق والفداء ويمثلهما على الزيبق (محمد رمضان) وزينب (روبي) وصولا لبشر (محمد سعد) الذى يمثل السلطة والعاطفة والفداء. البطل قبل الأخير الذى يحمل أخر المفاتيح للمستقبل بعد أن يقوده القدر للحفاظ على السر لفترة زمنية حتي يصل ليد ابنه حسن وبسبب هذه الحمل ومصيره المحتوم يفقد حبه الوحيد نعمات (أمينة خليل) التي يتزوجها أخيه مصطفي (هيثم زكي).
الفيلم حاول أن يؤكد على الهوية وأهميتها، وفى الوقت ذاته الأصالة والمكون الثقافي والاجتماعي المصري واستمراره فى التواجد بقوة فى مواجهة من احتلوا البلاد لفترات طويلة، بل نجح المصريون فى التأثير عليهم وليس العكس، ما يعبر عنه الكنز فى حقيقته وهو التراث والعظمة وحرص الأبطال بعد ذلك فى الحفاظ عليه وحمايته هو إسقاط ورمز، ولكن الشكل النهائي للفيلم ليس على مستوي الفكرة، العصر الفرعوني بأكمله أقل من المستوي الفني المطلوب على صعيد الملابس ورسم الشخصيات والأداء التمثيلي.
شريف عرفه مخرج له اسم كبير كونه نتاج تجاربه السابقة، عادة أفلامه ما تكون أكثر من جيده فنيًا، لكن فى "الكنز" بجزئيه نجد أن العصر الفرعوني بأكمله أقل فنيًا من باقي العصور، الملابس يبدو واضحًا انها مصنوعة بإهمال تبدو رخيصة ولا تعبر عن الثراء الفني والمادي الذي كان موجودًا وقتها ونقلته الرسوم على المعابد والتراث الفني والحضاري الضخم الذي وصل لنا.
الحوار مفتعل يضم جمل رنانة تبدو كخلاصة الحكمة ليس لها علاقة بالشخصيات ومنفصلة عن الدراما فى العصر الفرعوني تحديدًا، وباستثناء الظهور الخاص لأحمد مالك فى شخصية الفرعون تحتمس الثالث وأداء عبد العزيز مخيون لشخصية الحكيم، فباقي الممثلين سواء من الجزء الأول مثل جميل برسوم ورمزي لينر أو المستمرين فى الثاني محيي إسماعيل وهند صبري وهاني عادل، يظهر جهدهم فى الأداء لكن غير موظف بشكل جيد، هند صبري منفصله عن روح الشخصية تظهر ثقيلة على الشاشة، مشاهد الحركة فى الجزء الأول لم تكن موفقه والأداء التمثيلي كذلك فى الجزء الثاني وأهم مشاهد شخصيتها جمعها مع سنموت بعد استقدامه من السجن والذي لم يضعفه فقط هاني عادل بمستوى أداءه، لكن الحوار الذى ينقل للجمهور حقيقة وماهية الكنز بشكل حقيقي، لكنه استهلك فى جمل جامدة وأداء حركي متخشب لا يمكن أن يكون لمحبين ولا يبرر كل التضحيات المبذولة بعد ذلك لحماية إرثهم.
العصور الأخرى فى الفيلم أفضل بالتأكيد، عصر الزيبق والكلبي وزينب أفضل فى الملابس والديكور والأداء التمثيلي، جاذبية وكاريزما محمد رمضان صنعت فارق لا يمكن إغفاله، نفس الشيء يمكن قوله فى عصر الأربعينيات، فمحمد سعد ما زال –إذا أراد- قادر أن يكون فارقًا يحمل جاذبية خاصة تميزه هو فقط. بشكل عام بصمة شريف عرفة المعتادة موجودة فى باقي الفيلم الذى كان سيحتل مكان أكبر فى خريطة أفلام عيد الأضحى لولا مدة عرضه الأطول من اللازم للدراما فى الفيلم والتي افقدت الفيلم حيويته، سيناريو عبد الرحيم كمال المتخبط المترهل الذي تبدو الفجوات الدرامية واضحة فيه هو السبب الرئيسي في تراجع مستوي الفيلم وهذه المشكلة أيضًا موجودة فى فيلم شريف عرفة المستمر عرضه "الممر" "وهو من تأليف عرفة نفسه.
فعلي سبيل المثال قصة حب حسن وراجية التي تعد انعكاس لقصة حب حتشبسوت وسنموت، لم تأخذ الوقت والتمهيد الكافيين على الشاشة على الرغم من زمن الفيلم الذى يتخطى الساعتين فى الجزء الثاني فقط، وعلى الرغم من التأكيد أن حسن هو المستقبل لكنه لم يحظ بالاهتمام الكافي. العلاقة التي كانت ممثله بقوه فى الجزء الأول بين بشر ومصطفي أصبحت باهته فى الجزء الثاني على الرغم من أهميتها، تساؤل حسن واندهاشه من حب نعمات لأبيه وزواجها من عمه لم يجد إجابه شافية فى الأحداث، هي فقط رغبة المؤلف فى أن تكون كذلك، لذلك لجأ إلى الحل السهل هو مباركة بشر للزواج بجملة "مراتك بتحبك يا مصطفي"، أقوي مثلث حب وصراع شخصيات والحمل الثقيل الذى حمله بشر وضحي فى سبيله بوظيفته وحبه ممثل علي الشاشة بهذا الموقف الساذج والجملة الركيكة، والمسئولية وراء ذلك تقع بالطبع على عاتق عبد الرحيم كمال وشريف عرفه.