رؤية نقدية ـ Zombieland: Double Tap..الكوميديا والسخرية اللاذعة تسيطران على الجزء الثاني
الزومبى من أصعب أشكال الرعب الحديث في السينما عندما يجري تحويلها لعمل فني، من الممكن تذكر الأعمال الجيدة التي تناولتهم بالعدد لأن معظم الإنتاج يكون سيء وضعيف في التعاطي معهم، والصعوبة تتضاعف مع اختيار الكوميديا لترتبط بالزومبي، نتذكر فيلم الثنائي البريطاني سايمون بيج ونيك فروست Shaun of the Dead باعتباره المرجعية الأعلى فنيًا في هذا النوع الفرعي شديد الخصوصية وهو الرعب الكوميدي عن الزومبي، والذي صدر عام 2004 ونضع معه في نفس المرتبة فيلم عام 2009 الأمريكي Zombieland ومعه الجزء الثاني الذي يحمل عنوان Zombieland: Double Tap ومن خلاله يعود الأبطال الأربعة بعد 10 سنوات من نهاية أحداث الجزء الأول.
نواكب –بشكل سريع- التغيرات التي حدثت في السنوات الماضية، والمرشد هو صوت كولومبوس (جيسي إيزينبيرج) في محاولة ذكية للحفاظ على شكل وروح الجزء الأول، نعرف أن الزومبي يتطورون ونشاهد نماذج لأنواعهم وتصنيفهم حسب كاتلوج كولومبوس ورفيق رحلته الأكبر سنًا تالاهاسي (وودي هارلسون)، نرى تأثير توطد العلاقات بين الرباعي، ويتشيتا (إيما ستون) والأول مرتبطين عاطفيًا، وليتل روك (أبيجيل برسلين) والثاني علاقتهم كالأب وابنته المراهقة دائمي الصدام، وبسبب طلب كولومبوس الزواج من ويتشيتا ورغبة ليتل روك في الاستقلال عن سلطة تالاهاسي نعود لنقطة الصفر.. يصحو البطلين من نومهم ليجدوا الفتاتين قد رحلتا، وهي تفصيلة أخرى تربطنا بالجزء الأول.
أكثر ما يميز الجزء الثاني هو لجوءه للكثير من التفاصيل المكونة للكوميديا بشكل حديث، يتعامل مع ثقافة البوب المنتشرة بسخرية وكأنها أمر واقع ومعتاد داخل العالم المنتهي بكارثة داخل الفيلم، التحول من كون الجزء الأول كارثي/ نهاية العالم وتعامل الأبطال مع الكارثة التي دمرت البشرية ليصبح فيلم ديستوبيا/ ما بعد كارثي بالشكل الذي يسمح لرموز معروفة مثل البيت الأبيض وسلسلة محلات شهيرة للحلويات المجمدة أن يصبح تحول حالاتهم كوميديًا وبمجرد تغير شكلهم فقط، بداية من شكل البيت الأبيض في الفيلم وقد أصبح مهملاً تعلوه النباتات المتسلقة ويتخده الأبطال سكنًا لهم، الشخصية الجديدة ماديسون (زوي دويتش) تطرح تساؤل حقيقي عن سبب تسمية مكتب الرئيس الامريكي بالبيضاوي! مثل هذه الجمل البسيطة تستدعي الكوميديا وتربطها بالشخصية أو المكان وتدفع للمقارنة بين الصورة الذهنية في عقل المشاهد والصورة في الفيلم.
السخرية طالت أيضًا سلسلة الكوميكس الشهيرة The Walking Dead والتي تنتمي لنفس النوعية الفرعية المتخصصة في الرعب وهي الزومبي، مجرد ظهور كولومبوس وهو يقرأ أحد أعدادها ويخبر ويتشيتا أن يشعر بالرعب وهو من المفترض يعيش واقع أسوأ، حتى أن السخرية طالت شخصيات الفيلم الرئيسية نفسها بعد أن ظهر الممثلان لوك ويلسون وتوماس ميديلديتش في انعكاس لتلاهاسي وكولومبوس حتى أن الأخيران واجههما في قتال وكأنه تحدٍ حيث يواجه البطلان أنفسهما.
تحول الفيلم للرومانسية وصراع مثلث الحب بين كولومبوس وويتشيتا وماديسون، هو في حقيقته إضافة أخرى ووسيلة للخروج من شكل الجزء الأول بطريقة تناسب نوعه، فهو لا يحمل نفس الرؤية الفلسفية العميقة التي تحملها سلسلة The Walking Dead والمسلسل الذي يحمل نفس العنوان برؤيته السوداوية لعالمه بعد كارثة تحول البشر الناجيين من الفيروس لنماذج أكثر رعبًا من الزومبي، بل استغل بخفة ظل هذه الرومانسية لينسج الصراعات في فيلم خفيف بلا مبالغة، حتى عودة بيل موري للفيلم وظهوره اعتمد في الكوميديا على سخرية موري من نفسه وأداءه الصوتي لشخصية Garfield في الفيلم الذي يحمل نفس العنوان، وبالطبع تقديم التحية لواحد من أعظم المطربين على الإطلاق وهو إلفيس بريسلي.