رؤية نقدية - Oscars 2020.. هل تطفّل الفيلم الكوري Parasite على جوائز الأوسكار؟
صنع فيلم "طفيلي" Parasite التاريخ في هوليوود والعالم، ولم تقترب إنجازاته إلى 400 جائزة وترشيح على مدار العام الماضي والحالي فقط بل حصد أربع جوائز أوسكار في الحفل رقم 92 لأكاديمية العلوم والفنون الأمريكية، وأهم هذه الجوائز وأكثرها دهشة جمع فيلم "طفيلي" بين أوسكار أفضل فيلم لهذا العام، وأفضل فيلم أجنبي، بالإضافة إلى جائزتي السيناريو، وحصل عليهما "بونج جون هو" بمشاركة "جين وان هان"، وأوسكار الإخراج، وحصل عليه "بونج جون هو"، الذي أصبح أكثر مخرج سينمائي حظاً على الكرة الأرضية.
ماذا حدث في الأوسكار؟
نحن أمام نسخة أوسكار تميزت بترشيحاتها الجيدة، البعيدة إلى حد كبير عن نزعات إرضاء ذوي البشرة السمراء، والمخرجات، والميل إلى الموضوعات النسوية، وكانت الترشيحات متحيزة أكثر للمضمون الفني؛ ولهذا كانت الجوائز مقبولة في كل الأحوال، وعلى الرغم من فوز فيلم 1917 بجوائز أفضل فيلم فى مسابقات هامة مثل "الجولدن جلوب" و"البافتا"، لكن هذا لا يعني أن فيلم "طفيلي" تطفل تماماً على جوائز الأوسكار، بل هو وفيلم 1917 من أهم أفلام السينما التى تم إنتاجها خلال العام السينمائى الماضي، وفوز أيهما بأوسكار أفضل فيلم ليس مفاجأة، وكانت قائمة ترشيحات أفضل فيلم قوية بالفعل، وتضمنت أعمال هامة مثل The Irishman "الرجل الأيرلندي" لسكورسيزى، الذى رشحته الأكاديمية لعشر جوائز ولم يفز منها بجائزة واحدة، وهو لغز غريب للغاية، وهناك فيلم Once Upon a Time in Hollywood "حدث ذات مرة في هوليوود" للمخرج "كوانتن تارانتينو"، ورشحته الأكاديمية لعشرة جوائز أيضاً، لكنه كان أفضل حظاً من "الرجل الأيرلندي"، وفاز بجائزتي أوسكار الدور المساعد، والديكور، وهناك فيلم Marriage Story "قصة زواج" للمخرج "نواه بومباخ"، الذي فاز بأوسكار واحد من بين ستة ترشيحات.
ومن المؤكد أن إكتساح "طفيلي" جوائز أفضل فيلم وإخراج ظلم فيلم 1917 كثيراً؛ فلم يفز الفيلم الحربي الرائع سوى بثلاث جوائز عن التصوير، والمؤثرات البصرية، والمزج الصوتي، ورغم أن "طفيلي" فيلم جيد ومتميز، لكن هناك حالة مبالغة في تقديره، تسببت فى حرمان أفلام هامة من جوائز مُستحقة.
الجوكر يقود جوائز التمثيل
جوائز التمثيل كلها كانت متوقعة، ولم تحمل أي مفاجأة على الإطلاق؛ وكان واضحاً أن "واكين فينكس" حجز الجائزة بإسمه عن دوره في فيلم Joker "جوكر"، وكذلك "رينيه زيلويجر" التي جسدت شخصية أيقونة هوليوود الراحلة "جودي جارلاند" فى فيلم Judy "جودي".
أما جائزة الدور المساعد لفئة الرجال، فذهبت إلى "براد بيت" عن دور ممثل مجازفات وبديل في فيلم "حدث ذات مرة في هوليوود"، وذهبث جائزة فئة النساء إلى "لورا ديرن" عن دورها الصغير كمحامية نسوية في فيلم "قصة زواج"، وتشترك "لورا ديرن" مع "واكين فينكس" في أنها المرة الأولى التى يفوز أى منهما بجائزة الأوسكار، ولكن "براد بيت" حصل على الأوسكار الثاني، بعد فوزه عام 2013 عن فيلم "12 عاماً من العبودية"، لكنه كان أوسكار جماعي، شاركه مع منتجي الفيلم، أما "رينيه" زيلويجر" فهذا هو الأوسكار الثاني لها بعد فوزها بأوسكار الدور المساعد عام 2003 عن فيلم "جبل بارد".
سيناريوهات العام
حققت الأكاديمية إختلافاً عن مسابقات الأفلام الأخرى بمنح فيلم "طفيلي" جائزة الأفضل، وسيحسب لها أنها إختارت فيلماً بعيداً عن مدار السينما الهوليوودية ليفوز بالجائزة الكبرى، وليفوز أيضاً بجائزة أفضل سيناريو مكتوب خصيصاً للسينما، وهو سيناريو متميز سرد علاقة غريبة بين عائلة فقيرة وعائلة ثرية في كوريا، أما جائزة السيناريو المقتبس عن نص أدبي فقد ذهبت إلى "تايكا واتيتي" كاتب ومخرج وبطل فيلم Jojo Rabbit "جوجو الأرنب"، والفيلم واحد من أجمل أفلام الموسم السينمائي، وترشح لستة جوائز أوسكار، وقدم معالجة كوميدية إنسانية عن أجواء الشهور الأخيرة في الحرب العالمية الثانية، من وجهة نظر طفل مشارك فى جماعات شبيبة هتلر النازية.
أوسكار أطول لقطة سينمائية
الجوائز الفنية التقنية توزعت بين عدة أعمال؛ فحصل "روجر ديكنز" على جائز التصوير عن فيلم 1917، وهو دراما حربية عن مهمة حربية إنتحارية في الحرب العالمية الأولى؛ حيث يقوم جنديان بإختراق خطوط الألمان لتوصيل رسالة عاجلة إلى فرقة من جنود الحلفاء، وقد صور "روجر ديكنز" العمل بالكامل ليبدو كلقطة طويلة، وزادت تلك التقنية من عنصر التشويق والتوتر، وإحساس المتفرج أنه يتابع بث حي لمهمة خطرة.
وفازت "جاكلين دوران" بأوسكار الأزياء عن فيلم Little Women "نساء صغيرات"، وهو دراما إجتماعية رومانسية تدور أحداثها فى القرن التاسع عشر، وفاز فيلم الدراما Bombshell بأوسكار الماكياج، والفيلم يحكي قصص عدد من مذيعات قناة "فوكس" الإخبارية مع تحرش مدير القناة، والفيلم مأخوذ عن أحداث واقعية، وساهم الماكياج في تقريب ملامح بطلات الفيلم من الشخصيات الحقيقية.
وفازت "هيلدور جونادوتير" بأوسكار الموسيقى التصويرية عن فيلم "جوكر"، وكانت بالفعل موسيقى مُعبرة عن حالة الفيلم، وشخصية البطل شديدة التعقيد، وحصل فيلم "فورد ضد فيراري" على جائزتي أوسكار، الأولى عن المونتاج، والثانية عن المونتاج الصوتي، والفيلم دراما عن سباق السيارات الذى شهد منافسة قوية بين فريق شركة "فيراري" الإيطالية، وفريق شركة "فورد" الأمريكية، والفيلم يحكي المنافسة من وجهة النظر الأمريكية.
وذهبت جائزة فيلم الأنيمشن للجزء الرابع من فيلم "قصة لعبة"، ويكمل الفيلم حكاية اللعب التي تدب فيها الحياة، وتحاول مقاومة مصير إهمال الأطفال لهم بعد تركهم مرحلة الطفولة، والفيلم يتجاوز هذه الفكرة السطحية ليقدم حكاية أعمق تحمل إسقط على معاني الصداقة والود والعلاقات بين النوعيات المختلفة من البشر، وعلى عكس التوقعات لم يفز فيلم "من أجل سما" بجائزة الفيلم الوثائقي، وذهبت الجائزة إلى فيلم "مصنع أمريكي"، وهو عمل يتناول قصة إفتتاح مصنع أمريكي في ظل منافسة تكنولوجيا الصناعة الأمريكية للمصنع الأمريكي الجديد.