كيف أصبح فيلم "Contagion" الأكثر مشاهدة رقميًا بعد 9 سنوات على عرضه؟
على بوابة دار العرض الأمريكية المُغلقة؛ بسبب حظر التجمعات؛ والخوف من فيروس الكورونا، كتبت إدارة السينما "الدار مغلقة حتى يتوقف الواقع عن محاكاة السينما".. يوماً ما، قبل تسع سنوات تقريباً، كانت تلك السينما تعرض فيلم Contagion "عدوى"، وكان من أفلام دراما الكوارث والأوبئة القاتلة، والفيلم من توزيع شركة "وارنر" الأمريكية، وأنتجته عدة شركات من بينها شركة Imagenation Abu Dhabi الإماراتية، وأخرجه "ستيفن سودربرج" الذي حصل على شهرته من إخراج أفلام الجريمة والإثارة من نوعية سلسلة أفلام "أوشن"، ولكن رصيده يتضمن أعمالاً أخرى تسرد قصصاً وحبكات تتعرض للفساد البشري، ومنها أفلام تناولت قضايا التلوث وتجارة البشر، وفيلم "عدوى" من نوعية أفلام البطولة الجماعية؛ إذ شارك في بطولته "ماريون كوتيارد"، و"كيت وينسليت"، و"جاد لو"، و"لورنس فيشبورن"، و"جوينث بالترو"، ومات ديمون"، و"بريان كرانستون"، وقد أصبح الفيلم اليوم من أكثر الأفلام طلباً على الإنترنت.
هل يشبه الفيلم الواقع الحالى؟
يشبه فيلم "عدوى" كثير من الواقع الذي يتعرض له العالم مع انتشار وباء فيروس كورونا، وما صاحبه من تداعيات صحية واجتماعية وسياسية، وهو مأخوذ عن سيناريو كتبه "سكوت زد بيرنز" خصيصاً للسينما، ويتخيل فيه وباء يتسبب فيه فيروس ينتقل بالهواء واللمس، ويتسبب في قتل ملايين البشر حول العالم، والفيروس عبارة عن مزيج من فيروسات مصدرها الخنازير والخفافيش، وتعتقد السلطات الأمريكية أن الفيروس جزء من هجوم بيولوجى يستهدفها، وهو أمر يشبه كثيراً نظرية المؤامرة الرائجة حالياً؛ والتى يؤكد المؤمنون بها أن وباء كورونا جزء من حرب بيولوجية واقتصادية بين الصين وأمريكا، والفيلم حتى هذه النقطة يشبه الواقع، ولكنه يتخيل سيناريو أصعب وأكثر قتامة؛ فالفيروس فى الفيلم لا علاج له، وانتشاره بالهواء واللمس يجعله كابوساً لا يمكن الإفاقة منه، ويتسبب في فوضى اجتماعية تصعب السيطرة عليها، خاصة بعد انتشار الجريمة، والشائعات المُربكة، واقتتال البشر داخل المتاجر للحصول على الطعام، ومن يشاهد الفيلم ربما يجد فيه بعض السلوى في كون فيروس كورونا أضعف وأقل فتكاً بالبشر، ولا ينتقل باللمس أو عبر الهواء لو تم الأخد باحتياطات التطهير والوقاية.
الفيلم الأكثر طلباً للمشاهدة على المنصات الرقمية
تختلف مشاهدة الفيلم قبل تسعة أعوام عنها الآن، ولكن التوتر والإثارة واحدة في الحالتين، ربما يزيد عليها حالياً خوف مصدره الواقع اليومي؛ فهو فيلم نعيشه فعلياً مع اختلاف بعض التفاصيل، ورغم بحث الناس عن الأعمال الفنية المتفائلة، لتُخفف عليهم قلق الأيام الحالية، لكن فيلم "عدوى" يحقق مشاهدات كبيرة خلال هذه الأيام، وذلك بحسب تصريح شركة "وارنر" عن قائمة الأفلام الأكثر مشاهدة على منصتها عبر خدمة المشاهدة حسب الطلب، ويحتل فيلم "عدوى" المركز الأول في تلك القائمة، ويليه سلسلة أفلام "هاري بوتر"، كما يحتل الفيلم المركز الثالث في المشاهدة على موقع iTunes داخل الولايات المتحدة حالياً، وكان قبل انتشار وباء فيروس كورونا يحتل المركز رقم 275 بين الأفلام الأكثر طلباً للمشاهدة على مستوى منصات المشاهدة الأمريكية. لا توجد تفاصيل عن أسباب إقبال المشاهدين على طلب الفيلم تحديداً، ولكن يمكن تخمين رغبة الكثير منهم فى معايشة أجواء الوباء فى أسوأ ظروفه، والفيلم يحمل كثير من تفاصيل تحدث في الواقع فعلياً، كما أنه يقدم سيناريوهات لما يُمكن أن يعانيه الفرد فى حالة تفشي الوباء بصورة أكبر، ورغم أن الفيلم لا يقدم حلولاً تفصيلية عما يمكن أن يفعله المواطن فى حالة الإصابة بالفيروس، لكنه يقدم صورة تحاكي ما يحدث حالياً من حيرة وتخبط وخوف على مستوى المواطنين والحكومات فى كل أرجاء العالم، كما يبرز قيمة الشفافية والصراحة فى طرح الحقائق على الشعب، وهو أمور تساهم عدم تدهور الأمور أكثر من ذلك.
النهاية السعيدة
الفيلم لا يحظى بمشاهدة ومتابعة أمريكية فقط؛ فمواقع التحميل والمشاهدة الشرعية وغير الشرعية العالمية تضعه فى قائمة الأعمال الجديرة بالمشاهدة، وضمته منصة "شاهد" العربية لقائمة أفلامها الأجنبية المُضافة حديثاً لمنصتها الرقمية، ومعدلات مشاهدته تزداد يوماً بعد يوم، ويجد فيه المشاهدين كثير من التفاصيل اليومية الواقعية، وسيناريو الفيلم يتحرك على عدة مسارات متوازية؛ فهو يصور حالة الإرتباك والهلع التى تُصيب الشخصيات العادية، مثل الموظفة "جوينث بالترو" التى تُصاب وإبنها بالمرض، بينما يبدو أن زوجها السابق "مات ديمون" مُحصناً من المرض، ويصور طريقة إدارة الدولة للأزمة، من خلال إجتماعات إدارات الأمن القومي والجيش والرئاسة مع مركز السيطرة على الأمراض، وعلى خط درامي أخر تظهر نظريات المؤامرة وشائعات شفاء أدوية قديمة للمرض، وهى حيل لرفع مبيعات هذه الأدوية، وفي مشهد فلاش باك يظهر فيه مصدر الفيروس المجهول، وكانت جرافة تدمر بعض الأشجار داخل غابة صينية، وأزعجت الجرافة الخفافيش، التى انتقلت لشجرة موز، وأسقطت الطعام على خنزير أكل منه، وتم اصطياده لاحقاً، وداخل مطبخ ما تعامل الطاهى معه بعد ذبحه، لكنه لم يغسل يديه، وصافح شخصاً نقل إليه الفيروس، وانتقل لباقي العالم.
الفيلم رغم ما يحتويه من مشاهد قد تكون مخيفة ومرعبة لشعوب تعيش على حافة الخطر، وتفقد يومياً ألاف البشر، لكنه يحمل لمسة أمل في نهايته؛ فكما يبدأ بوباء مجهول وفوضى عارمة، وينتهى بعلاج ناجح للمرض، ويعود للبشرية عقلها وهدوئها وأخلاقها.