بسبب كورونا.. أفلام هوليوود الضخمة تلجأ للتليفزيون
مًنذ بداية ظهور التليفزيون في نهاية عشرينيات القرن الماضي والسينما تنظر إليه باستخفاف، ولم تعتبره مصدر تهديد لها على الإطلاق، وحتى حينما كان التليفزيون يعرض الأفلام السينمائية، ويُنتج مسلسلاته وأفلامه الخاصة، كانت السينما تنظر لشاشته الضئيلة بإشفاق؛ فهذا الجهاز الصغير يبدو كلعبة أطفال مقارنة بشاشة السينما الكبيرة، ومُكبرات الصوت المجسم، وقاعات العرض الضخمة مكيفة الهواء، وحينما كبرت شاشات التليفزيون الصغيرة وأصبحت ملونة، ومُلحق بها أجهزة الصوت المُجسم، وأصبحت بمثابة سينما منزلية، لم تتوقف السينما عن تطوير نفسها وموضوعاتها حتى تُحافظ على جمهورها من منافسها الصغير، ولكن تأتي منصات البث الرقمي بما لا تشتهى السينما، ويسحب التليفزيون البساط من تحت قاعاتها المُغلقة، وتأتي جائحة الكورونا وتصبح شاشة التليفزيون هى الملجأ والملاذ لأفلام السينما التي لا تجد قاعات سينما لعرض إنتاجها.
سفينة "توم هانكس" تصل إلى تليفزيون أبل!
النجم "توم هانكس" واحد من ضحايا فيروس كورونا؛ إذ أصيب بالمرض وشفى منه بعد عزل إجباري لمدة أسبوعين، وجاءته الإصابة وهو في أستراليا، حيث كان يستعد لتصوير دوره في فيلم ملحمي عن المغني الأمريكي الراحل "ألفيس بريسلي"، وكان قد انتهى قبلها من تصوير فيلمه الحربي "كلب الصيد" Greyhound وهو إنتاج شركة "كولومبيا"، ومأخوذ عن رواية "الراعي الصالح" للكاتب "إس.سي.فورستر"، وأخرجها "آرون شنايدر"، وكتب السيناريو "توم هانكس" بنفسه، وهو الفيلم الروائى الطويل الثاني الذي كتب السيناريو الخاص به بعد فيلم "لاري كراون"، وكان مُقرراً أن تتولى شركة "سوني" عرض الفيلم في قاعات السينما الأمريكية في مارس الماضي، ثم تأجل العرض إلى الثامن من مايو، ثم تأجل لمرة ثالثة إلى يوم 12 يونيو القادم تزامناً مع يوم عيد الأب؛ والفيلم يحكي من وجهة نظر البطل الضابط البحري "أرنست كروز-توم هانكس"، قائد قافلة من 37 سفينة حربية أمريكية تعبر المحيط الأطلنطي أثناء الحرب العالمية الثانية، وتطارده مجموعة غواصات ألمانية، وأثناء ذلك يعاني القائد آثار هجر زوجته؛ بسبب تمسكه بالواجب على حساب حياته الزوجية. الفيلم بعد كل التأجيلات تم بيع حقوق توزيعه عالمياً لمنصة Apple TV+ قبل عدة أيام، مقابل 70 مليون دولار، وهو رقم أكبر من ميزانية إنتاج الفيلم بحوالي 20 مليون دولار، وهذه أهم صفقات الشبكة الرقمية الجديدة، ولولا ظروف السينما الحالية لم تكن تلك الصفقة لتحدث، فليس مألوفاً أن تبيع شركة إنتاج سينمائى كبيرة مثل "كولومبيا" أحد أعمالها السينمائية الضخمة لمنصة مشاهدة تليفزيونية قبل شهور من بداية عرض الفيلم في قاعات السينما، ولكن شركات الإنتاج التى تُعاني خسائر مالية ضخمة وغير مسبوقة تُحاول تعويض خسارتها بأى صورة مُمكنة، وربما تكون منصات المشاهدة الإلكترونية وسيلة مؤقتة لوقف نزيف خسائرها.
ماذا بعد كل العروض المؤجلة؟
كثير من الأعمال السينمائية المهمة مؤجلة إلى مواعيد قادمة، أملاُ في حدوث تخفيف في القيود على فتح قاعات السينما، وبعض التأجيلات وصلت إلى الخريف القادم وبدايات عام 2021، ولكن المؤشرات البطيئة لعودة السينما والتجمعات البشرية جعلت بعض شركات الإنتاج تتخلى عن فكرة تأجيل عرض الأفلام، وبدأت تذهب نحو العرض الرقمي، ولم يكن فيلم "توم هانكس" هو الأول، ولن يكون الأخير؛ فقبل أيام بدأت شبكة "نتفليكس" عرض فيلم يجمع بين الجريمة والرومانسية، وهو فيلم "طيور الحب" The Lovebirds، بعد أن حصلت على حق عرضه من شركة "باراماونت"، المُنتجة للفيلم، والتي كانت تُخطط لعرضه في إبريل الماضي في دور العرض السينمائية. وكانت "باراماونت" قد حصلت على حقوق التوزيع السينمائى لفيلم جريمة أخر هو الفيلم البريطاني Blue Story والذي حظى بفرصة قصيرة للعرض السينمائي في إنجلترا وأيرلندا وهولندا قبل غلق دور العرض عالمياً، إلا أن "باراماونت" المُشاركة في إنتاج الفيلم مع BBC وجدت نفسها في أزمة لعدم قدرتها على عرض الفيلم سينمائياً، وباعت حقوق عرضه لشبكات العرض الرقمي في النهاية. بعد عدد من التأجيلات، يأست شركة "والت ديزني" من إمكانية عرض فيلمها Artemis Fowl فى دور العرض السينمائي، وأعلنت عن عرض الفيلم في الشهر القادم على منصتها الرقمية Disney+ والفيلم من نوعية الخيال العلمي، ومستوحى من سلسلة كتب الكاتب الأيرلندي يون كولفر، ويستمر مسلسل اللجوء إلى المنصات الرقمية فتبيع شركة "سوني" حقوق عرض الفيلم الأمريكى Bull إلى المنصات الرقمية بدلاً من العرض السينمائي.
العرض المنزلي المُبكر
الأفلام التي كانت مُخصصة للعرض في الصيف هى أسرع أفلام توجهت إلى المنصات الرقمية، ومنها فيلم المغامرات الكوميدي العائلي My Spy، وهو بطولة المًصارع والممثل "ديف باتيستا" والطفلة "كلوي كولمان"، وفيلم الرسوم المُتحركة Scoob! الذي أنتجته شركة "وارنر" عام 2018، وأجلت عرضه إلى منتصف شهر مايو 2020، ولكنها اضطرت في النهاية لعرضه رقمياً، والفيلم هو الأول ضمن خطة لإعادة سلسلة أفلام "سكوبي دو"..في الفيلم الأمريكي "رجل عامل" Working Man يذهب العامل العجوز يومياً إلى مكان عمله، وهو مصنع تم إغلاقه، ويستمر الرجل الذي لم يتعود فكرة التقاعد في الذهاب يومياً في نفس موعد عمله التقليدي، ويؤثر موقفه على أهالي بلدته، وعلى أرض الواقع حاول صُناع الفيلم انتظار إنفراجة في المجتمع لعرض فيلمهم المُلهم في قاعات السينما دون جدوى، وتضطر شركة Brainstorm Media المسئولة عن التوزيع السينمائي إلى التخلي عن خطط تأجيل العرض، وتعرض الفيلم لسوق العرض الرقمي.
هناك أفلام عديدة تنتظر فتح قاعات العرض السينمائي قبل قدوم الخريف القادم، وهو الموعد الذي أصبح يحتشد بقوائم إنتظار العرض السينمائي، ولو استمر حظر فتح دور العرض السينمائي حتى نهاية العام، ربما تعيد شركات الإنتاج السينمائي خططها وتتوجه إلى منصات العرض الرقمي، وربما نشهد مثلاً أول عرض لفيلم كبير مثل فيلم جيمس بوند الأخير "لا وقت للموت" No Time to Die على شبكة "نتفليكس" أو "آبل" أو غيرها من المنصات الرقمية الشهيرة، بدلاً من عرضه في قاعات السينما.