Jungle Cruise.. توليفة ديزني العجيبة: قصة مكررة ومُستهلكة وفيلم مُغامرات مُسلي!
ننتظر من "ديزني" الجديد دائماً، ولكنها في فيلم المغامرات Jungle Cruise "رحلة الغابة" تقدم حكاية قديمة الطراز، وانتظرنا أن تكون رواية الحكاية القديمة مُبتكرة. يتخذ الفيلم من حكاية لعبة شهيرة بمتنزهات ديزني ركيزة أساسية، وهو عن مغامرة شابة تبحث عن سر أسطورة قديمة، ويُعاونها قبطان مُغامر خبير بدروب نهر الأمازون، وتبدو المغامرة مألوفة وتشبه مغامرات أفلام القراصنة، وغابات جومانجي، وسلسلة أفلام المومياء، ولا يوجد فيها جديد أكثر من بعض الإبهار البصري وخدع الكمبيوتر، وهو لا يُحاول تعميق المغامرة وأصلها التاريخي بأى خيوط ميلودرامية قاتمة أو غامضة، وكل شىء نراه واضحاً ومباشراً، ورغم هذا نجد الفيلم جذاباً ومُسلياً!
مغامرة فتاة البنطال!
ربما يكمن سر الفيلم في البساطة والايقاع السريع للأحداث، وربما في جاذبية أداء "ايميلي بلانت" و"دوين جونسون"، وربما كل ذلك معاً.
تقوم "اميلي بلانت" بشخصية ليلى هوتون، وهى باحثة إنجليزية شابة جريئة، تبحث عن زهرة أسطورية ستُحدث ثورة في عالم الطب، ولأنها في عام 1916 والجمعيات العلمية لا تُقدر النساء العالمات دفعت شقيقها الشاب الخجول للتحدث نيابة عنها، وحينما ترفض الجمعية الملكية للعلوم في لندن الفكرة تذهب ليلى وشقيقها في رحلة عبر نهر الأمازون بحثاً عن هذه الزهرة؛ لإثبات نظريتها العلمية.
النظرة الدونية تجاه المرأة تظل مُصاحبة للبطلة المُغامرة، وإن كانت بصورة ذكورية؛ فكل رجال الفيلم تقريباً يُطلقون عليها "الفتاة ذات البنطال"، وهو زي غير مألوف في ذلك الزمن، وخاصة لشعوب أمريكا اللاتينية، وحينما تخوض ليلى مُغامرتها المحفوفة بالمخاطر يكون البنطال أقل مشاكلها؛ فعلى ضفاف النهر يظهر عدد من الأشرار يسعون لنفس الزهرة السحرية.
يُجسد "دوين جونسون" دور فرانك وهو قبطان سفينة صغيرة تجوب نهر الأمازون ذهاباً وإياباً، ويقدم رحلاته للسياح غالباً، وهو دائماً في ضائقة مالية؛ ولهذا يوافق على اصطحاب ليلى وشقيقها في رحلتهما رغم مخاطرها، مقابل مبلغ جيد من المال، وفرانك هو نموذج مثالي للشخص الأفاق خفيف الظل، الذي ستجد فيه ملامح من كابتن سبارو وانديانا جونز ولكن لا يُمكن أن نضع الفيلم بجوار أفلام "قراصنة الكاريبي" و"إنديانا جونز"؛ فهو نُسخة مُخففة جداً من هذه الأفلام.
رومانسية على ضفاف الأمازون!
جاذبية موضوع الفيلم، والكيمياء اللافتة بين "إيميلي بلانت" و"دوين جونسون" لم تكن كافية، وهذا يعود بشكل أساسي لضعف الحبكة؛ وقد استعرض السيناريو شخصيات الفيلم بشكل جيد في بدايته، ولكنه ركز على تناقض شخصيتي البطل والبطلة، وقدم شقيق البطلة دور مساعد كوميدي عن شاب أرستقراطي رقيق مثير للسخرية، وهذه التركيبة الثلاثية النمطية لتوزيع الأدوار كانت ناجحة إلى حد ما، ولكنها همشت باقي الأدوار، وخاصة دورى "بول جياماتي" و"إدجار راميرز"، ولا يتعلق الأمر بزمن ظهورهما القليل على الشاشة، بل بقيمة دوريهما؛ فجيامياتي الذي جسد شخصية صاحب الميناء الشرير الذي يُصادر موتور قارب فرانك حتى يُسدد ديونه يقوم بدور لطيف، ولكن السيناريو لا يستفيد من الشخصية كثيراً، وهو نفس الأمر في حالة "إدجار راميرز" الذي يظهر في بداية الفيلم ليؤسس لفكرة الأسطورة ثم لا يظهر إلا مع نهاية الأحداث تقريباً، وكان الممثل "جيسي بليمونس" تقليديا في أداء شخصية الأمير الألماني الشرير.
تطور العلاقة الرومانسية بين ليلى وفرانك جاء بدون حلول درامية مُبتكرة، خاصة أنه جاء بعد تاريخ صغير من عدم الثقة المتبادل، وربما يتسق هذا مع شكل النهاية السعيدة السطحية الذي يسعى الفيلم إليها، ولكنه أخل بالشكل الأساسي الذي قام عليه الفيلم منذ البداية؛ وهو أن تكون مغامرات الشخصيات صعبة وتحمل التحدي، ولكنها مُمكنة ببعض الذكاء واللياقة البدنية والحظ.
اللعبة أم الفيلم؟
الفيلم مأخوذ عن لعبة شهيرة داخل متنزه "ديزني"، ومن إخراج الإسباني "جومي كوليت سيرا"، الذي نجح في صنع عمل ترفيهي مسلي في نصف الفيلم الأول، وكان مُبشرا بفيلم تتطور أحداثه حتى تصل لذروة تليق بمتعة المغامرة، ولكن النصف الثاني من الفيلم كان يبدو كإعلان ترويجي براق للعبة المتنزه أكثر منه عمل درامي، ورغم أن الفيلم يعتمد بالأساس على الحلول الواقعية والمنطقية أكثر من الحلول الخيالية، لكن أحداث الفيلم في نهايته أسرفت في استخدام الحلول السحرية، وأصبحت الشخصيات تموت ثم تعود للحياة ببساطة، وكان كل شىء يتم بلا روح أو متعة درامية.
ربما يكمن سر نجاح الفيلم رغم كل المآخذ الفنية عليه في أنه يأتي في أوقات عصيبة؛ نتيجة استمرار وباء الكورونا وتداعياته الاقتصادية المؤلمة، ويحتاج المشاهد إلى تلك النوعية الخفيفة التي تُعيد العائلة إلى قاعات السينما، وإلى التسلية الخالصة، ومشاهدة أبطال يتمتعون بكاريزما مُحببة، وهى مُقومات يتمتع بها الفيلم الذي حصل على رصيد جيد في شباك التذاكر العالمي، ونسبة مًشاهدة جيدة في منصة "ديزني".
الصور من صفحة والت ديزني على الفيسبوك