نظرة على أفلام المرأة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي
من بين الأفلام المعروضة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، تظهر عدة أفلام تناقش قضايا المرأة. من المثير للانتباه كيف تتشابه الكثير من الهموم والمشكلات رغم اختلاف المجتمعات، كما يتضح في فيلمي "Yuni" (يوني) إخراج كميلة أنديني، وإنتاج إندونيسيا وفرنسا وسنغافورة وأستراليا، والمعروض في مسابقة المهرجان، و"بنات عبد الرحمن" إخراج زيد أبو حمدان، إنتاج الأردن، المعروض في قسم روائع عربية.
فيلم Yuni: مراهقة تهرب من الزواج
في الفيلم الإندونيسي، نتابع الفتاة المراهقة المليئة بالحيوية يوني والتي تدرس في الثانوية. بينما تود يوني التي تعيش في حي فقير أن تحقق طموحها، ترغب أسرتها في تزويجها، مما يجعلها تفكر في الكثير من الحلول للهروب من هذا المصير.
رغم أن الأحداث تدور في إندونيسيا، فإننا نجد أن المصير الذي تحدده الأسرة ليوني، يشبه المصير الذي تفرضه الكثير من المجتمعات العربية على الفتيات في سن صغيرة. المميز في هذا الفيلم هو رسم شخصية الفتاة التي تحاول طوال الوقت التغلب على عادات وتقاليد مجتمعها، لا تخجل من الاعتراف بحبها أو استكشاف جسدها ومواجهة رغباتها.
يمنحنا تواجد يوني في المدرسة نظرة أشمل على نفسية الفتيات في هذه السن في إندونيسيا، إذ نراقب كيف يحول المجتمع الكثير منهن إلى نسخ متطابقة، بينما تبدو من تحاول الفكاك من هذه القوالب في صورة الشاذة والمرفوضة.
لكن رغم هذه الشخصية وهذه النظرة البانورامية على المجتمع، فإن الفيلم يعاني من وجود الكثير من القوالب المتكررة دراميًا داخل السيناريو، وكأن المخرجة، التي شاركت أيضًا في كتابة السيناريو، تحاول قول كل شيء في هذا الفيلم، وتتعمد طرح كل القضايا في عمل واحد.
نجد أن أحد المدرسين في المدرسة يقرر طلب يد يوني للزواج حتى لا يلفت النظر لميوله المختلفة، بينما يبدو هذا الخط مميزًا بالفعل، ويُمكن أن يُبنى عليه الكثير، فإنه تاه وسط الكثير من الخطوط الأخرى، وتضاءل بجانب قصة حب يوني لأحد الشباب الآخرين.
فيلم بنات عبد الرحمن: 4 أخوات دون رابط
يقدم فيلم بنات عبد الرحمن لقاءً بين 4 أخوات بعد طول انقطاع، يجمعهن الغياب المفاجئ للأب. يستغل مخرج الفيلم ومؤلفه الشخصيات الأربعة في تقديم نماذج مختلفة تمامًا، فواحدة منهن خجولة وساكنة، تعيش في كنف الأب لترعاه، والأخرى تعيش مع زوجها الذي يتحكم فيها بشكل كامل ويقمع كل رغباتها، بينما الثالثة تحيا -نظريًا- مع زوج ثري لا يهتم بها بأي حال، وتعاني من شكها الدائم في خيانته لها، والأخيرة هي الأصغر سنًا والتي اضطرت لمغادرة البلاد بعد أن ربطتها علاقة بشاب تعرفت عليه.
تبدو كل شخصية منهم نموذجًا يمكنه أن يحمل فيلمًا كاملًا، لكن المخرج قرر أن يضع الأربعة داخل إطار واحد، حتى نشاهد كيف ستتفاعل كل منهن مع الأخرى، مع مساحة الاختلاف الشاسعة بين شخصياتهن.
بقدر ما كان هذا مثيرًا للمشاهد الذي سيشعر طوال الوقت بأن هناك جديدًا يتابعه، مع الانتقال المستمر بين الشخصيات، فقد كانت هناك مشكلة في التعامل مع الأربعة كأخوات، إذ نشعر سريعًا بأن المجهود المبذول لجعلهن نماذج مختلفة، أضعف من وجود روابط بينهن بصورة أو أخرى، تجعلنا نقتنع بأنهن أخوات، فرقت بينهن الحياة وعدن للاجتماع بعد غياب.
في السياق ذاته أيضًا يُذكر أن المخرج، الذي اهتم بصناعة تفاصيل خاصة لكل شخصية، فإنه غرق في بعض الأحيان في الاهتمام بتوصيل حالة محددة في بعض المشاهد، طغت على الحالة العامة للفيلم، فنجد بعض المشاهد كوميدية بشكل واضح، وبضعها الآخر مأساوي على النقيض تمامًا، بعض المشاهد يستغل فيها قدرات ممثليه في هدوء ودون أي مبالغة لتوصيل كامل الحالة، مثل مشهد الأخوات على سطح البيت، والبعض الآخر اعتمد على الصوت المرتفع أو المونولجات.
لكن ينبغي أن نذكر هنا أيضًا قدرة المخرج على تسكين الممثلات الأربعة: فرح بسيسو وصبا مبارك وحنان الحلو ومريم الباشا، في أدوارهن بشكل مناسب، وإخراجه لأفضل مستوى ممكن من جميعهن، حتى أننا لا نشعر في أي مشهد في الفيلم بأن إحداهن هي المتفوقة بفارق كبير عن الباقيات، بل لكل منهم لحظاتها المهمة، في توازن يُحسب لصانع الفيلم بالتأكيد.