"في الحب والحياة".. 8 أفلام قصيرة عربية تتلعثم في الكلام عن الحب والرومانسية!

قدمت "نتفليكس" أكثر من عمل درامي ينتمي إلي نوعية المسلسل الأنثولوجي؛ وهى دراما مسلسلة تُقدم حكايات مُنفصلة، ويجمع بينهم وحدة الفكرة والمضمون؛ وربما يكون المسلسل البريطاني  Black Mirror "المرآة السوداء" من أكثر ما قدمته "نتفليكس" إبتكاراً في إطار هذه النوعية، وقد تناول المسلسل حكايات من المستقبل القريب تُبرز تصورات مُخيفة عن تأثير التكنولوجيا على حياة البشر الإجتماعية والعاطفية.

عن فكرة "عزة شلبي" وانتاج "أنطوان خليفة" عرضت نتفليكس" مسلسل "في الحب والحياة"، وهو مسلسل أنثولوجي يتكون من ثمانية أفلام قصيرة من اخراج تسعة مخرجين، هم خيري بشارة، وساندرا بصال، وكوثر بن هنية، وهاني أبو أسعد، وأميرة دياب، وهشام العسري، وميشال كمون، ومحمود صباغ، وعبد المحسن الضبعان، ويقدم حكايات مُختلفة يجمع بينها فكرة الحب ومواقف ومُفارقات تتعلق بعيد الحب، وأهم ما يقدمه العمل هو مُحاولة إعادة الرومانسية إلى الشاشة.

ممنوع الحب!

يُقدم المخرج "خيري بشارة" أكثر الرؤى تطرفاً في تصوير مآل الحب، وذلك من خلال قصة بعنوان (يوم الحداد الوطني بالمكسيك)، وحكاية تدور أحداثها في دولة خيالية تُدعى "باظ"، مُنعت فيها كل مظاهر الحب، وحلت مناسبة أسمتها يوم الحداد الوطني بالمكسيك محل عيد الفالانتين، وتتجول شرطة منع الحب للقبض على كل من يقتني دب أحمر، أو يحاول الإحتفاء بالحب، والفيلم اسقاط ساخر على غياب مظاهر الرومانسية من الحياة في مُقابل الإحتفاء بالأحزان والتعصب ضد مظاهر الرومانسية، ورغم جودة مضمون الفكرة ووجود آسر ياسين بطلاً للعمل، ووقوف مُخرج بحجم "خيري بشارة" خلف العمل؛ لكن النتيجة جائت متواضعة درامياً، وأداء الممثلين خافت للغاية، والدراما مُصطنعة ولا تُضيف جديدا على مستوى الكوميديا السوداء أو دراما الديستوبيا.

في فيلم "أخويا" من إخراج "ساندرا بصال" وبطولة "أحمد عز" و"بسنت شوقي" نرى علاقة الحب بصورتها الرومانسية بين البطل والبطلة تتراجع أمام دفء علاقة البطل بشقيقه الصغير من ذوي الهمم، وفي حين يحمل الأخ الكبير "دياب" هم شقيقه الاصغر ويهجر فكرة الزواج بإبنة العمدة "شروق" يقوم الأخ الأصغر بمحاولة الجمع بين شقيقه وحبيبته بخطة ذكية، وقد سحبت علاقة الاخوين البساط من قصة الحب التي صُنع من اجلها الفيلم، وجائت القصة في الريف لتأطير الحكاية بملامح الحواديت الناعمة التي تدور وقائعها الطبيعة الآسرة، ولكن شكل العمل جاء نمطياً وقدم صورة براقة للريف بلا مضمون درامي لافت، ولم نر أي وهج لعلاقة رومانسية خاصة بين البطل والبطلة.

هدايا حمراء وواقع قاتم!

في "كازوز" للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد وأميرة دياب نرى مزيجا من السلوكيات التي تدور في وطن يعيش ينتقل من الفرح إلى الحزن دون مُقدمات، وحكاية الفيلم عن بطل  يُغامر يوم عيد الحب بإحضار دب أحمر كبير من مدينة أريحا ماراً بحواجز أمنية إسرائيلية في الطريق إلى حفل زفافه في القدس، وعلى جانب أخر يحاول شقيق العروس "عامر حليحل" تدبير أحوال حفل العرس مع متعهد الطلبات المسؤول عن الطعام والمشروبات، وحينما يأتي خبر إستشهاد العريس أثناء عودته يتحول الغناء والرقص وتناول المُرطبات إلى حزن ووجوم وتناول قهوة سادة، ولا يتوقف الفيلم عن تصوير تناقضات المشاعر الإنسانية وسط عبثية المواقف المتناقضة.

في الفيلم التونسي "مسلخ السعادة" تقدم المخرجة "كوثر بن هنية" رحلة صاحب مجزر للحصول على شيك حكومي مُستحق يأمل في أن يُنقذه من تراكم الديون عليه وشراء هدية عيد الحب لزوجته، وبسبب الروتين الحكومي وبعض سوء الحظ تتحول الرحلة إلى سباق متوتر مع الزمن للحاق بمكتب البوسطة قبل الإغلاق، ويبدو البطل الغارق في الديون وتفاصيل الروتين والفساد لا يكاد يجد وقتاً كافياً للمشاعر.

من لبنان تأتي حكاية بعنوان "قلب أحمر كبير" من إخراج "ميشال كمون" لتصور أكثر حالات الكوميديا السوداء؛ فعامل التوصيل المهموم بالحفاظ على مهنته المتواضعة "سامي" يحمل قلب أحمر كبير على موتوسيكل لتوصيله إلى فتاة مع رسالة غرام عليه ان يؤديها بنفسه، وحينما يضيع القلب في الطريق يقوم بمغامرة تشمل مُطاردات ومُشاجرات لإستعادته وتكملة مهمته حتى لا يفقد وظيفته، وتبدو المدينة رمادية بلا روح من خلال لقطات الكاميرا من أعلى، والقلب الأحمر مثل نقطة حمراء تتحرك في الاسفل؛ تحاول ضخ الدماء في جسد المدينة المُتهالك المُنهك.

غموض وسيريالية ومشاعر تائهة!

أغلب حكايات الأفلام عادية رغم إجتهاد بعضها لتقديم رؤي أبداعية مُختلفة في السرد؛ كما في "كازوز" و"مسلخ السعادة" و"قلب أحمر كبير" ويظل آفة بعض السرد في بعضها هو الحديث بتجريد عن موضوع الحب، وعدم التعاطي مع حكايات خاصة تحمل أصالة وإبتكار، والملمح الأبرز هو التعاطي مع الحب بنظرة قاتمة في جميع الاعمال، وكأن تلك الأعمال تُؤكد أن الرومانسية غابت عن الدراما لأنها غابت عن الحياة؛ فالحب في الفيلم السعودي "حب في ستوديو العمارية" هو حنين لغنوة عن الحب، لحنها "بليغ حمدي" لوردة الجزائرية، وكواليس تسجيلها في ستوديو العمارية هى أهم ذكريات بطل العمل، وهو كهل عجوز كان في الماضي مهندس صوت والآن يكاد يفقد بصره، وفي فيلم "الأعشى" يتحول موعد عشاء بين خطيبين في مطعم بمدينة الرياض إلى محاولة مُتبادلة للإنفصال بسبب عدم التفاهم، ويحمل كلا الفيلمين ملامح ضبابية وغامضة عن مشاعر أبطال العملين نحو الحب، و يحمل الفيلم المغربي "سيدي فالنتاين" تفاصيل سريالية عن عاطفة تنشأ بين شاب وفتاة أثناء لقائهما لأول مرة داخل محل شيكولاتة يوم الفالانتين، وتجمعهما مغامرة في شوارع مدينة "الرباط" للبحث عن سيارة الشاب المسروقة.

بشكل عام نجد في أغلب تلك الأفلام التي جمع بينها الحب وعيده ودباديبه حالة من الغموض والغرائبية وميل للكلام حول الحب وليس عنه، وكأن السينما تخجل من الكلام عن الحب في حد ذاته، أو لا تجد الطريقة الملائمة درامياً للتعبير عنه.
 

الصور من تريلر الفيلم