رؤية نقديةـ برادلى كوبر يحصد نجاح نسخة السبعينيات من AStar is Born
عادة ما تميل استوديوهات هوليوود إلى التكرار، وإعادة إنتاج ما حقق نجاحًا ساحقًا فى الماضى، يجرى تلميعه وتحديثه وتدويره ليناسب زمنًا احدث وجمهور جديد، العديد من الأيقونات السينمائية تحظى بهذه الفرصه بعضها ينجح وآخرين يفشلون، لكن النجاح والفشل لا يمنع أو يوقف محاولات إعادة التدوير والإحياء، فهذا التكرار هو جزء أصيل من إنتاج هوليوود.. A Star Is Born أحدث افلام برادلى كوبر كممثل وأول أفلامه كمخرج ومؤلف بمشاركة إريك روث وويل فيترز ينتمى لأفلام التى حظت بفرصة إعادة الإنتاج.
فيلم 2018 هو إعادة إنتاج لفيلم كلاسيكى يحمل نفس العنوان عُرض عام 1937، ثم أعيد انتاجه ثلاث مرات، فيما كانت النسخة الأصلية لممثلة صاعدة تدعى آستر/ فيكى(جانيت جينور) يساندها ممثل كبير فى مرحلة انحسار الشهرة عنه يدعى نورمان (فريدرك مارش) بعيدة عن الغناء الذى بدأ استغلاله فى النسخ اللاحقة أولها عام 1954 حيث قدمت خلاله شخصية آستر/ فيكى، جودى جارلاند وشخصية نورمان قدمها جيمس مايسون كمغنيان بدلاً من ممثلين مع الحفاظ على الحبكة الرئيسية، ثم استمر الحال على هذا المنوال فى النسختين اللاحقتين واللذان قدمت فيهما شخصية المغنية الصاعدة باربرا سترايسند ثم ليدى جاجا، والمغنى الشهير كريس كريستوفيرسن ثم برادلى كوبر.
من نسخة لآخرى على مدار 81 عام تتحول الأفلام لتبتعد عن الأصل وتواكب المرحلة المنتج خلالها الفيلم، كل النسخ تنتهى بشكل مماثل تقريبًا عدا نسخة 1976 التى تعد الأفضل من حيث السيناريو ورسم الشخصيات والحوار، حتى أن نهايته أكثر منطقية من الأفلام الثلاثة الأخرى، ربما يكون هذا السبب وراء اختيار برادلى كوبر هذه النسخة تحديدًا لتكون مرجعيته فى صناعة الفيلم، وهذه المرجعية تتخطى بكثير حالة التأثر لتدخل فى نطاق التقليد المخل، على مستوى الشكل اختار برادلى أن يكون نسخة من مظهر شخصية جون فى فيلم 1976، ولم يكن التشابه فى الشكل فقط لكن فى الأداء ايضًا حتى اختياره لصوت الشخصية يقترب بشكل ملفت من صوت كريس فى فيلم السبعينيات، لكنه فى المقابل لم يقلد حيوية كريس فى أدائه للشخصية، لذلك على مستوى الأداء التمثيلى يعد برادلى هو الأضعف والأقل ابداعًا بين كل من قدموا الشخصية فيما مضى.
الأحداث من الناحية الدرامية تميل لنفس الضعف وغياب الرؤية الاخراجية بشكل مبدع يضيف لما سبق من افلام ويواكب العصر، ففيما حافظت كل نسخة سابقة على روح عصرها وأبرزت ووضحت طبيعته فى الملابس وشكل المجتمع فقدت هذه النسخة هذه الميزة ولا تعبر عن الفترة الزمنية بأى شكل، ايضًا عدم الاهتمام بإبراز الشخصيات وانفعالاتها والتركيز عليها بشكل محترف مما ادى إلى فتور العلاقة بينها وبين المشاهد وبالتالى تأثره بها اقل، فالتمهيد لتفاصيل طبيعة كل شخصية لم يكن على المستوى المطلوب وظلت بعض الشخصيات المحورية فى الظل بلا تفاعل تقريبًا حتى المشهد الذى يمثل نقطة الذروة بالنسبة لها.
شخصية الأخ بوبى (سام إليوت) أحادية حتى مشهد المواجهة بينه وبين جاك الذى عرفنا من خلاله تاريخ علاقتهم وبعدها لم تستغل الشخصية بالشكل الدرامى المطلوب على العكس غابت وعندما ظهرت عادت للأحادية وكونها مجرد مراقب لتحولات الاخ الاصغر جاك، فهى من وجهة نظر المؤلفين والمخرج فقدت أهميتها وتفاعلها، نفس الحال مع شخصية مدير أعمال آلى (ليدى جاجا)، ريز جافرون (رافى جافرون) التى لم تحتل مساحة الصراع المطلوب بينها وبين جاك لذلك جاء مشهد المواجهة بينهم من أضعف ما يمكن أداءًا وتاثيرًا على الدراما وجعل من الحدث التالى الذى يحول مسار العلاقة بين الحبيبين ضعيف التأثير على المشاهد، وفى المقابل امتلأ الفيلم بمشاهد مكرره تجمع الحبيبان وبشكل رومانسى صامت فى لقطات من المفترض أن تعبر عن عمق العلاقة وتثير عواطف الجمهور بطريقة تصلح لفترة الأربعينيات من القرن الماضى وبشكل طغى على مساحات باقى الشخصيات وفرصتها الطبيعية فى الظهور والتفاعل، فقط العلاقة بين شخصية آلى ووالدها لورنزوا (آندرو كلاس) التى ظهرت بشكل جيد ومترابط بشكل متوازن على مدار أحداث الفيلم.
المكسب الوحيد من الفيلم هو ليدى جاجا سواء بصوتها كمغنية أو أدائها كممثلة، وربما كانت علاقتها بوالدها وغنائها هما ما منحا الفيلم الحيوية والاحتفاء المبالغ به قادم من عدم متابعة نسخة ١٩٧٦، فالفيلم يحظى بقبول عند قطاع واسع لم يشاهد القصة بين باربرا وكريس وعليه قصة ٢٠١٨ هى جديدة عليهم من زاوية لم يقترب منها احد لكن الحقيقة انه سينمائيًا نسخة السبعينيات هى الأكثر تكاملاُ، وكوبر لم يفعل شيئًا سوى حصد النجاح الذى حققته منذ سنوات