ما بين القوة والمعاناة.. كيف ظهرت "الغُربة" في أفلام مهرجان الإسماعيلية 2019؟
هجرة، لجوء بالإجبار، السفر من أجل مستقبل أفضل.. اختلفت مسميات وأسباب الغربة لكن بقيت المشاعر السلبية المصاحبة لها واحدة، ويعبر كل شخص مرّ بتلك التجربة، بطريقته المختلفة عنها، سواء بالبكاء أو الإحباط أو حتى مواجهة الموقف بقوة وتحمل مساوئه.
معظم الأشخاص يختارون تفاصيل حياتهم، وآخرون مجبرون على فعل أشياء على عكس إرادتهم.. بعضهم اختار الهجرة أملًا في حياة مختلفة، وبعضهم تم إجباره عليها لأجل الحياة فقط، واضطر جميعهم التأقلم مع الحياة الجديدة التي وُضعوا فيها، لكن يبقى مع هذا التأقلم حنينًا لتفاصيل حياتهم السابقة بكل ما فيها من ذكريات مؤلمة وجيدة.
3 أفلام حتى الآن عُرضت في أول يومين من فعاليات الدورة الـ21 من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وتحدثت عن صراع المهاجرين واللاجئين وكيفية تفاعلهم مع مجتمعهم الجديد وأي مشكلات قد تواجههم فيه.
نحنا منا أميرات
كانت البداية مع فيلم الافتتاح السوري "نحنا منا أميرات" الذي يتحدث عن مجموعة من اللاجئات السوريات في بيروت، التي أقامت لهن مؤسسة أوبن أرت ورشة عمل مسرحية لتخلق لهن مساحة اجتماعية وتساعدهم في تخطي صدمة الصراع الدائر في سوريا.
وبالرغم من أن القصة يبدو وأنها من المفترض أن تأتي مليئة بالأحداث والمواقف الحزينة، إلا أن بطلاتها يروين ما حدث لهن وما يشعرن به بشكل بسيط وطريف أحيانًا، يُظهر بعض المآسي التي تعرضن لها بالفعل، لكنه أيضًا يرصد قوتهن في مواجهة الأزمات.
فيلم "نحنا منا أميرات" الذي أخرجته وصورته كل من المخرجتين عتاب عزام وبريدجيت اوجير، اعتمد أيضًا في بعض مشاهده على الرسوم المتحركة، التي استخدمت نظرًا لرفض بعض بطلات العمل إظهار وجوههن.
ممشى
ثاني تلك الأفلام التي تناقش تأثير الغربة على أصحابها، كان الفيلم التسجيلي القصير "ممشى" للمخرج الفلسطيني الأصل هشام كايد، الذي يتناول قصة شاب فلسطيني لاجئ مقيم في لبنان، اتخذ قرارًا بالهجرة غير الشرعية من تركيا باتجاه اليونان، ثم منها إلى إحدى الدول الأوروبية.
ويناقش الفيلم انتشار فكرة الهجرة بين الشباب العرب، واعتقادهم بأن كل ما حرموا منه قد يجدونه في بلد المهجر، كذلك يركز على الجانب الإنساني وما يعانون منه بسبب ابتعادهم عن أحبائهم وأسرهم.
تأتون من بعيد
هو فيلم ينتمي إلى فئة الأفلام التسجيلية الطويلة، من إنتاج مصري لبناني إسباني مشترك، للمخرجة المصرية أمل رمسيس، ويتحدث الفيلم عن شقيقتين من عائلة فلسطينية، تشتت وافترقت عن بعضها البعض، وحُرمت الشقيقتين من العيش والكبر سويًا، حيث تربت الأخت الكبرى في إحدى ملاجئ روسيا، وعندما اجتمعت مع شقيقتها وأسرتها مرة أخرى شعرت بالغربة رغم أمنيتها الدائمة بأن يجتمع شتات هذه الأسرة، التي باتت لا تفهم لغتها.
مشاعر كثيرة متناقضة، ما بين الفرح والحزن؛.. عتاب الأسرة ومحبتها الشديدة في الوقت نفسه؛ عبرت عنها بطلة الفيلم التي توفيت عقب الانتهاء من تصويره.
كما سلطت المخرجة أمل رمسيس الضوء على المعاناة النفسية التي نشأت بسبب شتات الأسرة، وخاصة الأخت الكبرى التي تُركت بمفردها منذ صغرها بالملجأ، وأيضًا حالة السعادة والحب التي تظهر بها عندما تجتمع معهم حتى وإن كانت لا تفهم لغتهم.