رؤية نقدية ـ هل اقتبست نتفليكس مسلسل ‏Lost بعد مرور 15 عاما على عرضه؟!

حينما بثت شبكة "نتفليكس"التريلر الأول لمسلسل الدراما والخيال العلمى الجديد "الجزيرة" The I-Land، شعر المشاهدون بالتشابه الكبير مع المسلسل الأسطورى Lost، وبعد بداية عرض حلقات المسلسل السبع، تزايدت عناصر المقارنة الطريفة بين العملين، والأكثر طرافة أن عُشاق مسلسل Lost يحتفلون هذه الأيام بذكرى مرور 15 عاماً على العرض الأول للمسلسل.

فى الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر، فى عام 2004، بدأت شبكة ABC الأمريكية عرض المسلسل الأسطورة "الضياع" Lost، وتابع ملايين المشاهدين طوال 121 حلقة، دراما مُشوقة عن مجموعة ركاب، تحطمت طائرتهم بالقرب من جزيرة غامضة، وبدأ صراعهم من أجل البقاء على قيد الحياة، على سطح جزيرة معزولة، وصور المسلسل شخصيات العمل بصورة متقنة وجذابة، حتى أن الأبطال، وهم مجموعة من الممثلين المغمورين، تحولوا إلى نجوم مشهورين، يعرفهم المشاهد بأسماء شخصياتهم التى قاموا بتجسيدها فى العمل الذى أصبح من أهم الأعمال التليفزيونية المعاصرة، ووصلت شهرته فى الدول العربية إلى درجة عرض نسخة مُدبلجة بالعربية منه.

مسلسل lost  ومسلسل The I-Land

10غاضبين على جزيرة معزولة

فى مسلسل The I-Land يستيقظ عشرة أشخاص على شاطىء جزيرة معزولة، يعانى كل منهم من فقدان الذاكرة، ولا يذكر أى منهم حتى اسمه، أو سبب تواجده على هذه الجزيرة المهجورة، ولا يعرف أى منهم أى من الأشخاص الأخرين، إنهم فقط حفنة من الغاضبين والغاضبات، بلا سبب محدد، ويُركز العمل بصورة كبيرة على شخصية "تشيس-ناتالى مارتينز"، وهى الشخصية التى تبدو أكثرهم غضباً وقلقاً، وأكثرهم رغبة فى البحث عن وسيلة للنجاة، والخروج من الجزيرة، وبعد تعرضها لمحاولة اعتداء جنسى، ومواجهات غاضبة مع زملائها على الجزيرة، تبدأ فى الانعزال عن المجموعة، ومحاولة حل لغز وجودهم على الجزيرة وحدها.

The I-Land

المسلسل ينتمى إلى نوعية الخيال العلمي، ويكشف لنا فى الحلقة الثالثة أن ما يحدث على الجزيرة نوع من المحاكاة، وما يتعرض له الأشخاص العشرة مجرد خيالات نفسية يرونها فى عقولهم، بينما أجسادهم محفوظة بعناية داخل أحواض موصولة بأجهزة تراقب كل ما يفعلونة فى غيبوبتهم المصطنعة، وأنهم فى الواقع مجموعة من المجرمين، محكوم عليهم بالإعدام، ويتعرضون لتجربة علمية، تمنحهم فرصة جديدة للتكفير عن ذنوبهم، أو هكذا تبدو الصورة فى تلك الحلقة.

السير على خُطى مسلسل Lost

تبدو شخصية "تشيس" قريبة للغاية من شخصية "كيت" فى مسلسل Lost؛ الفتاة الجميلة الغاضبة، التى نعرف ماضيها مع الجريمة، من خلال فلاشات الماضى، وبمرور الحلقات يتأكد أن "تشيس" هى البطلة الرئيسية للعمل، وقصتها هى محور الأحداث، وبمرور الحلقات نلاحظ عناصر تشابه عديدة بين العملين؛ منها مثلاً العنصر البارز وهو شكل المكان، والملامح العامة لبعض الشخصيات، مثل تشابه شخصيتى "برودى-ألكس بيتيفر"، و"سوير-جوش هولواى".

مسلسل lost  ومسلسل The I-Land

المسلسل يمزج بين الحاضر على الجزيرة، والماضى من خلال لقطات الفلاش باك، ولكنه فى حالة The I-Land لا يأخذ الوقت الكافى لتقديم تفاصيل الماضى بشكل ناضج، وهناك أيضاً إعادة إستخدام للغز الأرقام كما فى Lost ، حيث اكتشف "هيرلى-جورج كارسيا" أن رقم اليانصيب الذى فاز به فى الواقع له علاقة بالجزيرة، نرى الرقم 39 له علاقة بحل بعض ألغاز الجزيرة فى مسلسل نتفليكس، وفى The I-Land توازى شخصيتا "بونى" و"كلايد"، الحارسان الغامضان، شخصيات "الآخرون" فى Lost، وهى الشخصيات القاسية التى قامت بخطف وترويع سكان الجزيرة، بينما "بونى" و"كلايد" حارسان يراقبان الجميع، ويعاقبان من يخالف التعليمات، وهناك أيضاً جزيرة أخرى فى كلا المسلسلين، وفى نسخة نتفليكس تُدعى "الجزيرة 2"، وكل ما نعلمه عنها أن من يقطنها آكلة لحوم بشر.

نسخة رديئة من عمل رائع

كل عناصر التشابه بين العملين تم تقديمها بصورة ساذجة للغاية فى مسلسل نتفليكس، وهى سذاجة يمكن أن تظن معها أن المسلسل نسخة ساخرة من Lost؛ فلا يمكن أن يكون هذا الحوار الردىء جاداً، ولا يُعقل أن تكون حبكة العمل، ومبررات سلوك الشخصيات، وتطور الأحداث، بمثل هذا العبث والسطحية؛ فنحن نرى بعد حلقات فاترة مليئة بالغموض، مشاهد عنيفة متلاحقة، تتضمن إطلاق نار كثيف وطعن متبادل، ثم نهاية مفاجئة لا توازى كل هذا الغموض والدموية.

النسخة التى قدمتها نتفليكس تُعانى من مشاكل عديدة؛ أبرزها أن الغموض الكثيف فى بداية الحلقات لا يُمنح الوقت الدرامى الكافى لكشف تفاصيله، وأن الأحداث تتدحرج فى النهاية لتهوى بسرعة فى هوة سحيقة مع كثير من الخيوط الدرامية التى لم تنل حظها من العرض بصورة ملائمة، وكثير من الشخصيات كانت هزيلة درامياً، رغم أن ماضيها يشمل أحداث ميلودرامية كبيرة، وعلى مستوى الكتابة والتمثيل، العمل تُسيطر عليه حالة فقر شديدة؛ فالحبكة سطحية، والأداء مُفتعل، ولولا بعض اللقطات الجميلة للجزيرة لم يكن العمل يستحق عناء المشاهدة حتى النهاية.

The I-Land