البديل الأكثر أمنًا في عالم الترفيه..كيف تستفيد نتفليكس و"أخواتها" من أزمة فيروس كورونا؟!
قبل 17 عام كانت أزمة وباء "سارس" تهدد صناعة السينما العالمية بالركود، وتسببت شراسة الفيروس في إنهيار إيرادات الأفلام خارج الولايات المتحدة بصورة كبيرة، ووقتها قررت السلطات الصينية غلق دور العرض، وكان عددها 70 ألف شاشة عرض، ونصيب أفلام هوليوود منها يصل إلي حوالي 60%من إجمالي دور العرض، ويقول المثل الشعبي الشهير "مصائب قوم عند قوم فوائد"، وفي أفلام الكوميديا المصرية القديمة شاهدنا شخصية الحانوتي الكاريكاتورية، التي قدمها "عبد الفتاح القصري" وغيره، وهي شخصية مضحكة دائماً؛ بسبب بحثها الدائم عن المصائب التي تُخلف قتلى؛ فالموت مصدر أكل عيشه، وهذه الشخصية مرادف لكل شخص يزدهر عمله بسبب المصائب والكوارث، وقد تضرر قطاع السينما والترفيه عالمياً بسبب أزمة وباء "كورونا"، ولكن هل هناك من سيستفيد من الكارثة؟
تراجع جيمس بوند!
بلغت ميزانية فيلم جيمس بوند الأخير No Time to Die "لا وقت للموت" 250 مليون دولار أمريكي، وقرار تأجيل عرضه من موسم الربيع إلى موسم الخريف يعكس مخاوف شركتي "مترو" و"يونيفرسال" من تأثير فيروس "كورونا" على إيرادات الفيلم، خاصة في سوق العرض خارج الولايات المتحدة، وقرار التأجيل سيتبعه بالضرورة تأجيل العديد من الأفلام الأمريكية ضخمة الإنتاج، والتى سيضرها بالطبع قرار غلق دور العرض في الصين وكوريا الجنوبية، ومن المرجح أن تلجأ دول أخرى لغلق دور العرض السينمائية، كجزء من خطة الوقاية من إنتشار المرض، حيث تخطط الحكومات لغلق أماكن التجمعات البشرية كالمدارس والجامعات، وإلغاء مسابقات كرة القدم، والحفلات الفنية، وعروض المهرجانات السينمائية، وذلك في حالة تفاقم الأوضاع، وخروج الوباء عن السيطرة، وعلى الرغم من كون فيروس كورونا أقل شراسة من فيروس سارس، لكن درجة إنتشاره أسرع، وهذه يجعل تأثيرة المخيف أكبر.
مصائب هوليوود وفوائد نتفليكس
تصب كل مصائب صناعة السينما في صالح شبكة نتفليكس وشقيقاتها منصات العرض الالكترونى؛ فمع إزدياد المخاوف من مشاهدة الأفلام في دور السينما، ستكون منصات العرض الرقمي هى البديل الأكثر أمناً في عالم الترفيه، ومع نصائح الهيئات الصحية للمواطنين بتجنب الإختلاط، والبقاء في المنزل، سيكون نصيب تلك المنصات زيادة الإشتراكات، وتحقيق نسب مشاهد أكبر من المتوقع، وكلما زادت فترة تأثير "كورونا"، وغياب المصل والعلاج ستزيد أرباح ومكاسب منصات العرض الالكترونى. تمكنت السينما من التعايش مع كثير من الأزمات التى هددت وجودها، منذ إنتشار التليفزيون، وصولاً إلى منافسة البث الرقمى، ولكن التهديد الحالي قد يجعل قرار دور العرض حتمياً، خاصة في أمريكا، معقل صناعة السينما، وستكون تجربة الجلوس في قاعة عرض تضم عدد كبير من المشاهدين مخيفة، خاصة مع أى سعال أو عطس لمشاهد مجاور، ولهذا يبدو إغلاق دور السينما قراراً محتملاً جداً، ولكنه قرار ستكون له تداعيات كبيرة على توزيع الفيلم الأمريكي، وسيخيف باقي دول العالم، وسيدفعها إلى إتخاذ قرارات مماثلة، وهذا سيضرب كثيراً بصناعة الفيلم وتوزيعه، بصورة غير مسبوقة.
هل تُغلق السينما أبوابها؟
إذا أردنا معرفة خطورة ما يحدث فعلاً، علينا الإقتراب أولاً من شباك التذاكر الأمريكي حالياً، وهو يشهد حالياً زيادة بقدر 3% عن العام الماضي، وذلك بعد صدور عدد من الأفلام التجارية المُنتظرة مثل Sonic the Hedgehog "سونيك القنفذ" وInvisible Man "الرجل الخفي" و Bad Boys for Life"أولاد أشقياء للأبد"، بالإضافة إلى ذلك تنتظر هوليوود إيرادات كبيرة من أفلام ستصدر قريباً مثل Black Widow "الأرملة السوداء" و Fast 9وكانت المؤشرات تشير إلى أن هذا الموسم سيكون أفضل من مثيله في العام الماضي، ورغم مخاطر إحتمال قرار إغلاق دور العرض، لكن التاريخ يقول أن دور العرض السينمائية في أمريكا وكندا لم تلجأ إلى مثل هذا القرار في حالات تهديدات مُشابهة خلال سنوات سابقة، مثل تهديدات فيروس "سارس"، و"إيبولا"، و"أنفلونزا الطيور"، ولكن مع إقتراب موسم الصيف السينمائى، ووقوف عدد من أفلام الإنتاج الضخم في طابور العروض السينمائية المُنتظرة ستزداد المخاوف من الإضرار إلى اللجوء إلى قرارات غير مسبوقة.
الوقاية خير من الإغلاق
لجأت بعض دور العرض الأمريكية إلى تفعيل إجراءات سبق وإستخدمتها أثناء وباء "سارس" و"إنفلونزا الطيور"، ومنها تطهير قاعات العرض، ومسح مقابض الأبواب وأماكن الحجز، وطلبت من موظفيها غسل أيديهم بصورة مستمرة، وعدم الحضور في حالة الشعور ببوادر المرض، وتتابع بعض الشركات التي تمتلك فروع دور عرض في أنحاء الولايات المُتحدة إجراءات الوقاية مع السلطات الطبية المحلية في كل ولاية، وهذا جزء من الإجراءات الاستباقية التى تُحقق نوع من الإطمئنان للجمهور، وتعني أيضاً أن فكرة الإغلاق مُستبعدة حتى الوقت الحالي.
من طبيعة موسمى الشتاء والربيع أن تكون نسبة نمو الإيرادات في شباك التذاكر بطيئة؛ ولهذا إغلاق دور العرض حالياً - لو حدث – خسارة تستطيع هوليوود تحملها، ولكن لو وصل الأمر إلى تهديد الإغلاق في موسمي الصيف وأعياد الكريسماس؛ فهنا ستصبح العواقب كارثية على صناعة السينما، وسيكون البديل الأخر للجمهور هو مشاهدة الأفلام على المنصات الرقمية والتليفزيونات الذكية، والاعتماد على النفس لصُنع الفشار في مطبخ المنزل!