رؤية نقدية ـ Space Force..النقد الاجتماعي على طريقة مسلسلات الأنميشن!
Space Force.. أحدث أعمال ستيف كارل والذى يشارك فى صناعة محتواه مع جريج دانيالز، والذي عرض موسمه الأول مؤخرًا على منصة نتفلكس حسب طريقة عرض معظم مسلسلات المنصة بواقع 10 حلقات مرة واحدة.. يقدم ستيف كاريل فى المسلسل شخصية ضابط فى سلاح الطيران الأمريكي يدعى مارك نرد يحمل رتبة عالية ومزين بالأوسمة، يفاجئ باستدعاء وترقية لرتبة لواء بأربعة نجوم وهو ما يعادل رتبة فريق وقائد سلاح ، يجد نفسه فى غرفة رؤساء الأركان ويظن أنه سيقود سلاح الطيران خلفًا لغريمه وكخطوة طبيعية للترقية لكنه يجد الغريم الفريق كيك ما زال قائدًا لسلاح الطيران بينما تولى هو قيادة سلاح جديد هو سلاح الفضاء كعنوان المسلسل، ويصبح الهدف الرئيسيى لهذا السلاح هو إمكانية وجود جنود وقاعدة عسكرية على القمر.
بالطبع الفكرة التأسيسية فى المسلسل تقوده ناحية الخيال العلمي لكن فى الحقيقة هو مسلسل ساخر ينتمي لنوعية النقد الاجتماعي المعتمد على إبراز سلوكيات أو أفكار وتعريضها للاختبار عن طريق جرعة عالية من المبالغة، وما يبدو خيالي بشدة يجد ما يربطه بالواقع بشكل وثيق وهو الشكل الذى نجده فى مسلسلات كثيرة كلها تنتمى للرسوم المتحركة الموجهة للكبار مثل The Simpsons وRick and Morty.
غرابة الفكرة وهى إنشاء سلاح جديد هدفه وجود جنود فى الفضاء يكشف إلى حد بعيد حجم الصراعات السياسية على الأرض ويدفع للتساؤل حول السبب فى نقلها من الفضاء، فى القاعدة الجديدة نجد تعاون مشوب بالحذر بين الغريمين أمريكا وروسيا لكن العداء الذى تتم ترجمته بشكل ساخر وكوميدي هو بين أمريكا والصين التي يظهر فريقها متفوقا بخطوة عن الفريق الأمريكي.
الكثير من التفاصيل نكتشفها مع توالي الأحداث أن لها مرجعيات وتعبر عن تفاصيل حياتية، كشخصية المسئول الإعلامي، وعلاقة الضابط الكبير بالعالم إدريان مالوري (جون مالكوفيتش) وعلاقة الابنة إيرين (ديانا سيلفرز) بوالدها مارك، حتى علاقة الأخير بزوجته ماجى (ليزا كودرو) التي ظهرت معه فى بداية الحلقات ونفاجئ بعد انتقالهم للقاعدة بسجنها لمدة طويلة مما يشير إلى ارتكابها لجرم خطير لم تكشف عنه الأحداث ويبدو أنه محفوظ للموسم الثاني، كما أن الكثير من التفاصيل الخاصة بالمجتمع تظهر تباعا، حتى مع انتقال الصراع إلى القمر نكتشف أن هناك صراع أخلاقي، ومقارنة واضحة بين ما حدث مع أول خطوة لنيل أرمسترونج على القمر وزمنه والزمن الحالي الذى انعكست من خلال صراعات مختلفة سببها بشر مختلفون تمامًا عما كانه نيل ورفاقه، أصبح الأمر فى المسلسل أقرب لصراع زائف هدفه الظهور بمظهر لائق عبر وسائل السوشيال ميديا لا تحقيق إنجاز حقيقي وإن كانت معظم الشخصيات تحمل نوايا طيبة.
رسم الشخصيات فى المسلسل كما الحال مع مثل هذه النوعية التي تعتمد على نقد اجتماعي قوي، يظهرها كلها بمسحة سذاجة واضحة مهما بلغت درجتها العلمية والاجتماعية، هناك دائما تفاصيل تجعلها غير منطقية وغريبة، هذا الشكل الذى يعتمد على حلقات متصلة بخط درامي واحد مع موضوعات متعددة تتجدد مع كل حلقة معظم إنتاجه من الانيميشين لكن تأثيره ونجاحه في مسلسل كـ The Simpsons مثلا جعله ممتد لأكثر من 30 سنة، حتى إن عدد من مسلسلات الصورة الحية ظهرت بنفس الطريقة، حتى فى منطقتنا كما الحال مع مسلسلات مثل "الوصية" و"ريح المدام" وغيرها، هذا الشكل آخذ فى الانتشار وتحوله من مسلسلات الإنيميشن للصورة الحية يدل على تطور حقيقى فى استغلال المسلسلات فى النقد والتفاعل مع قضايا حالية وحديثة معظم هذه المسلسلات حققت شهرتها من العرض على الوسائط الجديدة ومن ضمنها المنصات التي تحولت لوسيلة مضمونة فى العرض ساهمت في زيادة تأثير تلك الأعمال.