Friends: The Reunion .. دموع وضحكات حلقة الأصدقاء الخاصة!

تحت عنوان "مقهى الأرق" بدأ "ديفيد كرين" و"مارثا كوفمان" في بداية التسعينيات كتابة مشروع حلقات مسلسل سيت كوم لصالح تليفزيون "وارنر بروس"، وكانت الفكرة حول علاقة ستة من الأصدقاء، تجمع بينهم حكايات الطموح وفشل البدايات، ومشاعر الحب، والأهم ثرثرة الأصدقاء ونكاتهم المرحة، وتحول عنوان المسلسل في النهاية إلى "الأصدقاء"؛ فهو عمل محوره تلك الصداقة التي تجمع ستة شباب من الجنسين، وكان أبطال العمل مجموعة من الممثلين المغمورين، ولكنهم نجحوا في تجسيد العلاقة الدافئة بين مجموعة الأصدقاء؛ مما جعلهم أصدقاء لكثير من المشاهدين أمام شاشات التليفزيونات حول العالم حتى الآن.

الحلقة 236 والعودة الصعبة!

جائت حلقة Friends: The Reunion التي عرضتها مؤخراً شبكة HBO Max لتعيد شمل مجموعة الأصدقاء مرة أخرى، ولتُعيد للذاكرة بعض تفاصيل كواليس العمل.

 لم تكن هناك أى مؤشرات عن تحقيق مسلسل Friends تلك الشهرة الأسطورية؛ وحينما بدأ عرضه في 22 سبتمبر عام 1994 كان مجرد سيت كوم عن مواقف ضاحكة بين مجموعة من الأصدقاء، ولكن كيمياء العلاقات بين مجموعة الممثلين صعد بالعمل إلى حالة من الجاذبية لدى المشاهد الذي سيجد التسلية والسلوى والمرح في متابعة حكايات هؤلاء الأصدقاء مهما بلغت سطحيتها وسذاجتها؛ فهو دراما لا تتحرى العمق، ويعزف على العواطف والمشاعر البسيطة، وتقضية وقت لطيف مع أصدقاء من خيال الدراما.

عودة الأصدقاء بعد 17 عاماً من بث الحلقة رقم 236 والأخيرة من مسلسل Friends حدث كبير لعُشاق المسلسل، وقبل تلك العودة كان حلم جمهور المسلسل بعودة العمل بأى صورة: موسم جديد، حلقة خاصة، فيلم سينمائي، وتعكس تلك الرغبة الشعبية الطاغية للعمل، والحنين لأجوائه وشخصياته، وهو حنين تُعانده معوقات عديدة؛ منها أن العمل جزء من ثقافة زمنية مُختلفة، ومرور 17 عاماً على نهاية Friends كمسلسل شبابي يعني أن أى عمل جديد سيتعامل مع شخصيات ناضجة تغيرت كثيراً، وستفتقد كثير من مرحها وقدرتها على التلاحم الدرامي، وأى عمل جديد سيكون مُجرد إعادة شمل نجوم عمل ناجح، والخوف أن تكون النتيجة مخيبة للأمال، ويدرك صُناع العمل ونجومه أنهم لن يستطيعوا تكرار هذا النجاح الساحق، ولن يتحملوا تقديم عمل أقل قيمة مما قدموه، ولن يقدروا على إعادة عجلة الزمن للوراء، ولن يستطيعوا محو أثار هذا الزمن على وجوه أبطال العمل وملامحهم.

Friends: The Reunion

الأصدقاء للأبد!

جاء قرار لم الشمل بدون إطار درامي، وكانت الحلقة الخاصة يغلب عليها إستعادة ذكريات الممثلين عن كواليس المسلسل، وهو إختيار مناسب للغاية، وتم إستخدامه بذكاء كدعاية لإعادة مشاهدة العمل، ولجذب الأجيال الجديدة لمشاهدة عمل يكاد يكون كلاسيكياً، وإعادة البث يعود بكثير من الأرباح على الجميع.

قبل المسلسل لم تكن أسماء "جينيفر أنيستون" و"كورتني كوكس" و"ليزا كودرو" و"مات ليبلانك" و"ماثيو بيري" و"ديفيد شويمر" شهيرة في عالم الدرما، وبعضهم كانت مسيرته تنحصر في بضعة أدوار صغيرة في مسلسلات متواضعة مصيرها كان الإلغاء بعد بضعة حلقات، وجاء إختيارهم لشخصيات المسلسل في ظروف فنية ومادية صعبة في مسيرة كل منهم، وهذا ربما منح العمل تلك المصداقية في التعبير عن مرحلة الصعلكة الشبابية بتلقائية تنبع من حقيقة أنهم بالفعل يعيشون ظروف تشبه ظروف أصدقاء المسلسل، وفي الكواليس كانت صداقتهم تنمو بالتوازي مع شخصياتهم الخيالية، وأغلبهم كانت يلتقي بالأخرين لأول مرة أمام الكاميرا.

ربما لا تكون صداقتهم في حياتهم الخاصة بهذه الحميمية التي ظهرت في المسلسل، وهذا أمر طبيعي؛ فقد قدموا أهم عمل حقق لهم شعبية، وذرف بعضهم الدموع عند دخوله الاستديو الذي يضم ديكور العمل بعد سنوات طويلة، ولكنه يظل عمل قدموه ويطول الكلام في أسباب نجاحه الساحق، وهم يعلمون أن الجمهور يكاد يخلط بين شخصيات المسلسل وشخصياتهم الحقيقية، وكانت الحلقة الخاصة تحاول مس هذا الوتر من خلال إختيار الأشياء التي أضافها كل ممثل من شخصيته الحقيقية على دوره.

جزء من الحلقة أداره مقدم البرامج والممثل "جيمس جوردون"، ولم يكن إختياراً مثالياً؛ فقد كان في كثير من الأحيان يميل بالحلقة بعيداً عن خصوصيتها، ويهبط بها إلى مستوى لقاء تليفزيوني عابر.

حلقة عاطفية!

مناطق كثيرة من الحلقة كانت مؤثرة لدرجة البكاء، وهو نتيجة طبيعية لشحنة الذكريات والإنفعالات التي خرجت من ذكريات أبطال العمل، ومشاعرهم عن أيام التصوير، وعلاقتهم بجمهور المسلسل.

ساهم الجمهور الذي كان يشاهد تصوير العمل على الهواء في نجاح العمل؛ فقد كان التصوير أشبه بتصوير الأعمال المسرحية، ويمكن لمس مناطق الضعف والقوة في الحلقات، وإعادة صياغة بعضها بناء على ذلك.

سيظل مسلسل Friends من الأعمال القليلة التي تمنح البهجة والسعادة والصداقة للجمهور، وهذا جزء من دور أعمال الترفيه. جاء المسلسل على قمة الأعمال التي لجأ إليها الجمهور في العالم بعد جائحة كورونا؛ وكانت وسيلة ملايين البشر للحصول على التسلية في أيام الحظر الطويلة. البعض قبل كورونا تحدث عن إنقاذ المسلسل حياته، ومعاونته على تجاوز مأساة خاصة، وقد يبدو الأمر مُبالغة، ولكن الفنون تستطيع الدخول لوجدان الجمهور بسهولة، وتغيير حالها بطاقتها السحرية الإيجابية.