مسلسل "Moon Knight".. أداء متميز لأوسكار إسحاق ودراما نفسية مثيرة وصراعات "سوبر هيرو" فى الشوارع المصرية!
بعد عرض منصة ديزني بلس الحلقة الأخيرة من المسلسل القصير Moon Knight"فارس القمر" في بداية مايو الجاري يُمكن أن نقول أننا أمام عمل تليفزيوني درامي ملحمي مُلفت ينتمي لعالم مارفل وحكايات السوبر هيروز، وقصته تدور في عالم معاصر وخلفية فانتازية تستلهم الاساطير المصرية القديمة؛ ولهذا حظى العمل بإهتمام أكبر من الجمهور العربي، ومن أهم ما يُميز هذا العمل أنه حمل لمسات مصرية خاصة للغاية، وعلى عكس مصر النمطية التي قدمتها هوليوود في أعمالهاالسابقة قدم المخرج "محمد دياب" بإخلاص ودأب المشاهد التي تدور في مصر المعاصرة بعيون مصري يألف ملامح الشوارع المصرية والاسواق، واهتم حتى بتفاصيل المكتوب على حوائط البيوت في الشوارع الخلفية القريبة من منطقة أهرامات الجيزة، وقام بتوظيف كل ذلك كخلفية لمشاهد الحركة والمعارك الأسطورية الدائرة بين الشخصيات، على الرغم انه فعلياً لم يتم تصويره في مصر.
الوجود المُتعددة لفارس القمر!
الحبكة تدور حول السوبر هيرو المدعو باسم "فارس القمر"، وهو مأخوذ عن كوميكس يصدر عن دار مارفل منذ منتصف السبعينيات وحتى الآن، وفارس القمر سوبر هيرويأخذ ملامح مومياء مُغطاة بشرائط كفن المومياء ذات اللون الأبيض، ولكنها تبدو كأنسجة العضلات القوية في نفس الوقت، وهو زى أنيق وغامض، وكما قدمته مارفل في الكوميكس الخاص بالشخصية فهو صورة بشرية يتخذها الإله "خنشو" غطاء له لمُحاربة قوى شريرة، وركز المسلسل على شخصية البطل البشرية، وهو "ستيفنجرانت"، الموظف البسيط بقسم الهدايا والتذكارات بمتحف الأثار بلندن، وهو شخص منطو ومهووس بالتاريخ المصري القديم، ويُعاني من نوبات لا يُفرق فيها اليقظة والحلم، ولا حقاً نكتشف بإصابته بمرض إضطراب الهوية، وذلك حينما يلتقي بشخصيته الأخرى "مارك"، وهى الشخصية الأكثر جرأة وعنف، وهو الأفاتار التي يقوم بالمهام الصعبة بزى "فارس القمر" نيابة عن الاله "خنشو".
الهوية المضطربة لشخصية البطل التي يؤديها "أوسكار إسحاق" تحتل جزء كبير من مساحة الدراما، وهذا افضل ما في المسلسل درامياً، وقد ساهم ذلك في تكريس الشك فيما نراه من أحداث خيالية تعيشها الشخصيات المعاصرة، فهى تحتمل أن تكون هلاوس يتخيلها البطل المريض، أو أنها أحداث حقيقية خارقة تحدث في عالم مواز، وتتداخل أحداث الواقع والخيال في أحيان أخرى؛ كما نرى في بعض المشاهد التي يرى فيها المارة في شوارع القاهرة ظواهر غريبة وغامضة تحدث حولهم في السماء وعلى الأرض، والأمر الأخر الذي يشغل المشاهد هو أي الشخصيتين هو الأصل؟ "مارك" الجرىء المُقاتل السابق أم "ستيفن" هاوي التاريخ المصري القديم غريب الأطوار؟ وهل شخصيات المسلسل مجرد غطاء بشري لشخصيات أخرى من العوالم السحرية القديمة لقدماء المصريين أم هى مجرد شخصيات في خيال البطل؟.
ملامح البيئة المصرية في عالم مارفل!
اللمسات المصرية المُتقنة والأصيلة جعلت العمل قريب لعين المُشاهد العربي رغم الإعتماد الكبير على الجرافيك في تنفيذ مشاهد الصراع والمواجهات، ورغم تنفيذ المشاهد الخارجية في ديكورات مُصممة أو أماكن شبيهة في دول أخرى غير مصر، وهذا التحدي الذي واجهه "محمد دياب" لم يُحبطه؛ فجزء كبير من قيمة العمل أن يجمع بين الأجواء المحلية المُعاصرة والأجواء الأسطورية والخلفيات الأثرية المعروفة، ومما يلفت النظر ظهور الرسوم الهيروغليفية داخل المقابر والمعابد بشكل يبدو أصيلاً وقريباً من الواقع بشكل كبير، وإنعكس هذا على إعادة تشكيل ملامح الآلهة الأسطورية من خلال تقنيات الجرافيك؛ مثل الآلهة "خنشو" و"تاورت"، وهى أشكال تجمع بين شكل الحيوان والإنسان، وبشكل عام المؤثرات البصرية وتصميم الكادرات وموسيقى هشام نزيه وأداء "أوسكار إسحاق" أبرز العناصر اللامعة في العمل، وهى التي منحت المسلسل قيمة وثقل كبيرين.
قدم "أوسكار إسحاق" دوره الصعب بأداء قوي ومتماسك وفهم لطبيعة الشخصية المتعددة والمتناقضة؛ فهو سوبر هيرو لا يُدرك ذلك تماماً، خاصة في البدايات، وهو مجنون لا يدرك خطورة جنونه، وهو شخص يُصارع الخير والشر داخله قبل أن يواجه الشر الاكبر الذي يتجسد في صور آلهة مُتمردة خارقة، ويصور "إسحاق" بأداءها القاتم حيناً والهزلي حيناً أخر تناقضات الشخصيتين والتي تعود لطفولة شخصية "مارك" والتي أدت إلى هذا الإنقسام واضطراب الهوية، وهو أمر جعله صيداً سهلاً لقوى الاله "خونشو".
أول "سوبر هيرو" مصرية!
لم يُساهم السيناريو في بلورة شخصية دكتور "هارو" الشرير الهادىء الناعم، فهو شخصية تسعى لأغراضها بكسب ثقة العامة، ويشبه زعماء الطوائف الدينية الذين يمتلكون قدرة خاصة على إقناع أتباعه بالإيمان به بشكل أعمى، ولكن جذور الشخصية الغائبة وخفوت أداء "إيثان هوك" سَطح قليلاً الشخصية التي تُمثل الشر في عالم صراعات "فارس القمر"، ومن الأمور الضعيفة التي قللت من تدفق الحالة الدرامية الحوارات الطويلة للشخصيات، خاصة الألهة التي تشرح دوافعها وماضي صراعاتها.
يُمكن لأى مشاهد متابعة المسلسل حتى غير المتابع لجميع حكايات عالم مارفل السينمائي بشخصياته المتنوعة والمختلفة، والمسلسل يفتح باب يستلهم حكايات من خلفيات الأساطير المصرية القديمة وشخصياتها الخارقة، وهناك نهايات مفتوحة في الحلقة الأخيرة، وهى الأضعف على مستوى البناء الدرامي، وهى تُمهد لموسم جديد من المسلسل أو لعمل مُشتق خاص بأول سوبر هيرو مصرية، وهو الدور الذي قدمته الممثلة ذات الأصول المصرية "مى قلماوي" بشخصية المصرية "ليلى الفولي" إبنة عالم أثار مصري قتله مرتزقة لصالح عصابات تهريب أثار، والتي ظهرت في مرحلة من الأحداث كأفاتار للالهة المصرية "تاورت".
الصور من الحساب الرسمي للمسلسل على تويتر