"Candy": سرد شاعري لجريمة بشعة وأداء لافت لجيسيكا بيل.. إعادة رواية جريمة قتل من الثمانينيات!

بعض حكايات الدراما تبدو غير قابلة للتصديق، ولكن حينما تكون الأحداث مأخوذة عن وقائع حقيقية مُوثقة لن يكون أمامك سوى الرضوخ لحقيقة أن الواقع يكون أحياناً أكثر غرابة من أى مُبالغات درامية، وحكاية ربة المنزل الامريكية "كاندي مونتجومري" التي جسدتها "جيسيكا بيل" في المسلسل القصير Candy (كاندي) من هذه النوعية؛ فالحادثة معروفة ووقائع جريمة "كاندي" نشرتها الصحف الأمريكية والعالمية في صدر صفحاتها في بداية ثمانينيات القرن الماضي؛ لقد قتلت الزوجة الشابة جارتها ببشاعة ذات يوم وأكملت يومها وحياتها بشكل عادي للغاية، وكان التطور الأغرب في مسار قضيتها بعد القبض عليها أن هيئة المُحلفين منحتها البراءة، وأقرت المحكمة الحُكم، وكانت صدمة الرأى العام كبيرة.

يوميات إمرأة عادية!

تمتلك "كاندي مونتجومري" كل مقومات المرأة الإجتماعية اللطيفة التي يُحبها الجميع، هى ربة منزل ثلاثينية تعيش مع زوجها وأبنائها في منزلها الهاديء في مدينة "ويلي" بمقاطعة تكساس، وعلاقتها طيبة بجيرانها وصديقاتها وزملائها في النادي الرياضي والكنيسة، ويوماً ما تم إتهامها بقتل جارتها وصديقتها بيتي "ميلاني لينسكي"، ضربتها بالفأس 42 ضربة، وبعد الحادث بساعة كانت تُمارس حياتها اليومية في النادي الرياضي بشكل عادي وهدوء تُحسد عليه، بل منحت ابنة القتيلة قطعة حلوى بالنعناع، النوع المُفضل للطفلة.

كانت جريمة "كاندي" غامضة وعبثية، ولا يُمكن أن يُصدق أحد أنها ارتكبتها، لم تكن قاتلة متسلسلة سيكوباتية، ولم تكن معروفة بالعنف، والمسلسل يروي الأحداث التي سبقت الجريمة، والأيام التالية حتى محاكمتها على جريمتها، ويُحاول المسلسل الذي بدأ بالجريمة إعادة تشكيل الأحداث والملابسات من خلال مشاهد الفلاش باك.
تُقدم "جيسيكا بيل" أداء شديد التماسك والحساسية والغموض، وصورت الشخصية بتلقائية وثبات إنفعالي، وملامح لا تؤكد أو تنفي أن المرأة داخلها طاقة شريرة، ورغم إعتماد المسلسل على تفاصيل تحقيقات وإعترافات "كاندي" نفسها، لكن ظلت الإشارات هنا وهناك تُلقي بظلال الشك حول استحقاق "كاندي" البراءة؛ لأنها كانت تُدافع عن نفسها كما أكد محاميها، وربما الأمر الأكثر ريبة في شخصية "كاندي" هو أنها لا يبدو عليها أى شعور بالذنب، ولم يبدر منها أى علامات تدل على الإرتباك أو الخوف، سواء والشرطة تشك فيها وتستجوبها، أو وهى جالسة أمام هيئة المحلفين.

ألوان مُبهجة وأجواء كابوسية!

شخصية "كاندي" مثيرة للجدل وجذابة درامياً؛ فهى إمرأة عادية ولا توحي بأى ريبة، وجريمتها تحمل مُلابسات متناقضة وغير مفهومة؛ فبينما يُمكن تفسير دوافعها للقتل نتيجة الغيرة؛ بسبب علاقتها الغرامية بزوجة القتيلة، نجد أنها في الواقع إرتكبت جريمة الخيانة الزوجية بسبب فتور علاقتها بزوجها، ولم تكن علاقتها بزوج جارتها بسبب الحب، بل أنها وضعت شرطاً حاسماً في بداية علاقتها، وهو إنهاء العلاقة لو حدث ونمت مشاعر من أى منهما نحو الأخر، و"كاندي" مُحبة لزوجها وعائلتها بشدة، والخيانة في حالتها للتعويض عن حرمانها كأُنثى، ولكن كل ذلك يُلقي المزيد من الضباب حول مُلابسات الجريمة نفسها.

الأزمة التي يُعاني منها سيناريو المسلسل هو الإسراف في التصوير الشاعري للحياة اليومية لكاندي وعائلتها، ونفس الأمر مع جارتها بيتي "ميلاني لينسكي" التي تُعاني إكتئاب ما بعد الولادة حتى أن إبنتها الكبرى تقضي معظم وقتها بصحبة عائلة كاندي وأبنائهم، ولم يُخفف وطأة وطول مشاهد الفلاش باك سوى الأداء المتميز من كلا من "جيسيكا بيل" و"ميلاني لينسكي"، ورسم ملامح زمن ومكان الأحداث، وديكورات وأزياء الثمانينيات، وهذا المزيج المُتناقض من الإضاءة الخافتة والألوان الملونة المُبهجة يهدف إلى تصوير الأجواء البصرية الكابوسية التي تُحيط بالجريمة.

إيقاع بطىء أنقذه الأداء!

حكاية "كاندي مونتجومري" حقيقية، وقد تحولت قصتها إلى فيلم عام 1990 بعنوان A Killing in a Small Town (جريمة قتل في مدينة صغيرة) وركز على تحريات محقق الشرطة للوصول لمُرتكب الجريمة المروعة، ولكن مسلسل Candy من إنتاج منصة Hulu  ركز في خمس حلقات على شخصية "كاندي" وسلوكياتها مع عائلتها وجارها العشيق، ورغم حدوث الجريمة في وقت مُبكر من الأحداث، وإشارة السيناريو لكاندي كمُرتكبة للجريمة، لكن تظل مُلابسات الجريمة نفسها مخفية حتى الحلقتين الرابعة والخامسة، وهذا جعل الأحداث بطيئة في الحلقات الأولى، وربما لأن الجريمة معروفة وتفاصيلها مشهور لجأ السيناريو إلى التركيز على الملامح النفسية للشخصيات؛ "كاندي" ربة المنزل المُفعمة بالحيوية، وزوجها المهندس المشغول بعمله، والجار الذي يُعاني من برود زوجته ومعاناتها من إكتئاب ما بعد الولادة، وهو الأمر الذي يدفعه لقبول العلاقة التي عرضتها عليه جارته "كاندي".  

من المفارقات الغريبة أن شبكة HBO تستعد حالياً لإنتاج مسلسل عن نفس الأحداث بعنوان Love and Death "الحب والموت"، وهو من بطولة "اليزابيث أولسون" التي تُجسد شخصية "كاندي مونتجومري".

الصور من صفحة المسلسل على تويتر