أفلام السينما ودراما قضية جوني ديب ضد آمبر هيرد ..حواديت الحب وحروب الطلاق!
دخل الزوج الأمريكي الشاب مكتب المحامي الشهير، وطلب منه البدأ فوراً في إجراءات رفع دعوى طلاق مدنية ضد زوجته، الزوج بدا عليه الإصرار على موقفه، لقد تزوج عن حب مُتبادل، لكن الخلافات دبت بينه وبين زوجته، وحلت الكراهية والمُكايدة محل الحب والتفاهم. نظر المُحامي المُخضرم إلى عميله نظرة خبير، وطلب منه أن يراجع نفسه جيداً؛ فالمحكمة ساحة حرب، وفي الحرب كل الأسلحة مسموح بها، وطلب منه أن يستمع إلى حكاية سيرويها، وبعدها يقرر ما يريده.
سأله الشاب بفضول: حكاية من؟! ورد المحامي على طريقة الراحل "سمير صبري" في فيلم (البحث عن فضيحة): حكاية واحد صاحبي ما تعرفوش!
أيهما بينوكيو الحقيقي؟
المحامي المقصود هو الممثل والمخرج "داني دي فيتو" والمشهد السابق هو مشهد البداية في فيلم الكوميديا السوداء The War of the Roses (حرب عائلة روز) وهو واحد من أبرز الأفلام التي تناولت قصص الزواج والطلاق المُعقدة، وكان الفيلم الذي أُنتج عام 1989 يتناول قصة حب وزواج ناجح تحولت إلى حرب بالمعنى الحرفي للكلمة؛ وذلك بعد طلب الزوجة المفاجىء الطلاق، ولم يكن سبب الطلب واضحاً، لقد ملت حياتهما معاً وتهميش دورها كزوجة، وصور كل من "مايكل دوجلاس" و"كاتلين تيرنر" تصاعد المشاكل بينهما؛ فهما يعيشان في نفس المنزل رغم قرار الإنفصال، وكل منهما يتمسك بأحقيته في كل جزء منه؛ الزوجة صممت وإختارت كل تفاصيله، والزوج دفع ثمن كل شىء، وحاول كل منهما إجبار الطرف الأخر على الرحيل، ووصل الأمر إلى محاولة كل منهما احراج الأخر وتشويه سمعته، أو تدمير المنزل وقتل الأخر.
كان "داني دي فيتو" مُحامي الزوج وصديق عائلة "روز" محامي تصالحي، وحرص ألا يصل الأمر بين الزوجين "روز" للمحاكم؛ لأن ذلك يعني الفضائح والتشهير المُتبادل، وخسارة الزوج لجزء كبير من ثروته لصالح الزوجة. الطريف أن عنوان الفيلم يشير إلى حرب أهلية حقيقية استمرت 30 عاماً في بريطانيا في العصور الوسطى بين عائلتين، وسميت بحروب الوردتين Wars of the Roses؛ لأن شعار عائلة منهما كان الوردة البيضاء، والأخرى كان شعارها وردة حمراء.
أما الواقع الحالي والتاريخ الحديث فإن "جوني ديب" يدعي أنه عاني من رعونة "آمبر هيرد" زوجته السابقة وعصبيتها وعنفها ضده أثناء الزواج؛ هناك أدلة تدعي أنها لكمته وقذفته بزجاجات وأغلقت الباب في وجهه وتسببت في قطع إصبعه، وهى تدعي أنه ضربها وحاول دفعها على السلم، وبعض هذه الوقائع تكاد تُطابق مشاهد من فيلم (حرب عائلة روز).
قرر "جوني ديب" مواجهة طليقته في محكمة فرجينيا بعدة تُهم منها تهمة التشهير به في مقال كتبته في الواشنطن بوست عام 2018، تؤيد فيه جماعات دعم المرأة ضد العنف، ووصفت نفسها بأنها واحدة من ضحايا العنف الزوجي، وجائت تفاصيل المحاكمة الأخيرة محاولة من "جوني دب" الذي خسر مهنته وسمعته لتقديم صورة أخرى عنه تُناقض ما رسخ في ذهن الرأى العام طوال السنوات الستة الأخيرة، والحكم الذي ينتظره الجميع خلال تلك الأيام لا يتعلق بتعويض مادي بقدر ما يتعلق بمن منهما يكذب؟ أيهما "بينوكيو"، ذلك الطفل الخشبي اللطيف الذي يطول أنفه كلما كذب؟
غرام وإنتقام في المحكمة!
من المؤكد أن عدد من كتاب السيناريو يتابعون قضية التشهير التي رفعها "جوني ديب" ضد زوجته السابقة "آمبر هيرد"؛ فهى مادة ثرية لفيلم قادم أو مسلسل محاكمات، ورغم أن تلك المُحاكمة ليست الأولى بينهما، لكنها حظيت بإهتمام بالغ وتغطية إعلامية كبيرة، وإستمع العالم على الهواء لشهادات الزوجين السابقين عن حياتهما أثناء الزواج، والمشاجرات التي لا تقل عُنفاً وغرابة عن مشاجرات عائلة "روز"، وعلى عكس إدعاءات "آمبر هيرد" طوال السنوات الستة السابقة حاول "جوني ديب" وفريقه للمحاماة إثبات العكس، وتقديم صورة مُختلفة تماماً، ومن خلال عشرات الأدلة والصور والتسجيلات الصوتية حاول فريق "جوني" التأكيد أن نجم هوليوود الشهير شخص لطيف ولا يُمارس العنف، بل لديه ماضي نفسي في طفولته مع أم مُعنفة؛ ولهذا فهو لا يُفضل أبداً الدخول في مواجهات عنيفة، وعلى العكس كانت زوجته "آمبر" شخصية هيستيرية عصبية وسليطة اللسان وإعتدت عليه أثناء مشاجراتهما أكثر من مرة.
من عناصر الدراما القوية في محاكمة "آمبر هيرد" الظهور اللامع للمحامية الشابة "كاميل فاسكيز"، وهى محامية مساعدة في فريق "جوني ديب" القانوني، وهى التي قامت بمهام الاستجواب الدقيق لآمبر هيرد وشاركت في المرافعات النهائية يوم الخميس الماضي، وبالإضافة لقوة شخصيتها ومهنيتها العالية تمتعت المحامية ذات الأصول الكوبية-الكولومبية بكاريزما داخل قاعة المحكمة؛ فهى شخصية جادة وواثقة في نفسها تُسبب الرُعب لآمبر هيرد وفريقها القانوني، وهى أيضاً شابة حسناء ولطيفة وداعمة للغاية لموكلها "جوني ديب" في المحكمة؛ مما أثار إشاعات حول علاقة عاطفية تربطها بنجم هوليوود، ومع مرور الوقت والجلسات أصبحت "كاميل" نجمة المحاكمة وخطفت الاضواء من "جوني وآمبر".
جوني أمل حربي!
فيلم Marriage Story (قصة زواج) من الأفلام القريبة لبعض تفاصيل علاقة جوني وآمبر؛ فالفيلم الذي قامت ببطولته "سكارليت جوهانسون" و"آدم درايفر" عن مخرج وممثلة جمعهما الفن والزواج، ولاحقاً قررا الإنفصال، ولكن محامية الزوجة، وهى أيضاً ناشطة نسوية رأت أن الزوجة تعرضت لإساءة معاملة زوجها أثناء زواجهما، وأنه كان يتجاهلها ويرفض أفكارها ويقف ضد رغباتها، ويجب أن تواجه الزوجة كل ذلك وتسحب وصاية طليقها على إبنهما، ونصح محامي الزوج بالحرب القذرة ضد زوجته، ومواجهتها بكل شىء يُشوه سُمعتها ويجعل موقفها ضعيفاً أمام المحكمة.
تفنت الدراما في تصوير تداعيات الطلاق على الشاشة بكل الألوان؛ منها الكوميدى حيث لجأ "روبن ويليامز" الممثل المغمور للتنكر في هيئة مربية ليكون قريباً من أبناءه بعد طلاقه من زوجته في فيلم Mrs. Doubtfire (السيدة داوتفاير)، وحاول "داستن هوفمان" القيام بمهمة رعاية طفل صغير بعد إنفصاله عن زوجته في فيلم Kramer vs. Kramer (كرامر ضد كرامر)، وصور فيلم It's Complicated (انه أمر مُعقد) تلك العلاقة المُعقدة بين الزوجين "ميريل ستريب" و"ألك بالدوين" بعد طلاقهما الذي مر عليه عشر سنوات.
في الدراما المصرية الكثير من الأعمال التي تناولت مشاكل الطلاق، ومن أشهرها فيلم (أريد حلاً) بطولة "فاتن حمامة" و"رشدي اباظة"، وهو فيلم حاول إنصاف المرأة من خلال نقد بعض قوانين الأحوال الشخصية المصرية، ومؤخراً تناول المسلسل الرمضاني (فاتن أمل حربي) معاناة "نيللي كريم" وإبنتيها للحصول على حقوقها من زوج عنيف وأب قاسي جسد شخصيته "شريف سلامة"، وكان وقت عرض المسلسل مواكباً لبداية جلسات دعوى "جوني دب" ضد "آمبر هيرد"، وتشابهت دراما زواج "جوني وآمبر" في بعض مضمونها مع مضمون المسلسل، خاصة في مسألة العنف الزوجي، ولكن الضحية في قضية "جوني ضد آمبر" هو الزوج وليس الزوجة، وهو الأمر الذي دفع أحد رواد الفيسبوك إلى صنع أفيش بديل لمسلسل "فاتن أمل حربي"، تتصدره صورة "جوني ديب"، وكان عنوان الأفيش الجديد "جوني أمل حربي"!