جوني ديب فتى هوليوود المتمرد..حكاية عازف الجيتار الذي يخشى مصير هيدي لامار!
"لم أعد أصدق البشر بعد الآن..من الصعب أن تتكلم ولا ينصت إليك أحد.. الجميع يحدق بك وأنت ترتجف من الخوف..إنه أمر مخز، وقح، ومؤلم".
وقف "جوني ديب" على المسرح يعزف على الجيتار ويغني تلك الكلمات الحزينة التي كتبها بنفسه، و كان ذلك قبل ساعات من النطق بالحكم في قضية التشهير التي رفعها ضد "آمبر هيرد" زوجته السابقة في ولاية فيرجينيا الأمريكية، وكان "جوني دب" وقتها على بعد مئات الكيلو مترات في لندن، يغني ويعزف على الجيتار بصحبة عازف الجيتار الإنجليزي الشهير "جيف بك"، وذلك ضمن واحد من عروض جولتهما الموسيقية الأوروبية المستمرة حتى الآن.
مطاردة حلم الموسيقى!
"من الصعب التحدث عندما يتجمد الصراخ داخلك".
استمر "جوني ديب" في الغناء، وبدا تصرفه شطحة غريبة من نجم هوليوود، وممارسة لهواية تُخفف من توتره، ووسيلة للتخلص من صرخاته المكتومة، وربما رغبة منه في الوقوف أمام الجمهور بلا خوف من نظرات كراهية أو استهجان بعد سنوات عجاف من العيش في عزلة منبوذاً من الجميع، وبعد أن شهد جمهوره من المعجبين يحيطه بالدعم والتشجيع خارج قاعة المحكمة.
من يعرف بدايات "جوني ديب" يعلم أنه في الاصل عازف جيتار تحول إلى التمثيل، وأن العزف أمام الجمهور كان حلمه منذ طفولته.
أهدت النادلة "بيتي سو" ابنها "جوني دب" جيتاراً وهو في سن الثانية عشرة؛ فغيرت حياته، وبدأ تعلم العزف والغناء بنفسه، وحلم أن يكون عازف جيتار ومغني في فرقة روك كبيرة، وحينما انفصل والداه وهو في الخامسة عشر ترك الدراسة؛ للتفرغ للموسيقى، وبعد أسبوعين من الحيرة والتردد قرر العودة للدراسة، لكن ناظر مدرسته قابله ولمح فيه ولع وشغف بالموسيقى، وفاجئه بنصيحة لم يتوقعها؛ وهى أن يسعى خلف حلمه الأصيل دون تردد، وترك "جوني دب" المدرسة وبدأ في مُلاحقة أحلام وأنغام الموسيقى.
كانت البداية صغيرة مع فريق شبابي يدعى The Kids وبعد نجاح متواضع في فلوريدا، انتقلت الفرقة بعد تغيير اسمها إلى Six Gun Method إلى لوس انجلوس من أجل توقيع عقد أول ألبوم، ولكن تفرق أعضائها قبل توقيع العقيد، وتزوج "ديب" شقيقة أحد أعضاء الفرقة، وكانت تعمل في مجال الماكياج، وتعرف من خلالها على الممثل "نيكولاس كيج" الذي نصحه بالتمثيل، ولم يكن "ديب" مهتماً بالتمثيل، لكنه تقدم للحصول على بعض الأدوار الصغيرة، وكان هدفه وقتها أن يحصل على بعض المال لينفق على نفسه وزوجته، وليسدد ديون فرقته الموسيقية.
منبوذاً من الجميع!
"نخشى الجميع..نخاف الشمس والعزلة..لن تختفي الشمس أبداً..لكن العالم قد لا يكون لديه مزيد من السنين..أنا العزلة"
قبل عامين قام "جوني ديب" بأداء أغنية "العزلة" Isolation على المسرح بمُصاحبة "جيف بك"، والأغنية في الأصل من تأليف وغناء عضو فريق البيتلز "جون لينون"، وقام بغنائها في بداية السبعينيات، وتصف احساسه بالعزلة والكآبة بعد تفكك فريق البيتلز، وشعوره بالوهن والخيبة رغم شهرته وثروته؛ فقد كان لينون أسطورة ويمتلك كل شىء، ولكنه افتقد هو وزوجته الأمان؛ بسبب الهجوم المستمر عليهما بعد مواقفهما السياسية المُناهضة للحرب الأمريكية في فييتنام، والأغنية تتلامس مع مُعاناة "جوني ديب" الشخصية في حياته، وإسقاط على العزلة التي كان يعيشها خلال السنوات الماضية، فقد كان يمتلك كل شىء لكن تم اقصاءه بقسوة عن الأضواء ومحبة الجمهور، وتحولت شهرته إلى لعنة وعذاب.
عروض "جوني ديب" الموسيقية الحالية جزء من مشروع موسيقي يتضمن ألبوم يشارك فيه مع صديقه القديم "جيف بك"، ويحمل الألبوم عنوان (18) وهو إشارة إلى السن الذي تبدأ فيه أحلام الشباب في الإنطلاق بلا حدود. يضم الألبوم الذي يصدر يوم 15 يونيو الجاري عدد من الأغنيات الجديدة، وتوزيعات حديثة لأعمال موسيقية قديمة شهيرة.
أغنية من أجل هيدي لامار!
"طمسها نفس العالم الذي صنع نجوميتها..منسوجة من غزل الجمال.. محاصرة في شباكه. إنها شرنقة مثالية..متشابكة في خيوط ذهبية"
كلمات تحمل شجن ومحبة، كتبها ولحنها "جوني ديب" بمشاركة "جيف بك"، وهى مُهداة إلى الجميلة "هيدي لامار"، وتحمل الأغنية عنوان This Is A Song For Miss Hedy Lamarr وهى تحية تقدير لأيقونة حقبة الأربعينيات في هوليوود، ولكنها تحمل أيضاً ما هو أعمق من مجرد تقدير فنانة راحلة، وقد صدرت الأغنية بشكل رسمي على اليوتيوب يوم 9 يونيو الجاري وهو يُصادف يوم ميلاد "جوني ديب" الذي أكمل عامه رقم 59.
الأغنية تصف المتاعب التي واجهتها نجمة هوليوود في حياتها بعد أن هبطت من قمة الشهرة والنجومية إلى حياة العزلة التامة؛ وكانت "لامار" أيقونة في عالم الجمال والتمثيل، وعبقرية في مجال الفيزياء حتى أنها قدمت لحكومة الولايات المتحدة عدد من الاكتشافات في مجال موجات الراديو؛ مما ساهم في انتصار الولايات المتحدة على الألمان في المعارك البحرية في الحرب العالمية الثانية، وساهمت اكتشافاتها في اختراع الهاتف الجوال لاحقاً.
لم تحصل "لامار" على تقدير معنوي أو مادي على انجازاتها في حينها، وخبت عنها أضواء هوليوود وحاصرتها الاشاعات؛ مما أدخلها في عزلة تامة؛ فكانت تعيش وحيدة ولا تتواصل مع أحد إلا عن طريق الهاتف، وماتت وحيدة، ويبدو أنه مصيرها كان بمثابة كابوس يلاحقه.
الأغنية رغم أنها تبدو تحية من "جوني ديب" و"جيف بك" إلى واحدة من أهم ممثلات هوليوود، لكنها تُشير أيضاً لإحساس "ديب" بالمرارة من موقف هوليوود نحوه، وخيبة أمله بعد تحول صورته أمام جمهوره من فتى الشاشة المحبوب، إلى وحش مقيت يُدمن المخدرات ويضرب النساء.
كان "جوني ديب" يعيد مقطع أغنيته على لسان "هيدي لامار" كأنه يصف مشاعره خلال السنوات الماضية: " من الصعب التحدث ولا أحد ينصت لك.. الجميع يحدق بك وأنت ترتجف من الخوف..إنه أمر مخز، وقح، ومؤلم".
الصور من صفحة عازف الجيتار جيف بك على فيسبوك والفيديوهات المرفقة