هل لا يزال رمضان هو موسم الدراما التليفزيونية الأول؟!
مع التقدم الكبير الذى حظت به المسلسلات العربية فى الفترة الأخيرة والذى انعكس بوضوح على عناصر الكتابة والإخراج والتصوير، وهو ما غير الكثير من المفاهيم، منها البطل الأوحد للمسلسل ووجود أجيال جديده من الممثلين، وجوه لم تكن تحظى بالفرصة قبل ذلك، وحقق لها التطور فرصة ذهبية وهو ما سمح بعد ذلك بظهور أفكار وتجارب اكثر اختلافًا وكذلك وجوه جديدة بما يعنى انتعاشة فى صناعة المسلسلات وتجديد وضخ دم جديد من الفنانين، أيضًا النجاح وتقبل الجمهور للأنواع المختلفة وإقبالهم على المسلسلات خلق توازن بين الأنواع المختلفة، فلم تعد المسلسلات الاجتماعية والكوميدية هي النوع الوحيد الذى يتحمس المنتجين له، وعلى مستوى الشكل أصبحت هناك اشكال جديدة منها السوب أوبرا وتخطت عدد حلقاتها الرقم المعتاد وهو 30 حلقة استنادًا على عدد أيام شهر رمضان الموسم الأهم لعرض الدراما التليفزيونية، مسلسل "أبو العروسة" مثل على ذلك، هذا بخلاف ملائمة هذه المسلسلات للعرض خارج إطار موسم رمضان وبالتالي أصبح هناك موسم مواز يحقق أرباح جراء الإعلانات.
"إلا أنا".. هكذا نروى حكاياتنا فى الالفية الجديدة
مسلسل "إلا أنا" من أحدث الاشكال التي وصلنا لها وهو السلاسل المنفصلة التي يجمعها موضوع واحد، هذا الشكل يعتمد على الحكايات كوحدة مكونة من عدد حلقات اقل من 15، كل وحدة لها عنوان وابطال واحداث مختلفة يربطهم المسلسل بفكرة أساسية، هذا الأمر منح المسلسل مرونة مطلقة سواء فى العرض – يعرض بواقع حلقة يومية لخمسة أيام فى الأسبوع وتعاد الحلقات فى يومى الاجازة الأسبوعية- حتى الأن عرضت حكايتان "بنات موسى" و"سنين وعدت" على أن يعود المسلسل للعرض بحكايات جديدة بعد شهر رمضان.
على اختلاف الكتاب فى حكايات المسلسل، لكن هناك وحدة تجمعهم هي وضع المرأة فى المجتمع، نحن امام نموذجان ناجحان سعاد (وفاء عامر) وهند (آروى جودة) الأولى ربة منزل وأرملة رجل الاعمال موسى (كمال أبورية) وتعانى من تسلط اهل زوجها الراحل، والدته التي قدمت دورها الفنانة الكبيرة نادية رشاد وأخيه سالم (صبرى فواز)، المشاكل تنشأ بسبب الميراث وعادات صعيد مصر بعدم توريث النساء، الأمر الذى يدفع البنات فاتن (هاجر عفيفى) وفرح (ديانا هشام) وفريدة (شاهيستا سعد) للوقوف ضد جدتهم وعمهم بمساعدة عمهم الأصغر يوسف (محمد عز)، بمتابعة هذه الأسماء سنجد مزيج من أجيال مختلفة ووجوه شابة تحظى بفرصة مستحقة للبطولة ومحاولة لنقل الخبرات من ممثلين أكبر.
الحكاية الثانية "سنين وعدت" ابطالها حازم (احمد صفوت) زوج هند وصديقتها شيرين (كارولين خليل) وزوجها نبيل (طارق عبد العزيز) وصديقتها الثالثة نجوى (هبة عبد الغنى)، مساحة الشباب فى هذه الحكاية أقل لكن ابرزهم من قدم شخصية إياد ابن حازم وهند، يبدو واضحًا من أول حكايتين الاهتمام بتسكين الأدوار فى المسلسل واهتمام صناعه باختيار الأفضل والانسب، وعلى مستوى الكتابة الحكاية الثانية بالتأكيد أفضل فنيًا، لكن فى الحكايتين تروى الاحداث على طريقة حواديت الجدات كما نحبها فى المنطقة، نتفاعل مع الشخصيات ونتوحد معها، لا احداث تقلب الأمور رأسًا على عقب ولا عنف مبالغ، ودائمًا يجد الأبطال طريقهم بع تخبط وتنتهى الحكاية نهاية سعيدة، المميز أن الاعتماد على هذه الطريقة الكلاسيكية ياتى من بشكل حديث يعتمد على عناصر فنية ليصل إلى الاكتمال جراء الاهتمام بظهورها بشكل جيد.
"اللعبة" من المنصة الإلكترونية لشاشة التليفزيون
تأجل عرض مسلسل "اللعبة" من موسم رمضان 2019، على أمل العرض فى موسم رمضان 2020، لكن قبل ان يحل الموسم كان المسلسل يعرض حصريًا على منصة الكترونية عبر الانترنت، الشكل الذى يمثل أحدث أساليب العرض والوسيلة المضمونة لاستقطاب محبي المشاهدة المتصلة دون إعلانات أو فواصل، بمجرد دفع الاشتراك للمنصة حتى يضمن المشاهد الوصل لمكتبتها، ومنها يستطيع متابعة العمل الذى يفضله وفق جدوله، وبالتالي فقد اتيحت فرصة مشاهدة "اللعبة" بحلقاته الثلاثين دفعة واحدة، وذلك حسب النظام الذى تتبعه اغلب المنصات العالمية، ليتحول المسلسل لعرض حصري وخاص لمجموعة من المشاهدين ويحقق نجاح كبير على المنصة ويثير حالة من الدعاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما مهد بشكل كبير للثقة فى عرض المسلسل على التليفزيون، أي أن المسلسل انتقل من المنصة الالكترونية لشاشة التليفزيون ليحقق عوائد بالشكل المعتاد عن طريق الإعلانات.
نجاح هذا المسلسل يرجع لوجود الثنائي هشام ماجد وشيكو كأبطال، النجاحات المتتالية التي يحققها الثنائي الكوميدي جعلتهم رمز لجودة العمل الذى يحمل اسمهم، على الرغم من البناء البسيط واعتمادهم على حبكة بسيطة وهى لعبة تدفع وسيم (شيكو) ومازو (هشام ماجد) للصراع والتجديد فى تصاعد احداث المسلسل يعتمد على اختلاف مستويات اللعب الامر الذى يسمح أيضًا بدخول ضيوف شرف فى عدد من الحلقات إلى جانب باقي ابطال المسلسل مثل مي كساب وميرنا جميل وعارفة عبد الرسول وسامى مغاورى، لا يعتمد الثنائى كثيرًا على الإفيهات فى خلق الكوميديا بل الموقف والمفارقات، لذلك يبدو انتاجهم اصيل مقارنة بما يقدمه أحمد فهمى الذى انفصل عن الثنائى فى مرحلة ليحقق نجومية منفردة دون الاستناد على اى أساس، فمسلسلاته على عكسهم تعتمد على الافيهات وتتبنى نفس الشكل البسيط هو حدث يسمح للمسلسل بان يجدد نفسه ويبرر وجود ضيوف شرف لكنه اكثر رغبة فى الظهور واثبات انه كوميديان بإلقاء افيهات مكررة وافكاره هي إعادة تدوير لما قدمه مع هشام وشيكو من قبل، حتى ظهوره فى مسلسل اللعبة جاء باهتًا ولم يضف، والحلقة التي ضهر فيها هي اضعف واقل حلقات المسلسل من حيث الجودة.