رؤية نقدية ـ المسلسلات الكوميدية فى رمضان 2020..لم ينجح أحد!
المسلسلات الكوميدية فى موسم 2020 لم تحقق المرجو منها على الرغم من وجود أكثر من مسلسل، للحد الذى يمكن اعتبار أن هذا النوع من المسلسلات خارج المنافسة، تريلر مسلسل "رجالة البيت" هو أصدق تعبير عن حالة المسلسل الذي غابت عنه الكوميديا، ومثله أعمال شبيهة أخرى.
وفيما يتعلق بـ"رجالة البيت"، فالإفيهات التي تضمنها كانت ثقيلة الظل كما الحال مع المشهد الذى يجمع أكرم حسنى بـ ويزو وهو يتصنع التأثر بعد أن تسببت سيارة صديقه فى حادث مع عربة يد مخصصة لبيع ثمار التين الشوكى، أو المشهد الذى يجمع أكرم بـ أحمد فهمى حيث يقول الأول بأداء مسرحى "أنا اعلم عنك الكثير" وهى الجملة الشهيرة للفنان رياض الخولى من فيلم "طيور الظلام" ليرد فهمى قائلاً: "وانا عملت سمير وشهير وبهير".
هذان المشهدان كشفا من البداية ضعف السيناريو والحوار والاعتماد على الارتجال الآني وقت التصوير، أيضًا يكشف حجم البكاء على أطلال النجاح السابق الذي حققه عندما كان واحدا من الثلاثي "شيكو وهشام ماجد وأحمد فهمي"، وبانفصاله عنهم فقد نقطة تميز لم تتكرر فى أعماله التالية وأخرها "رجالة البيت"، حيث يبدو وكأنه لا يملك إلا قالب واحد متكرر ويعتمد على وجود مبرر واهي يضمن أن يستقبل المسلسل ضيوف شرف ويدخل هو معهم فى عدة مواقف تبدو ظاهريًا وكأنها سوف تصنع مسلسل متكامل، لكنها فى الحقيقة أقرب للاسكتشات.
هذا القالب نفذه بحذافيره فى "ريح المدام" عام 2017 والذى استعان من خلاله بورقة رابحة هي أكرم حسنى، ثم كرر نفس القالب بنجاح أقل وعيوب فنية أكبر فى "الواد سيد الشحات" العام الماضى وورقته الرابحة كانت محمد عبد الرحمن، وصولا لـ "رجالة البيت" العمل الأضعف، حيث يعود لاستغلال أكرم حسنى كشريك فى البطولة لكنهما هذا العام لم يحققا المرجو، والسبب الأكبر يعود لفهمي نفسه الذى سحب المسلسل بأكمله لمنطقة الاستظراف لا الظرف، فالإفيهات ليست فقط ثقيلة الظل تعتمد على الترادف أو الوزن لكنه يكررها واستمر فى إلقاءها مستغلاً كل الجوانب وكأنها عند التركيز عليها ستجلب ضحكات لم تجتذبها من الأساس، يفعل هذا كله بوجه جاد تحت مظلة الشخصية "الغبية محدودة الذكاء" التي يلجأ لها كثيرًا.
ربما أكبر دليل على المنحدر الذى يسير إليه أحمد فهمى يمكن التحقق منه بسهولة من خلال مقارنة مسلسلاته بعضهم ببعض أو مقارنتها بأعمال أخرى، وضع مسلسل "رجالة البيت" امام "اللعبة" الذى يتصدر بطولته هشام ماجد وشيكو على الرغم من اعتمادهما على نفس القالب لكن يمكن بسهولة ملاحظة الذكاء فى معالجة الفكرة الأساسية وهى لعبة تعتمد لكى تستمر على رسم جيد للشخصيات وكتابة تمهيدية لتاريخها تضع المشاهد معهما فى اللحظة الحالية بشكل جذاب بعد أن عرفنا أن شخصياتهما هي المحرك الأساسي لاستمرار اللعبة ولم يهتم المؤلفين ولا المخرج بالإفيهات فقط قدر ما بحثوا على التوازن ولم يسع بطلا العمل على الاستئثار به، بل ظهرت شخصيات أخرى لا تقل عنهما أهمية، حتى أكرم حسنى نفسه فى مسلسله "الوصية" اعتمد على نفس القالب ونفذه فريق العمل بذكاء وإن كان بجودة أقل من "اللعبة".
على الرغم من الصعوبات التي واجهت مسلسل عادل إمام "فلانتينو" وتأجيل عرضه من موسم رمضان الماضى للموسم الجارى، وبالتالي حظى المسلسل بوقته الكامل فى الإعداد والتصوير، الأمر الذى رفع الآمال وترقبنا جميعًا عودة عادل إمام بعد "عوالم خفية" الذى استعان من خلاله بفريق كتابة من الشباب، قدموا معًا تجربة مختلفة ومميزة عما سبقها من أعمال إمام للتليفزيون وبالشكل الذى جعل "عوالم خفية" من الأنجح بين مسلسلاته فى السنوات الثمانى الأخيرة، لكن يبدو أن اختيار السيناريست أيمن بهجت قمر هذا العام لم يكن بنفس توفيق اختيار عادل إمام للثلاثى أمين جمال ومحمد محرز ومحمود حمدان فى "عوالم خفية"، فبخلاف المشاهد التي تجمع عادل إمام بحمدى الميرغنى تتخبط باقى المشاهد دون أي اتجاه محدد، فتفاعل عادل وحمدي فى هذه المشاهد منحها حيوية خلافًا لباقى شخصيات المسلسل التي عانت من سطحية فى معالجة تفاصيلها زادها عدم سيطرة مخرج المسلسل رامى إمام على تفاصيله ومنها ضبط الأداء التمثيلي.
سيناريست المسلسل ايمن بهجت قمر لم يركز على خط محدد بشكل رئيسي فى المسلسل، وظلت المشاهد تتخبط ما بين ما بين الصراع بين رجال الأعمال المتنافسين فى مجال التعليم أم هو صراع زوج وأبناء مع زوجة متسلطة، أم هو قصص الأبناء وكيف يتعاملون فى الحياة في ظل تربيتهم القاسية، الجمع بين كل هذه الخطوط مع شخصية نور "داليا البحيرى" التي يتشابه اسمها مع شخصية عادل إمام فى المسلسل بكل سجل الإدانات الجنائية وكونها من منطقة شعبية وهي التفصيلة الأذكى فى المسلسل والتي تاهت وسط كل هذه المحاور الأخرى فلم يوفق قمر فى ترتيب أهميتها والتركيز على احدها ليقلل من حالة التشتت بينها.
الكوميديا ومستواها الضعيف هذا العام تسبب فى ظلم مسلسل آخر هو "إتنين فى الصندوق" البطولة الأولى لـ أوس أوس وحمدى الميرغنى، فنحن امام دراما اجتماعية خفيفة وهو نوع مطلوب بشدة ومفتقد فى موسم شهر رمضان، هذا النوع من المسلسلات يناقش قضايا اجتماعية بشكل ساخر يتخلله بعض المواقف الكوميدية، ويختلف تمامًا عن ما أصبح سائدًا فى الفترة الأخيرة من مسلسلات تعتمد على الإفيهات التي سبق وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا الوضع هو ما تسبب فى تحميل تجربة الميرغني وأوس أوس اكثر مما تحتمل على الرغم من جودتها واجتهاد أبطالها فى أن تخرج بالشكل اللائق، فهى ليست كوميدية ومقارنتهم بالمسلسلات الكوميدية ظالم خاصة مع وجود اثنين من زملائهم من فرقة مسرح مصر هما مصطفى خاطر وعلى ربيع واللذان تصدرا البطولة أكثر من مرة لكن الأخير يرفض تطوير أدواته وإمكاناته كممثل تتضائل عمل بعد آخر، وبالتالي لم يبتعد مسلسل "عمر ودياب"، عن القالب الذى اعتمده فهمي وحسني، ولا يقل بدوره فى درجة الضعف فى الكتابة والأداء التمثيلي.