رؤية نقدية ـ من هم الخاسرون في موسم رمضان 2020؟!
موسم دراما رمضان 2020 شهد منافسة كبيرة بين عدد من المسلسلات واجهت بدورها ظروفا صعبة فى تصويرها، ليس فقط بسبب الضغط المعتاد الذي يدفع معظم المسلسلات إلى استمرار التصوير حتى الأيام الأخيرة من شهر رمضان، لكن بسبب الإجراءات التي اتبعتها معظم الدول للحد من انتشار فيروس كورونا وهو ما تسبب فى زيادة الضغوط على المسلسلات فبعضها خرج من السباق تمامًا، والأكثر استطاع الاستمرار موفقًا أوضاعه بالتصوير الداخلي وفى الديكور الخاص به فى ظل ظروف حظر التجوال وباتباع الإجراءات الوقائية، وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة تضمن الموسم مسلسلات جيدة جدًا، ظهر جهد صناعها على الشاشة، وفى المقابل لم يستطع غيرهم استغلال الفرصة بالظهور الجيد خلال هذا الموسم الصعب والتنافسي.
و على رأس قائمة غير الموفقين صناع مسلسل "النهاية" التي جرت الدعاية له قبل بداية الموسم بأنه أول مسلسل خيال علمي فى مصر ووعد المشاهدين بمستوى غير مسبوق فى الصناعة، لينتهي بنا الحال بمسلسل لا يقترب حتى من نوعية الخيال العلمي بالشكل الذى يكشف عدم إلمام صناعه بطبيعة هذا النوع المهم من الأعمال الفنية والذي يتطلب بالضرورة الاشتباك مع النظريات العلمية وبناء العمل الفني عليها مؤسسًا عالم خيالي، الأمر الذى لم يحدث على مستوى السيناريو المسئول عنه المؤلف عمرو سمير عاطف، بأحداث غير منطقية لم يبذل عناء تبريرها وأبرزها ماذا حدث للدول العربية جعل المصريون ينتقلون مثلا من دولتهم، ومرورًا بالكثير من المعلومات العلمية المغلوطة وصولاً للرؤية الساذجة فى تصور العالم قرب النهاية التي لا تنتمى للعلم على الإطلاق، كل هذه التفاصيل مع الأداء التمثيلي الضعيف بشكل عام فى المسلسل والذى لم يستثن منه أحد حتى المشهود لهم بالكفاءة مثل عمرو عبد الجليل وسهر الصايغ ومحمود عبد المغنى، وهو ما يعنى أن المخرج ياسر سامى لم يستطع ضبط الأداء أو التدخل بتعديلات فى السيناريو تعيد المنطق الدرامي له أو حتى يفرض رؤيته على ثاني أعماله كمخرج دراما، تمامًا مثل ما حدث فى عمله الأول "نسر الصعيد".
مسلسل "فرصة تانية" من الأكثر ضعفا أيضا فى موسم رمضان 2020، مثله مثل "النهاية" حيث يعانى المسلسل من ضعف تكامل عناصره الفنية، بداية من السيناريو لمؤلفه مصطفى جمال هاشم والمسئول عن معالجته الدرامية محمد سيد بشير، والذى عانى من استسهال شديد وواضح فى كتابته حيث يمكن تقسيمه إلى نصفين، فى الأول أبطال العمل يحاولون النجاح مع شركاء علاقاتهم العاطفية، من يحاول إنقاذ زواجه أو خطبته أو إقناع الطرف الثاني بحبه وبالتالي الزواج، وفى النصف الثاني من المسلسل تتحول طبيعة العلاقات حيث تحاول الأطراف الثانية أن تستعيد الأطراف الأولى، والذين كانوا يسعون لإتمام العلاقات فى النصف الأول، هو ما يعنى فقر شديد فى الخيال وغياب لحرفة كتابة السيناريو إلى جانب ضعف إمكانيات مخرجه مرقس عادل وغياب بصمته وتوجيهه للممثلين.
بخلاف بطلة العمل ياسمين صبري التي تفتقد اساسيات الأداء التمثيلي سواء فى موقع البطولة أو الأدوار الثانية، وأعمالها السابقة تشهد بذلك فهي ليست إلا وجه جميل على الشاشة فقط، الشخصيات الأخرى ليست ثريه بالشكل الكافي الذى يسمح للممثلين بالاجتهاد حتى فى غياب دور المخرج، فوجود ممثلين مهمين مثل محمود البزاوى وأحمد مجدى وآيتن عامر لم يشفع للمسلسل، حيث جاء أدائهم باهت بسبب ضعف الكتابة ورسم شخصياتهم بانفعالاتها السطحية على الورق وغياب توجيه المخرج تسبب فى ظهورهم بهذا الشكل، ولكن إلى حد ما استطاع محمد دياب وهبة مجدى أن يقدما أداءا جيدا، وأغلب الظن أنه مجهودهم الشخصي فى التفاعل مع الشخصيات أو أن هذا الخط الدرامي تحديدا يضم تفاصيل فى السيناريو لم تتوفر لشخصيات أخرى سمحت لهم بالبناء عليها.
الكثير من الأعمال الجيدة ضمت عناصر ضعيفة أثرت بشكل سلبى عليها، افضل مسلسلات الموسم من حيث تكامل عناصره الفنية هو مسلسل "الفتوة" الذى تسبب وجود أحمد صلاح حسنى فى دور مهم من خلاله إلى ضعف الكثير من المشاهد التمثيلية سواء التي يؤديها منفردًا أو تجمعه مع ممثلين مهمين، نجحوا فى تقديم افضل ما عندهم مثل ياسر جلال ونجلاء بدر وأحمد خليل ورياض الخولى، فطريقة حسنى المتخشبة فى السير والحركة بالشكل الذى يجعله أقرب إلى الآلي وهو يتصور انه يمنح الشخصية جلال وقوة مع صوته المفتعل وتعبيره الفقير بملامح الوجه، كان أمام حسنى عشرات النماذج الناجحة يستطيع الاعتماد عليها كمراجع لشخصية الفتوة، لكنه فى النهاية كان اكثر عنصر سلبى فى المسلسل بملامح الشخصية الكارتونية التي اضافها لها.
الموسم شهد أيضًا انتشار عدد من الوجوه الصاعدة فى عدد كبير من المسلسلات، وشهد أيضًا إعادة اكتشاف الكثير من النجوم فى نظر قطاع كبير من الجمهور، لكن هناك اسماء لم توفق وادائها كان ضعيفًا رغم الفرص التي أتيحت لهم، من أبرز هذه الوجوه عصام السقا، الذى قدم 3 مسلسلات هي "الفتوة" و"الاختيار" و"فرصة تانية"، لم يقدم أداءا ملفتا فى أيا منها على العكس اضعف وجوده مشاهد فى مسلسل هام هو "الفتوة" وكذلك بنسبة أقل فى مسلسل "الاختيار" نظرًا لمساحة دوره، وكان عامل إضافي فى ضعف "فرصة تانية" بأدائه الخالي من الانفعالات فى شخصية تحتاج بشدة أن تظهر انفعالاتها المركبة على الشاشة للجمهور، أيضا كان أحمد صلاح حسني من أكثر أبطال مسلسل "الفتوة" ضعفا في الأداء التمثيلي.
نفس الشيء ينطبق على هنادى مهنى التي شاركت فى مسلسلين هما "الفتوة" و"خيانة عهد"، وعدم قدرتها على فهم الشخصيات التي تقدمها فى العملين والاختلافات بينهما هو شيء يدعو للتعجب، فالشيء الوحيد الذي يفرق بين الدورين هو الملابس واختلافها الزمنى، فلا فارق بين الشخصيتين أو حتى الشخصيات التي سبق وقدمتها فى اعمال سابقة، ومثلها مثل عصام السقا هي تتلو دورها فى الحوار فقط دون وجود أي تفاعل أو بصمة على الشخصية التي تقدمها.