رؤية نقدية ـ رموز لا يجوز نقدها:"عادل إمام" و"عبد الرحمن أبو زهرة".. من أيضاً؟!
هل تعلم ما هى عقوبة نقد أعمال وسلوك كبار النجوم سناً ومقاماً؟ أو الاعتراض على تصريحات وأراء النجوم الشباب أصحاب الشعبية الكبيرة؟ العقوبة تبدأ بالتحقير والإهانة والسخرية، والتعذيب الالكتروني على صفحات السوشيال ميديا، وقد تصل إلى الإتهام بالحقد والبحث عن الشهرة والتطاول على رموز فنية، وأتمنى ألا تصل يوماً ما إلى السجن المُشدد؛ فالمعايير أصبحت ملتبسة ومائعة ومخيفة، وما تظنه حرية رأى وتعبير قد يراه البعض سب وقذف وإهانة، والحكاية لم تبدأ بقصة بوستات تصف فيه ممثلتين كواليس غير مريحة أثناء تعاملها مع الفنان "عبد الرحمن أبو زهرة"، بل هى أقدم من ذلك بكثير.
"أبو زهرة" غير مريح و"عادل إمام" لا يُضحك!
في عام 2009 سأل صحفي المطرب الشعبي "سعد الصغير" حول من يضحكه من نُجوم الكوميديا ومن لا يُضحكه، ورد "سعد" بتلقائية وقال رأيه بصراحة، وبالأسماء، ومن بين ما قاله أن "عادل إمام" لا يُضحكه، ومن يُضحكه أكثر هو "محمد سعد"، وفي هذا العام كانت دور السينما تعرض فيلمي "بوبوس" و"ابقى قابلني"، والأول بطولة "عادل إمام"، والثاني بطولة "سعد الصغير"، وزاد حماس "سعد" كثيراً وأضاف أن فيلمه الجديد أفضل مائة مرة من فيلم "بوبوس"، وفي عام 2020 كتبت الممثلة "عفاف مصطفى" على صفحتها الشخصية على الفيسبوك تعليقاً يُعبر عن ضيقها من صرامة الفنان "عبد الرحمن أبو زهرة" في كواليس التصوير، وصورته على أنه دائم الإنتقاد والسخرية من زملاءه وزميلاته، وأن أسلوبه الحاد ربما يكون السبب في عدم ترشيحه لأية أدوار خلال السنوات الأخيرة، وحكت "معتزة عبد الصبور" تجربة قاسية لها مع "أبو زهرة" أثناء عمل مسرحي مشترك.
المسافة الزمنية بين تصريحات "سعد الصغير" الصحفية وبوستى "عفاف مصطفى" و"معتزة عبد الصبور" هى 11 عاماً، وخلال هذا الزمن لم يتغير الكثير في فكرة تقبل الأراء المختلفة عن المألوف، وقد يختلف البعض مع رأى "سعد الصغير" في "عادل إمام"، ولا يصدق البعض الآخر أن "عبد الرحمن أبو زهرة" ربما يكون عصبى المزاج خلف الكاميرا، وقد يختلف بحدة مع زملاءه في إطار تفاصيل وأسلوب العمل، ولهذا تم إختزال الموقفين ببساطة مُخلة، ووصف البعض تصريحات "سعد" بأنها تطاول وتجاوز حدود الأدب، وهى نفس الأوصاف تقريباً التي طالت الممثلة "عفاف مصطفى"، ورغم أن كل منهما لم يستخدم ألفاظاً مُسيئة في تعبيره عن رأيه، لكن تم وصمهما بتهمة التطاول، وتمت إدانتهما إعلامياً ومن الرأى العام، دون مجرد التفكير في حقهما في التعبير عن رأيهما، حتى لو لم يعجب هذا الرأى كثير من الناس.
عقوبة الخروج عن النص
في حالة الممثلة "عفاف مصطفى" أصدرت نقابة الممثلين بياناً شديد اللهجة جاء فيه: "تؤكد النقابة أنها لا ولن تقبل أي محاولة من أي نوع للتطاول على رموز مصر الفنية سواء بالتصريح أو الإشارة أو التلميح وتحذر كل من يحاول أن يقوم بذلك من عواقب وخيمة فلن تسمح النقابة أبدا بأن يمر هذا السلوك دون محاسبة"، وهكذا وجدت ممثلة رصيدها من الشهرة والنفوذ محدودين نفسها تضطر لمسح البوست واستبداله بآخر تعتذر فيه عما كتبته بتلقائية في لحظة صراحة فيسبوكية. لم تُدرك أن خروجها عن النص قد يكلفها ثمناً غالياً وعواقب وخيمة. لا يوجد قانون في نقابة الممثلين يمنع الفنان من التعبير عن رأيه بشكل عام، أو رأيه في فنان آخر، سواء في سلوكياته أو أعماله أو تصريحاته، ولكن هناك عُرف صنعه البعض داخل الوسط الفني وقدسوه حتى أصبح بمثابة قانون غير مكتوب، ولأننا نحتاج إلى قوانين لتنفيذ ما نراه صواباً حتى لو كان تعدي على حرية الرأى، فسنجد نقابة الممثلين بقيادة النقيب "أشرف زكي" تُشهر في وجه من تراهم مارقين ويجاهرون بمعصية التعبير عن الرأى التهمة النمطية "التطاول على الرموز".
المتنمرون والمتنمرات
يتجاوز الأمر حدود آراء النقيب وبيانات النقابة المُهددة إلى أراء بعض الممثلين والممثلات الذين قصوا ريش الفن بأفكارهم الرجعية عن حرية الإبداع، وقد رأينا صورة لذلك في تصريحات "يوسف الشريف" عن شروطه بعدم التلامس مع النساء أثناء التصوير، وهى شروط يصر على كتابتها في عقوده الفنية، وتحولت تصريحاته إلى جدل بعيد عن جوهر الموضوع نفسه، وتم إتهام المختلفين معه بأوصاف مُسيئة ألطفها التنمر، وهو مصطلح جديد يتمسك به البعض في كل رد على أى نقد تمسك الأطفال بدٌمية جديدة، وكتبت الممثلة "مى كساب" تويتة تقول أنها تعلمت من ممثل تعتبره كوالدها وهو "صلاح عبد الله" ألا تُعلن أبداً رأيها في أعمال وأراء زميل لها، وفي نفس ذات التصريح لم تعمل بنصيحة والدها الفني، وإتهمت من انتقد أراء "يوسف الشريف" بالديكتاتورية، وكان من بين من ناقشوا آراء "يوسف الشريف" وعارضوها كاتب السيناريو الكبير "وحيد حامد"، ولا أدري حتى الآن لماذا خرج نقيب الممثلين "أشرف زكي" على شاشات التليفزيون واعتذر ليوسف الشريف عما أسماه بالحملة الشرسة ضده.
إننا نحب فن "عادل إمام" وهو فنان صاحب تاريخ فني كبير، ولن يقلله بعض أعماله الضعيفة الأخيرة، ونحترم رأى من يراه ممثل لا يُضحك، ونحب فن "عبد الرحمن أبو زهرة"، ونحترم حق زملاءه من الممثلين الصغار والكبار في التعبير عن رأيهم في أسلوبه خلف الكاميرا، والواقع يؤكد أننا لن نعرف حقيقة ما حدث بين الفنان الكبير والممثلتين لأن النقابة لم ولن تُحقق في مدى صحتها؛ وكل النجوم مهما كان تاريخهم يجوز الإختلاف على فنهم وأشخاصهم؛ إلا لو كانت نقابة الممثلين تراهم معصومين من الخطأ.