حفيد الفنانة جمالات زايد يكشف لـ"هي" كواليس مبادرة تلوين "أفلام زمان" والعقبات التي تواجهها
من كان يعتقد أنه من الممكن أن نشاهد الأفلام التي عشقناها في صغرنا واعتدنا عليها بالأبيض والأسود؛ بالألوان في يوم من الأيام، ونرى ملامح نجومنا المفضلين بشكل أقرب لملامحهم الطبيعية في الواقع، وبعيدًا عن الصورة المعتادة التي تخفي الكثير من البهجة وتختصرها في لونين فقط!
مؤخرًا فوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بانتشار العديد من الصور والفيديوهات لمقاطع من أفلامهم القديمة المفضلة، ولكن بالألوان هذه المرة، ولاقت تلك المقاطع انتشارًا واسعًا، إلا أن البعض لم يهتم بالبحث عن تفاصيل المجهود الكبير الذي تم بذله لظهور تلك الصور بهذا الشكل، حيث إن الأمر لم يكن مجرد تلوين بعض الصور والمقاطع فقط من أجل نشرها فقط، وإنما هو مبادرة جديدة أطلقها الدكتور محمد الديب للفت نظر الجيل الجديد لأعمال قديمة هامة، حيث تحدث لـ"هي" عن هدف المبادرة والصعوبات التي تواجهها.
محمد الديب يكشف هدف مبادرة تلوين الأعمال الأبيض والأسود
محمد الديب مؤسس مبادرة تلوين الأفلام أكد أنه من أسرة فنية، حيث إن جدته هي الفنانة جمالات زايد وجده هو الراحل محمد الديب، إضافة إلى أقربائه من الوسط الفني أيضًا مثل الفنانة معالي زايد وأمال زايد، وهو ما تسبب في إثارة فضوله بأن يرى أعمال هؤلاء القديمة ولكن بالألوان، كما أراد أن يشارك هذا مع الجمهور أيضًا، خاصة في ظل التطور التكنولوجي وقدرته على معالجة البيانات بالذكاء الاصطناعي.
محمد الديب قال عن هدف المبادرة: "هدفنا أن نحيي التراث القديم ونجلبه بثوب جديد للمشاهد، فهناك الكثير من اﻷفلام القديمة التي شاهدها المتفرج أكثر من عشرات المرات ولم يمل منها، بل تكاد أن تكون محفوظة عن ظهر قلب، إلى جانب هذا، الجيل الجديد قد لا يبدي اهتماماً ليرى تلك الأفلام القديمة نظراً لقدمها وعدم حداثة ألوانها المنحصرة في اﻷبيض واﻷسود فقط، هنا أتى دورنا لكي نعيد بناء ألوان تلك اﻷفلام والمسرحيات القديمة ونضفي عليها طابع الحداثة بألوان تكاد تكون قريبة من الواقع الحي باستخدام أحدث وسائل علوم الحاسوب و البرمجة".
وتابع: "اﻷفلام والمسرحيات القديمة ستكون وستظل دائماً ساحرة بعتقها فيما تحمله من ذكريات لجميع اﻷجيال وستظل دائماً الأفضل واﻷرقى في تاريخ السينما العربية، ونحن نحاول أن نجلب لها اهتمام المشاهد مرة أخرى بشكل جديد".
كواليس العمل على تلوين الأفلام القديمة
حفيد النجمة جمالات زايد حدثنا أيضًا عن تفاصيل العمل على تلوين الأفلام الأبيض والأسود، حيث أكد أن الفيلم الواحد الذي تتراوح مدته من ساعة ونصف إلى ساعتين، به تقريبا ما بين 150000 إلى 250000 صورة، وقديمًا كان يتم تلوين الفيلم صورة صورة ببرامج كمبيوتر، لكن الأمر كان يأخذ وقتًا طويلًا جدًا إضافة إلى تكلفته العالية، واستطرد: "لكن في آخر عشر سنين حصلت طفرة في علوم الكمبيوتر في الذكاء الصناعي سهلت حاجات كتير كانت دقتها مش كويسه خالص، وبرضه إمكانيات أجهزة الكمبيوتر الحالية خلت الموضوع بقى يخلص في وقت قصير".
وأضاف الديب: "الفكرة كلها مبنية على تعليم الكمبيوتر بالذكاء الصناعي أنه يشوف صور أبيض وأسود وما يقابلها بالألوان باستخدام أحد خوارزميات المطورة من قبل شركة جوجل وفيسبوك لتعليم الكمبيوتر هذه المبادئ، وبعد فترة من التعليم نقوم بإدخال صور ليس لها ما يقابلها من ألوان، ويقوم الكمبيوتر مما تعلمه، بالتلوين".
مراحل ما قبل تلوين الأفلام
وأوضح مؤسس مبادرة تلوين الأعمال القديمة، أن تكلفة تلوين الفيلم التكلفة تعتمد على عدة عوامل مثل جودة صورة الفيلم اﻷصلية، ومدة الفيلم وما مدى جودة نموذج الذكاء الصناعي للتلوين، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من مرحلة يتم تنفيذها قبل عملية التلوين لتحسين صورة الفيلم اﻷصلية، مثل ترميم صورة الفيلم نفسها وإظهار معالم وتفاصيل الوجه بأكثر دقة، لتأتي مرحلة التلوين في النهاية.
وأضاف: "أعتقد أن اﻷمر غير مكلف، ﻷن التلوين نفسه كله يعتمد على الكمبيوتر من دون تدخل أي شخص ﻷختيار اﻷلوان ويعتمد بنسبة كبيرة على جودة نموذج الذكاء الصناعي في إجراء عمليات ترميم الصورة، وتحديد معالم الوجه، وتلوين الفيلم قد يستغرق ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع".
العقبات التي تواجه فريق المبادرة في تلوين الأفلام
وعن العقبات التي من الممكن أن تواجه المبادرة، قال الدكتور محمد الديب، إن أبرزها هو إدخال قدرة الحقائق التاريخية في عملية التلوين، فعلى سبيل المثال فإن "الطربوش" في مصر لونه أحمر ولكن الذكاء الصناعي قد يقوم بتلوينه بلون آخر من أزرق غامق، وهو ما يعني أن الذكاء الصناعي يحتاج أن يتم تعليمه لفترات أطول على صور من البيئة المصرية وليست صور عامة.
كذلك من بين العقبات، بعض المشاكل الفنية مثل عدم ثبات اﻷلوان في بعض اﻷحيان عند الحركة، وعدم تحسين القدرة على تلوين مشاهد تحتوي على الكثير من اﻷشخاص وتنوع اﻷلوان بدرجة أكبر مثل تلوين الديكورات والملابس، أما عن حقوق الملكية للأعمال التي يتم تلوينها ونشرها عبر الموقع الخاص بالمبادرة، فأكد أن معظم حقوق الملكية مملوكة لشركات كبيرة مثل روتانا، لكن هناك الكثير من الأفلام المتاحة على اليوتيوب والفيسبوك ولكن حقوق النشر تعود لمن شاركها ورفعها على قناته، على الرغم أن الفيلم في اﻷصل تعود حقوقه لروتانا أو لشركة أخرى.
أمنية مؤسس مبادرة تلوين الأفلام
وأشار إلى أنه عندما يقوم بتلوين فيلم ومشاركته على اليوتيوب، فبعض القنوات تسمح برفع الفيلم والمكسب المادي يعود لمن رفع الفيلم في اﻷصل، وفي بعض الأحيان لا يسمح اليوتيوب أو الفيسبوك بمشاركة الفيلم نفسه، وهنا يقوم الفريق المسؤول عن المبادرة بحذفه مع عرض فقرات غنائية منه إذا أمكن على الفيسبوك، موضحًا أنه يتم تحميل تلك الأعمال عبر الموقع الخاص بهم الذي يعتبره بمثابة متنفس لحفظ الأعمال التي تم تلوينها، بدون الخوف من أن يتم حذفها من قبل اليوتيوب أو الفيسبوك.
محمد الديب أوضح كذلك أن نجاح المبادرة فاق كل توقعاته، منذ أن بدأها قبل عام بتلوين أغاني وفقرات قصيرة من الأفلام قصيرة، لكن تحديدًا في آخر شهرين، جذبت المبادرة اهتمام قطاع كبير من الجمهور خاصة بعد تلوين فيلم "ابن حميدو" لاسماعيل ياسين ومسرحية "مدرسة المشاغبين" لعادل إمام وسعيد صالح، كما كشف الديب أن الأمر لم يتوقف على تلوين الأفلام والمسرحيات فقط، بل وصل أيضًا إلى تلوين بعض الحفلات الغنائية لعبدالحليم حافظ وأم كلثوم، كما تمنى مؤسس المبادرة أن يتم عرض الأعمال الملونة على القنوات الفضائية حتى تصل للجمهور بشكل أوسع.