Deepfake.. هل يعود "إسماعيل يس" و"مارلين مونرو" للتمثيل من خلال تقنية "التزييف العميق"؟!

ظن بعض من شاهد إعلان "عمرو دياب" الأخير أنهم أمام خدعة كمبيوتر، فلا يُمكن أن ينجح أى ماكياج مهما بلغت براعته أن يعيد "عمرو" الحقيقي إلى شكله في الثمانينيات والتسعينيات، ولكن تبين لاحقاً أن شبيه لـ"عمرو دياب" قام بأداء تلك المشاهد، وأضاف الماكياج والتعديل الرقمي بعض التفاصيل التي لم تكن مُوفقة، وجعلت نتيجة الفيديو رديئة وكوميدية، وكان البعض قد ظن أن الفيديو تم تنفيذه بتقنية Deepfake أو "التزييف العميق"، وهى تقنية حديثة غير شائعة، وكان يُمكن أن تُحقق نتيجة أفضل مما شاهدناه بمراحل.

"جال جادوت" بطلة مسلسل سبعينياتي!

هناك هواة يُمكنهم تحقيق مُعجزات رقمية مُذهلة لفيديوهات مثل إعلان "عمرو دياب" بواسطة برامج بسيطة، ولدينا نماذج مُتعددة لذلك، ومنها فيديو نشره أحد الهواة على اليوتيوب قبل عرض الجزء الجديد من فيلم المغامرات Wonder Woman 1984 "المرأة المُعجزة 1984"، والفيديو يضم لقطات مُجمعة من فيلم Wonder Woman المعروض عام 2017، وفيه جسدت الممثلة "جال جادوت" شخصية الأميرة الأمازونية الخارقة "ديانا" من عالم DC كوميكس، والعجيب أن وجه البطلة هو وجه الممثلة "ليندا كارتر" وليس وجه "جال جادوت"، و"ليندا" هى الممثلة التي قامت بأداء شخصية "المرأة المعجزة" في مسلسل تليفزيوني تم عرضه بين عامى 1975 و1979، وللمزيد من التحدي قام صاحب الفيديو بتنفيذ فيديو آخر قام فيه بتركيب وجه "جال جادوت" على لقطات من المسلسل السبعينياتي، ومن الطريف أن "ليندا كارتر" (70 عام) تظهر ضيفة شرف في نهاية فيلم "المرأة المُعجزة" الأخير، وبدت أكثر شباباً من عمرها الحقيقي، وبدون الإستعانة بأى خدع جرافيك على الإطلاق.

استغرق مُنفذ الفيديوهات السابقة بعض الوقت لجمع الصور واللقطات المُناسبة وإدخالها في برامج لتحسين جودتها، ثم مُعالجتها من خلال برامج الذكاء الصناعي المُتقدمة، والتي تتحسن نتائجها بشكل مُستمر؛ لأنها تعتمد على ما يُسمى Machine Learning "التعلم الآلي"، ومنذ عام 2017 بدأت هذه البرامج في تقديم نتائج مُذهلة وواقعية للغاية.

الحنين للماضي وعودة "فؤاد المهندس"

تقنية CGI التي تُستخدم لصناعة خدع الأفلام أقدم من تقنية وبرامج "التزييف العميق"، وأكثر تعقيداً وتكلفة، ولكنها حققت أمنية إعادة شخصيات من الماضي لأعمال حديثة أيضاً، وفي عام 2013 اعتمدت شركة مشروبات غازية شهيرة في حملة دعايتها في الشرق الأوسط على مُخاطبة حنين الجمهور العربي لنجوم قدموا برامج الترفيه الرمضانية خلال حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، وأعادت على الشاشة شخصيات مثل الفنان الراحل "فؤاد المهندس"، وذلك بواسطة الجمع بين صورة ممثل شبيه وتقنية التعديل بالحاسوب، وبطريقة مُشابهة تم تركيب وجه اللاعب البرتغالي "كريستيانو رونالدو" على وجه دوبلير في حملة دعاية مصانع حديد مصرية شهيرة.

هناك حالات استخدمت فيها هوليوود تبادل الوجوه رقمياً لأسباب فنية؛ فبعد وفاة الممثل "بول ووكر" بطل سلسلة Fast & Furious عام 2013 تم إستخدام نفس تقنية إعلانى "فؤاد المهندس" و"رونالدو"، وظهر "بول ووكر" في بعض مشاهد الجزء السابع من خلال المزج بين لقطات سابقة ولقطات حديثة قام شقيقه بأدائها، وقام الكمبيوتر بباقي المجهود، وفي فيلم Gemini Man (2019) قام المخرج "أنج لي" بصنع نسخة رقمية شابة من "ويل سميث" عن طريق برامج إلتقاط الأداء، ورأينا مشاهد مواجهات عنيفة بين "ويل سميث" والنسخة الشابة منه، وظهر "آل باتشينو" و"روبرت دى نيرو" و"جو بيشي" في عمر الشباب في مشاهد الفلاش باك بفيلم المخرج "مارتن سكورسيزي" The Irishman "الأيرلندي".

"ديزني" ومكتبة وجوه الممثلين!

 يلهو الهواة بفكرة "التزييف العميق"؛ فيستبدلون وجه "جاك نيكلسون" بوجه "جيم كاري" في لقطات من فيلم The Shining "البريق"، ويستبدلون وجه "ماكولي كالكن" بوجه "سلفستر ستالون" في لقطات من فيلم Home Alone "وحدي في المنزل"، ولكن قسم الأبحاث في شركة "ديزني" يعكف بجدية منذ سنوات على تطوير تقنية تُسمى "مبادلة الحركة العصبية فائقة الجودة للوجوه"، وهى تقنية قراءة الحركة العصبية للممثل ونقلها إلى وجه ممثل آخر، وذلك بغرض إعادة تجسيد الممثلين الذين رحلوا على الشاشة بصورة مُتقنة، ومن بين خطط "ديزني" الطموحة الاحتفاظ بالحركة العصبية للممثلين الأحياء في مكتبة رقمية، لإستخدامها في أعمال مُستقبلية بعد وفاتهم. ما تقوم به "ديزني" قد يكون ثورة في مجال السينما بعد سنوات، خاصة فيما يتعلق بالأعمال التى سيجسدها نجوم رحلوا بالفعل، أو نسخ شابة من نجوم اعتزلوا بسبب التقدم في العمر، وسيكون لطيفاً أن توجد تقنية يمكن أن تُعيد "مارلين مونرو" و"إسماعيل يس" و"جين كيلي" و"شارلي شابلن" وغيرهم للتمثيل مرة أخرى.

 

الجانب المظلم لتقنية "التزييف العميق"

أشار مسلسل بريطاني أنتجته BBC عام 2019 بعنوان The Capture "اللقطة" إلى مشكلة بدت غريبة وقت عرضه، وهى عن مُتهم بجريمة قتل، وأهم أدلة إدانته كانت فيديوهات تصوره وهو يرتكب الجريمة، وهى تفريغ للكاميرات المُثبته بالقرب من مكان الجريمة، ورغم ذلك كان فهو يؤكد أن الفيديو تم تلاعب به، ولم يصدقه أحد؛ اذ كيف يُمكن التلاعب بفيديو مُسجل لحظياً؟ ولكن أحداث المُسلسل تؤكد أن الأمر مُمكن، وأن الجريمة خلفها مؤامرة كبيرة، وتقنية رقمية حديثة تتيح التلاعب بما تُسجله الكاميرات على الهواء، ولا زال الأمر يبدو خيالياً، ولكن لا أحد يُمكنه التنبؤ بما يحدث في الغد.

في نهاية شهر ديسمبر الماضي نشرت القناة الرابعة البريطانية فيديو مُفبرك بتقنية التزييف العميق للملكة "أليزابيث" تهنىء فيه البريطانيين بأعياد الكريسماس، وإنتقدت قناة BBC، وكان الفيديو مُقنعاً للغاية، وكانت هدف القناة التحذير من خطورة تلك التقنية، ومن إمكانية ترويج الأخبار المُزيفة، والأمر المخيف بالفعل هو فكرة تراكم صور وفيديوهات مزيفة في فضاء الإنترنت خلال السنوات القادمة، وبعد عقود من الآن ستكون مُربكة كثيراً للأجيال القادمة.