نظرة على الأعمال الكوميدية في موسم رمضان 2021.. الضحك بالمصادفة !
الكوميديا احتلت عرش الدراما التليفزيونية لسنوات في الموسم الأهم والأبرز في المنطقة وهو شهر رمضان، لكن بعد هذه السيطرة تراجعت المسلسلات الكوميدية عن التواجد في 2021، حتى المسلسلات الاجتماعية التي كانت تزاحم الكوميدية في التصدر والأهمية تراجعت بدورها بشكل تدريجي خلال السنوات العشر الماضية حتى وصلت لهذه الحالة، كما أن استقبال الجمهور للمسلسلات الكوميدية تغير إلى حد كبير، العام الماضي كانت هناك حالة من الاستنكار لمسلسل أحمد فهمى وأكرم حسنى "رجالة البيت" في حين أن نفس الجمهور استقبل مسلسل "اللعبة" بشكل جيد، وهو دليل واضح على التفات قطاع كبير من الجمهور للجودة، أيًا كان اسم النجم الذى يتصدى لبطولة العمل.
هذا العام تتصدر 7 مسلسلات كوميدية السباق منها مسلسل دنيا سمير غانم "عالم موازي" المقرر عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان الجاري "والذي يعتبر حتى الآن مهددا بالخروج من السباق لعدم استكمال تصويره"، المفارقة هذا العام هو أن باقي المسلسلات الستة والتي يجرى تسويقها على اعتبار أنها كوميدية لا تستطيع سد هذا الفراغ أما لأنها ضعيفة فنيًا وثقيلة الظل ضد كل ما هو كوميدي ويأتي في مقدمتها مسلسل "أحسن أب" أو أنها في الحقيقة مسلسلات اجتماعية أو رومانسية تضم بعض المفارقات الكوميدية على سبيل المثال مسلسل "خلي بالك من زيزي" و"نجيب زاهي زركش"، وأغلبها تفتقد إلى انتزاع الضحكات كثيرا من قلب المتابعين.
مسلسل "أحسن أب" يعاني من نفس الأسباب التي تصاحب أعمال على ربيع عادة وأهمها ضعف إمكانياته كممثل وكوميديان، فأداءه التمثيلي في المسلسل فاتر بلا روح يميل إلى الاستظراف، وكأنه يقرأ الحوار المكتوب فقط، نفس الشيء مع خالد عليش، بينما يكرر أحمد فتحي ملامح شخصية الكوتش من المسلسل من خلال عدد كبير من الأعمال التي ظهر فيها مؤخرًا، هذا بالطبع إلى الفكرة المستهلكة ومناقشة ما تمثله برامج المسابقات واكتشاف المواهب التي أصبحت بدورها موضة منتهية لا تحظى بنفس الاهتمام أو المتابعة، أي أننا أمام عمل يفتقد للموضوع أو العناصر الفنية ومحاولات على ربيع المستمرة لفرض نفسه كممثل كوميدي غير ناجحة وأي مقارنة بسيطة بينه وبين زملائه من فريق مسرح مصر على سبيل المثال كريم عفيفي أو حمدي الميرغني أو محمد عبد الرحمن سنكتشف بسهولة الفارق وحقيقة إمكانيات على ربيع كممثل.
مسلسل "فارس بلا جواز" وبطلة مصطفى قمر لم ينجح بدوره في احتلال الصدارة حيث يشترك مع مسلسل "أحسن أب" في كونه يناقش موضوعا مستهلكا بدوره وسبق أن تكرر في عدة أعمال ربما يأتي في مقدمتها مسلسل "مطلوب عروسة" للنجمين أحمد بدير ويونس شلبي، تكرار الموضوع ليس المشكلة في حد ذاته ولكن تكرار الفكرة بشكل تقليدي سبق تناوله به وحقق نجاح سابق هو المشكلة الرئيسية، خاصة وأن اعتماد المسلسل على نجومه ليس كافيًا كونه يقدم على حلقات منفصلة يتغير ضيوف الشرف من خلالهم كل عدة حلقات لن يجعله جذابا إذا ما كانت موضوعاته غير جاذبة، على العكس يعتمد على نفس الطريقة التي ظلت المسلسلات الكوميدية تستغلها خلال الفترة الماضية باعتمادها على ضيوف الشرف والسيناريوهات الخالية من الأحداث، حيث يصبح ضيوف الشرف هم المحرك الأساسي للأحداث لا المواقف وكتابة إبداعية للسيناريو.
المسلسلات الأربعة المتبقية والتي تعد الأبرز بنجومها وطبيعتها وهي "نجيب زاهي زركش" و"خلى بالك من زيزي" و"الديك الأزرق" و"ممنوع التجول"، المسلسل الأخير وبطله النجم الكوميدي السعودي ناصر القصبي يعتمد على فكرة براقة وهي مناقشة التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع السعودي بسبب تداعيات فيروس كورونا، وبما أن انتشار فيروس كروونا وتداعياته يعتبر أمرا شديدة القتامة فالحلقات تتناسب مع طبيعة تأثيرات المرض على العالم بالشكل الذي يجعلها أقرب للكوميديا السوداء منها للكوميديا المعتاد تقديمها في شهر رمضان، "الديك الأزرق" أقرب للمسلسل الاجتماعي منه للمسلسل الكوميدي، على الرغم من وجود نجوم كوميديين يتصدران بطولة العمل على رأسهم الفنان السعودي عبد الله السدحان مع بيومي فؤاد وشيماء سيف، ويعتمد المسلسل على فكرة غرائبية من خلال نظارة تمنح شخصية السدحان قدرات خاصة، ومن خلالها ينتقد العديد من العادات السيئة والضارة.
نفس الشيء يمكن قوله على مسلسلي "نجيب زاهي زركش" و"خلى بالك من زيزي" اللذان يحملان جودة فنية كما الحال مع مسلسلي "الديك الأزرق" و"ممنوع التجول" ويشتركان معهما في كونهما بعيدان عن الكوميديا المباشرة، كلاهما يناقشان قضايا اجتماعية في إطار خفيف يضم بعض المواقف الكوميدية لكن في الحقيقة المواضيع التي يعالجها المسلسلان هي قضايا شديدة الحساسية، بشكل يجعل من "نجيب زاهي زركش" رومانسي خفيف يعالج قصة حب نجيب (يحيي الفخراني) مع من حوله سواء زوجته الراحلة شفيقة (هالة فاخر) أوالصداقة مع ذراعه الأيمن طريف (محمد محمود) وظهور ابن له يغير طبيعة حياته، أما "خلى بالك من زيزي" فإلى جانب طبيعته الرومانسية الواضحة يناقش مرض فرط الحركة وتأثيره وكذلك عدم التحكم في الغضب وكلاهما من الأمراض التي يصعب تشخيصها وعلاجها بشكل عام، لذلك المواقف الجادة والمؤثرة والمثيرة للشجن في كثير من الأحيان هما المسيطران على المسلسلين، حتى أن الحلقة الحادية عشر من واقع تأثيرها النفسي وبعض مشاهدها تحمل تحذير لهذه المشاهد حتى لا يتأثر بها الأطفال.
العديد من المسلسلات التي تحمل تصنيف "كوميدي" هي في الحقيقة ليست كذلك، والكوميديا فيها نوع فرعي لا أساسي، وكونها جيدة الصنع وعناصرها متفوقة لكن لا تستطيع وحدها أن تسد الفراغ في الكوميديا الذي يمكن القول أنه الموسم الأول الذي يشهد غياب هذا النوع بشكل ملفت ويكسر عادة ظلت قائمة لعشرات السنوات نتيجة تراكم الاستسهال في صناعة الكوميديا و"النحت" المستمر لنفس الشكل والفكرة وغياب الابتكار والإبداع إلى جانب تصدير عدد كبير ممن يفتقدون الموهبة والخبرة لسنوات على اعتبار أنهم نجوم وأعمالهم ناجحة، وفى الحقيقة أن افتقاد الكوميديا يعيد الحنين لأسماء كبيرة ارتبطت بشهر رمضان مثل فؤاد المهندس وثلاثي أضواء المسرح وغيرهم ممن رسموا البهجة لسنوات وتحولوا لطقس رئيسي يرتبط بالموسم التليفزيوني الأهم والذى يعرض أفضل وأهم انتاجات العام.